كرينق ..أعادت مأساة دارفور إلى نقطة أبعد وأقسى من سنواتها الأولى
مـحمد أحمد الجاك
27 April, 2022
27 April, 2022
بـهدوووء_
كان متوقعا أن ينتقل النزاع الى مدينة الجنينة ، نسبة الى طبيعة تركيبة اطراف القوات المتصادمة في (كرينك ) و الخدمات المقدمة الى المصابين ، وإلى شكل حركة المواطنين ، وهذه ليست أول مرة نشاهد فيها انتقال الصراع من منطقة إلى منطقة ،ففي شرق السودان بذات السيناريوهات انتقلت المشاكل الاهلية بين المكونات من ولاية الى ولاية أخرى.
هذا يجعل مسؤولية تأمين المناطق الآمنة في عنق حكومة الولاية ، بصورة مباشرة ، وهذا الامر وفق ما تمليه المسؤولية الادارية و الامنية المترتبة على ذلك ، ولكن وفق خطابات والي الولاية المعني ، فإنه متأثر بصورة مباشرة بخطابات النزاع نفسها و شروط الاقتتال ، مما يعني أن والي الولاية متورط هو الآخر في نظرته لما يحدث . كما بقية القيادات الامنية ايضا في الولاية.
لا أحد يمكنه أن يجزم بشكل الصراع و طبيعته و اطرافه ، فهو ليس صراع بين حركات مسلحة و دعم سريع ، وليس صراع بين عرب و مساليت وليس صراع بين مزارعين ورعاة ، وانما هو تعقيد لمسيرة الحرب في دارفور ، وتجلي واضح لما شهدته هذه الرقعة من تداخل و تقاطعات للمصالح.
بعد اتفاق جوبا ، يمكن أن نقول بأن فصل الحرب في دارفور قد دخل مرحلة تاريخية ، متجاوز للخطاب السياسي الذي يصور طرف بشكل و نمط معين أمام طرف آخر ، فالجميع أصبح يمتلك العدة و العتاد و جميع الدوافع للهجوم ، حالة أشبه بما يحدث في دفاتر القرون الوسطى.
وهذا يعيدنا إلى فهم مستويات النزاع في دارفور و تركيبة الحرب ، لأن الحرب اصبحت لها وضعية شكلت الاقليم وأعادت تعريف حتى مفهوم النزاعات الاهلية ، فلا اظن الادبيات المنتجة في الاروقة الاكاديمية و السياسية كفيلة بشرح و وضع مسارات حل واضحة للازمة ،هذه المستويات التي ذكرناها و التي كان النزاع يتحرك فيها وفق منطق كل حدث يشعل الحرب ، تشمل مستوى الصراع الاهلي ، و الذي وظفته الحكومة المركزية و الحركات المسلحة لتقحم مستوى الصراع الأهلي بين المكونات ، ومن ثم عملت على تقسيم الصراع الاهلي و اعادة انتاجه وفق الخطاب السياسي ، ومن ثم ظهر مستوى داخل الجانب الحكومي و داخل الحركات المسلحة ايضا ، وما مواجهات حرس الحدود و الدعم السريع الا نموذج على هذا التطور ، ومواجهة قوات الحركات المسلحة ايضا دليل على ذلك.
بعد الحرب الليبية الأخيرة ، ذهب مسار الحرب إلى مربع جديد ولم يعد هناك مركز معين او بؤرة معينة ينطلق منها النزاع او مسببات واضحة ، بل اصبح حجم السلاح و القوات يسمح بنشوء اي نزاع و اشتعاله في غضون ساعات ، فالصدامات كانت دائما تحتاج لجمع حشود ، مما يسهل الامساك بزمام الامر واحتواءه لكن بعد حجم التسليح اصبح الحشد يتشكل في ساعات ويهاجم في دقائق
وفقا لهذا التعقيد فإن الحسم الامني ليس وحده كفيل بمعالجة النزاع ، ولن يعالج هذا النزاع في فترة قصيرة ، بل يحتاج الى خطوط استراتيجية واضحة من المؤسسات السياسية و الدولة ايضا و الارادة الموجودة في تلك المناطق ، لنكن صريحين مع انفسنا أننا لا نمتلك اي حلول ، وهذه الوضعية أعقد من جميع الخطابات التي تقدم صكوك مجانية و توجه الاتهامات جزافا.
