أنا من غلاة الداعين للعلمانية .. فلاتسئ فهمي !! … بقلم: نصر الدين غطاس
27 March, 2010
السيد - نصر الدين غطاس .. لك مني التحية ..
أرجو أن لا تسئ فهمي فأنا من غلاة الداعين للعلمانية ، ولكن ليس خروج الدين من حياة الناس .. بل بخروج الدين من السياسة ..!! ، لا يستطيع كائنا من كان أن يخرج الدين من حياة الناس ، فإنك تجد الناس في أعتي الدول العلمانية يمارسون شعائر أديانهم بحرية ، ولكن الدولة لا علاقة لها بيوم القيامة أي لا علاقة لها بحساب الشخص يوم القيامة ، الدولة عليها أن توفر الحياة الكريمة لشعوبها والتعليم والصحة والأمن .. لا أن تتدخل في علاقة العباد بربهم ، هذا هو فهمي للعلمانية ..!!
مع تحياتي .. أحمد أبوزيد
الأستاذ - أحمد أبوزيد .. لقد قتمدت في معالجة رسالتك فكراً بالرجوع لكتاب قيم بعنوان (الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه) للدكتور الإمام (يوسف القرضاوي) أري أن تبحث عنه ، فأنا من وجهة نظري المرتكزة علي مفاهيم ديننا .. لا أعتقد أن الدعوة للعلمانية أو القبول بتمددها في حياتنا وفق مفهومها لإدارتهة للحياة بالأمر الموفق .. ليس فقط لأن دين ربنا هو الأحق بأن يسود حياتنا ولكن لأن مصالحنا الخاصة والذاتية .. لنا ولإبنائنا ومستقبلهم تقول بضرورة إبعاد العلمانية عن حياتنا أو مناصرة من يتبني تلك الفكرة ..!! ، وبالطبع بعد خوفنا الذاتي من تداعيات العلمانية التي تجرها للمجتمعات التي حكمتها لنتبالي بها .. نعود للنقطة الأولي القائلة بأن ما دعانا إليه ربنا بالحكم بكتابه هو الأجدي والأنفع لنا من غير أن ندخل أنفسنا في تجريب نورث بعده ندم .. فنعود لما أمرنا به الله ربنا أول مرة ، ولو أخذناه هكذا لعفانا من عنت التجربة التي هي في الأصل خطأ كبير .. أن نعتمد العلمانية منهجاً لحياتنا ..!! ، فالإسلام ديناً شاملاً لكل أوجه الحياة .. مادية ومعنوية .. فردية وجماعية ، والعلمانية لا تقبل لديننا بهذا الشمول .. ربما تقبل النصرانية بهذه القسمة .. نصف للدين ونصف آخر للدولة والحياة ، أو بتعبير (الإنجيل) جزء لقيصر وآخر لله ، أما الإسلام فيري أن الحياة واحدة لا تتجزأ وأن الإنسان كياناً واحداً لا يتجزأ وأن الله سبحانة وتعالي رب الحياة كلها .. فلا يقبل بقيصر شريكاً له بأن يستولي علي جزءاً من الحياة ويوجهها بعيداً عن هديه سبحانة وتعالي ..!! ، العلمانية تريد من الإسلام أن يكون تابعاً لها يأتمر بأمرها وينتهي بنهيها ، تريد له أن يقنع بزاوية في الحياة قصية تقف هناك بحياء كبير وتكون باقي الحياة لها دون منازع .. تريد العلمانية أن يقنع الإسلام ب(الحديث الديني) في الإذاعة والتلفزيون ، وب(الصفحة الدينية) في الصحافة و ب(حصة التربية الإسلامية) بالمدارس و ب(قانون الأحوال الشخصية) في قوانين البلد و ب(المسجد) كمؤسسة مجتمع لا يخرج منه مهما كانت الأسباب و ب(وزارة الشئون الدينية والأوقاف) في أجهزة الدولة ..!! ، علي الإسلام أن يقنع بقسمة العلمانية له ولا يمدن عينية لأكثر من ذلك و..أن يشكرها..!! ، في الواقع أخي (أحمد أبوزيد) أن العلمانية تصتدم مع الإسلام في كل شئ .. في كل شعبة من شعب تعاليمة الأربعة (العقائد .. العبادات .. الأخلاق والشرائع) وحولها سيكون تدليلنا علي أن العلمانية لا خير فيها لا لدنيانا ولا لديننا ولا لآخرتنا ..!! ، العلمانية ربما أوهم أنصارها البسطاء من الناس بانها لاتنكر علي الناس أن يؤمنوا بالله ورسولة واليوم الآخر ..!! ، وهذا من مبدأ أصيل عندها وهو (تقرير الحرية الدينية) لكل إنسان ، غير أن الإسلام لا يكتفي بأن تكون عقيدتة مجرد شئ مسموح به .. يريد أن تكون عيقدتة روح الحياة وملهمة للمجتمع وأساس تكوينة النفسي والفكري ومحور تربيتة وثقافتة وفنه وإعلامة ، العلمانية لا ترفض الإسلام بإعتبارة عبادة وشعائر يتقرب بها الإنسان لربه ، ولكنها لا تجعل لهذه العبادة أهميتة بإعتبارها غاية الحياة .. علي الرغم من أن المهمة الأولي للإنسان في الحياة هي العبادة (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ، ولا تقيم نظامها التربوي والثقافي والإعلامي علي غرس هذا المعني ، العلمانية لا تنظم الحياة الإجتماعية والإقتصادية تنظيماً ييسر للمسلم أداء