بين القراي ومحمود محمد طه!! … بقلم: الطيب مصطفى
20 January, 2010
زفرات حرى
eltayebmstf@yahoo.com
ترددتُ كثيراً: هل أرد على المدعو عمر القراي وهو يهاجمني بمنطق ضعيف مليء بالتهافت الفج في معرض دفاعه عن «رسوله» محمود محمد طه؟! فالرجل ـ أعني القراي ـ بثقافته الإسلامية المتواضعة والمشوَّهة بفعل انتمائه إلى مسيلمة القرن العشرين محمود محمد طه لا يعلم بأن الحِدَّة والغِلظة على من يشنُّون الحرب على الإسلام مطلوبة بل تعتبر جهاداً في سبيل الله «يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم» فالكافر المحارِب ينبغي مجاهدته والغلظة عليه والفظاظة في مواجهته أما الكافر المسالم فيجوز أن نبره ونقسط إليه.«لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم...».
القراي سأل عمّا إذا كان لدينا ما يُثبت أن محمود محمد طه عدو لله وأجيب عليه بالسؤال: هل يُعتبر مسيلمة الكذاب وهو يدّعي النبوة ويفتن الناس عن دينهم عدواً لله؟! وبنفس المنطق أتساءل: هل يختلف محمود محمد طه عن مسيلمة الكذاب وهو الذي أتى بدين جديد نسخ به رسالة محمد صلى الله عليه وسلم برسالة جديدة سماها: «الرسالة الثانية» ونقض عُرى الإسلام عروة عروة بدءاً من الصلاة التي جاء بها محمد رسول الله والتي قال إنها رُفعت عنه دون غيره من العالَمين ومروراً بكل أركان الإسلام من زكاة وحج وصيام ولم يكتفِ باعتناق دينه الجديد لوحده وإنما ظل يدعو إلى اعتناقه في كل مكان من خلال كتبه الشيطانية المنحرفة وشبابه المفتونين بهرطقاته وأباطيله؟!
بهذه المناسبة وقبل أن أسترسل أرجو من القراي أن يوضِّح لنا كيف ومن الذي أوحى لمحمود دون غيره أن يتخلى عن الصلاة التي سمّاها «ذات الحركات» هل هو الروح الأمين جبريل الذي انقطع منذ أن قُبض الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أم شيطان مريد هو الذي أضله وغيره من الحمقى؟! «بالمناسبة لماذا يحب باقان أموم محمود محمد طه ويبغض محمداً صلى الله عليه وسلم؟!».
أما طلبي إلى أسماء بنة محمود أن تنعتق من زمرة شياطين الإنس وأن تتبرأ من أبيها كما تبرأ إبراهيم الخليل من أبيه آزر فما زلت أصرُّ عليه مبتغياً الأجر من الله سبحانه وتعالى.
أود أن أقول إن «اللخبطة» التي أصابت عقول أتباع محمود محمد طه تتجلّى في تفريق القراي بين سنة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم وسنة إبراهيم الخليل، فبالرغم من أن الرسل جميعاً يغرفون من نبع واحد ويصدرون عن عقيدة ومرجعية واحدة من لدُن آدم عليه السلام حتى الرسول الخاتم فقد قال تلميذ محمود إن سنة إبراهيم تدعو إلى التبرّؤ من أعداء الله بينما سنة محمد لا تدعو إلى ذلك وبرر منطقه الأعرج باقتطاع جزء من قصة رأس النفاق في المدينة عبدالله بن أُبي حين فهم الرسول الكريم آية: «..إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم» بجواز أن يستغفر لعبدالله بن أبي أكثر من سبعين مرة ولم يُكمل القراي القصة واجتزأها بصورة تعبِّر عن أخلاق الرجل الذي يسعى إلى الانتصار لرأيه بالكذب والتدليس فقد نزل قول الله تعالى بعد ذلك ليأمر الرسول الكريم بألا يصلي على أحد من موتى المنافقين ولا يقوم على قبره «ولاتصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولاتقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون».