هل سبب مأساة كرينق قتل شخصين والقتلة دخلوا للمنطقة؟ هل يبرر قتل شخصين كل هذا الدمار؟ هل تم القبض على القتلة؟ ولمصلحة من يقتل رجال ونساء واطفال؟ الحركات المسلحة وكل المليشيات كارثة حقيقية على السودان وسلام جوبا سلام مزيف بمعني الكلمة والدليل ما حصل فى غرب دارفور وما وقع من قبل من احداث؟ هل المشكلة بين عرب وزرقة أم بين رعاة واهالي المنطقة؟ هل المشكلة مشكلة حواكير؟ هل سياسيو السودان فى الحكومة والمعارضة براء مما حدث فى كرينق الكل يعمل للوصول إلى السلطة ولو وصل الدم إلى الركب ارخص شيء فى البلد الدم السوداني ارخص من كيس تسالي او كيلو بصل ،لا احد يعمل على محاكمة قاتل بل الكل يعمل من اجل السلطة .. هل كرينق فيها ذهب وفضة ويورانيوم كما يقال ؟لنفترض أن فيها كنوز الارض كلها هل هذا مبرر لاي شخص ولاي جهة استباحة دم الابرياء فى نهارات رمضان ؟!
سيظل جرح دارفور نازفا والمسؤول الأول أبناؤها فى الحكومة والحركات المسلحة والمليشيات وحكومة المركز والسياسيين من كل الأطياف وطالما كان همهم السلطة ولاشيء سواها فابشروا بمزيد من الدم والحريق فى عموم السودان الذي ينعدم فيه الأمن حتى فى المدن ولا يأمن المرء على نفسه وهو فى الشارع حتى فى عاصمة البلاد فكيف بالهامش؟
كرينق .. فضحت حالنا البائس ورفعت غطاء بؤسنا واقعنا التافه احداث كرينق هذه قالت بشلال الدم إنه ليس للسودانيين حكومة تليق بتاريخهم وتحدياتهم الحاضرة . كرينق ..فضحت كل الجالسين علي كراسي السلطة الخربة ،مجلس سيادي /حركات دارفور المسلحة التي ذاقت طعم السلطة اللذيذ فآثرت البقاء في الخرطوم ولاتزور دارفور إلا لساعات ..ثم تعود. ما حدث في
tarig@sudanile.com
///////////////////////
كان متوقعا أن ينتقل النزاع الى مدينة الجنينة ، نسبة الى طبيعة تركيبة اطراف القوات المتصادمة في (كرينك ) و الخدمات المقدمة الى المصابين ، وإلى شكل حركة المواطنين ، وهذه ليست أول مرة نشاهد فيها انتقال الصراع من منطقة إلى منطقة ،ففي شرق السودان بذات السيناريوهات انتقلت المشاكل الاهلية بين المكونات من ولاية الى ولاية أخرى.
هذا يجعل مسؤولية تأمين المناطق الآمنة في عنق حكومة الولاية ، بصورة مباشرة ، وهذا الامر وفق ما تمليه المسؤولية الادارية و الامنية المترتبة على ذلك ، ولكن وفق خطابات والي الولاية المعني ، فإنه متأثر بصورة مباشرة بخطابات النزاع نفسها و شروط الاقتتال ، مما يعني أن والي الولاية متورط هو الآخر في نظرته لما يحدث . كما بقية القيادات الامنية ايضا في الولاية.
لا أحد يمكنه أن يجزم بشكل الصراع و طبيعته و اطرافه ، فهو ليس صراع بين حركات مسلحة و دعم سريع ، وليس صراع بين عرب و مساليت وليس صراع بين مزارعين ورعاة ، وانما هو تعقيد لمسيرة الحرب في دارفور ، وتجلي واضح لما شهدته هذه الرقعة من تداخل و تقاطعات للمصالح.
بعد اتفاق جوبا ، يمكن أن نقول بأن فصل الحرب في دارفور قد دخل مرحلة تاريخية ، متجاوز للخطاب السياسي الذي يصور طرف بشكل و نمط معين أمام طرف آخر ، فالجميع أصبح يمتلك العدة و العتاد و جميع الدوافع للهجوم ، حالة أشبه بما يحدث في دفاتر القرون الوسطى.
