نتحاور مع منو..؟

 


 

 

بلا أقنعة -
تابعتُ عشرات التعليقات على صورةِ جُثمان أحد أفراد (9) طويلة الذي تم اغتياله برصاصةٍ من سلاحِ المجني عليه حسب الأخبار، لم أجد من بين كُل هذه التعليقات من يترحّم عليه أو من يُدين مقتله، يقولون بأن لا شماتة في الموت ولكن ما فعلته هذه العصابات من ترويع وسرقة وقتل في ظل هشاشة الوضع الأمني، جعل الشماتة بل والفرح يطغى على كُل من شاهد وعلّق على تلك الجُثة وبعضهم يدعو الجميع لتسليح أنفسهم وحمايتها من أفعال هذه العصابات المُتفلّتِة، التي ظلّت تُمارس أفعالها الشنيعة في أي مكان وزمان بلا خوف من سُلطةٍ مشغولةٍ هي الأخرى بحمايةِ نفسها وحماية مقاعدها من السقوط.
لقد تطوّرت أنشطة هذه العصابات إلى درجةٍ لم يعُد المواطن الممكون يأمن فيها على نفسه وهو داخِل منزله وبين أسرته، والجرائم التي فعلوها هُنا وهُناك، تدُل على أنّ قلوب هؤلاء الجُناة خالية من الرحمة، وتدُل كذلك على الغياب التام للأجهزة الأمنية، وفشلها في إثبات وجودها لحسم هذه التفلتات أو على الأقل الحد منها.
ظلّ السيد رئيس مجلس السيادة يخرُج علينا كُل حين يشكو من عدم استجابة الكيانات السياسية والمجموعات الحزبية للتحاور معه، ويُطالِب الجميع بمد أيديهم إليه للخروج من هذا المأزق، وما من أحدٍ تقدم إليه لمحاورته أو مُشاركته السُلطة سوى أصحاب المطامع والطموحات الشخصية من الذين لا يعنيهم ما يجري في بلادنا، ولذلك زادت حدة الانسداد السياسي وتدحرجت البلاد في اتجاه هاوية الله وحده أعلم أنّى لها الخروج منها، بفعل هذه المُمارسات الفوضوية والعبث بحقوق وممتلكات المواطن.
رُبما لم يسأل هؤلاء أنفسهم لماذا لم يتقدم الناس نحوهم للمُصالحة والحوار، ولو سألوها لأدركوا أنّ الشعب السوداني المعروف بالتسامح، وصل بفعل غفلتهم إلى قناعة بأن لا قيمة للحديث عن الوطنية والوطن إن لم تكُن الأقوال مصحوبة بأفعالٍ على الأرض، تجعل من الاقتراب منكم والتصالُح معكُم مُمكنا، وللناس قضية واضحة ومطالب أوضح ماذا فعلتُم فيها، وما هي حُلولكم الفعلية المُقنِعة إن أردتم حقاً الاستمرار في السلطة، أو تسليمها بعد الانتخابات لمن تأت بهم الشرعية غداً كما تزعمون.
عصابات تجوب الطُرقات في وضح النهار، تسرق وتنهب وتقتُل في أحايين كثيرة إن وجدت بعض المُقاومة، يُمارسون خروجهم عن القانون على مرأى ومسمع من بيدهم أدوات القانون، يفعلون في أفعالهم البشعة في الوقت الذي تجوب في سيارات الشُرطة الطُرقات وتُسخِّر في ألياتها لقفل الجسور وتتريس الطُرق، حتى لا يصل الثوار إليهم، عجباً ويقبضون رواتبهم وحوافزهم بشهيةٍ مفتوحة من جيب المواطن المرعوب.
لماذا لا تُسخّر هذه الأليات المملوكة في نهاية الأمر للمواطن في تأمين حياته، بدلاً من تسخيرها في ردع وضرب وقتل شباب صغار خرجوا للطُرقات لأجل حياةٍ كريمة، ولم يخرجوا ليُقتلوا هكذا بلا ذنبٍ يستحق القتل.
قال تعالوا نتحاور قال.
الجريدة

 

آراء