الأزمة المالية العالمية ، تجدُد مفهوم الأمن القومي

 


 

د. حسن بشير
15 April, 2010

 

 مجلة الوسط الاقتصادي , ابريل ، 2010م

 

لا يعار الكثير من الاهتمام للكتابات و الاراء السودانية في مختلف التخصصات و الشئون الداخلية او الخارجية. ربما مرد ذلك لضعف المؤسسات الأكاديمية و مراكز البحث العلمي و صناعة الرأي في السودان، او ربما بسبب الاستقطاب و الهوي السياسي و ضيق الافق  و حتي ما يسمي ب"عقدة الخواجه". من الامثلة الدالة علي الفرضية اعلاه ما تم تناوله من الأكاديميين و الكتاب و البحاثة السودانيين عن الازمة المالية العالمية و تداعياتها المختلفة بما فيها تاثيرها علي الراسمالية العالمية و تغيير الكثير من المفاهيم النمطية السائدة في السياسة و الاقتصاد و الاستراتيجية. من الاشياء التي سبق تناولها اشارتنا عدة مرات حول عمق تاثير الازمة علي الراسمالية العالمية الحديثة او حسب ما اشرنا اليها " الامبريالية المالية" ، ذلك بحكم هيمنة رأسمالية المساهمة المعتمدة علي توريق الاصول و الديون في داخل ما اصبح يشار اليه ب " الاقتصاد الجديد " و هو الاقتصاد المرتبط بشكل وثيق بنظم المعلومات و منظومة اسواق المال العالمية. اصبحت تلك الرأسمالية مهيمنة في الاقتصاد المتعولم خاصة في الدول الرأسمالية الكبري و في ريادتها الولايات المتحدة الامريكية. لذلك تتم الاستعانة بالاراء الصادرة من المؤسسات الاكاديمية و مراكز البحث العلمي في الدول المتقدمة اقتصاديا و اجتماعيا ، باعتبار تلك المؤسسات و المراكز من المنارات و المصادر الاساسية في صناعة الراي و توجيه الامم نحو صيانة مصالحها القومية - الاستراتيجية.

  كما اوردنا سابقا بالاتفاق مع العديد من الأكاديميين و المختصين ان الازمة التي عرفت بأزمة الرهن العقاري و تطورت بعد ذلك الي الازمة المالية العالمية و من ثم تحولت الي ازمة اقتصادية عالمية شاملة لم تكن في الحقيقة ازمة للرهن العقاري او ازمة مالية محدودة في الزمان و المكان، و انما ازمة شاملة للنظام الراسمالي العالمي. استشهدنا في ذلك باراء عدد من الخبراء و الاقتصاديين الجهابذة في الجامعات و المؤسسات الامريكية بحكم ريادتها في النظرية و التطبيق في المدرسة النقدية و تطور الراسمالية المالية. من ضمن ذلك كانت اراء خاصة بالان  جرينسبان المدير السابق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في فترة شهدت ازدهارا كبيرا للاقتصاد الامريكي و الذي قال حين اندلاع الازمة المالية " ان الازمة الراهنة للاسواق المالية هي الاسوأ منذ قرن من الزمان و هي تستعيد مشهد الكساد العظيم في القرن السابق التي ادت الي ان يفقد الاقتصاد الامريكي اكثر من ربع قيمته و دفعت الملايين من العمال الي البطالة و العديد من الشركات الي الافلاس" . اشار البروفيسر في جامعة كاليفورنيا الامريكية الحاصل علي جائزة نوبل في الاقتصاد دانيال ماك فادن الي ان "المصارف و المؤسسات المالية تتحمل مسئولية مباشرة في الازمة الراهنة بسبب تقاعسها عن السلامة المصرفية و صحة المعلومات عن العملاء و المتعاملين بمستوياتهم المختلفة " ووجد ان ذلك يتعارض مع المبادئ الأولية  " لكفاءة الأسواق " التي تعتبر واحدة من المقولات الرئيسية للنظرية الاقتصادية للرأسمالية. ذهب في نفس الاتجاه البروفيسور جوزيف ستيجلتز من جامعة كولمبيا الامريكية و الحائز بدوره علي جائزة نوبل في الاقتصاد و الذي دعي الي " وضع نظام مالي جديد تقتصر فيه حدود المغامرة  بالأموال علي الإمكانيات الفعلية المتاحة لاسواق المال مؤكدا ان مايجري حاليا ليس ازمة للرهن العقاري فقط و انما يرتبط ايضا بالتوسع في الاقتراض بمختلف اشكاله خارج نطاق الامان و التحوط اللازم و هو ما يعكس السمات الاساسية للازمات المالية المتتابعة". كل تلك الاراء و غيرها تعطي مؤشرات مهمة حول اتجاهات التطور الرأسمالي الامر الذي دعي الي طرح سؤال مهم وهو ، هل يمكن انقاذ الرأسمالية الامريكية؟

