الحاقدون.. !! خواطر حول مباراة مصر والجزائر وواجب الحكومة تجاهها

 


 

الطيب مصطفى
17 November, 2009

 

زفرات حرى


eltayebmstf@yahoo.com

 

 

٭ أقل ما يمكن أن نصف به الفرصة التي تنزلت علينا برداً وسلاماً بدون أن نوجف عليها خيلاً ولا ركاباً في زمان ينتاشنا فيه الأعداء ويرمونا عن قوى واحدة، أنها نعمة بل منّ وسلوى تنثر علينا بالمجان في زمن أعجف عزَّت فيه النعم والبشارات التي تأتينا من خارج الحدود، واستعصت على الجادين والمشفقين والحادبين، لكنها يمكن أن تتحول إلى نقمة مدمرة تزيد من جراحاتنا ومآسينا.

 ٭ أعني بهذه النعمة اختيار السودان لاستضافة المباراة التاريخية بين مصر والجزائر.. نعم انها تاريخية من حيث الآثار السياسية والاجتماعية المترتبة عليها «بلوغ نهائيات كأس العالم» بكل ما يعنيه ذلك من أمجاد تغمر الدولة الفائزة.. إنها تاريخية من حيث أنها تقام في بلد محايد شاء الله أن يكون السودان الذي ستتحول اليه أنظار العالم أجمع خاصة الدول العربية والأفريقية. ويكفى أن القاهرة قد أقامت جسراً جوياً لنقل المشجعين المصريين لمشاهدة المباراة ومؤازرة فريقهم الوطني، كما أمر الرئيس الجزائري بنقل عشرة آلاف من المشجعين مجاناً الى الخرطوم.

 ٭ إذن فإن فرصة كبيرة قد واتت السودان لكي يقدم نفسه إلى عشرات الآلاف من مشجعي مصر والجزائر ممن يحضرون المباراة، كما أنها فرصة ليقدم نفسه عبر الفضائيات لشعبي مصر والجزائر الذين «سيتسمرون» في مقاعدهم أمام الفضائيات ليشاهدوا المباراة بل والسودان كذلك، فإن شعوب العالم خاصة في العالمين العربي والأفريقي سيرون وجه السودان من خلال ما يحدث في استاد المريخ.. فيا لها من فرصة لتغيير تلك الصورة البشعة التي رسمها الإعلام العالمي المعادي عن السودان عبر مناضلي الفنادق والانترنت في اوروبا وامريكا وسادتهم من صهاينة وصليبيين «إنقاذ دارفور»، خاصة أن عدداً كبيراً من النجوم ورموز المجتمع في كل من مصر والجزائر سيحضرون من بين المشجعين، كما أن أعداداً كبيرة من الإعلاميين سيزورون السودان لنقل المباراة وكذلك نقل صورة السودان الى العالم. ولذلك فإني اعتبر أن نجاحنا في استضافة «أم المعارك» الكروية بصورة جيدة في الخرطوم، كفيل بتقديم شهادة كبيرة بأننا جديرون باستضافة بطولات دولية ليست على المستوى الاقليمي فحسب، مثل بطولة سيكافا، وانما على مستوى العالم العربي الذي يستنكف أن يقيم أية من دوراته أو بطولاته في الخرطوم، وكذلك الدولي. 

٭ إن ذلك يلقي علينا حكومةً وشعباً مسؤوليات جسام أوجزها في ما يلي:

 ٭ لعل اكثر ما أخشاه ان تنحاز الجماهير السودانية الى طرف دون آخر، خاصة إذا انحازت الى الجزائر بشكل كبير، إذ أني أخشى من تأثير ذلك على علاقات الشعبين الجارين السوداني والمصري، خاصة أن هناك جالية سودانية كبيرة تعيش في مصر والعكس صحيح، لكن بصورة أقل. ولا أخشى من تأثير ذلك على العلاقات السياسية بين الحكومتين التي لا أظنها «ناقصة» خاصة من جانب النظام المصري، لكني في الحقيقة أخاف على العلاقات الشعبية التي لا أزال أرجو أن تتطور وتفرض نفسها على صانعي القرار في الدولتين.

 ٭ كذلك فإنه ينبغى أن يتم الفصل بين المشجعين المصريين والجزائريين، خاصة أن من يبلغ حماسهم درجة ضرب أكباد الطائرات وشد الرحال الى الخرطوم يمكن أن تبلغ انفعالاتهم درجة الخطر، ولذلك لا بد من التحسب لأية احتكاكات بين مشجعي الفريقين، مع مراعاة التعامل الراقي من جانب قوات الشرطة التي لم تخيِّب ظننا فيها في السابق.

 ٭ وأرى أن نكثر من اللافتات الإعلانية التي ترحب بالفريقين، وتعلن عن تحية الشعب السوداني للشعبين المصري والجزائرى، مع نشر الأعلام المصرية والجزائرية يتوسطها العلم السوداني وليس علم الحركة الشعبية كما يحدث في جوبا. ولا بأس من صور رؤساء الدول الثلاث كرموز.

 ٭ وأخشى أن تستغل الفنادق الطلب الكبير من جانب عشرات الآلاف من المشجعين المصريين والجزائريين، فتغلى من أسعارها كما حدث لسلعة السكر بسبب الندرة خلال الأيام القليلة الماضية، ولذلك يجب تدخل الدولة لمنع زيادة أسعار الفنادق، مع إفساح المجال لمعسكرات السكن الجماعي مثل أرض المعسكرات بسوبا وغيرها، فإن الغلاء وما يدفعه الجمهور مما يؤثر سلباً على صورة السودان لدى هؤلاء الضيوف الذين يجب أن تُوفر لهم كل سبل الراحة والتكريم خلال فترة إقامتهم في السودان. وأرى أن تتولى جهة ما توفير الماء والطعام «الرخيص» حول الميدان.

 ٭ ويجب إيلاء اهتمام خاص بالنجوم والمسؤولين ورموز المجتمع القادمين من الدولتين الشقيقتين، مع تنظيم رحلات سياحية لبعض الأماكن التي تبرز التطور والتحضر الذي بلغه السودان، علاوة على أهمية أن يطلعوا على مظهر مهم يتميز به المجتمع السوداني «الشمالي»، وأعني تحديداً تجمع الأسر ليلاً في الحدائق وعلى شارع النيل، خاصةً أن الطقس معتدل هذه الأيام، وليت القائمين على الأمر ينظمون دعوات عشاء وغداء تعكس التنوع الثقافي في السودان، وتغير من الصورة النمطية السيئة التي رسمها الإعلام المعادي عن انفراط عقد الأمن في السودان.

 ٭ وأرى أن تبدأ المظاهر الاحتفالية والاحتفائية من المطار مروراً بالشوارع الرئيسية التي تمر بها الوفود والمشجعون .

 

٭ لقد طمأنني الأخ جمال الوالى بأن جهداً كبيراً قد بُذل من جانب إدارة نادي المريخ، لكني أرى أن تقوم الحكومة بالدور الأكبر. وليتنا نقرأ غداً اصدار قرار بتكوين غرفة عمليات تُرصد لها موازنة معقولة لانجاح هذا المهرجان الكروي العالمي الذي نزل علينا من السماء.

 

آراء