محمود محمد طه!! … بقلم: الطيب مصطفى

 


 

الطيب مصطفى
12 February, 2009

 

 

زفرات حرى

 

   لعل القراء الكرام يتساءلون عن السر الذي يجعل صحيفة (أجراس الكنائس) التي تعبِّر عن الحركة الشعبية ومشروعها القمئ المسمى بالسودان الجديد تحتفي كل هذا الاحتفاء بالمرتد محمود محمد طه وتفرد لتمجيده مئات المقالات المسبِّحة بحمد الرجل الذي أسقط عن نفسه الصلاة وأنكر كل شعائر الإسلام وشرائعه؟! ما الذي يجعل صحيفة الحركة الشعبية وجون قرنق وباقان أموم وغيرهما ممن أعلنوا الحرب على الإسلام تُفرد كل هذه المساحات لرجل أفتى قضاة السودان وعلماء الأمة خارج السودان بردَّته وخروجه على الدين؟!  لم أجد إجابة على ذلك غير الطعن في دين الله والتلبيس على الناس وإقامة مسجد ضرار من خلال الدعوة إلى الدين الجديد لمحمود محمد طه.  صبَّرتُ نفسي حتى أكملت قراءة حلقة واحدة من حوارات أُجريت مع أحد دهاقنة ما يسمى بالفكر الجمهوري وهو د. عبد الله النعيم الذي حظي بتغطية واسعة وحضور كبير في تلك الصحيفة خلال زيارته العابرة للسودان من مهجره في أمريكا التي احتضنت عددًا من الجمهوريين الذين  غادروا السودان في أعقاب مهلك زعيمهم وعندما  فرغت من قراءة الحوار الذي يصب في مخطَّط إحياء العظام وهي رميم... أعني عظام التخليط والتخريف الذي جاء به الرجل  قبل مصرعه.  العجيب أن عبد الله النعيم الذي تُصر (اجراس الحرية) والعلمانيون على الاستنجاد به من أجل إحياء رميم ما يُسمى بالفكر الجمهوري تنصَّل من كثير مما كان يؤمن به قديماً بل إن ابنة محمود محمد طه (أسماء) التي احتفى بها العلمانيون كذلك عندما قدمت من مهجرها في زيارة قصيرة ما عادت تؤمن بما كانت تعتقده في السابق وقد كتبتُ من قبل معلقاً على حوار أُجري معها ويبدو أن كثيرين من الجمهوريين كانوا يعتقدون أن (محمود) لن يموت قبل أن يكمل رسالته ولعل ذلك ما جعل بعضهم يهتف عقب سقوط جثمان الرجل في هذيان محموم (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم) مشبِّهين الرجل بعيسى بن مريم عليه السلام بالرغم من أنهم كانوا يعتقدون أنه أعظم من الرسول الخاتم  صلى الله عليه وسلم!!  أكبر دليل على كفر عبد الله النعيم بالفكر الجمهوري وبرسوله القديم وعلى رجوعه إلى الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أن الرجل (عبد الله النعيم) اعترف بأن محمود ليس معصومًا بل انه قال إن علاقته بمحمود ليست علاقة تابع بقائده وإنما علاقة تلميذ بأستاذه ثم اعترف بأنه حتى علاقة الأستاذ بتلميذه يمكن أن ينزعها عن الرجل متى ما خالفت قناعاته كما في حادثة تظاهر محمود محمد طه ضد قانون الختان الفرعوني الذي شرعه الاستعمار الانجليزي... بل أهم من ذلك فإن عبد الله النعيم قال إنه ينوي أداء فريضة الحج بالرغم من أن أستاذه وقائده القديم وصف الحج بأنه وثنية!!  عبد الله النعيم تحدَّث بشجاعة عن ترك محمود محمد طه للصلاة لأنه (أُمر بصلاة غيرها) أي غير التي فُرضت على الرسول الخاتم والخلفاء الراشدين والصحابة والمسلمين أجمعين.. أي شيطان يا تُرى ذلك الذي أمر محموداً هذا بصلاة غير التي صلاها محمد رسول الله ونزل بها القرآن الكريم والتي تعتبر الركن الأول في شعائر الإسلام وعباداته؟!  ليت عبد الله النعيم سأل أستاذه عن طبيعة (الوحي) الذي أمره بأن يبدل صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة جديدة لا يشاركه فيها أو يعرف كنهها أحد من العالمين... هل هو الروح الأمين (جبريل) أم شيطان مريد هو الذي ساقه إلى نقض عرى الإسلام عروة عروة وهو الذي يسوق هؤلاء المسبِّحين بحمد محمود والمفردين له صحائفهم للتلبيس على الناس وللصد عن سبيل الله.  عبد الله النعيم الذي خرج من علاقة التابع لرسول (الرسالة الثانية) التي توهم هذا الشيطان أنه ابتعث ليبلِّغ بها وأصدر في ذلك كتاباً يقرأه الناس... عبد الله النعيم هذا والذي كان من أكثر المقرَّبين لمحمود قبل هلاكه ربما يكون من أولئك الذين حضروا مصرع الرجل في سجن كوبر ورأى فضيحة ارتجاف الرجل وربما كان ذلك مما هزَّ قناعاته هذا بالطبع بخلاف الوهم الذي عشعش في عقولهم بأن الرجل معصوم من أن يُقتل قبل أن يكمل رسالته فلما  تبين لهم حقيقته انفضوا عنه رغم احتفاظهم ببعض تخاريفه!!!  مما أثار انتباهي ذلك المقال الذي كتبه فيصل محمد صالح منتقدًا موقف الجمهوريين من الصراع الفلسطيني الصهيوني فقد انتقد فيصل الذي يتبنى حسب علمي العلمانية وهو ممن كانوا مفتونين بمحمود محمد طه... انتقد ما صرحت به ابنة زعيم الجمهوريين أسماء محمود محمد طه والتي قالت إن (أصل الخلاف أن إسرائيل تريد السلام بينما الفلسطينيون وبعض محرِّضيهم من العرب لا يريدون ذلك بل يريدون إلقاء إسرائيل في البحر)!!  أحمد لفيصل محمد صالح موقفه المساند للمقاومة الفلسطينية وأقول إنه ربما لا يعرف أن اسماء تجتر موقف والدها من القضية الفلسطينية حيث ظل الرجل يساند دولة الكيان الصهيوني... أكثر من ذلك فإن محمود محمد طه يعارض الجهاد في سبيل الله ولذلك لا غرو أن تفتح أمريكا أبوابها للجمهوريين الذين يعمل عدد منهم الآن (مترجمين) ضمن القوات الأمريكية العاملة في العراق.!!  أفهمتم الرابط بين الحركة الشعبية التي تحتفي صحيفتها بمحمود محمد طه وبين أمريكا وإسرائيل؟!  أفهمتم لماذا رفض ياسر عرمان إدانة العدوان الصهيوني على غزة من داخل البرلمان؟! أفهمتم أن هؤلاء جميعهم يصدرون عن مرجعية واحدة هي مرجعية الكيد للإسلام؟!  بقيت لي كلمة أخيرة أخاطب بها الأخ محجوب عروة الذي لا يزال ينتمي إلى مدرسة الإسلام... هل تُراه يتقرَّب إلى الله تعالى بإفساح المجال لبعض العلمانيين لتمجيد محمود محمد طه والدعوة إلى تخليطه وكفره البواح؟! ذات السؤال أطرحه على الأخ النور أحمد النور.  

 

آراء