السؤال اعلاه تناوله الكاتب موارسي جرينبرج ((Maurice R. Greenberg في مقالته التي نشرت بعنوان "إنقاذ الرأسمالية الأمريكية Rescuing American Capitalism" في مجلة المصلحة القومية (National Interest) التابعة لمؤسسة نيكسون للأبحاث ودراسات الأمن القومي. الجديد في هذا التناول هو ربط الازمة المالية العالمية و اثارها بالامن القومي الامريكي. في هذا الشأن يشير الكاتب الي ان الامن القومي لا يتعلق بالمخاطر الخارجية فقط و انما يرتبط ايضا بالاخطار الداخلية التي تهدد الاستقرار المجتمعي، والأزمة المالية العالمية كانت لها تداعيات خطيرة على الولايات المتحدة جعلتها ترقى لمستوى "الأمن القومي" وخاصة بعد فقدان نصف الأمريكيين لوظائفهم وانهيار مؤسسات عملاقة لها تاريخ اقتصادي طويل بأمريكا وتمثل عصب الاقتصاد القومي ، انظر تقرير واشنطن ، العدد 250 ، 13 مارس ، 2010م.

بهذا الشكل جددت الازمة المالية العالمية من مفهوم الامن القومي و لم تقتصر اثارها كما يعتقد البعض في توسيع ذلك المفهوم فحسب. ما يلفت النظر في تطرق جرينبرج للازمة المالية و علاقتها بالامن القومي هو تركيزه علي ضرورة التوسع في الانفاق علي البحث العلمي و التطوير التكنولجي. بحكم انتماء الكاتب للتيار المحافظ الذي يرجح دور القطاع الخاص علي دور الدولة في التصدي للازمة المالية يذهب الي القول بان قوة الولايات المتحدة تكمن في قدرتها البحثية والتكنولوجية مما جعله يشدد علي أن عملية تقليص الإنفاق واسعة النطاق التي تطال اليوم كافة مناحي الحياة في الولايات المتحدة نتيجة العجز الكبير في الموازنة العامة، يجب أن لا تطال الإنفاق على البحث العلمي. يأتي ذلك متكاملا مع التوجه نحو احياء دور السوق في تحريك ماكينة السوق الرأسمالية و باعتبار ان الولايات المتحدة الامريكية هي القاطرة المحركة للاقتصاد الرأسمالي و بالتالي للاقتصاد العالمي الذي يهيمن عليه التوجه الرأسمالي في الواقع الدولي الراهن.

يتناول الكاتب الجذور الأولى لهذه الأزمة والتي بدأت منذ إدارة كلينتون منذ ما يقارب عقد من الزمان عندما أعلنت برامج " تملك المواطنين لمنازلهم" ومن ثم قدمت حوافز وتسهيلات من قبيل تخفيض المتطلبات الائتمانية التي تقدم إلى المجموعتين العقاريتين العملاقتين "فاني ماي وفريدي ماك" ومن ثم أصبحت الشروط المسبقة لتملك العقارات أكثر مرونة.

وعلى أثر ذلك قامت المجموعتان بشراء الرهن العقاري من البنوك المحلية حتى تحول موظفي تلك البنوك إلى عملاء يستقبلون رسم الخدمة والتنظيم. ومع هذه الممارسة غير الحكيمة أصبح هناك عدد كبير من سماسرة الرهن العقاري الذين دخلوا هذا المجال وقادوا العديد من البنوك الاستثمارية لذلك مثل" ليمان برازر" هذه المجموعة الائتمانية العملاقة التي انهارت بعد ذلك، أيضًا أصبحت القدرة على سداد هذه القروض المتزايدة تواجه مخاطر حقيقية للسداد في المستقبل.

