بعيدا عن السياسة ، تحيا مصر ، تحيا مصر

 


 

 

منا من وصل إلي مصر ( العروبة ) ( مصر المحروسة ) ( مصر ام الدنيا ) ( مصر ام جمال ام صابر انت يا اخت بلادي ياشقيقة ، ياجباها عذبة النبع وريقة ، يا حقيقة ) قبل الحرب بسنوات واستقر معززا مكرما فيها وقد توفرت لفلذات اكباده الفرص الدراسية الجيدة في كافة المراحل والتخصصات ووجد العلاج الناجع والاهتمام الزائد في كافة المرافق الصحية بأسعار معقولة وخدمة متفانية وتعامل انساني ممزوج بالرقي واللمسات الحانية وفي أسواق العمل وفي المؤسسات والشركات الابواب مشرعة لمن عنده الرغبة في الاستثمار أو يريد وظيفة في مجال تخصصه فلا حجر عليه مادام يمتلك المؤهلات ويفهم في الإجراءات القانونية ويحصل علي مبتغاه بعيدا عن الخداع والطرق الملتوية لأن أي مسلك غير قانوني يتم الكشف عنه في الحال ويتم التعامل معه بالحسم القانوني وهنا لامجال للفوضي والتحايل علي القانون والتفلت من اي نوع !!..
وبالمناسبة فإن في مصر أطباء كبار علي درجة عالية من التدين يعملون في صمت ويخصصون وقتا مقدرا من وقتهم الثمين للفقراء والمساكين ويقومون لهم باللازم مجانا ولا يريدون إلا ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى وكذلك توجد كثير من المستوصفات خيرية تقدم ارقي الخدمات خاصة لاصحاب الأمراض المستعصية مثل الفشل الكلوي ومتاعب القلب ومشاكل العيون كالشبكية والقرنية وآلام الظهر والصدر والأمراض النفسية والعصبية مجانا وعلاوة علي ذلك تعطي الدواء أيضا من غير مقابل مهما كان ثمن هذا الدواء مرتفعا مثل الأدوية المنقذة للحياة وحتي لو لم يتوفر عندهم يبحثون عنه ويوفرونه للمحتاج بكل أريحية وكرم ...
أما ماحصل بعد اندلاع الحرب اللعينة العبثية المنسية وتدفق الملايين للجارة والاخت الكبري مصر فإن المشهد عند المعابر وبعد الدخول الي أرض الكنانة فقد كان رائعا وقد نجح أهل مصر بامتياز في استقبال الجار القادم لهم من جنوب الوادي بالورد والرياحين والماكل والمشرب في المعابر وسهر طاقم الهلال الأحمر لراحة الأشقاء ووفروا لهم الاسعافات السريعة ومن احتاج الي عناية اكبر نقلوه للمشفي الجاهز للتعامل مع كافة الحالات المرضية. وجدنا في المعبر المسجد والكافاتيريات وكان هنالك جهات خيرية توزع قوارير الماء البارد للعطشي وقد كانت درجة الحرارة عالية وقد نزلنا مصر في أشهر الصيف ...
باختصار وقد اصبحنا جزءا من النسيج المصري عشنا وسطهم في مختلف احياءهم ومدنهم وقراهم ولمسنا عن قرب مدي وكم أن أهل البلد هم فعلا ( أبناء بلد ) في كرمهم وتفانيهم في خدمتنا واكتشفنا أنهم علي إلمام تام بما نحن فيه من محنة وكانوا يدعون لنا بأن يفرج الله سبحانه وتعالي همنا ويفك كربتنا وان تزول عنا هذه الغمة التي قلبت حياتنا رأسا علي عقب ... بالمناسبة الشعب المصري بمختلف مكوناته شعب متدين يحبون سماع القران الكريم ففي المتاجر والحافلات يستمع الزبائن والركاب الي كلام الله سبحانه وتعالي يأتيهم رطبا نديا من أجهزة التسجيل في السيارة أو المخبز أو المطعم والسيوبرماركت وفي يوم الجمعة تمتلئ المساجد علي بكرة أبيها بالمصلين وكثير منهم يصحبون فلذات أكبادهم وهم في احسن هندام وكامل الاحتشام وتجد الصغير قرب والده وهو في خشوع تام مثل الكبار تماما وهذه تربية تجعله ناجحا في مدرسته وفي عمله في مستقبل الأيام .
القادم لمصر اول مرة يلاحظ أن هؤلاء القوم في قمة الجدية والكل منقطع لعمله الذي يسترزق منه وليس عنده وقت للونسة وتضييع الوقت وكل فرد منهم يقدر عمله ويحترمه مهما كان تواضع هذا العمل وأنهم يضعون ما اكتسبوه من مال في محله الصحيح وليس عندهم ( فشخرة ) ولا صرف بذخي وشوفونية وادعاء وتكبر ...
صرت بعد إقامتي في مصر كل هذه المدة ومنذ قيام الحرب وحتي يوم الناس هذا أن الشعبين المصري والسوداني حقيقة هم شعب واحد يكنون لبعضهم البعض قمة الاحترام وبينهم مشتركات كثيرة وتصاهر وكان لنا جيل من العمالقة درسوا في جامعات مصر وقد عادوا للوطن ووضعوا بصمتهم في كافة المجالات من طب وهندسة واداب وفنون وأشعار و موسيقي وإعلام ...
مصر ما بخلت علينا ببعثاتها التعليمية التي انتشرت في كافة أنحاء البلد وكانت هنالك جامعة القاهرة فرع الخرطوم التي حوت خيرة دكاترة مصر في كافة التخصصات وقد استفاد منها أبناؤنا الخير الكثير ومنها انطلق الكثيرون للشهادات العليا بالداخل والخارج خاصة في أمريكا وأوروبا وأصبح لخريجي طلاب جامعة القاهرة فرع الخرطوم بصمتهم خاصة في مجال القانون وعلم الاجتماع .
انها مصر بلد عزيز علينا فتحت لنا أبوابها وقت الشدة في حين أن كثير من الدول الشقيقة والصديقة كشرت لنا عن أنيابها وتعاملوا معنا بغلظة وكأننا لسنا من أمة العرب والمسلمين ... وحتي الجيران الأفارقة كان تعاملهم معنا مخجلا وفيه تنكر تام لايادي بيضاء قدمناها لهم من غير من أو اذي.
اخيرا و ليس آخرا فإن مصر فتحت لنا أبوابها علي مصراعيها ومنحتنا التصاريح لفتح مدارسنا بها حتي لايفوت طلابنا قطار العلم وكل مانرجون وبعد هذه المكرمة المصرية السخية أن تلتزم إدارات مدارسنا بالنظم والضوابط في هذا البلد المضيف الكريم وأن يلتزموا بالقانون والنظام حتي يحصلوا علي الاذن بالعمل وكفانا فوضي فنحن هنا ضيوف وقد وجدنا التكريم من المضيف وعلينا أن نلتزم بشروط الضيافة وان نكون في قمة الانضباط والاحتشام وان لا نسيء لشروط الضيافة التي يجب الالتزام بها لننعم بإقامة طيبة وسط هذا الشعب الطيب الذي حملنا علي أكف الراحة ... تحيا مصر , تحيا مصر وتحيا بلادنا الحبيبة السودان أرض الخير والطيبة والمحنة ...

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com

 

 

آراء