قاضي محاكمة مجزرة الابيض وضع حميدتي في قفص المحكمة الجنائية الدولية بإثبات تجنيده للاطفال وإشراكهم في النزاعات المسلحة
على عجب/المحامي
7 August, 2021
7 August, 2021
في يوم 5 أغسطس 2021 أصدر القاضي المدعو أحمد الحسن الرحمة، الحكم في القضية الشهيرة بمجزرة الابيض حيث صوبت قوات الدعم السريع أسلحتها نحو طلاب المدارس المتظاهرين وقتلت وجرحت عدداً منهم بدم بارد. لقد جاءت حيثيات الحكم خليط من الجهل بالقانون والخرق الشائن لأسس التسبيب القضائي للأحكام، ويكشف هذا الحكم مستوى التمكين في العدالة الجنائية، فهؤلاء القضاة هم في الأصل أعضاء في جهاز الأمن بعضهم تفرغ للتعذيب في بيوت الأشباح والبعض الآخر جلس في منصات المحاكم والنيابة يمارس إجهاض العدالة. هذا الحكم يجب أن يكون سبباً في إحالة هذا القاضي للمساءلة والفصل الفوري من الخدمة وإن خلا سجله من أي شائبة سوى وقائع هذه الجلسة، وهو أمر مستبعد فكل تصرفاته دلت على أنه لا علاقة له بمهنة القضاء، وذلك بائن من طريقة مخاطبته لأولياء الدم بأن استخدام الجوازات كإثبات شخصية " كلام فارغ" وهو جهل مركب وسوء سلوك لا يليق بمهنة القضاء.
لم نسمع في أسس التسبيب القضائي أن يستند قاضي في حكمة على أقوال الصحف بل وذكر أسماء الصحفيين مسترشداً بأقوالهم كأنها جزءاً مما خطته سوابق المحكمة العليا. والأقبح من ذلك أن يدين منسوبي مؤسسة عسكرية ارتكبوا أكبر جرم وهو جريمة القتل العمد على أنهم كانوا يتصرفون بدوافع شخصية، فالعدالة الجنائية لا تنظر الى الجرائم ضد الانسانية التي يرتكبها مسوبي المؤسسات العسكرية على أنها محض تصرفات شخصية، ما لم يكن الجرم ذو طبيعة فردية وفي مخالفات لا ترقى لمستوى الجرائم، مثل الشجار العرضي. وقد تجاوز عن البينات المقدمة في محضر القضية ليبحث في أقوال الصحف والإستناد الى لجنة تحقيق كونتها قيادة هذه القوات إضافة الى تقرير والى الولاية وهو في الأصل المتهم الأول إن كان مدركاً لأسس العدالة الجنائية حول مسؤولية الرؤساء. ولم يجد هذا القاضي أي حيثيات للقول بأنهم يتصرفون بشكل شخصي سوى القول بأن قوات الدعم السريع قوات مبرأة من كل عيب. ولم نسمع في تاريخ القضاء أن يستند التسبيب الى غير الوقائع والبينات محل الدعوى ومثل هذا القاضي إما مرتشي أو يخشي في ممارسة المهنة الأجهزة التنفيذية والحالتين أدعى لطرده من القضاءو.إذا كان يملك زرة من الحياء في سعيه للتمسح بقيادة الدعم السريع وحرق البخور لقادتها من منبر القضاء، كان عليه أن يبحث عن سبب قانوني يتدثر به وقد وفرته له النيابة العامة التي أجرت التحقيق وأحالت له البلاغ دون أن توجه الاتهام للقيادة المباشرة وهي المتهم الأول.
والواضح إن النيابة العامة والقضائية بحاجة لأكثر من مجرد كنس مثل هذا القاضي التافه ووكلاء النيابة الذين يحيلون البلاغات الى المحاكم دون التحري عبر أسس مسؤلية القيادة، فالحاجة الملحة الآن هي تغيير هذا الإتجاه المقصود في حماية القيادات العسكرية وتقديم الجنود كأكباش فداء، فهم بالفعل يبدون في هذه الحالة وكأنهم قد صرفت لهم الأسلحة والذخائر والمركبات وتركوا يعيثون في الأرض فساداً بلا قيادة ولا رقيب.