يشير الكاتب الي انه و منذ العام 1999 اصبحت المخاطر الاقتصادية اكثر وضوحا لكن لم ينتبه لها أحد، وذلك لأن الإجراءات البديهية التي من المفترض اتخاذها عند منح الائتمان لم تكن موجودة أو بالأحرى ضعيفة كما ان البنوك المحلية لم تعد تستثمر في هذه العملية، وظهرت السوق العقارية السوداء، وهذا كله كان من المحتم ان يؤدي الي ما الت اليه الاحوال لاحقا.

ينتقد الكاتب بشدة موقف الادارة الامريكية من التعامل مع هذه الأزمة و خطة الإنقاذ التي اتبعتها باعتبار أنها المخرج الأساسي والطريق الوحيد للخروج من الأزمة. ويرى بأن الحكومة الأمريكية قد ارتكبت خطأين أساسيين أولهما، وأخطرهما هو السماح بسقوط مجموعة " ليمان برازر" ، وثانيهما : هو الوفاء بديون مجموعة AIG على شكل إنقاذ مستتر لكل البنوك الأخرى التي توشك على الانهيار. فيما يتعلق بمجموعة "ليمان برازر" ، المجموعة التي أسست ثروة ونفوذ على مر سنوات عديدة وظلت تنمو أسرع فأسرع، ولكن الشائعات التي تداولات في وول ستريت أدت إلى الإسراع في عملية سحب الودائع والاستثمارات ومن ثم بدأت المجموعة بالبحث عن مشترٍ لها.

يقول الكاتب أنه إذا ما تم الحفاظ على مجموعة " ليمان برازر" فإن السوق المالي كان ليستقر ويهدأ. وإذا لم يتم إيجاد مشترى فإن الحكومة كان لديها خيارات أخرى لعل أرجحها هو تكرار ما فعلته عندما واجهت أزمة مماثلة في عام 1990 عندما كادت مجموعة LTCM أن تنهار. هذه المجموعة التي كان يديرها عالم اقتصادي حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد والذي استعان بنماذج متعددة وجديدة لعمل استثماراته، وهذه النماذج كانت جميعها خاطئة.فى النهاية، يري الكاتب ان القطاع الخاص هو الذي أنقذ هذه الشركة ولذلك يعتبر ان هذا هو التوجه الذي يجب ان يسود لحل الأزمة وليس التدخل الحكومي ، فمثلا اذا تم إيجاد مجموعة مشتريين من القطاع الخاص لتم تجنب انهيار المجموعة كما حدث مع تجربة ( LTCM ) حيث كان كلٌّ من " جولدمان ساكس" و"AIG"  يرغب في شراء مجموعة ليمان برزرز وكان ذلك ، من وجهة نظر الكاتب هو الخيار  الأفضل. و بالفعل   رأى مجلس الاحتياط الفيدرالي أن هذا الحل هو الأفضل و اقترحه على مجموعة الشركات السابقة للمساهمة المالية لإنقاذ مجموعة "LTCM" وقد تم تم إنقاذها بالفعل.