أما حديث القراي عن أن سنة إبراهيم تختلف عن سنة محمد في شأن فقه الولاء والبراء وانتقاده لي بأني أخذت بسنة إبراهيم وكان الأحرى أن أختار سنة محمد صلى الله عليه وسلم فهو ينم عن فهم قاصر ذلك أن الأنبياء يصدرون عن مرجعية عقدية واحدة كما ذكرت.
لو قرأ القراي آية الولاء والبراء في قصة إبراهيم وأبيه آزر من أولها لعلم أنه لا فرق بين نبي الله محمد ونبي الله إبراهيم بل إن الآية أمرت الرسول والمسلمين بأن يتأسوا بإبراهيم «قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده...».
لماذا بربكم يعمد القراي إلى تضليل القراء باقتطاع أجزاء من النصوص والاكتفاء ببعضها على طريقة «لا تقربوا الصلاة» أو «ويلٌ للمصلين»؟! إنه الضلال البعيد بل إنه الشيطان الذي يزيِّن للقوم سوء عملهم.
الولاء والبراء يا قراي ورد في آيات كثيرة في كتاب الله تعالى ولعل آيات سورة التوبة تعبِّر بجلاء عن مفهوم الولاء والبراء «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولَّهم منكم فأولئك هم الظالمون ٭ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين» بل إن قصصاً قرآنية كثيرة وقصصاً في السيرة النبوية تكشف عن كيف تقيَّد المؤمنون بدينهم ووالوا في الله وتبرأوا وأبغضوا في الله وعندما أشفق نوح على ابنه وهو يراه يغرق خارج السفينة عوتب بعبارة قاسية «إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين» وقد رأينا كيف قام بعض الصحابة خلال المعارك التي دارت رحاها بينهم ومشركي قريش بقتل آبائهم وإخوانهم وأقاربهم.
ثم تناول القراي مساهمة محمود محمد طه في الحرب على الاستعمار البريطاني وأؤكد بأن محموداً لم يتصدَّ إلا لأمر واحد هو قرار الاستعمار البريطاني بمنع الختان الفرعوني وحتى المناشير التي ذكر القراي أنها وُزِّعت كانت حول الختان الفرعوني ولم يحدث البتة أن طالب محمود بخروج المستعمِر البريطاني أو أسهم في الحركة الوطنية ولم يُعرف له دور في نادي الخريجين ولم يكن من بين مساندي الأزهري والمحجوب وهما يرفعان علم السودان وينزلان علم الحكم الثنائي ولعل تاريخ الوثائق التي نُشرت في «صحيفة الرأي العام» يُثبت ذلك.
من عجائب ما قرأت من منطق القراي أن محموداً لم يكن من مؤيدي الختان الفرعوني وكان اعتراضه منصباً على استخدام القانون في القضاء على عادة الختان الفرعوني وعلى استخدام القوة في محاربة الظاهرة باعتبار أن ذلك القانون يُعتبر «إذلالاً للنفوس وإهداراً للكرامة»!!
لماذا إذن تملأون الدنيا ضجيجاً اليوم مطالبين بمنع الختان جميعه فرعوني وغيره بالقانون إذا كان ذلك يمثل إذلالاً للناس؟! لماذا تطالبون أيها العلمانيون بإنزال أقصى عقوبة والتي قد تصل إلى السجن المؤبَّد وليس أربعة أشهر كما كانت المحاكم الإنجليزية تحكم على من يمارس تلك الجريمة؟!
أعود للسؤال: بربكم لماذا يحتفي القراي وغيره من بني علمان والشيوعيون ويهدرون أعمارهم في نفض الغبار عن سيرة الهالك محمود في محاولة لإحياء العظام وهي رميم؟! تأملوا في أسماء جميع المعجبين المفتونين بمحمود محمد طه وستعرفون السبب!!
دعك من فرية مقاومة محمود المدّعاة للاستعمار البريطاني.. ماذا كان يرى محمود في القضية الفلسطينية؟! ألم يؤيِّد حق اليهود في فلسطين؟!
هذا ولنا عودة وعودات حتى نقبر سيرة الرجل الهالك إلى الأبد كما قُبرت سيرة مسيلمة الكذاب وأشباهه عبر التاريخ.