انتهى عهد التدليل يا باقان وعرمان وآن أوان المعاملة بالمثل!!

 


 

 

زفرات حرى


الطيب مصطفى


eltayebmstf@yahoo.co.uk

  

وأخيراً وبعد صبر غير جميل كشّر المؤتمر الوطني عن أنيابه وقال إنه سيطبِّق مبدأ المعاملة بالمثل على الحركة الشعبية التي ظلت تمارس أبشع صنوف التنكيل بخصومها السياسيين في جنوب السودان وتكبِّلهم عن أي تحرُّك بل وتقتلهم في وضح النهار وتسجنهم ولا تسمح لهم بممارسة العمل السياسي ورغم ذلك »يبرطع« باقانها وعرمانها صباح مساء ويملآن الدنيا زعيقاً وضجيجاً عن انعدام الحريات في الشمال!!.

  

وأخيراً تحدَّث الرئيس البشير خلال انعقاد شورى المؤتمر الوطني وقال: »اخوانّا في الحركة الشعبية اتكلموا عن القوانين المقيِّدة للحريات... يا جماعة الزول لما يتكلَّم عن حاجة أول حاجة يشوف نفسه، الحركة الشعبية حاكمة في الجنوب الآن... هل هناك حريات في الجنوب؟ الجنوب الآن محكوم بالاستخبارات العسكرية، نحن في السنة الرابعة ولا زالت الاستخبارات العسكرية لقوات الحركة الشعبية هي الحاكمة الجنوب وهي التي تقبض وتسجن وتصادر وتعاقب وهي التي تعمل أي شيء. نحن عاوزين أولاً من الحركة الشعبية أن يعملوا على قيام حكم مدني في جنوب السودان وأن تنسحب قوات الحركة الشعبية من الطرق والمدن وترجع لمعسكراتها وأن يتم تطبيع الحياة المدنية في جنوب السودان، نحن إذا كنا مقبلين على انتخابات يجب أن يكون المناخ مهيأ للعمل، الآن الأحزاب السياسية بما فيها المؤتمر الوطني محظور عملها ومضيَّق عليها... نقولها بوضوح شديد جداً نحن عايزين حرية العمل لكل القوى السياسية زي ما نحن متيحين حرية العمل لكل القوى السياسية في الشمال يعقدوا مؤتمراتهم ويعملوا لياليهم السياسية واجتماعاتهم وندواتهم... نريد هذا الشيء أن يطبَّق في الجنوب، وإذا كانت الحركة تظن أنها قافلة الجنوب في وجه القوى السياسية وتأخذ حريتها في الشمال نحن حانقول المعاملة حاتكون بالمثل، (العين بالعين والسن بالسن)، عشان كده نحن نطلب بأن تتوجه القيادات إلى الجنوب... قيادات المركز تتوجه الآن إلى الجنوب ما في حتة مقفولة... لن نقبل منطقة مقفولة أو منطقة محرَّرة نقول السودان ده واحد بكل حدوده وأنهم لمّا يتحركوا في الشمال في الخرطوم وفي كسلا وفي بورتسودان وفي أي موقع ما فتحوها عسكرياً وإنما كانت نتيجة لاتفاقية السلام الشامل ونحن التزمنا بها وطبقناها وعايزين نفس الشيء يطبقوها هناك«.

  

ثم قال رئيس الجمهورية »الناس ديل عاوزين الشمال منفلت... صحافة منفلتة، جهاز أمن بدون سلطات وصلاحيات في وقت يحكم فيه الجنوب بالاستخبارات العسكرية«.

  

ثم قال البشير »نحن لما نتكلم عن الحريات والتحول الديمقراطي نحن جادين وعايزين الآخرين في المناطق الهم حاكمنّها يطبقوا البنطبِّقو نحن في الشمال«.

  

كلام أوضح من الشمس في رابعة النهار أدلى به الرئيس فحواه وخلاصته أن تكون المعاملة بالمثل فقد انتهى عهد البلطجة السياسية التي يوهم فيها أولاد قرنق المخدوعين في الشمال بأنهم حريصون على الحريات بينما هم في الواقع أكثر دكتاتورية من أبشع نُظُم الحكم في العالم.

  

هاكم أيها الإخوة والأخوات القراء نماذج قليلة من الحريات التي تطبِّقها الحركة في جنوب السودان:

  

ولاية غرب الإستوائية:

  

{ تم اعتقال أمين الشباب بالمؤتمر الوطني عوض كاسنقا وتعذيبه دون توجيه تهمة جنائية لمدة ثلاث سنوات.

  

{ اعتقال وفد المؤتمر الوطني في مدينة يامبيو عاصمة الولاية ومن المعتقلين عبد الله جمعة رزق وسبت علي خروجي وعيسى مصطفى زرارة وحسين اتوكا عضو المجلس التشريعي بالولاية وحسن مرسال رئيس مجلس شورى المؤتمر الوطني ومنيرة عبد الله.

  

{ الاعتداء على ثلاثة ضباط شرطة ينتمون للمؤتمر الوطني وتصفيتهم جسدياً رمياً بالرصاص أثناء تأدية واجبهم ولم يأخذ القانون مجراه حتى الآن.

  

{ عدم أداء القسم لوزير المؤتمر الوطني باولين زيزي لفترة عامين.

