وتتوالى الأحداث والمشاهد القاتمة

 


 

 

تجارة الحدود بين الأفراد الذين ينتمون لمجموعات قبلية متواجدة في دولتين، والتي تُسمّى Barter trade هي تجارة محدودة يتناقلها الأفراد فيما مضى على ظهور وسائل التنقل البدائية من الدواب وأحياناً مشياً على الأقدام، وفي غالبها كانت تتم في شكل مقايضات، وتتم في أسواق راتبة أسبوعية تنتقل من قرية إلى أخرى على ضفتي الحدود، ولها بالإضافة إلى الفائدة التجارية والمادية، فوائد اجتماعية عديدة أخرى وأهمها التقاء الأقارب من الجانبين وتفقّد أحوال بعضهم البعض وتقوية أواصرهم. والناس في تنقلاتهم تلك غير محكومين بضوابط الهجرة كما هو الحال اليوم حيث تغيّرت الأمور كثيراً، في ذلك الوقت، لا أحد يريد أن يتخلّف في البلد الآخر والذي يدخله لسويعات أو ربما ليوم أو يومين ثم يعود أدراجه، والسلطات في كلا البلدين يعلمان ذلك.
في العام 1967م، وبينما الناس يتنقلون في تجارتهم الحدودية بين الحدود السودانية والتشادية، أطلق أحد أفراد حرس الحدود التشادي النار على مجموعة من المواطنين السودانيين العابرين وقتل إثنين منهم. بلغ الخبر السلطان عبد الرحمن بحر الدين عليه رحمة الله، وهو سلطان عموم دار مساليت آنذاك. ومن منطلق مسؤوليته الأهلية، استنفر الناس للأخذ بثأر القتيلين، فاستجاب الناس في الجنينة وما حولها وتجمّعوا بالآلاف يحملون أسلحتهم التقليدية من سيوف وحِرَاب وعِصِّي وغيرها، وقليل من الأسلحة النارية التي كانت لدى خفراء السلطنة الذين لا يتعدون أصابع اليدين. من جانب آخر، أبلغت السلطات الحكومية المحلية في الجنينة، أبلغت الحكومة في الخرطوم بتطورات الموقف وخطورته.
كانت الحكومة آنذاك هي الحكومة المدنية في النظام الديموقراطي الذي جاء بعد ثورة أكتوبر، ورئيس الوزراء هو الراحل محمد أحمد محجوب، أرسلت الحكومة وزير الدفاع والذي حضر إلى الجنينة وخاطب جموع المواطنين المُستَنفَرِين والذين حينها قد تحرّكوا نحو الحدود التشادية، وأكد لهم أن حماية المواطنين هي مسؤولية الدولة، وأن الدولة ستقوم بمسئولياتها تجاه هذا الأمر، بناءً على ذلك الالتزام، أعاد السلطان بحر الدين المواطنين وفرّقهم، في نفس اليوم استنفرت الحكومة قوة حامية الجنينة للتحرك إلى الحدود التشادية، وبعد يومين وصلت من الخرطوم تعزيزات المدرعات والقوات الإضافية، وأبلغت الحكومة السودانية نظيرتها التشادية بتسليم القاتل أو تحمّل تبعات الرفض، لم يطل الأمر، فقد أذعنت الحكومة التشادية وسلّمت القاتل للسودان لأنها إن لم تفعل ذلك كانت تدرك العواقب.
أوردت هذه الحادثة للمقارنة وتبيان الفرق بين دور الدولة في ذلك الوقت واليوم حيث أصبحت الدولة هي قاتل المواطن بدلاً من حاميه، تلك كانت حكومة مدنية منتخبة ديموقراطياً في مناخ حريات يتمتّع بكافة الحرية الإعلامية، قامت الدولة بدورها المنوط بها في حماية مواطنيها وهي تعلم، أي الحزب الذي نال الأكثرية في الانتخابات وشَكّل الحكومة، يعلم بأن أي تقاعس لحكومتها في أداء دورها سيعطي منافسيها من الأحزاب الأخرى الفرصة في استثمار قصورها في حملاتهم الانتخابية، ويعلم الحزب مدى انعكاس ذلك في الانتخابات القادمة. هذه المقدّمة أيضاً هي للدخول والحديث عن الأحداث المؤسفة التي وقعت أمس الأول في قرية أو شبه المدينة "كرينك"، والتي راح ضحيتها المئات من القتلى، حيث تقول الأرقام المتناقلة أن عدد القتلى قد بلغ قرابة الثلاثمائة من الطرفين، وبالتأكيد فإن عدد الجرحى والمصابين سيفوق ذلك بكثير. "كرينك"، هي شبه مدينة وتبعد حوالي 40 كيلومتراً من الجنينة في اتجاه الجنوب الشرقي، وهي خُلِقَت