عباداتة بغير عوائق منها (علي الرغم من إعترافها بالدين كإعلان عام منها بضرورة أن يتعاطاه الناس بحرية) ، وهي لا تجعل الألتزام بالعبادات والفرائض أو إهمالها مكاناً في تقديم الناس وتأخيرهم .. خصوصاً عند الترشيح لمناصب القيادة ، وهذا المنهج تتبناه العلمانية علي أساس مقولة غير صائبة وهي (التفرقة بين السلوك الشخصي والسلوك الإجتماعي للإنسان) وهو ما لا يقول به الإسلام أو يقره ..!! ، وهي (أي العلمانية) لا تري المجاهرة بترك العبادات التي هي من أركان الإسلام سبباً لتوقيع العقوبة والمحاسبة ، وفي الإسلام أجمع علماؤه وفقهاؤه بضرورتها .. بأن من ترك الصلاة أو منع الزكاة أو أفطر رمضان عن عمد .. أنهم أجمعوا علي تكفيرة وخروجه من الدين بالكلية مالم يتوب ويرجع طالما كان مستخفاً بحرمتها أو منكراً لفرضيتها .. لإنكارة ماهو معلوم من الدين بالضرورة ..!! ، والعلمانية (صديقي العزيز) لا تعبأ بالزكاة بأنها ركناً للمال الإجتماعي وجزءاً من نظامها الإقتصادي فتعتبرها عبادة شخصية .. من شاء أداها أو أعرض عنها ..!! ، هكذا تقف العلمانية من عقيدتنا ومن شريعة ربنا ومن العبادات التوقيفية التي يؤديها المسلم والمجتمع بأكملة .. أما موقف العلمانية من الأخلاق فعجب قولها وفعلها .. ففي العلاقة بين الجنسين (المرأة والرجل) يكون للإسلام تميزاً عن أخلاقيات الثقافة الغربية التي تعتمدها العلمانية فتري إنها الأفضل لنتدبر حياتنا وفقاً لمبادئها ، فالإسلام لا يصادر هذه الغريزة بطبيعة الحال ولا يعطلها في نفس المرء أو يعتبرها (رجساً من عمل الشيطان) كما يدعي أنصار العلمانية ولكنه يصرفها في نطاق الزواج المشروع (تحت سمع المجتمع وبصرة) الذي يجد كلا الزوجين فيه سكينة ومودة ورحمة ، فتتكون الأسرة الصالحة والمجتمع المعافي من العيوب والأمراض .. المجتمع الصالح ..!! ، والإسلام يحرم أي إتصال جنسي خارج هذه الدائرة المباركة ، ويعتبره (زني أو شذوذ) وكلاهما يجلبان سخط الله تعالي وإشاعة للإنحلال والفساد (ولا تقربوا الزني إنه كان فاحشةً وساء سبيلا) ، كما يحرم الإسلام كل الطرق التي تيسر وقوع الفاحشة ، ولهذا يربي المؤمنين والمؤمنات علي العفاف والإحصان وغض البصر ، كما يوجب علي المسلمة إلتزام الحشمة والوقار في الزي والقول والحركة (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبة مرض وقلن قولاً معروفا) و (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن) و (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) ، كما لا يقبل الإسلام أن يختلي رجلاً بإمرأة أجنبية عنه ، وحرم عليها السفر وحدها دون زوج أو محرم أو رفقة مأمونة ..!! ، هذه الأحكام والتوجيهات لا ترحب بها العلمانية ولا تري أن تقيد بها المجتمع بها وتفضل أن تدع (الحبل علي القارب) للجنسين يتصرفان كيف يشاآن أو كما يحلو لهما ، لأن ذلك يدخل في نطاق الحرية الشخصية ..!! ، الأخلاق .. من المحكات التي تصطرع فيها العلمانية مع الإسلام وتختلف معه أشد الإختلاف لدرجة الموت ، فالإسلام يغلق الأبواب التي تهب منها رياح الفتنة من .. الأغنية الهابطة والصورة المثيرة والأزياء المغرية بمفاتن المرأة ، ويقاوم التبرج والإثارة والخلوة غير المشروعة ويجتهد في حل مشكلات الزواج وتيسييره وإزاحة العوائق من أمامه حتي يستغني الناس بالحلال عن الحرام ، غير أن العلمانية لا تنظر للأمر علي أنه مشكلة تتطلب حلاً ولا تري حرجاً من إتاحة الفرصة لإستمتاع كلا الجنسين بالآخر .. أختك وبنتك وزوجتك و .. أمك برجال آخرين جاوؤا من قارعة الطرق يطلبون المتعة ..!! ، والعلمانيون لا يحبون أن يربطون الأخلاق بالدين وإنما يريدون أن يقيموها علي أساس فلسفي أو عملي بعيداً عن الدين ، فالأخلاق الدينية عندهم في موضع الإتهام أما الأخلاق المدنية فهي أفضل وأكثر رصانة لعالم اليوم المتحضر .. فإن تأتيك أختك أو بنتك أو إحدي محارمك وهي قد تزوجت (عرفياً) أو تطلب منك ما تشتهيه لأنها (تتوحم) لأنها طلبت رجلاً قابلها في الطريق العام فإشتهتة .. يجب عليك أن تجيب الطلب ، لأن ذلك هو قانون العلمانية التي لا تري حرجاً في الدعوة إليه وأنت تناصرها ..!!
نصرالدين غطاس
Under Thetree [thetreeunder@yahoo.com]