وبالكيفية ذاتها حاولت الحكومة العمل مع" ليمان برازر" ولكنها لم تحاول بالقدر الكفاي . فإذا قامت الحكومة بتقدير حجم ديون "ليمان برازر" لامكن تجنب  انهيارها ، لكن ضخ الأموال فيها لم يساعدها على الصمود. وعندما انهارت هذه المجموعة انهار وراءها تباعًا المجموعات الآتية عدد من المجموعات من اهمها:- جولدمان ساكس ، ومورجان ستانلي، وميريل لانش. فالأموال بدأت تسحب من هذه الشركات وثقة المتعاملين والمستثمرين بدأت في التبدد بسرعة كبيرة. وبعد سقوط مجموعة "ليمان برازر" العملاقة ، أعلنت الحكومة أنها ستوقف برامج الإنقاذ الحكومي، وأنها لن تنقذ أيًّا من البنوك المعرضة للانهيار، واعتبرت خطوات إعلان الإفلاس من قبل البنوك والشركات المتضررة خطوة أولى على طريق إصلاحها داخليًّا ومساعدتها حكوميًّا. لكن ما ان اعلنت الحكومة ذلك حتي بدأت مشاكل "AIG" في الظهور، وهنا قامت الحكومة بالخطأ القاتل الثاني وهو الوفاء بديون "AIG" على شكل إنقاذ مستتر الهدف منة إنقاذ البنوك الأخرى المعرضة للانهيار، ولم يعرف ذلك إلا عندما اعلن وزير الخزانة الأمريكي آنذاك  "هنري بولسون" عن ذلك الاجراء بشكل صريح . بعد ان من حصلت  "AIG" على 85 بليون دولار قامت بتوجيه حوالي 62 بليون دولار بشكل مستتر إلى المقايضة الائتمانية الافتراضية، و استغلت الحكومة عملية إنقاذ مجموعة AIG" " كحل لإنقاذ مجموعة بنوك وشركات أخرى وذلك لأنها اعتقدت أن هذه المجموعة كبيرة للغاية على أن تتركها تنهار معتقدة ان إنقاذها كان سينقذ مؤسسات أخرى كبيرة.وبالفعل وافق مجلس الاتحاد الفيدرالي ووزارة الخزانة الأمريكية على إعطاء AIG" "  85 بليون دولار بمعدل فائدة 8% ( 5% معدل فائدة زائد 3% رسوم الدفع المقدم) . بعد ذلك  جاء الخطأ – وفقا لرأي الكاتب -  الذي أودى بالمجموعة في النهاية بدلاً من إنقاذها.

 بعد ذلك قدم الكاتب توصيات يري انها تؤدي الي إصلاح الخلل الأساسي في بنية النظام المالي الأمريكي ومنها:

أولاً: إصلاح النظام المصرفي، هذا الاقتراح الذي قدمه مجلسا الشيوخ والنواب الأمريكي، هو اقتراح له وجاهته في ظل هذه الأزمة، وربما ستكون البداية الصحيحة على طريق الخروج من الأزمة.

ثانيًا: لابد من الاستعانة بالخبراء الماليين للنظر فيما حدث من خطأ لأنه لا يجب القفز على البدايات، والتي تطرح تساؤلاً هامًّا، وهو كيف انهار النظام المالي بهذه البساطة ولم ينتبه أحد إلى جذور هذه الأزمة في عهد كلينتون؟ وكيف انهار قبل أن يستطيع أحد فهم كيفية إصلاحه؟

ثالثًا: يجب على الشركات التي تلقت أموال دعم من الدولة أن تدخل تحت رقابة هيئة مستقلة غير هادفة للربح، وذلك لتقييم عملها وصلابتها المالية.

رابعًا:  يجب دراسة الاجراءات المطلوبة لصناعة التامين بحيث تكون الشركه غير قادرة على بيع التامين إلا بعد موافقة مسبقة من قبل الحكومة على السياسات المتبعة فيها. وكل ذلك موجه إلى الشركات الصغيرة والمشروعات الفردية ولكن ليس للشركات الكبيرة القادرة على الوصول إلى تحليل للمخاطر المالية المتطورة.

خامسًا: يجب الاستفادة من الأصول غير السائلة والتي تشكل عنصرًا أساسيًّا في السلوك المنطوي على المخاطر التي تحصل عليها الشركة. ويؤكد الكاتب بشدة على أنه يجب إدراك أن بنوك الاستثمار التي أصبحت الآن شركات مصرفية- نتيجة لشرائها المصارف التجارية- لا تشكل حلا للخروج من الأزمة والدليل على ذلك أنها تلجأ الآن لمجلس الاحتياط الفيدرالي لطلب المساعدة وبعضها انهار وأعلن إفلاسه.

سادسًا: يمكن ايجاد نظام جديد لتوزيع الأرباح فبدلاً من إعطاء المستثمرين توزيعات نقدية فورية، من الممكن تقديم حوافز للموظفين لتكون راسخة على المدى الطويل في الشركة التي يعملون بها حرصًا على بقائها واستمراريتها.

