ألتقيكم … بقلم : د. عمر بادي

 


 

د. عمر بادي
25 February, 2010

 

 

محور اللقيا

 

تعودت أن أعود من عملي عند الغسق , و كأنني أزاول عادة قديمة كانت لنا , و لا زالت عند أهلنا الضاربين في الرتابة , عادة عودة المزارعين من الحقول , أو عودة الرعاة بأغنامهم من منابت العشب . هكذا هي العودة الغسقية , نهاية لأداء واجب , و بداية لأداء واجب آخر , يختلف فيه الناس لكنه يظل واجبا . النوم واجب و مجالسة الأبناء واجب , و التفرغ ولو قليلا لأمهم واجب , و المشاركة في الإجتماعيات و صلة الأرحام واجب و ( موجب ) , و التثقيف و التعلم واجب , و كذلك الإهتمام بالحياة العامة و المساهمة في مجالاتها المختلفة ...

أعود عند الغسق حاملا حقيبة أوراقي , و حاملا لفكرة مقالة قد تشكلت في مخيلتي أثناء قيادتي لسيارتي في الطريق من العمل للبيت , فقد تعودت منذ زمان بعيد أن أفعل شيئين في آن واحد : أقود سيارتي و أنا أستمع للموسيقى و البرامج و أقلب أفكاري , و أقرأ او أكتب و انا أستمع للأغاني من جهاز التسجيل أو استمع لإذاعات ال ( إف. إم ) , و أشاهد التلفاز و أنا أتناول طعامي ( و هذا قد ساعدني كثيرا في تخفيف وزني ! ) و أقرأ الجريدة و أنا أتجاذب الحديث مع من حولي , و أمارس رياضة العدو و أنا أحمل ( الهيدفون ) أو أطلق العنان لأفكاري . الحياة قصيرة لفعل شيء واحد في آن واحد .

 هكذا سوف يكون حالي معكم . ألبس قبعة مكسيكية في أدائي لعملي الأساسي الذي أعتاش منه , و ألبس قبعة سيلفاكيرية في أدائي لأنشطة الحياة العامة من منتديات و جمعيات نفع عام و روابط رياضية و مناطقية , و البس ( طاقية ) في إلتقائي بكم , ليس يوميا و إنما أسبوعيا , و ( العافية درجات ) .

سوف ألتقيكم في عمودي القديم الجديد ( محور اللقيا ) , و هو عمود كنت قد أحدثته و كتبت فيه في صحيفة ( الخرطوم ) بعد كتاباتي في ( المفكرة ) و قبل كتاباتي في صفحة ( الرأي ) , كما قد كتبت فيه أيضا في صفحة ( هتاف المهجر ) الأسبوعية الخاصة بالمغتربين في رياض الخير .

قطعا تتذكرون إنتفاضة أطفال الحجارة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1988 . لقد تفاعلت مع ذلك الحدث في حينه و كتبت قصيدة أسميتها ( محور اللقيا ) و نشرتها في صحيفة      ( الخليج ) الأماراتية ثم ضمنتها في كتابي الشعري ( الوطن المهجور ) , يقول مطلع القصيدة :

لله درُ ثوار الحجارة

في سني الزهر و الزنابق

يفعلون بسلاح الحجارة

ما لا تطاله الحشود و البنادق

و في نهاية تلك القصيدة الطويلة قلت :

لله در ثوار الحجارة

يا من رفعتم حاجب التاريخِ

قوّمتم مساره

و أريتم كيف يُجبى الحقُ

في زمن الحضارة

فصمدتم للعذاباتِ الدفينة

أبداً فلسطينُ لنا لا للتجارة

بالدمِ , بالروحِ نفديها

و ما ملكت يدينا

هي محور اللقيا و ثار العرب ِ

الحجر أصدق انباءً من الخطبِ

في حربه الحرب بين الجد و اللعبِ

-----------------------------

omar baday [ombaday@yahoo.com]

 

آراء