المبادرة وجبل الجليد العائم !!
محمد موسى حريكة
1 July, 2021
1 July, 2021
لقد حركت مبادرة حمدوك تلك المياه المضطربة أصلا في بحر السياسة السودانية، وإذا كان هناك ثمة مقاربة مع رحلته برحلة تايتنك التي إنطلقت في ابريل عام 1912من مدينة ثاوثهامبتون عبر المحيط الأطلسي باتجاه نيويورك ، قبل أن تصطدم بذلك الجبل الجليدي العائم وهي تسير بطاقتها القصوى
علي بعد اربع ايّام فقط من بداية الرحلة .
كان القبطان( مردوك) قائدا محنكا عمل لأكثر من أربعين عاما ،ولو انه استطاع تحويل اتجاه السفينة مع المحافظة علي سرعتها فلربما تفادي الاصطدام مع ذلك الجبل الجليدي العائم .
و (حمدوك )ذلك الخبير الاقتصادي الذي عمل لأكثر من أربعين عاما يبدو انه قد احتوته فكرة العبور ببلاده نحو مرافئ بعيدة ، وهو القائل ان هناك ضوء في نهاية النفق ، الا ان الكثيرين من الركاب الذين تعج بهم سفينة البلاد لسبب آو آخر يجدون صعوبة بائنة في رؤية ذلك الضوء في نهاية النفق .
وحينما شارفت تايتنك علي الاصطدام بالجبل كان معظم الركاب نائمون ، ولكن ركاب سفينة حمدوك كانو منقسمون، وربما اخلد بعضهم الي النوم بعد رهق تلك المقاومة الجسورة .
كان قائد التايتنك مردوك علي العكس من حمدوك ، فلم يكن باستطاعته رؤية ضوء في نهاية خط الأفق
ذلك ان ضبابا كثيفا ناتج عن التقاء تيارين بارد ودافئ وبالتالي اصبح في حالة ما يعرف في علوم البحار ب (Blind Navigation ) اَي الابحار الاعمي .
لقد تلقت سفينة تايتنك تحذيرات متقطعة من السفن المبحرة بالقرب منها ، الا ان ضباط (اللاسلكي ) كانو منشغلون بأشياء اخري ، تماما كضباط الانتقالية في سفينة حمدوك المنوط بهم الانتباه للإشارات القادمة من جهات عدة ،وتماما كضباط التايتنك المنهمكين بجزئيات تتعلق بركاب الدرجة الأولي كان أيضا ضباط الانتقالية منهمكون بتفاصيل امتيازات (ركاب الدرجة الأولي ).
لقد أدت حالة التخبط بين القيادات المختلفة علي متن تايتنك الي بزوغ ( الاتفاقية الدولية لسلامة الحياة في البحر )في عام 1914.الا ان حالة التخبط في سفينة حمدوك لم تستولد بعد (اتفاقية و لسلام(Concrete ) يؤسس لإبحار سالم في مجري التاريخ .
في لحظات الغرق استمات طاقم السفينة علي تقديم ارقي الخدمات لركاب الدرجة الأولي بما فيها عمليات الانقاذ وذلك بناء علي لوائح الخدمة في السفينة ، في حين غابت تماما عملية الاهتمام بركاب
الدرجة الثانية والثالثة ولغياب المعلومات كان معظم المسافرين يَرَوْن ان الأمر ينطوي علي مزحة كبيرة ، ولعل ذلك هو نفس الإحساس الذي يقابل به البعض مبادرة حمدوك .
وتجمع كل التقارير عن حادث غرق تايتنك أن الركاب كانوا اقل حماسا لعملية الإخلاء وكانوا ضحية لكثير من التقارير المضللة التي كانت تبث بشأن السلامة علي ظهر السفينة وذلك اليقين المخاتل وتبدو هذه الحالة ماثلة تماما في سفينتنا التي تمخر بحر التاريخ .
في اللحظات الأولي حين أصبحت الكارثة قاب قوسين او أدني صاح (فليت) احد أفراد الطاقم في وجه القبطان مردوك) (Ice berg right a head) ولكن بعد فوات الأوان .
ويكمن الفرق ان حمدوك قد عرف الكارثة المقبلة (ان السودان يكون او لا يكون)في مواجهة تلك العاصفة التي تضرب سفينة البلاد .وذلك علي مسافة من الممكن جدا تلافي جبل الجليد اذا اتخذ الجميع الحيطة والحذر .
لقد عرف المؤرخون غرق السفينة تايتنك بانه(أعظم ملحمةللخوف في التاريخ البشري ).
كان المليونير جون جاكوب يضلل الركاب قائلا(نحن هنا أكثر أمانا من قوارب النجاة الصغيرة تلك )
و كانت آخر صرخة علي سطح تلك السفينة لرجل دين لم يفعل شيئا عمليا ،غير انه صاح بصوت عال
(يا الهي ) .
لقد وضعت تلك المبادرة الجميع أمام مهامهم التاريخية كما ألمحت الي (الكتلة التاريخية )وضرورة
الالتفاف حول مشروع وطني ،وهذه المرةليس جبل الجليد وحده الذي يتقدم بفعل (التيارات)الباردة
والدافئة، ولكن هناك نشاط ما انفك يعمل وبدون وعي لمساعدة الآخر الذي يعمل علي ثقب السفينة.