سابعًا:  يجب تقليل مكافآت كبار المديرين، وهذا ما أثار حفيظة إدارة أوباما عندما أعطت دعمًا ماليًّا لبعض الشركات في ظل أزمتها فقام كبار المديرين بأخذ رواتبهم السنوية دون مراعاة منهم للظرف الذي تعيشه شركتهم. وكل هذه خطوات مقترحة لحل الأزمة، ولكن تبقى الخطوة الأولى هي مفتاح تحديد المشكلة.

ويؤكد الكاتب في النهاية مرة أخرى على أهمية القطاع الخاص ومحورية دورة في عملية الإنقاذ وإن ذلك يجب أن يكون بديلاً عن دور الحكومة التي فشلت خطتها للإنقاذ تلك الخطة التي تسببت في إغلاق الأسواق الائتمانية، ومعاناة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تضم أكبر قدر من العمالة وتمثل العمود الفقري للاقتصاد، وأدت إلى ارتفاع معدلات البطالة بنسبة 10%. ومن ثم صارت الحكومة في وضع حرج، وهنا يأتي دور القطاع الخاص الذي يستطيع محاكاة الدور الذي تقوم بة الحكومة والقيام بأفضل منه، وذلك لأن القطاع الخاص هو الذي يخلق الوظائف ويعين الأفراد وهنا تدور عجلة الاقتصاد مرة أخرى.

هكذا ينظر الرأي الذي قمنا باستعراضه للامن القومي و مهدداته و التي يتشكل محورها في الاصلاح الاقتصادي و المالي و ضمان كفاءة الاداء الاقتصادي.  و هنا يلعب القطاع الخاص دورا مهما في الامن القومي من خلال مساهمته الفعالة في عمليات التنمية و الانعاش الاقتصادي و توفير فرص كبيرة للعمالة. بهذا الشكل يؤثر الانهيار الاقتصادي و الازمات و ارتفاع معدلات البطالة تهديدا خطيرا للامن القومي. يرتبط ذلك كما يلاحظ بالاصلاح الاقتصادي و المالي و التشريعي و احكام رقابة الدولة علي النشاط الاقتصادي و قدرتها علي التحليل و التنبؤ و التدخل في الوقت المناسب و باتخاذ الاجراءات المناسبة في التصدي للازمات. هذا الدور غائب تماما في السودان مع ضعف المؤسسات و اتخاذ الاجراءات التي تعمق الازمات و تفاقم المشاكل. من الامثلة علي ذلك عدم نضج التشريعات و غياب الرؤية التنموية كما يحدث مثلا في مشروع الجزيرة ، التنمية الصناعية ن عمليات التمويل ، القوانين المنظمة للاستثمار الاجنبي و مقابلة استحقاقات العاملين و مطالبهم المشروعة كما حدث مع اضراب الاطباء.

يجب في الوقت الراهن النظر الي مفهوم الامن القومي بشكل متكامل يصطحب الجوانب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و عدم اختصاره فقط علي الجوانب العسكرية و الامنية بمفهومها التقليدي. كما يجب ربط الامن القومي بالمصالح الاجتماعية و تحسين شروط الحياة التي لا يمكن ان تاتي الا مع تحسن الاداء الاقتصادي بجميع متغيراته و ضمان كفاءته و استدامة نموه.

 يستفاد من الاستعراض اعلاه ضرورة زيادة الانفاق الحكومي  في كل المجالات الاجتماعية و على البحث العلمي و رفع المهارات و القدرات كضمانة اساسية لصيانة الامن الاجتماعي. كما يجب البحث عن مصادر القوة الداخلية و الخارجية للبلاد و تنميتها و الاستفادة من المزايا النسبية التي تتمتع بها قبل ان تنتقل الي بلدانا اخري. إذا لم يتم الالتفات الي ترقية الاداء الاداري في السودان ، سواء كان في الادارة العامة او الخاصة و اتسامها بالكفاءة والرشد وتغذيتها بالفكر الابتكاري فلن يستطيع السودان مواجهة الازمات التي يعاني منها و سيجعل ذلكامنه القومي في مهب الريح ، خاصة و ان ما يواجهه السودان من تحديات ليست مستعصية علي الحل و لكن المشكلة تكمن في براعة و قدرات العقلية التي تدير الشأن العام في البلاد.

                                                     

 

Dr.Hassan.

hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]

 

آراء