ذكر القاضي أن المتهم الثالث محمد أحمد عبد الله، كان طفلا وقت ارتكاب الجريمة وفق التعريف الوارد في نص المادة أربعة من قانون الطفل مستنداً في ذلك على الرقم الوطني، وهذا القول يضيف مصيبة أخرى لجهل القاضي بالقانون، فهو لم يدرك أن قانون الطفل يمنع المحاكم الجنائية من نظر القضايا التي يشتبه فيها أن الشخص الماثل طفل، وتتبع كل الوسائل للبت في عمر الشخص قبل بدء المحاكمة حتى لا يحاكم طفل أمام محكمة جنائية لأنها غير مختصة، ولذلك يجهل هذا القاضي أن الحكم الذي أصدره باطل لأنه يتعارض مع نص في قانون خاص وبالتالي لا أثر لأي تدابير تتخذ بشان هذا الحكم. وحينما نص قانون الطفل على عدم توقيع العقوبة أمام المحكمة الجنائية قصد بذلك القضايا التي كانت تنظر أمام المحاكم الجنائية قبل صدور القانون. وليس بعد صدزر القانون، وأين كان مستند الرقم الوطني عند القبض وعند إكتمال التحريات وأين شهادة الميلاد؟ ولا يفهم من ذلك إلا أن يكون المستند قد تم إعداده وتقديمه بعد حجز الملف لإصدار الحكم.
الجانب الأهم هو أن القاضي قد ثبت أمامه بالبينة أن الشخص المنتسب للدعم السريع طفل، وهذا لا يمكن القول معه أن الطفل إنضم للدعم السريع "بتصرف شخصي" ويسلم سلاح الكلاشنكوف الذي كان يحمله ويقتل به بوحشية كما جاء في حيثيات الحكم، وهذا القاضي المتعجل سعى لتبرئة الدعم السريع ومن حيث لا يدري ورطهم في جريمة دولية، فهذه جريمة ضد الإنسانية وضد قانون الطفل بالضرورة، وكان على القاضي إن كان فعلاً لا يجهل القانون أن يأمر باعادة الأوراق من بداية المحاكمة الى النيابة لاحالة الأمر الى محكمة الطفل وإعادة اوراق القضية الى النيابة العامة للتحري حول الإشتباه بتجنيد الدعم السريع للأطفال وهو ما سيسفر عن ضم قائد الدعم السريع كمتهم أول بجريمة ضد الانسانية. وفي هذا المنحى نذكر بواقعة إدانة توماس لوبانغا زعيم مليشيات الكونغو أمام المحكمة الجنائية الدولية بجريمة تجنيد الأطفال وإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة باعتبارها جريمة ضد الانسانية وهو مازال قابعاً في السجن يقضي عقوبة السجن لمدة عشر سنوات ودفع تعويض عشرة مليون دولار للأطفال الذين تم تجنيدهم.
aliagab@yahoo.com
لم نسمع في أسس التسبيب القضائي أن يستند قاضي في حكمة على أقوال الصحف بل وذكر أسماء الصحفيين مسترشداً بأقوالهم كأنها جزءاً مما خطته سوابق المحكمة العليا. والأقبح من ذلك أن يدين منسوبي مؤسسة عسكرية ارتكبوا أكبر جرم وهو جريمة القتل العمد على أنهم كانوا يتصرفون بدوافع شخصية، فالعدالة الجنائية لا تنظر الى الجرائم ضد الانسانية التي يرتكبها مسوبي المؤسسات العسكرية على أنها محض تصرفات شخصية، ما لم يكن الجرم ذو طبيعة فردية وفي مخالفات لا ترقى لمستوى الجرائم، مثل الشجار العرضي. وقد تجاوز عن البينات المقدمة في محضر القضية ليبحث في أقوال الصحف والإستناد الى لجنة تحقيق كونتها قيادة هذه القوات إضافة الى تقرير والى الولاية وهو في الأصل المتهم الأول إن كان مدركاً لأسس العدالة الجنائية حول مسؤولية الرؤساء. ولم يجد هذا القاضي أي حيثيات للقول بأنهم يتصرفون بشكل شخصي سوى القول بأن قوات الدعم السريع قوات مبرأة من كل عيب. ولم نسمع في تاريخ القضاء أن يستند التسبيب الى غير الوقائع والبينات محل الدعوى ومثل هذا القاضي إما مرتشي أو يخشي في ممارسة المهنة الأجهزة التنفيذية والحالتين أدعى لطرده من القضاءو.إذا كان يملك زرة من الحياء في سعيه للتمسح بقيادة الدعم السريع وحرق البخور لقادتها من منبر القضاء، كان عليه أن يبحث عن سبب قانوني يتدثر به وقد وفرته له النيابة العامة التي أجرت التحقيق وأحالت له البلاغ دون أن توجه الاتهام للقيادة المباشرة وهي المتهم الأول.
