العدل والمساواة… تدخل مزاد الاستقطابات

 


 

 

الوحده فقدت جاموسها

 

تقرير: خالد البلوله ازيرق

  بعيد انطلاق مفاوضات الدوحة فبراير الماضي بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، أعلنت حركة تحرير السودان جناح الوحدة تنشيط عملياتها العسكرية بعد أن اعتبرت ما يجري في الدوحه بأنه تفاوض مع من ابزر قوته فقط، وقالت أنها ستثبت للوسطاء أن الوصول لأم درمان وقيادة العمليات العسكرية ليست حكرا للعدل والمساواة، بتلك الندية كانت تمضي حركة تحرير السودان جناح الوحده في مناهضتها لمفاوضات الدوحه وإحتكارها لحركة العدل والمساواة، قبل أن تصحو نهاية الاسبوع المنصرم على صفعة كبري وجهتها لها حركة العدل والمساواة، التى كسبت توقيع ابرز قادتها واكثرهم فعالية في النشاط الميدانى "انسانيا وعسكريا" بدارفور وأكثر من "500" من كبار عسكرييها.ويبدو ان حركة العدل والمساواة بعد أن تمددت عسكريا على حساب الحركات الأخرى، أنها بدأت تنتهج سياسيه أخرى متمثله في استقطاب القيادات بعد أن نجحت الى حد ما في استقطاب مقاتلي تلك الحركات خاصة بعد توقيع اتفاقية ابوجا للسلام، بين الحكومة وحركة تحرير السودان جناح منى أركو مناوى كبير مساعدى رئيس الجمهورية. وبعد أن بدأ للمراقبين أنها إقتربت أكثر من الخرطوم، بعيد جولة المفاوضات التى استضافتها العاصمة القطرية الدوحة فبراير الماضي، والتى اسفرت عن توقيع اتفاق النوايا الحسنه بينهما، لكن سرعان ما عاد التباعد بين الطرفين من جديد بعيد صدور مذكرة توقيف الرئيس البشير من قضاة المحكمة الجنائية الدولية في الرابع من مارس المنصرم، تلك المذكرة التى وقفت الى جانبها حركة العدل والمساواة، ثم اعلانها الانسحاب من مفاوضات سلام الدوحه نتيجة لذلك، وهو خطوات يبدو ان الحركة ترمى من خلالها لتوسيع عملها في دارفور بصورة اكبر.حيث اعلنت "حركة العدل والمساواة" في الرابع من ابريل الجارى، انضمام مجموعة القيادات الميدانية في "حركة تحرير السودان- قيادة الوحدة" اليها برئاسة منسق الشؤون الانسانية سليمان جاموس، القيادي المثير للجدل منذ اعتقاله قبل عامين وترحيله للعلاج بإحدى مستشفيات الأمم المتحدة بكادقلي قبل ان يتم اطلاق صراحه قبل عام، وحسب قياديي العدل والمساواة فان المجموعة التى انضوت تحت لوائهم تضم "29" من القيادات السياسية والعسكرية، عبر وثيقة تحالف وقعها سليمان جاموس وعن العدل المساواة القائد العام لجيشها سليمان صندل حقار. ويذهب متابعون لمسيرتها الى ان حركة العدل والمساواة انتهجت منذ فترة سياسه اضعاف وتفكيك الحركات المسلحه في دارفور لصالحها، بعد أن عصفت الخلافات الشخصية بين قادة تلك الحركات في الفترة الأخيرة، وكان السيد منى اركو مناوى قد قال في مؤتمر صحفي بدار حزبه قبيل انطلاق مفاوضات الدوحه بين الحكومة والعدل والمساواة في الدوحه أن "ان الحكومة اتفقت مع حركة العدل والمساواة لتصفية الحركات المسلحه في دارفور حتى يتهيأ المجال لحوار الاسلاميين، مستدلا على ذلك بدخول حركة العدل والمساواة لمدينة مهاجرية معقل قواته واحتلالها قبل ان تنسحب منها لصالح القوات المسلحه"وفيما يصف متابعون، انضمام سليمان جاموس للعدل والمساواة بأنه سيشكل اضافه لها وسيؤثر بشكل كبير على قدرات حركة تحرير السودان جناح "الوحدة"، يشيرون الى ان انضمامه كان نتيجة منطقية للخلافات وعدم مركزية القيادة التى تسود اروقة حركة تحرير السودان جناح الوحدة التى تكونت كنتاج تحالف لعدد من الحركات المسلحه وقيادات مختلفه، أدى ذلك الى اضعاف الحركة التى كانت قد نشطت ميدانياً وغدت في وضع موازي فى قوتها لحركة العدل والمساواة في الميدان، ولكن سليمان جاموس قال في تصريحات لقناة الجزيرة القطرية "إن الهدف من هذه الخطوة هو توحيد فصائل  