مؤتمر الخرطوم علي خطي مؤتمر جوبا … بقلم: جمال عنقرة

 


 

جمال عنقرة
15 November, 2009

 

          كل دعوة للحوار مطلوبة ومحمودة مهما كانت محدوديتها. فلست من الذين يرفضون أو يتحفظون علي أي حوار بحجة أنه لم يشمل الكل. فكل شيء يبدأ صغيراً ومحدوداً ثم ينمو ويكبر ويتمدد. وعندما تحفظت علي مؤتمر جوبا ليس لأنه استثني المؤتمر الوطني، ولكن لأنه اتبع منهجاً يهدف إلي إقصاء طرف أصيل في المعادلة السياسية السودانية، وهو بذلك يباعد ولايقرب. والأمل عندي في المؤتمر الذي انطلقت فعالياته يوم أمس بقاعة الصداقة بالخرطوم للحوار الجنوبي الجنوبي كان أن يستفيد من درس مؤتمر جوبا الذي فقد معناه بتغييب المؤتمر الوطني عنه. فلم يعد بخير علي أحد. وحتي النقطة التي جنتها الحركة الشعبية بتسجيل نقطة في مرمي الشريك المغيب، لم تهنأ بها كثيراً. وقد تكون فائدتها المتاحة أنها قد تكسب شيئاً في حوار الشريكين الساعي لدعم المواقف.

          ومما يؤسف له أن مؤتمر الخرطوم للحوار الجنوبي الجنوبي تقفي آثار مؤتمر جوبا نعلاً بنعل، فوقع في كل مطباته، ودخل كل جحوره. فلو أن الوصول لأية صيغة حكم للسودان وحلحلة قضاياه بغير المؤتمر الوطني مستحيلة، فإن تحقيق ما نادت به الأحزاب الجنوبية في مؤتمر الخرطوم تحقيقه في الجنوب أكثر إستحالة في غياب الحركة الشعبية. ولقد أجمل الدكتور ماريو أريك رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر أن الهدف من المؤتمر هو إتاحة الفرصة لأبناء الجنوب من المثقفين والسياسيين ورجال الدين للتفاكر حول القضايا التي تهدد البلاد، ولإيجاد حكومة حكيمة ترعي حقوق المواطنين كافة، تصنع التوافق بين أبناء الجنوب، وتبسط لهم الحريات، وتنشر العدل، وتنتهج الديمقراطية. فمثل هذه الأهداف لايمكن تحقيقها في جنوب السودان في ظل تغييب الحركة الشعبية. ذلك لأن الحركة الشعبية مثل المؤتمر الوطن نصيبها أصيل في كل شيء بما حققا من سلام عظيم أتاح لهما فرصة أن تكون لهما الغلبة في الحكم القومي والإقليمي.

          فلوأن مؤتمر جوبا عقد في ظل أيام التدابر والتنافر، وأن في ذات الأيام الكالحة تلك قد تم التخطيط والترتيب لمؤتمر الخرطوم للحوار الجنوبي الجنوبي، فإن هذه الأيام تعتبر الإمتحان الأول لما اتفق عليه الشريكان من تهدئية. ومثل هذا الشكل الذي قام عليه مؤتمر الخرطوم يشق جدار التهدئة ويخرج عليه، مثله في ذلك مثل اختطاف الطائرة بجوبا. ومثل هذه الأعمال تنسف ما اتفق عليه الشريكان وتعود بالأوضاع إلي عهد التيه والشتات، وهو عهد لايرجوه أحد ولايتمني أحد عودته.

          ونعود ونؤكد أن السودان لايمكن أن يعبر هذه المرحلة الخطيرة في مسيرة حياته كلها بغير عودة التماسك والوئام لشريكي نيفاشا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. ولو لم تفطن القوي السياسية الأخري لحقيقة أن الشريكن يستخدمونهم في إدارة حوارهما مع بعضهما البعض باستخدامهم (كروت ضغط) فلابد أن يعي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية خطورة هذا المنهج الذي يمكن أن يجعل من هذه القوي كروت ضغط حقيقية، فتصير مثل (الدش) الذي يموت في يد صاحبه، فيحسب عليه، ويفقده الـ (Game).

Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]

 

آراء