والواضح إن النيابة العامة والقضائية بحاجة لأكثر من مجرد كنس مثل هذا القاضي التافه ووكلاء النيابة الذين يحيلون البلاغات الى المحاكم دون التحري عبر أسس مسؤلية القيادة، فالحاجة الملحة الآن هي تغيير هذا الإتجاه المقصود في حماية القيادات العسكرية وتقديم الجنود كأكباش فداء، فهم بالفعل يبدون في هذه الحالة وكأنهم قد صرفت لهم الأسلحة والذخائر والمركبات وتركوا يعيثون في الأرض فساداً بلا قيادة ولا رقيب.
ذكر القاضي أن المتهم الثالث محمد أحمد عبد الله، كان طفلا وقت ارتكاب الجريمة وفق التعريف الوارد في نص المادة أربعة من قانون الطفل مستنداً في ذلك على الرقم الوطني، وهذا القول يضيف مصيبة أخرى لجهل القاضي بالقانون، فهو لم يدرك أن قانون الطفل يمنع المحاكم الجنائية من نظر القضايا التي يشتبه فيها أن الشخص الماثل طفل، وتتبع كل الوسائل للبت في عمر الشخص قبل بدء المحاكمة حتى لا يحاكم طفل أمام محكمة جنائية لأنها غير مختصة، ولذلك يجهل هذا القاضي أن الحكم الذي أصدره باطل لأنه يتعارض مع نص في قانون خاص وبالتالي لا أثر لأي تدابير تتخذ بشان هذا الحكم. وحينما نص قانون الطفل على عدم توقيع العقوبة أمام المحكمة الجنائية قصد بذلك القضايا التي كانت تنظر أمام المحاكم الجنائية قبل صدور القانون. وليس بعد صدزر القانون، وأين كان مستند الرقم الوطني عند القبض وعند إكتمال التحريات وأين شهادة الميلاد؟ ولا يفهم من ذلك إلا أن يكون المستند قد تم إعداده وتقديمه بعد حجز الملف لإصدار الحكم.
الجانب الأهم هو أن القاضي قد ثبت أمامه بالبينة أن الشخص المنتسب للدعم السريع طفل، وهذا لا يمكن القول معه أن الطفل إنضم للدعم السريع "بتصرف شخصي" ويسلم سلاح الكلاشنكوف الذي كان يحمله ويقتل به بوحشية كما جاء في حيثيات الحكم، وهذا القاضي المتعجل سعى لتبرئة الدعم السريع ومن حيث لا يدري ورطهم في جريمة دولية، فهذه جريمة ضد الإنسانية وضد قانون الطفل بالضرورة، وكان على القاضي إن كان فعلاً لا يجهل القانون أن يأمر باعادة الأوراق من بداية المحاكمة الى النيابة لاحالة الأمر الى محكمة الطفل وإعادة اوراق القضية الى النيابة العامة للتحري حول الإشتباه بتجنيد الدعم السريع للأطفال وهو ما سيسفر عن ضم قائد الدعم السريع كمتهم أول بجريمة ضد الانسانية. وفي هذا المنحى نذكر بواقعة إدانة توماس لوبانغا زعيم مليشيات الكونغو أمام المحكمة الجنائية الدولية بجريمة تجنيد الأطفال وإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة باعتبارها جريمة ضد الانسانية وهو مازال قابعاً في السجن يقضي عقوبة السجن لمدة عشر سنوات ودفع تعويض عشرة مليون دولار للأطفال الذين تم تجنيدهم.
aliagab@yahoo.com