أن تكون "بستاناً ومزرعة كبيرة" بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، حيث تتميز بطبيعة خلابة، وتربة خصبة ومياه عذبة موسمية من الأمطار والوديان التي تجري، وبالتأكيد الخزانات الجوفية منها، فالمنطقة تنتج العديد من أنواع الفاكهة وسائر الحبوب الغذائية، أعرفها لأني زرتها عدة مرات عندما كنت أعمل في الجنينة. وبدلاً من أن تكون ملتقىً للمصالح والانتفاع الاقتصادي الزراعي، نراها اليوم مسرحاً للقتال والخراب في ظل ما يُسمّى بالدولة الغائبة أو التي في غيبوبة أو الدولة التي تقتل مواطنيها، لن يخرج الأمر عن هذه التوصيفات على أي حال. من المؤسف أن يتم الهجوم على المواطنين ويوجد في "كرينك" بالإضافة إلى الشرطة، كتيبة من الجيش والاحتياطي المركزي، وتم تعزيزها بما يقارب من خمسين عربة دفع رباعي ومدرعتين، وهي قوة بلا شك كافية لردع أي مجموعة مسلّحة خارجة عن القانون تهاجم القرية لاستباحتها.
ما حدث في "كرينك"، هو امتداد لما ظل يحدث في "جبل مون"، بل وفي كل مناطق دارفور وغيرها من ولايات السودان الأخرى من انفلات أمني ضحيته المواطن المسكين الذي لا حول له ولا قوة، إنه بلا شك عار على جبين الشعب السوداني، والذي هو الآخر أسير لدى دولة دكتاتورية على الأغلب متواطئة وعاجزة، دولة جفّت وتكلّست في وجدان مسئوليها ينابيع النخوة والشهامة، وباتوا يتعايشون مع مشاهد إذلال وإبادة مواطنيهم تحت بصرهم، فما أبشع الجرم. لم يقف المواطن المغلوب على أمره في "كرينك" "وجبل مون" وغيرهما مكتوف اليدين وهو يتعرّض للهجوم تلو الآخر، فقد عمل جهده للدفاع عن نفسه بما يمتلك من الوسائل البسيطة، والدفاع عن النفس في ظل تقاعس أو تواطؤ السلطة، حق شرعي في كل المواثيق والأعراف، لكنه بلا شك لن يقف أمام مليشيات مدرّبة ومسلّحة بأسلحة شبه ثقيلة ومتوسطة تعمل تحت نظر وبصر الدولة وجيوشها، فالعشم في أن تغيّر الدولة سلوكها، عشم فقده المواطن منذ زمن طويل.
عندما اندلعت الثورة المسلّحة في دارفور قبل عقدين تقريباً من أجل مواجهة صلف وعنجهية وظلم النظام السابق، كان المواطن في دارفور سندها وداعمها بكل الوسائل، وظل يأمل في أن تكون هي الخلاص مما يعيشه من مآسي، ومما لا شك فيه، كان هناك الكثيرون من الصادقين في نياتهم ممن انضموا للثورة والحركات المسلّحة والعمل فيها، أي رغبتهم في إزالة الظلم وتقويم ميزان العدالة في السودان. لكن بنفس القدر تبين لاحقاً أن هناك الأكثر ممن لهم أهداف ذاتية بحتة والتي أوغرت صدر الثورة بالممارسات التي جعلتها تنحرف وتفقد بريقها وسندها المحلي واحترامها الإقليمي والدولي. ولم تتمكن الاتفاقيات التي تمت مع النظام السابق في تقديم ما ينبغي للمواطن، لأسباب عديدة ولكن في مقدّمتها عدم رغبة النظام في الوفاء بالتزاماته.
بعد ثورة ديسمبر 2018م، ورغم التوافق على تشكيل سلطة هجين، إلا أنها اتاحت مساحة من الحريات، وقدر من الصلاحيات للحكومة المدنية الانتقالية، وتم التوصل إلى اتفاق في جوبا، أحد أهم بنود تلك الثورة المسلّحة، هو ما عُرِف بتقاسم السلطة أو العدالة فيها، وهو مفهوم أعمق بكثير من مجرد المعنى السطحي للكلمتين "تقاسم السلطة"، والذي ينتهي عند طرفي الاتفاقيات، ومن ضمن ذلك المفهوم هو التواجد في السلطة وفي مركز صناعة القرار، مركز القرار الذي وطوال فترة النظام السابق كانت إحدى تجلياته السالبة، القرارات التي أدت إلى ارتكاب الجرائم الكبيرة في حق المواطنين في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وفي بورتسودان وفي كجبار وأضيفت لها الجرائم التي ارتُكِبت في الخرطوم قبل وبعد انقلاب 