لا عزاء لأوكامبو والترابي!!
الطيب مصطفى
5 April, 2009
5 April, 2009
زفرات حرى
الطيب مصطفى
مدعي محكمة الجنايات الدولية (أوكامبو) الذي نسي متطلبات مهنته العدلية وصار ناشطاً سياسياً ونجماً تلفزيونياً لا هم له غير الحديث عن الرئيس البشير في سابقة جديدة للعمل القانوني الذي يفترض أن يتسم بالوقار والبُعد عن التصريحات المتحاملة، وأن يركز على الترافع أمام القضاء فقط بعيداً عن الاتهامات المتشفية... أوكامبو هذا قال عقب إصدار المحكمة الجنائية قرارها بتوقيف البشير إن الرئيس السوداني سيُعتقل فور خروجه من السودان. عندما خرج البشير إلى إريتريا ومصر وليبيا قال أوكامبو إن البشير خرج إلى دول مجاورة ولم يخرج بعيداً عن دول الجوار وإنه بمجرد أن يخرج بعيداً سيُعتقل وها هو البشير يغادر إلى الدوحة عبر بحار وبلاد ووهاد وسيعود ظافراً بفضل الله وتوفيقه وحمايته. لا أدري حال أوكامبو الآن وما إذا كان سيهدد ويتوعد مجدداً رغم أن أحد الخبثاء أهداه فكرة رائعة وهى أن يقول في المرة القادمة إن (البشير سيُعتقل إذا جاءنا في لاهاي)!! لا عزاء لأوكامبو فقد تلقى من الصفعات ما يكفي لإجباره على الانزواء والصمت والتخلي عن أساليبه الصبيانية التي عُرف بها خلال حياته المليئة بالفضائح والكف عن تصريحاته التي أكسبت الرئيس البشير تعاطفاً جماهيرياً كبيراً داخل السودان وخارجه. أما الترابي الذي شارك أوكامبو في مطالبته البشير بأن يسلِّم نفسه فقد بلغ حقده درجة أن يقول إن الذين خرجوا تأييداً للبشير لم يفعلوا ذلك إلا مكرهين!! يقول الترابي ذلك رغم علمه أنه حتى أهل بيته لن يصدقوه.. يقول ذلك رغم علمه أن ذلك يقدح في مصداقيته كثيراً ويزيد من عدد الذين يغادرون حزبه أو الذين يبغضونه. وا أسفاه على الترابي فقد والله حق عليه الحديث الشريف: (وإذا خاصم فجر) بعد أن تجرد من القيم التي لطالما دعا إليها قبل أن يأكل الغل قلبه ويملأ عليه جوانحه... قيم كظم الغيظ والعفو عن الناس، فقد استسلم الرجل لحقده الدفين الذي لا أجد له شبيهاً إلا حقد هند بنت عتبة آكلة الأكباد وهى تمضغ وتلوك كبد حمزة بن عبد المطلب. لقد سيطر الحقد والتشفي على الرجل المتهكم قديماً من القوانين الوضعية بما فيها الإنجليزية والفرنسية وجعله أكبر المدافعين عنها اليوم من خلال تبنيه قوانين أوكامبو ومحكمة الجنايات الدولية التي هى بالقطع محكمة كافرة فاجرة تقوم على قوانين طاغوتية جاهلية ظالمة. وا أسفاه على الترابي الرجل الذي قدم أعظم مرافعة قانونية هي التي قادت إلى حل الحزب الشيوعي قديماً والذي نراه اليوم بين باقان أموم ومحمد إبراهيم نقد!!!.. أين؟ في صحيفة أجراس الحرية للتعبير عن تحالفه مع الحركة الشعبية بل ويعلن لصحيفة الخرطوم مونتر الجنوبية أنه سيصوت لمرشح الحركة الشعبية في انتخابات رئاسة الجمهورية وعندما سئل عن دور الدين في ذلك قال: (إن هذا لا علاقة له بالدين)!! This has nothing to do with religion وكرر العبارة مرتين!! تلميذ الترابي المقرب المحبوب عبد السلام كتب لصحيفة أجراس الحرية مقالاً بعنوان (سأصوت لسلفاكير) وبعدها بأيام غادر الرجل في صحبة الترابي إلى جنيف... المحبوب وشيخه سيصوتان لسلفاكير رغم المحنة والمأساة التي يتعرض لها الإسلام والمسلمون في جنوب السودان تحت حكم الحركة الشعبية التي تشن حرباً لا هوادة فيها على الإسلام والمسلمين!! لا يهمني المحبوب كثيراً ذلك أنه لم يُعرف عنه في يوم من الأيام التزام عقدي صارم بالإسلام كفكر ونظام حياة وإنما هو مجرد التزام سياسي هش قائم في الغالب على تأثر بشخصية الترابي الكاريزمية (قديماً) أكثر منه التزاماً فكرياً وعقدياً. خلال حفل تكريم الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد استشهد الشيخ عبد الجليل الكاروري في استعراضه الرائع لمسيرة الشيخ صادق بالآية التي وردت فيها عبارة (وما بدلوا تبديلا) وكرر الكاروري تلك العبارة القرآنية ثلاث مرات ولم يدر في خلدي لحظتها وأنا أتأمل كلمة (بدلوا) إلا الترابي وكنت على يقين حينها أن القاعة المكتظة بالجمهور في مسجد الشهيد لم تفكر إلا بما فكرت فيه حول الترابي!! حدثني من لا أشك في صدقه أنه رأى الترابي في المنام وهو يخمش وجهه وجلده والدماء تسيل منه... فقلت وهل يفعل الرجل بنفسه وتاريخه اليوم غير ذلك؟! وا أسفاه على رجل أوشك أتباعه ذات يوم أن يقدسوه من فرط حبهم له وإعجابهم بفقهه ووضوح رؤيته وثباته على المبادئ ولكنهم اليوم صاروا حرباً عليه... كثيرون ممن بقوا على ولائهم للرجل رغم أفعاله وأفكاره الجديدة باتوا يضيقون به ذرعاً ويتململون ويخرجون على كثير من آرائه رغم أن حياءهم وعشرتهم وعاطفتهم تحول دون خروجهم عليه بصورة نهائية... لا أزال أذكر كيف قال لي الشيخ يس عمر الإمام عقب صدور مذكرة أوكامبو إنه في خندق واحد مع البشير رغم أن الترابي حينها كان قد أدلى بتصريحات شامتة وحاقدة.. كنت استبعد ما قيل عن أثر الضربة التي تلقاها الرجل في رأسه خلال زيارته لكندا في بداية التسعينات لكني أميل اليوم إلى تصديق ذلك الرأي خاصة بعد أن رأيت تغييراً كبيراً في شخصية الرجل الذي كان لا يتكلم كثيراً وكان كلامه غالياً ومرصعاً بذهب المعاني والحكمة كما كان الرجل ينكر على الناس التحدث بالانجليزية حيث كان يرى ذلك استلاباً ثقافياً ولكن!! إنه الهوى الذي مال بالرجل وجعله يبني على حديث آحاد واحد ورد حول إمامة المرأة لكنه يرفض عشرات الأحاديث الصحيحة التي وردت حول نزول عيسى... وقبل ذلك هو الحقد الذي ساقه إلى هذه النهاية الأليمة في تجاهل كامل لفقه الولاء والبراء واختلاط مدهش للحابل بالنابل ورغم أن الإصابة التي لحقت به قد تشفع له نوعاً ما إلا أن أمراض النفوس من هوى وحقد لا علاقة لها بالإصابة التي لحقت بالرجل والتي قيل إن تأثيرها يتزايد مع تزايد الوقت!!