الإنقلابيون والحرية والتغيير … بين حضن الخارج ورفض الداخل..!!
اسماعيل عبدالله
26 June, 2022
26 June, 2022
تصريح غريب بثته قناة الحدث، أدلى به قيادي بتحالف الحرية والتغيير (التوافق الوطني) الإنقلابي، جاء في متنه أنهم يدعون لتوسيع ماعون الآلية الثلاثية لتشمل دول الجوار، لا أدري عن أي جوار يتحدث في ظل وجود الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد والأمم المتحدة، الشاملين للجوارين القريب والبعيد، وما الفائدة المرجوة من الإكثار في الإزدحامات الدبلوماسية داخل العاصمة الخرطوم؟، وما الدور الذي ستقوم به جيوش الوسطاء والمسهلين بينما المسافات تتباعد بين القوى السياسية داخلياً، بعد كل جلسة يعقدها الوسطاء لتقريب وجهات النظر؟، الآلية الثلاثية فشلت في إنجاح مؤتمر الحوار الذي دشن افتتاحه المبعوث الأممي، وأعلن المبعوث الإفريقي تعثره بقوله أن الحوار لا يمكن أن يتم دون اشراك الجميع، وهكذا تتوه سفينة الإنقلابيين بين أمواج الحضن الخارجي وعدم القبول الداخلي، ومعها صنوتها الأخرى المختبئة خلف مسجدها الضرار الذي بنته بعد خروجها من اجتماع منزل السفير، فالاثنتان جعلتا من الدور الخارجي أساساً للحل لا تتنازلان عنه في سبيل الوصول إلى تحقيق الهدف المنشود – الكرسي، فقحت الإنقلابية تتحمل الوزر الأكبر بدعمها للعسكر المنقلب على الشرعية، وببذلها للجهود المعيقة والمعطلة لمسار الانتقال، وها هي الآن تتباكى على حوار تقوده محاور إقليمية وقوى دولية همّها الأول حماية مصالحها، أما قحت المعزولة كذلك لها نصيب من هذا الوزر الأكبر بتفريطها في الحفاظ على مكتسبات الثورة.
قوى الحرية والتغيير المعزولة كسرت عزلتها وجمودها بتحريك المياه الراكدة تحت جسر الإنقلاب، بالمغازلة الواضحة للمصالح الأمريكية في السودان عبر الوسيط السعودي، فاجبروا الإنقلابيين على الدخول في سوق المزايدات هذا، بدعوتهم الغريبة والمريبة لإشراك ما أسموه بدول الجوار في الآلية الثلاثية، فيبدو أن القوى السياسية الحاكمة والمعارضة تصر اصراراً عنيداً على رهن مصير الوطن للأصابع الخارجية، والمراقب للفجور الكبير في الخصومة السياسية بين قحت المعزولة وقحت العازلة، لا يرى بصيصاً لأمل الخروج من مأزق الورطة الخطيرة التي دفع فيها الخصوم السياسيون بالبلاد إلى هاوية الإنهيار والتفكك، وكما صرح أحد الدبلوماسيين الأمريكيين أن الصعوبات التي واجهوها في مفاوضاتهم مع حركة طالبان، كانت أهون وأيسر من تلك التي جرت بينهم وبين إنقلابيي السودان، حيث أن الإنقلابيين السودانيين كانوا يساومون الأمريكان برهائن سودانيين من بني جلدتهم، في الحوار الذي عقد بشأن إلغاء الانقلاب واطلاق سراح رئيس الوزراء وأعضاء حكومته المعتقلين، الأمر الذي لم تقم به طالبان التي توصلت لاتفاق (جنتل من) بينها وبين الأمريكان، وأنجزت تسوية واضحة المعالم حصلت بموجبها على استعادة كامل صلاحياتها في أفغانستان، أين نحن من هذا؟، وعلى ذات السياق ذكر قائد طالباني آخر أن البشير سعى لتسليم إخوتهم للمخابرات الأمريكية، وكشف رمز سعودي أن البشير ساوم المملكة في بن لادن.
