ما هذا الجزع الذي أصاب بلادنا؟

 


 

 

ما هذا الجزع الذي أصاب بلادنا التي تغنى لها الشاعر بأنه حتى الطير يأتيها جائعاً ويشبع من أطراف تقيها! ومعنى الجزع: نقيض الصَّبر. وقد جَزِع يَجْزَع جَزَعًا فهو جازِع، فإذا كَثُر منه الجَزَع، فهو جَزُوع. والجَزُوع: ضدُّ الصَّبور على الشَّرِّ. وأَجْزَعه غيره. رأينا في عهدنا أن يسافر الجهلاء ويمثلها في المحافل الدولية متخبطين واقعون في شرك مشاريع الهيمنة الدولية. بلاد كان رئيس خارجيتها الأديب والمؤرخ والدبلوماسي جمال محمد أحمد ممثلنا في المحافل الدولية إضافة للقائمة العالية من أبناء الوطن البررة مثل: مبارك زروق، محمد أحمد محجوب، إبراهيم المفتي، علي عبد الرحمن الأمين، فاروق أبو عيسى، منصور خالد، محمد ميرغني مبارك، إبراهيم طه أيوب، زين العابدين الشريف الهندي، محمد توفيق احمد، حسين سليمان أبو صالح، سيد احمد الحسين. لتصل إلى هذا التردي ويمثلنا من هم من دون مؤهلات تذكر في تمثيل اسم السودان في المحافل الرسمية الدولية؟
لقد استبشرت خيراً عندما جاءت الثورة السودانية عنوة واقتداراً وأعلن رئيس الوزراء حينها د. عبد الله حمدوك تجميد وظائف الخارجية التي أعلنتها مفوضية الاختيار وتم تشكيل لجنة من خمسة أعضاء لمُراجعة ملف تعيينات وزارة الخارجية. برئاسة صديق أمبدة وقال حمدوك (جمدنا المضي في هذه الوظائف وفي ظل الثورة لن نظلم أحد) وأشار إلى أنهم منحوا اللجنة أسبوعين لتقديم توصيات عملية في الملف ثم لم يبرح الخبر مدة شهر حتى أتى الانقلاب العسكري المشؤوم يلغي كل القرارات السابقة بل ذهب أبعد من ذلك في إعادة المفصولين من لجنة التمكين واسترداد الأموال الذين فصلتهم اللجنة لتبوء مناصب في دواوين الدولة دون وجه حق بل بسبب التمكين وهي سياسة الاخوان المسلمين (الكيزان) في استباحة الوظائف العامة وتمكين أعضائها وكوادرها في المواقع القيادية والفنية بمؤسسات الحكومة حتى يتمكنوا من تنفيذ أهدافها ومراميها في شأن الوطن.
إذا ذهبنا إلى أهم أهداف وزارة الخارجية السودانية نجد أن الهدف الأسمى الذي وضع لها هو بناء علاقات خارجية تخدم مصالح البلاد العليا في المحورين الإقليمي والدولي وبما يشمله ذلك من تعزيز القدرات التفاوضية للدولة في حوار المصالح الإقليمية والدولية، وتعزيز السلام والأمن الإقليمي وتطوير التعاون الدولي بين حكومة السودان وشركائها في التنمية وفي الشأن الإنساني وتقوية القدرات التفاوضية مع مصادر التمويل الثنائية والإقليمية والدولية، وتنسيق العون وتجميعه وتقويمه ومراقبة تدفقه. إذا هل من مصلحة للسودان في زيارة روسيا هذه الأيام والعالم يشهد اصطفاف دولي بين معسكرين للحرب في أوكرانيا! إضافة لتقديم الوعود للروس بالتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والشيء المخفي هو التعاون العسكري في السودان.
لقد سافر وفد السودان من وزراء وممثلين للحكومة الانقلابية في توقيت غير مناسب تماما إلى روسيا في الوقت الذي غزت فيه روسيا جارتها أوكرانيا، وزعماء العالم كله الصديق قبل العدو يتجنب مثل هذه الزيارة في مثل هذا التوقيت الحرج، ولا يكتفي قائد الدعم السريع بما جاء من أجله بل يمضي أكثر من ذلك ليصرح في أزمة العالم أجمع وهو جالساً فيقول “أنا سعيد بزيارة روسيا اليوم أما بالنسبة لروسيا فمن حقها أن تتصرف لصالح مواطنيها وتحمي شعبها. هذا حقها بموجب الدستور والقانون. ويجب على العالم كله أن يدرك أنه من حقها الدفاع عن شعبها”. ليأتي بعدها تصريح وزارة الخارجية السودانية بعد اكتشافها عدم لباقة التصريح الحميدتي وقالت وزارة الخارجية السودانية، إن تصريحات محمد حمدان دقلو )حميدتي( بشأن تأييده لقرارات فلادمير بوتين، “أخرجت عن سياقها” . لتقدم تساؤل كبير وهو كيف أخرجت من سياقها بل كان أجدى ومن مصلحة السودان في بناء علاقات متوازنة مع العالم الخارجي أن تقول ان هذه التصريحات لا تمثل وزارة الخارجية السودانية. ها هي يومان تمر ويضغط الاتحاد الأوروبي الحكومة السودانية ويضعه في حجر الزاوية وانتقاده لتأييد احتلال أوكرانيا وبعدها تغير الخطاب بعد لقاء وزير الخارجية المكلف جاء ذلك في بيان للخارجية السودانية، عقب لقاء بالخرطوم جمع وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق وسفراء دول أوروبية ويبدي بتصريح مغاير تماما (السودان يدعو روسيا وأوكرانيا إلى الحوار ووقف التصعيد بحسب بيان للخارجية السودانية عقب لقاء جمع وزير الخارجية مع سفراء دول أوروبية في الخرطوم) 27 فبراير 2022 - وكالة الأناضول.
يظل الحلم باقياً بوزارة تمثلنا في علاقات السودان الخارجية والتعبير عن السياسة الخارجية السودانية وحماية مصالح الدولة السودانية ومصالح المواطنين السودانيين بالخارج، فضلاً عن تمثيل الدولة السودانية لدى الدول الأخرى والمنظمات الدولية.
سامر عوض حسين

samir.alawad@gmail.com

 

آراء