(البلِد ليهو دبيب يطوي في صلبو)
حيدر المكاشفي
5 June, 2022
5 June, 2022
بشفافية -
هذا المثل (البلِد ليهو دبيب يطوي في صلبو)، سمعته لأول وآخر مرة من احدى الخالات العزيزات (رحمها الله) قبل سنين عديدة، ويبدو أنه مثل غير ذائع اذ لم أسمعه أو أقرأه من وقتها والى يومنا هذا، و مؤدى المثل أن من يتعهد الثعبان بالرعاية والعناية والتربية، عليه أن يتحمل مسؤوليته الكاملة عنه، وما قد يقع منه من أذى يطال أول من يطال الذي رعاه ورباه وصرف عليه، وفي ذات السياق يقول السودانيون في مثل آخر(البِلِد المحن لا بد يلولي صغارن)، ويقابل هذين المثلين السودانيين الشعبيين، المثل العربي الفصيح الذي يقول (يداك أوكتا وفوك نفخ) وهو يضرب لمن يقع في سوء فعله،ومن شواهد ذلك أننا كثيرا ما نسمع عن أسد أو نمر أو غيرهما من الضواري المفترسة التي تهجم على مروضيها من أبطال العاب السيرك، فترديهم قتلى أو تلحق بهم أذى بالغا في لحظة ما، رغم ما كان يبذله لها المروض من رعاية غذائية وصحية، ورغم ما ينشأ بينهما من توافق وود متبادل، وتضرب هذه الأمثال على من يقر قرارا يأمل فيه النجاعة فيرتد عليه سلبا بالفاجعة، أو يأتي فعلا بمظنة أن هذا الفعل قد يجلب إليه السعادة والراحة، ولكن للأسف بدلا من ذلك يعود عليه بالوبال والتعاسة، وقصة يوليوس قيصر مع وزيره المحبب والمقرب إليه بروتس سجلها التاريخ لتكشف إلى أي مدى يمكن أن يفعل الجشع والطمع وحب السلطة والثروة حتى بأقرب الأقربين، وبلغة حروب اليوم فذلك يعني أنك يمكن أن تصاب بنيران صديقة، اما لأنها أخطأت الهدف الذي يفترض أن تصوب نحوه نيرانها، أو لأنها أساءت فهم الهدف الذي من أجله حملت السلاح أو انحرفت به نحو مقاصد وأهداف أخرى..
بالطبع لم نأت على ذكر هذه الأمثال اعتباطا، وإنما لمقصد معين وهدف محدد،وهو اعلان مجلس نظارات وعموديات البجا المستقلة، عن خطوة تصعيدية جديدة بعد قرار إغلاق الشركة السودانية للموارد المعدنية، ويقول إعلام مجلس نظارات البجا في التعميمٍ الصحفي الذي أصدره أمس الجمعة، أن الخطوة التصعيدية القادمة تتمثل في اغلاق مينائي تصدير بترول السودان وجنوب السودان بشائر 1و2، ويأتي هذا التصعيد الأخير من مجلس البجا رغم تأكيدات رئيسه ترك بأن ليس في حساباتهم إغلاق الشرق مرة أخرى، ما يشير الى ثمة خلافات ناشبة بين الرئيس وبقية قيادات المجلس، ويشار الى أن سيد ترك كان قد قاد هذا المجلس بكل حماس وحمية لتنفيذ اغلاق الشرق السابق والاضرار بالاقتصاد الوطني، نكاية في الحكومة المدنية واستهداف اضعافها واسقاطها بالتواطؤ والاشتراك الجنائي مع العسكريين، حتى يستتب لهم الأمر كاملا كما حدث بعد ذلك في الانقلاب، ولم تكن خطوة اغلاق الشرق السابقة الا مرحلة من سلسلة مراحل الانقلاب الزاحف الذي وقع في الخامس والعشرين من اكتوبر نهايات العام الماضي، فبمجرد حدوث الانقلاب سقطت ورقة التوت التي توارت خلفها عملية اغلاق الشرق فتم رفع الاغلاق، رغم أن القضية التي زعموا انهم ما نفذوا الاغلاق الا من اجلها مازالت تراوح مكانها، واليوم ومع التلويح بالاغلاق مجددا تكون بضاعة العسكريين قد ردت اليهم..لقد قلنا من قبل وقال غيرنا، نعم للشرق قضية عادلة ومشروعة، وهي قضية تفاقمت وتراكمت عبر السنين وظلت عابرة لكل الحكومات الوطنية، وبالأخص حكومة الانقاذ المدحورة التي جثمت على صدر البلاد ومنها الشرق ثلاثين عاما حسوما، ورغم كل هذا الظلم لم يحدث أن لوح ترك أو غيره مجرد تلويح باغلاق الشرق، ولنقل ان ترك وجماعته صحو من النوم فجأة وهبوا لبعث قضيتهم، فلا يمكن اجازتهم على الطريقة التي سلكوها لخدمة القضية باغلاق الموانئ والسكوت على هذه العملية غير الاخلاقية، التي يمكن ان تكون سابقة يسير على طريقها المعوج محتجون لاحقون، وهذا ما حدث في الشمال مع أزمة كهرباء الزراعة ومتوقع حدوثه مرة أخرى في الشرق..