دارفور، موضحا أن مبادرته كانت إرادية وأن دافعها الأساسي إنساني على اعتبار "ما يعانيه أهالي دارفور على الأرض" قائلاً انه انضم ومعه 30 ضابطاً و500 جندي، وقال جاموس أن الحركات المسلحه في دارفور منذ نشأتها في 2002 بقيت تنقسم وتتشتت وظل القادة يتكلمون عن الوحدة، لكن عند لحظة التنفيذ يسقط كل شيء". وفيما وصفت حركة العدل والمساواة عبر موقعها الالكترونى انضمام سليمان جاموس بأنه خطوة هامة نحو إنجاز وحدة الفصائل الدارفورية وتوحيد المقاومة ضد المركز، مضي آخرون الى مشتركات تجمع بين جاموس وحركة العدل والمساواة أدت الى هذا التقارب بين الرجلين، فجاموس وخليل ابراهيم كليهما خريجي مدرسة الحركة الاسلامية السودانية، وكليهما شاركا في صفوف ادارتها للدولة بعد استيلاءها على السلطه بإنقلاب 30 يونيو 1989م، حيث شغل خليل ابراهيم منصب وزير الصحه بالفاشر، فيما شغل سليمان جاموس منصب معتمد محلية أمبده بأم درمان، هذا من ناحية التوجه والمنطلقات الفكرية لجاموس والذي يشترك فيه مع قادة حركة العدل والمساواة، ومن جهة أخري فإن الاساس الذي ظلت تتمحور حوله نشأة وتكوين الحركات المسلحه في دارفور إستند في كثير من الاحيان الى القبلية التى صارت مكون رئيسي في كل عمل الحركات المسلحه في دارفور حتى وصفها البعض في كثير من الاحيان بأنها حركات قبليه، ومن هذه الخلفية فإن سليمان جاموس ينحدر من قبلية الزغاوة التى ينحدر منها الدكتور خليل ابراهيم زعيم حركة العدل والمساواة ومعظم قادتها ما يرجح ان حمية القبيله كان لها وقع آخر أيضا في انضمام سليمان جاموس لحركة العدل والمساواة.وكان الدكتور شريف حرير قد اشار الى هذه الظاهرة المتمثله في الانشقاقات وسط الحركات والانتقالات للقيادات من حركة الى أخرى في حوار له سابق مع جريدة الصحافة أرجع فيه ذلك الى أن دارفور تمر الآن بمرحلة الثورة الثالثه، حيث أشار الى ان المرحلة الأولى كانت هي حمل السلاح نتيجة الغبن السياسي دون وجود لبرنامج أو فكر، والمرحلة الثانية تتمثل في إقتتال هؤلاء القادة فيما بينهم، لتأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة البناء الفكري لثورة وبروز الزعيم الذي سيقودها" وكان كثير من المراقبين قد عللوا إنشقاق الحركات الى عدم وجود الرابط الفكري والإيدولوجي لهذه الحركات وإفتقارها للقائد الكاريزمي الذي يقود تلك الحركات.وفي الوقت الذي وصف فيه البعض خطوة انضمام جاموس للعدل والمساواة بالمكسب لحركة العدل والمساواة لما يتمتع به الرجل من صفات وقدرات قياديه جيده، بعد ان اعتبرته قيادة "الوحده" بأنه يمثل رغبة شخصية وخيار ذاتى لجاموس. فقد اشار البعض الى ان الخطوة تعكس فشل مخطط حركة العدل والمساواة لضم كثير من الحركات الى صفوفها بعد ان طرحت نفسها الوصي على أهل دارفور، ما جعلها تمضي في طريقة استقطاب القيادات على مستواها الفردي، وأن استقطاب جاموس سيشكل الحلقة الأولى لإستقطاب قيادة أخرى في الطريق، وكان الدكتور.زكريا محمد على عبد الرحمن عضو هيئة قيادة العدل والمساواة قد قال لـ"الصحافة" أن حركته تبذل جهوداً لإرجاع المنشقين عنها ستثمر قريباً، معزياً الإنشقاقات التي حدثت الى تكالب الحكومة والإتحاد الإفريقي لتقوية إتفاقية أبوجا بخلق حركات موازيه وإستقطاب بعض قادة الحركات". وسبق لدكتور خليل إبراهيم، قد إقترح وصفة حل أزمة توحيد الحركة المسلحة بدارفور في اللقاء الذي جمعه الى جبريل باسولي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي لعملية السلام في دارفور في لقاءه الاول له بعد تسلمه لمهامه، حيث اقترح خليل ابراهيم أن يتم دمج الحركات في حركتين أو ثلاث، بأن ترجع كل حركة إنشقت الى فصيلها "الأم" الذي إنشقت منه حتى يسهل التفاوض وتنسيق الموقف التفاوضي مع الحكومة. 

 

آراء