  

ولاية شرق الإستوائية:

  

{ اعتقال أركانجلو تامسون من شرق الإستوائية لمدة ثلاث سنوات وإطلاق سراحه بعد ذلك دون تهمة محددة.

  

{ قيام رئيس المجلس التشريعي للجنوب جيمس واني بتحريض المصلين في كنيسة توريت ضد المؤتمر الوطني واتهامه لمؤيديه بالتبعية للشمال!!.

  

{ الاعتداء على أمينة الشؤون الاجتماعية بالمؤتمر الوطني جاكلين كيري وإصابتها بأذى جسيم في رأسها.

  

الإستوائية الوسطى:

  

{ الاعتداء بالضرب على رئيس المؤتمر الوطني ورئيس الشورى ونهب الأثاثات والاعتداء على جيمس لاسو وإصابته بالأذى الجسيم »شلل نصفي« خلال قيامه بالتعداد واعتقال عبد الله إبراهيم من أمانة الطلاب لمدة ثلاث سنوات وحتى الآن، وكذلك سموأل محمد سليمان لمدة عامين وحتى الآن، وكذلك سبت عبد الله منسق الدفاع الشعبي منذ عام ونصف.

  

شرق بحر الغزال:

  

{ حرق علم السودان وصورة رئيس الجمهورية في احتفال رسمي بمدينة أويل وفصل ٠٠٧ عامل من الخدمة بحجة انتمائهم للمؤتمر الوطني وهدم دار أمانة الشباب والطلاب بمدينة مليك في ٨/٥/٩٠٠٢ بتعليمات من المعتمد ونزع قطعة الأرض المخصَّصة لدار المؤتمر الوطني.

  

غرب بحر الغزال:

  

{ التضييق على الحريات على مستوى الولاية وعلى طريق راجا ـ واو ووضْع حواجز تفتيش واستهداف المنتمين للمؤتمر الوطني وتعرُّض قيادات المؤتمر للاعتقال ومنهم بانقا محمد عبد الله والرائد محمد حسان وإغلاق نشاط منظمة الدعوة الإسلامية بأويل ورفع علم الحركة الشعبية وليس علم السودان على عربة حاكم الولاية.

    

ولاية أعالي النيل:

  

{ اعتقال وفد المعايدة التابع للمؤتمر الوطني ومنهم مصطفى حسبو وفدوى شواي والفاضل آمال ومحاولة الاعتداء على د. رياك قاي بالرنك.

  

هذا غيضٌ من فيض ذكرته للاستدلال على سبيل المثال لا الحصر ولعلّ ما ذكره د. لام أكول وبونا ملوال وجورج كنقور من تضييق على الحريات وما ذكرناه في مقالات سابقة يقف شاهداً على مشروع السودان الجديد الذي تسعى الحركة إلى تطبيقه على نطاق السودان، ولعل ما ذكرته ينصب على أوضاع الحريات أما الفساد والفقر والمرض والرُّعب الذي يرزح تحته أبناء الجنوب والاقتتال القبلي الذي تزيد من أواره الحركة الشعبية وجيشُها الشعبي مما شهد به المبعوثون والمنظمات الدولية فإنه يحتاج إلى مقالات أخرى.

  

لكن بدلاً من أن تعترف الحركة بمخازيها في جنوب السودان المحكوم بالحديد والنار يُصرُّ باقان وعرمان على نفي ما شهد به حتى أحبابهم الخواجات ممن يولونهم ثقتهم فقد ردَّ كل من الرجلين على خطاب البشير في أكثر من مناسبة من بينها الندوة التي نظمها طلاب الحركة الشعبية بجامعة الخرطوم وقال أمين عام الحركة باقان أموم تعقيباً على الرئيس إنهم يرفضون كافة أنواع التهديد وطالب بالتحقيق في اتهامات الرئيس البشير بأن الجنوب تحكمه الاستخبارات وتعهَّد بمقاومة محاولات مصادرة حقوق الحركة الشعبية من خلال الحركة الجماهيرية والأدوات الدستورية والسياسية وهرف كلٌّ من باقان وعرمان بكلام كثير لو صَدَقا لاعترفا من خلاله بحقيقة الأوضاع في جنوب السودان خاصة وأن الاتهامات التي وُجِّهت للحركة شهد بها قيادات الحركة الشعبية وقوات الأمم المتحدة في جنوب السودان كما أن تلك الاتهامات مدعومة بالوثائق التي تُثبت حقيقة التضييق الذي يمارَس على العمل السياسي وقد ذكرتُ أسماء من تم اغتيالهم أو اعتقالهم إلى غير ذلك من البينات التي لا يستطيع باقان أو عرمان نفيها.

  أقول في الختام إن الكرة في ملعب المؤتمر الوطني وأجهزته الأمنية التي ينبغي أن تطبِّق مبدأ المعاملة بالمثل الذي تحدَّث عنه الرئيس فذلك وحده كفيل بحمل الحركة على تغيير سلوكها في جنوب السودان الذي أكاد أجزم أنه لو وجد شعبه الحرية لانتفض وأحدث انقلاباً عسكرياً أو مدنياً يطيح حكومة الغابة وجيش المغول الجدد الذي لم يكتفِ بتدمير الجنوب وإنما يسعى إلى تدمير الشمال وإقامة حكومة شريعة الغاب.    

 

آراء