25 أكتوبر، وما زالت تُرتكب هناك وفي دارفور. لقد أتاحت اتفاقية جوبا، أن يتولّى قادة الحركات المسلّحة مناصب نافذة في الدولة، تتيح لهم التأثير في كل قرارات الحكومة، ومن أولى أولويات تلك القرارات، أن تقف الدولة على مسافة واحدة من مواطنيها، وأن تحميهم وتحارب الخارجين عن القانون والذين يسعون في الأرض فساداً، وقد أصبحت دارفور ذلك المسرح الذي يتجسّد فيه ذلك الخروج المريع على القانون. لم تكن القوات التي أنشأتها الحركات المسلّحة ووفقاً لخطابها المُعلن للمواطن في دارفور أو غيرها إلا من أجل حمايته والدفاع عنه، وفي ظل السلام في عجز الحكومة أو تقاعسها عن القيام بذلك الدور، لكن هل يحدث اليوم ذلك؟ الإجابة ببساطة لا.
في ظل وجود قيادات تلك الحركات في أعلى مناصب الدولة من أعضاء في مجلس السيادة إلى حكام أقاليم، إلى وزراء إلى ولاة ولايات، ولا ضير أن نذكرهم بالاسم (الدكتور الهادي إدريس، الفريق مالك عقار، الفريق أحمد العمدة بادي، السيد الطاهر حجر، المارشال مني أركو مناوي، الدكتور جبريل إبراهيم، السيد أحمد آدم بخيت، السيدة بثينة دينار، السيد عبد الله يحي، السيد محمد بشير عبد الله (أبو نمو) السيد خميس عبد الله أبكر، السيد نمر عبد الرحمن نمر،)، وربما آخرين، وفي وجود قوات كبيرة ومدججة بكل أنواع الأسلحة تتبع لهذه الحركات، رغم كل هذا، يتم استهداف المواطنين الذين باسمهم صعدوا إلى هذه المراكز. تُرى، ماذا يعني عدم اتخاذ قادة وقيادات هذه الحركات لأي موقف قوي يتناسب وحجم الأحداث؟ نأمل أن يسمع المواطن منهم إجابات صريحة. والسؤال الآخر أيضاً، إذا لم يكن من مهام قوات الحركات المسلّحة، الدفاع عن مواطنيهم وهم يتعرضون للقتل والتشريد، وإذا لم يكن من مهامها إجبار الحكومة التي ايدتها على القيام بدورها في حماية المواطن، أو على الأقل إشعارها بأن السكوت لن يكون مقبولاً، فما هو إذن دور هذه القوات؟
ربما هناك أيضاً بلا شك من يريد أن يضعهم في هذا الموقف المخزي، أي أن يبين بأنهم أعجز من أن يقوموا بأي شيء لحماية مواطنيهم الذين باسمهم بدأوا الثورة المسلّحة، بل وحتى بعد وصلوهم إلى مناصب عليا في السلطة. إي إذلال المواطنين وإذلال قادة حركاتهم المسلّحة معاً، وهو موقف لا يُحسدون عليه. فإذا افترضنا صِحّة ذلك، ما هو الموقف المناوئ منهم في مواجهة من أراد أن يبين يذلّهم ويضعهم في موقف مخزي أمام المواطنين؟ الذي نعايشه الآن، أنهم غير قادرين على اتخاذ القرارات لوقف الذي يحدث من جرائم ضد المواطن، رغم تواجدهم في أعلى مراكز اتخاذ القرار في سلطة الدولة، ولا هم قادرين باستخدام سلطاتهم سواء على مستوى الحكم الإقليمي أو الوزاري أو الولائي، ولا حتى مجرّد تقديم العون الإغاثي للمُعْتَدَى عليهم، ولا هم قادرين بتوجيه قوات حركاتهم للدفاع عن المواطنين، ولا هم قادرين على إصدار تصريحات الشجب والاستنكار وغيرها من عبارات العجز، التي نستخدمها نحن العُزّل من عامة المواطنين بفقه أضعف الإيمان، ولا هم قادرين وهم في مواقع السلطة في استخدام وسائل إعلام الدولة بالظهور فيها لنقل الحقائق، ولا هم قادرين باتخاذ القرارات الشجاعة بالاستقالة من مناصبهم والاعتذار لشعوبهم بعجزهم عن فعل أي شيء، بل والإعلان عن تخلّيهم حتى عن الثورة المسلّحة، لأنها انتهت إلى عجز تام عن حماية أو تحقيق الأهداف التي من أجلها اندلعت، والاصطفاف مع عامة الشعب الأعزل الذي يواجه خياراته الصعبة بوسائله، وحينها قد لا يلومهم أحد على الإخفاق. هم غير قادرين على اتخاذ أيٍ من هذه المواقف، هذه في الحقيقة مأساة ومعضلة نفسية تحتاج إلى الوقوف عندها بالبحث العلمي العميق، لأنهم في موقف يدعو للشفقة قبل أن يدعو للاستهجان والانتقاد. صحيح أن المسئولية فيما يجري بالدرجة الأولى هي مسئولية منظومة الدولة الفاشلة وهم حلقات فيها، وهذا هو ديدن الحكومات الديكتاتورية السودانية، كلٌ بقدر، لكنه قدر متصاعد في حجمه ونوعه.