الجريدة
هذا المثل (البلِد ليهو دبيب يطوي في صلبو)، سمعته لأول وآخر مرة من احدى الخالات العزيزات (رحمها الله) قبل سنين عديدة، ويبدو أنه مثل غير ذائع اذ لم أسمعه أو أقرأه من وقتها والى يومنا هذا، و مؤدى المثل أن من يتعهد الثعبان بالرعاية والعناية والتربية، عليه أن يتحمل مسؤوليته الكاملة عنه، وما قد يقع منه من أذى يطال أول من يطال الذي رعاه ورباه وصرف عليه، وفي ذات السياق يقول السودانيون في مثل آخر(البِلِد المحن لا بد يلولي صغارن)، ويقابل هذين المثلين السودانيين الشعبيين، المثل العربي الفصيح الذي يقول (يداك أوكتا وفوك نفخ) وهو يضرب لمن يقع في سوء فعله،ومن شواهد ذلك أننا كثيرا ما نسمع عن أسد أو نمر أو غيرهما من الضواري المفترسة التي تهجم على مروضيها من أبطال العاب السيرك، فترديهم قتلى أو تلحق بهم أذى بالغا في لحظة ما، رغم ما كان يبذله لها المروض من رعاية غذائية وصحية، ورغم ما ينشأ بينهما من توافق وود متبادل، وتضرب هذه الأمثال على من يقر قرارا يأمل فيه النجاعة فيرتد عليه سلبا بالفاجعة، أو يأتي فعلا بمظنة أن هذا الفعل قد يجلب إليه السعادة والراحة، ولكن للأسف بدلا من ذلك يعود عليه بالوبال والتعاسة، وقصة يوليوس قيصر مع وزيره المحبب والمقرب إليه بروتس سجلها التاريخ لتكشف إلى أي مدى يمكن أن يفعل الجشع والطمع وحب السلطة والثروة حتى بأقرب الأقربين، وبلغة حروب اليوم فذلك يعني أنك يمكن أن تصاب بنيران صديقة، اما لأنها أخطأت الهدف الذي يفترض أن تصوب نحوه نيرانها، أو لأنها أساءت فهم الهدف الذي من أجله حملت السلاح أو انحرفت به نحو مقاصد وأهداف أخرى..
بالطبع لم نأت على ذكر هذه الأمثال اعتباطا، وإنما لمقصد معين وهدف محدد،وهو اعلان مجلس نظارات وعموديات البجا المستقلة، عن خطوة تصعيدية جديدة بعد قرار إغلاق الشركة السودانية للموارد المعدنية، ويقول إعلام مجلس نظارات البجا في التعميمٍ الصحفي الذي أصدره أمس الجمعة، أن الخطوة التصعيدية القادمة تتمثل في اغلاق مينائي تصدير بترول السودان وجنوب السودان بشائر 1و2، ويأتي هذا التصعيد الأخير من مجلس البجا رغم تأكيدات رئيسه ترك بأن ليس في حساباتهم إغلاق الشرق مرة أخرى، ما يشير الى ثمة خلافات ناشبة بين الرئيس وبقية قيادات المجلس، ويشار الى أن سيد ترك كان قد قاد هذا المجلس بكل حماس وحمية لتنفيذ اغلاق الشرق السابق والاضرار بالاقتصاد الوطني، نكاية في الحكومة المدنية واستهداف اضعافها واسقاطها بالتواطؤ والاشتراك الجنائي مع العسكريين، حتى يستتب لهم الأمر كاملا كما حدث بعد ذلك في الانقلاب، ولم تكن خطوة اغلاق الشرق السابقة الا مرحلة من سلسلة مراحل الانقلاب الزاحف الذي وقع في الخامس والعشرين من اكتوبر نهايات العام الماضي، فبمجرد حدوث الانقلاب سقطت ورقة التوت التي توارت خلفها عملية اغلاق الشرق فتم رفع الاغلاق، رغم أن القضية التي زعموا انهم ما نفذوا الاغلاق الا من اجلها مازالت تراوح مكانها، واليوم ومع التلويح بالاغلاق مجددا تكون بضاعة العسكريين قد ردت اليهم..لقد قلنا من قبل وقال غيرنا، نعم للشرق قضية عادلة ومشروعة، وهي قضية تفاقمت وتراكمت عبر السنين وظلت عابرة لكل الحكومات الوطنية، وبالأخص حكومة الانقاذ المدحورة التي جثمت على صدر البلاد ومنها الشرق ثلاثين عاما حسوما، ورغم كل هذا الظلم لم يحدث أن لوح ترك أو غيره مجرد تلويح باغلاق الشرق، ولنقل ان ترك وجماعته صحو من النوم فجأة وهبوا لبعث قضيتهم، فلا يمكن اجازتهم على الطريقة التي سلكوها لخدمة القضية باغلاق الموانئ والسكوت على هذه العملية غير الاخلاقية، التي يمكن ان تكون سابقة يسير على طريقها المعوج محتجون لاحقون، وهذا ما حدث في الشمال مع أزمة كهرباء الزراعة ومتوقع حدوثه مرة أخرى في الشرق..
الجريدة