هل يمكن الفصل بين الجيش والحركة الإسلامية في السودان (٢-٢)

 


 

 

كنت قد تناولت حقيقة مفادها أن استراتيجية التعاون بين الجيش السوداني والاسلاميين كان قد دشنها النميري عقب ما عرف بالمصالحة الوطنية وذلك قبل أربعة عقود ونصف من الآن. لكن مؤكد ان مجئ الجبهة القومية الإسلامية إلي السلطة أو ما عرف بإنقلاب الانقاذ كان قد أحدث تحولات نوعية داخل المؤسسة العسكرية ضمن إطار "التمكين أو الاخونة" .
في الوقت الحالي ، وبعد مرور اكثر من ثلاثة عقود علي التمكين ، فإنه لايمكن علي الاطلاق الفصل بين الجيش والحركة الإسلامية جناح المؤتمر الوطني.
لكني لا اعتقد ان ذلك كان السبب في اندلاع الحرب . بل إن العلة الرئيسية قد تجسدت في ضعف قيادة الجيش الحالية، وهي قيادة تم استيلادها من سياسة الاسلاميين داخل مؤسسات الدولة وفق شعار " الولاء قبل الكفاءة".
الخيارات لم تكن صعبة لقيادة الجيش لمنع اندلاع الحرب وكان التاريخ سيحفظ لها ذلك. فقد اتضح لنا بعد اكثر من سنة ونصف ان حميدتي قوة ضاربة ، وهي كمعلومة، كانت لا تغيب عن ذهن قيادة الجيش الحالية ممثلة في البرهان والكباشي والعطا وابراهيم جابر ومع ذلك سمحوا للحركة الإسلامية بالتحكم في قرارات المؤسسة العسكرية، بكل غباء.
كان يمكن التحالف مع حميدتي وتحجيم فلول النظام السابق، فقد اتضح لنا تماما ان توازن القوي حينئذ كان يسمح بتسليم البشير ومن معه للمحكمه الجنائية الدولية ومراجعة عمل لجنة تفكيك التمكين ومحاسبة المفسدين وتحجيم الفساد الظاهر، ولا أتحدث هنا عن " محاسبات ذات طابع جذري" ولكنها محاسبات ومراجعات في حدود تنفيذ اصلاحات هيكلية للاقتصاد السوداني تخدم المصلحة العامة وتوفر ثقة المجتمع الدولي .
كان يمكن ايجاد دعم مدني أو مظلة كبيرة تضم اسلاميين وغير اسلاميين وقدر كبير من حركات الكفاح المسلح والسير في اتجاه أحداث إصلاحات تدريجية في الخدمة المدنية ومؤسسات الدولة خاصة الاجهزة العدلية.
أنا هنا لا أتحدث عن انتقال ديمقراطي، ولكني أتحدث عن خيارات كانت يمكن ان تجنب السودان ويلات هذه الحرب اللعينة.
كان يمكن أن يقوم بها حتي قيادات ولو كانت ذات ميول اسلامية، لكنها تمتلك القدرة والرؤية، او قل قيادات تمتلك ولو الحد الادني من الخبرة والمهنية، تستطيع ان تخرج بالسودان من مستنقع الرمال المتحركة الذي قادتنا إليه الانقاذ .
اعتقد إن ذلك كان سيجد الدعم والمساندة من المجتمعين الاقليمي والدولي حتي ممن له اجندة غير معلنة من هؤلاء .

طلعت محمد الطيب

talaat1706@gmail.com

 

آراء