البلاد اصبحت راضخة ومستسلمة تحت رحمة البعثات الدبلوماسية، المزدحمة أبوابها برحلات الحج اليومي ممن يدّعون زوراً حرصهم على المصالح الوطنية العليا، ماذا يقول الرعيل الأول من الجيل الذي رفع علم الاستقلال الأول ذي الألوان الثلاثة؟، لو رأى بؤس حالنا وظلام مآلات مآلنا، بعد أن قالها أحدهم في ذلك الزمان الباهر: هذا زمانك يا مهازل فامرحي، لو بعث الله ذلك الرجل الأديب الأريب قائل تلك العبارة التي رددتها أفواه الأجيال التالية، وجاء به إلى حضيض هذا الواقع الحاضر المرير، ماذا عساه أن يقول ويعبّر عن تراكم خيبات أمل هذا الوطن؟ لا أظن أن مهاراته الأدبية ستسعفه في التعبير الوصفي اللائق بهذه الحالة الفريدة في نوعها، لقد أمسى حال السودانيين وهم ينظرون لوطنهم الجريح الممدد على مائدة اللئام، كحال الغزلان المرتعبة الخائفة الواجفة والراجفة، والناظرة للأسود الضارية وهي تنتزع بوحشية قاسية أحشاء رفيقتهم تحت وطأة افتراس الأنياب القاضمة التي لا ترحم. الأمل ما زال معقوداً على كل من حمل روحه على كفه مواجهاً ترسانة القتل، وكل من أسهم بفكره الثوري النابه، وكل من دلق حبراً بلون دماء الشهداء على صفحات كتاب استمرار اشتعال جذوة الثورة ونورها المبين، والخزي والعار لمن آثر الركون واستكان للاستسلام المهين.
اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
25 يونيو 2022
///////////////////////////
قوى الحرية والتغيير المعزولة كسرت عزلتها وجمودها بتحريك المياه الراكدة تحت جسر الإنقلاب، بالمغازلة الواضحة للمصالح الأمريكية في السودان عبر الوسيط السعودي، فاجبروا الإنقلابيين على الدخول في سوق المزايدات هذا، بدعوتهم الغريبة والمريبة لإشراك ما أسموه بدول الجوار في الآلية الثلاثية، فيبدو أن القوى السياسية الحاكمة والمعارضة تصر اصراراً عنيداً على رهن مصير الوطن للأصابع الخارجية، والمراقب للفجور الكبير في الخصومة السياسية بين قحت المعزولة وقحت العازلة، لا يرى بصيصاً لأمل الخروج من مأزق الورطة الخطيرة التي دفع فيها الخصوم السياسيون بالبلاد إلى هاوية الإنهيار والتفكك، وكما صرح أحد الدبلوماسيين الأمريكيين أن الصعوبات التي واجهوها في مفاوضاتهم مع حركة طالبان، كانت أهون وأيسر من تلك التي جرت بينهم وبين إنقلابيي السودان، حيث أن الإنقلابيين السودانيين كانوا يساومون الأمريكان برهائن سودانيين من بني جلدتهم، في الحوار الذي عقد بشأن إلغاء الانقلاب واطلاق سراح رئيس الوزراء وأعضاء حكومته المعتقلين، الأمر الذي لم تقم به طالبان التي توصلت لاتفاق (جنتل من) بينها وبين الأمريكان، وأنجزت تسوية واضحة المعالم حصلت بموجبها على استعادة كامل صلاحياتها في أفغانستان، أين نحن من هذا؟، وعلى ذات السياق ذكر قائد طالباني آخر أن البشير سعى لتسليم إخوتهم للمخابرات الأمريكية، وكشف رمز سعودي أن البشير ساوم المملكة في بن لادن.
البلاد اصبحت راضخة ومستسلمة تحت رحمة البعثات الدبلوماسية، المزدحمة أبوابها برحلات الحج اليومي ممن يدّعون زوراً حرصهم على المصالح الوطنية العليا، ماذا يقول الرعيل الأول من الجيل الذي رفع علم الاستقلال الأول ذي الألوان الثلاثة؟، لو رأى بؤس حالنا وظلام مآلات مآلنا، بعد أن قالها أحدهم في ذلك الزمان الباهر: هذا زمانك يا مهازل فامرحي، لو بعث الله ذلك الرجل الأديب الأريب قائل تلك العبارة التي رددتها أفواه الأجيال التالية، وجاء به إلى حضيض هذا الواقع الحاضر المرير، ماذا عساه أن يقول ويعبّر عن تراكم خيبات أمل هذا الوطن؟ لا أظن أن مهاراته الأدبية ستسعفه في التعبير الوصفي اللائق بهذه الحالة الفريدة في نوعها، لقد أمسى حال السودانيين وهم ينظرون لوطنهم الجريح الممدد على مائدة اللئام، كحال الغزلان المرتعبة الخائفة الواجفة والراجفة، والناظرة للأسود الضارية وهي تنتزع بوحشية قاسية أحشاء رفيقتهم تحت وطأة افتراس الأنياب القاضمة التي لا ترحم. الأمل ما زال معقوداً على كل من حمل روحه على كفه مواجهاً ترسانة القتل، وكل من أسهم بفكره الثوري النابه، وكل من دلق حبراً بلون دماء الشهداء على صفحات كتاب استمرار اشتعال جذوة الثورة ونورها المبين، والخزي والعار لمن آثر الركون واستكان للاستسلام المهين.
اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
25 يونيو 2022
///////////////////////////