وهذا يعيدنا إلى فهم مستويات النزاع في دارفور و تركيبة الحرب ، لأن الحرب اصبحت لها وضعية شكلت الاقليم وأعادت تعريف حتى مفهوم النزاعات الاهلية ، فلا اظن الادبيات المنتجة في الاروقة الاكاديمية و السياسية كفيلة بشرح و وضع مسارات حل واضحة للازمة ،هذه المستويات التي ذكرناها و التي كان النزاع يتحرك فيها وفق منطق كل حدث يشعل الحرب ، تشمل مستوى الصراع الاهلي ، و الذي وظفته الحكومة المركزية و الحركات المسلحة لتقحم مستوى الصراع الأهلي بين المكونات ، ومن ثم عملت على تقسيم الصراع الاهلي و اعادة انتاجه وفق الخطاب السياسي ، ومن ثم ظهر مستوى داخل الجانب الحكومي و داخل الحركات المسلحة ايضا ، وما مواجهات حرس الحدود و الدعم السريع الا نموذج على هذا التطور ، ومواجهة قوات الحركات المسلحة ايضا دليل على ذلك.
بعد الحرب الليبية الأخيرة ، ذهب مسار الحرب إلى مربع جديد ولم يعد هناك مركز معين او بؤرة معينة ينطلق منها النزاع او مسببات واضحة ، بل اصبح حجم السلاح و القوات يسمح بنشوء اي نزاع و اشتعاله في غضون ساعات ، فالصدامات كانت دائما تحتاج لجمع حشود ، مما يسهل الامساك بزمام الامر واحتواءه لكن بعد حجم التسليح اصبح الحشد يتشكل في ساعات ويهاجم في دقائق
وفقا لهذا التعقيد فإن الحسم الامني ليس وحده كفيل بمعالجة النزاع ، ولن يعالج هذا النزاع في فترة قصيرة ، بل يحتاج الى خطوط استراتيجية واضحة من المؤسسات السياسية و الدولة ايضا و الارادة الموجودة في تلك المناطق ، لنكن صريحين مع انفسنا أننا لا نمتلك اي حلول ، وهذه الوضعية أعقد من جميع الخطابات التي تقدم صكوك مجانية و توجه الاتهامات جزافا.
هل سبب مأساة كرينق قتل شخصين والقتلة دخلوا للمنطقة؟ هل يبرر قتل شخصين كل هذا الدمار؟ هل تم القبض على القتلة؟ ولمصلحة من يقتل رجال ونساء واطفال؟ الحركات المسلحة وكل المليشيات كارثة حقيقية على السودان وسلام جوبا سلام مزيف بمعني الكلمة والدليل ما حصل فى غرب دارفور وما وقع من قبل من احداث؟ هل المشكلة بين عرب وزرقة أم بين رعاة واهالي المنطقة؟ هل المشكلة مشكلة حواكير؟ هل سياسيو السودان فى الحكومة والمعارضة براء مما حدث فى كرينق الكل يعمل للوصول إلى السلطة ولو وصل الدم إلى الركب ارخص شيء فى البلد الدم السوداني ارخص من كيس تسالي او كيلو بصل ،لا احد يعمل على محاكمة قاتل بل الكل يعمل من اجل السلطة .. هل كرينق فيها ذهب وفضة ويورانيوم كما يقال ؟لنفترض أن فيها كنوز الارض كلها هل هذا مبرر لاي شخص ولاي جهة استباحة دم الابرياء فى نهارات رمضان ؟!
سيظل جرح دارفور نازفا والمسؤول الأول أبناؤها فى الحكومة والحركات المسلحة والمليشيات وحكومة المركز والسياسيين من كل الأطياف وطالما كان همهم السلطة ولاشيء سواها فابشروا بمزيد من الدم والحريق فى عموم السودان الذي ينعدم فيه الأمن حتى فى المدن ولا يأمن المرء على نفسه وهو فى الشارع حتى فى عاصمة البلاد فكيف بالهامش؟
كرينق .. فضحت حالنا البائس ورفعت غطاء بؤسنا واقعنا التافه احداث كرينق هذه قالت بشلال الدم إنه ليس للسودانيين حكومة تليق بتاريخهم وتحدياتهم الحاضرة . كرينق ..فضحت كل الجالسين علي كراسي السلطة الخربة ،مجلس سيادي /حركات دارفور المسلحة التي ذاقت طعم السلطة اللذيذ فآثرت البقاء في الخرطوم ولاتزور دارفور إلا لساعات ..ثم تعود. ما حدث في
tarig@sudanile.com
///////////////////////