ورغم كل تلك المصاعب فان رياحا طيبة قادمة وان الفنارات تلوح في الأفق ، وسيصبح تلافي جبل الجليد العائم أمراً ممكنا وليس مستحيلا كما يقول المنجمون وضاربي رمل السياسة.
musahak@hotmail.com
علي بعد اربع ايّام فقط من بداية الرحلة .
كان القبطان( مردوك) قائدا محنكا عمل لأكثر من أربعين عاما ،ولو انه استطاع تحويل اتجاه السفينة مع المحافظة علي سرعتها فلربما تفادي الاصطدام مع ذلك الجبل الجليدي العائم .
و (حمدوك )ذلك الخبير الاقتصادي الذي عمل لأكثر من أربعين عاما يبدو انه قد احتوته فكرة العبور ببلاده نحو مرافئ بعيدة ، وهو القائل ان هناك ضوء في نهاية النفق ، الا ان الكثيرين من الركاب الذين تعج بهم سفينة البلاد لسبب آو آخر يجدون صعوبة بائنة في رؤية ذلك الضوء في نهاية النفق .
وحينما شارفت تايتنك علي الاصطدام بالجبل كان معظم الركاب نائمون ، ولكن ركاب سفينة حمدوك كانو منقسمون، وربما اخلد بعضهم الي النوم بعد رهق تلك المقاومة الجسورة .
كان قائد التايتنك مردوك علي العكس من حمدوك ، فلم يكن باستطاعته رؤية ضوء في نهاية خط الأفق
ذلك ان ضبابا كثيفا ناتج عن التقاء تيارين بارد ودافئ وبالتالي اصبح في حالة ما يعرف في علوم البحار ب (Blind Navigation ) اَي الابحار الاعمي .
لقد تلقت سفينة تايتنك تحذيرات متقطعة من السفن المبحرة بالقرب منها ، الا ان ضباط (اللاسلكي ) كانو منشغلون بأشياء اخري ، تماما كضباط الانتقالية في سفينة حمدوك المنوط بهم الانتباه للإشارات القادمة من جهات عدة ،وتماما كضباط التايتنك المنهمكين بجزئيات تتعلق بركاب الدرجة الأولي كان أيضا ضباط الانتقالية منهمكون بتفاصيل امتيازات (ركاب الدرجة الأولي ).
لقد أدت حالة التخبط بين القيادات المختلفة علي متن تايتنك الي بزوغ ( الاتفاقية الدولية لسلامة الحياة في البحر )في عام 1914.الا ان حالة التخبط في سفينة حمدوك لم تستولد بعد (اتفاقية و لسلام(Concrete ) يؤسس لإبحار سالم في مجري التاريخ .
في لحظات الغرق استمات طاقم السفينة علي تقديم ارقي الخدمات لركاب الدرجة الأولي بما فيها عمليات الانقاذ وذلك بناء علي لوائح الخدمة في السفينة ، في حين غابت تماما عملية الاهتمام بركاب
الدرجة الثانية والثالثة ولغياب المعلومات كان معظم المسافرين يَرَوْن ان الأمر ينطوي علي مزحة كبيرة ، ولعل ذلك هو نفس الإحساس الذي يقابل به البعض مبادرة حمدوك .
وتجمع كل التقارير عن حادث غرق تايتنك أن الركاب كانوا اقل حماسا لعملية الإخلاء وكانوا ضحية لكثير من التقارير المضللة التي كانت تبث بشأن السلامة علي ظهر السفينة وذلك اليقين المخاتل وتبدو هذه الحالة ماثلة تماما في سفينتنا التي تمخر بحر التاريخ .
في اللحظات الأولي حين أصبحت الكارثة قاب قوسين او أدني صاح (فليت) احد أفراد الطاقم في وجه القبطان مردوك) (Ice berg right a head) ولكن بعد فوات الأوان .
ويكمن الفرق ان حمدوك قد عرف الكارثة المقبلة (ان السودان يكون او لا يكون)في مواجهة تلك العاصفة التي تضرب سفينة البلاد .وذلك علي مسافة من الممكن جدا تلافي جبل الجليد اذا اتخذ الجميع الحيطة والحذر .
لقد عرف المؤرخون غرق السفينة تايتنك بانه(أعظم ملحمةللخوف في التاريخ البشري ).
كان المليونير جون جاكوب يضلل الركاب قائلا(نحن هنا أكثر أمانا من قوارب النجاة الصغيرة تلك )
و كانت آخر صرخة علي سطح تلك السفينة لرجل دين لم يفعل شيئا عمليا ،غير انه صاح بصوت عال
(يا الهي ) .
لقد وضعت تلك المبادرة الجميع أمام مهامهم التاريخية كما ألمحت الي (الكتلة التاريخية )وضرورة
الالتفاف حول مشروع وطني ،وهذه المرةليس جبل الجليد وحده الذي يتقدم بفعل (التيارات)الباردة
والدافئة، ولكن هناك نشاط ما انفك يعمل وبدون وعي لمساعدة الآخر الذي يعمل علي ثقب السفينة.
ورغم كل تلك المصاعب فان رياحا طيبة قادمة وان الفنارات تلوح في الأفق ، وسيصبح تلافي جبل الجليد العائم أمراً ممكنا وليس مستحيلا كما يقول المنجمون وضاربي رمل السياسة.
musahak@hotmail.com