في الجانب الآخر، فالمسئولية أيضاً تنسحب على كل أبناء الشعب السوداني عامة وفي دارفور خاصة، نعم، نعلم أن الشعب يصارع سلطة انقلاب ويعاني الأمرّين في هذه المواجهة غير المتكافئة، لكن هناك حاجة ملحّة لعمل سياسي نوعي وقوي يترجم طموحات وآمال الشعب في استعادة السلطة المدنية، والتي بلا شك تنتظرها مسئوليات جسام في حال استعادتها، وفي مقدّمتها تحقيق شعار الثورة (حرية سلام وعدالة). ذلك إن ما يجري من جرائم سواء في دارفور أو الخرطوم باعتبارهما الآن أكثر المناطق اشتعالاً وانفلاتاً في الأمن، وما ألمّ بالشعب والوطن بأكمله من وهن وانهيار لكل المنظومات بما في ذلك القيم والأخلاق والوضع المعيشي الكارثي، يحتاج إلى جهود دولة وليس أفراد أو منظمات.
إن القول المأثور "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" لا يمكن فهمه في سياق التفسير القريب والمحدود للكلمات، ولا تجييره لإطار أيديولوجي تشير إليه العبارات، وإنما يجب فهمه بعمق المضمون لدور الدولة الذي يجب أن يتمدد في تقويم ما فيه البلاد بالفرض قبل التوعية والتلقين والتعليم، ذلك أن الانهيار الشامل الذي أصاب الوطن وتتجلّى إفرازاته في الممارسات المشهودة والمسموعة والمقروءة من جرائم ضد الإنسانية وانفلات أمني وفساد في الذمم والأخلاق وانهيار مؤسسات الدولة ومنظوماتها المهنية واستباحة لكامل الرقعة الجغرافية للوطن بموارده من قوى خارجية ومجموعات فالتة...إلخ...القائمة الطويلة التي يمكنكم تأملها، لا يمكن إصلاحه إلا بوجود سلطة مدنية يقودها صادقون في ظل نظام ديموقراطي يخضع لرقابة ضمير ورقابة مؤسسات ورقابة إعلام ورقابة مواطن يملك التفويض وقادر أن يسحبه متى رأى اعوجاجاً في استخدام تفويضه.
يحق للجميع أن يتساءل ويقول كل ذلك مفهوم، من أين نبدأ وكيف؟ الإجابة هي تكرار ما سبق أن تحدّثنا فيه من أنها مسئولية بالدرجة الأولى أخلاقية وسياسية تقع على القوى السياسية وقياداتها ولجان المقاومة وما تبقّى من حركات مسلّحة أو حتى بعض منسوبيها ممن يؤمنون بأن الطريق الذي اختاروه بدعم الانقلاب خاطئ، والمسئولية أيضاً تقع على منظمات المجتمع المدني والمهني، والناشطين في العمل السياسي الذين آثروا العمل المنفرد رغم أنه لا يضيف في التغيير إلا قدراً يسيراً من الوعي. على كل هذه التكوينات مسئولية أخلاقية في أن تجلس إلى بعضها، وليس مهماً من يبدأ بالدعوة إلى الجلوس، ولا ينبغي أن يكون مجرّد جلوس كما يحدث أو يقول البعض بأنه حدث ويحدث، بل هو جلوس يحمل في طياته مستقبل وطن وأرواح شعب ووجود أمّة أو زوالها، لذلك هم جميعاً مطالبون باتخاذ الحلول الصعبة لأن التاريخ لن يرحم ولأن العالم نفسه قد يصل إلى قناعة بأن كل القيادات والناشطين في السودان على مستوى القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني أو لجان المقاومة والحركات المسلّحة، غير جديرين بالسلطة لعجزهم عن اتخاذ القرارات الصعبة في اللحظة الحاسمة واكتفائهم بالفرجة، ولعل ذلك قد يقود هذا المجتمع الدولي للتعامل مع الحكومة الانقلابية كما كان الحال مع النظام السابق، ولا تعني الحلول الصعبة تنازلاً عن الثوابت. لن يكون هناك حل يسقط من السماء فجأة أو آخر يأتي به مجتمع إقليمي أو دولي.

jabdosa@yahoo.com
//////////////////////////

 

آراء