رواية موسم الهجرة الى الشمال بين خمس روايات … امير حمد _برلين

 


 

 

 

في فن القصة3

 

 

-      أما العمل العالمي الثاني  الذي يتداخل مع هذه الرواية فهو( الغريب) للبرت كامو .وكما اشرنا من قبل الى هذه الرواية فانها

-      تتقاطع

مع رواية موسم الهجرة ,  الى  الشمال في شخصية البطل , وفي الذاكرة التاريخية , التي لم يندمل جرحها جراء الاستعماربرسمه للمستعمر  في صورة نمطية بشعة  فهو الاخر المختلف المتطرف الذهنية والرجعي بكل المقايس . لم يكن ميرسو بطل رواية الغريب يرى في الحياة التي تدب حوله ببطىء الا(روتين \ اوايقاع  متكرر). بمثل عبثيته وبروده عاش مصطفى سعيد....... ودع أمه كغريبة عليه  وأتاه خبر وفاتها وهو مخمور في حضن امرأة, فلم يتحرك له ساكن . أما الجريمة التي اغتال فيها ميرسو(عربيا) لم يتهدده بخطر مباشر,سوى استلاله لخنجر انعكس سطحها علىه اشعة الشمس – فاطلق ميرسر رصاصة اردته قتيلا .ان تحليل هذه الجريمة بادراك اسبابها  يقود _ضمن اسباب اخرى _الى ان ميرسو  تذكر  في الاوعي صورة المستعمر النمطية السلبية  التي رسمها الاستعمار للاوروبين  فالشمس والخنجر صورتان تذكران بخطر العرب   .قال ميرسو  بعد الجريمة "لم أقتله....الشمس هي

السبب

-      يعكس  هذا

-      التحليل

صراع الحضارات, والذاكرة التاريخية كما عكسها لنا مصطفى سعيد حينما حوكم في قضية جنائية . ان البطلين  اغتالا لأسباب تبدو نتاج دوافع (شخصية) غير انها اسباب  تتجذر في مواقع عميقه   وعسيرة في تناولها – كصورة (الآخر) في الذهنية الأوروبية والعكس تماما . في نهاية المطاف لم يتخلص البطلان من برودهما , ولا مبالاتهما بالحياة الا حينما حوكما ...... حكم على ميرسو  بالاعدام فتحررت كل طاقاته كاشفة له عن عمق الحياة وأهميتها ولكن سدى اذ ان اكتشافه هذا  لم يتم الا في آخر لحظة ..... أما مصطفى سعيد فقد كان يامل ان يحكم عليه بالموت  الا انه سجن ليعذب فلم تحرر طاقاتها الذهنية والروحية لاكتشاف جدوى الحياة كما حدث لميرسو والراوي الوصي على حسنه زوجته حينما حاول الغرق لفشله الاجتماعي في الحياة

-     

-      ثمة عمل أدبي  اخر  متقاطع مع رواية موسم الهجرة الى الشمال هو مسرحية ( عطيل لشكسبير ) التي اغتال فيها عطيل القائد المغربي بطل المسرحية ديدمونة زوجته لشكه فيها

-      يذكر أحد النقاد بأن شكسبير كان عميقا في اختياره  للشخصيات بدليل انه اختار عطيل القائد المغربي ليرتكب هذه الجريمة " (الزوجية ) ولم يختار أوروبيا مثلا

-      اراد شكسبير أن يعكس  ازمة تصادم  الثقافات الاوربية بالشرقية المختلفة عنها في  الاعراف والتصورات الحياتية . لقد قتل عطيل ديدمونة لأنه لم يحس بتملكه لها كأنثى فاحساس تملك الشرقي_العربي  للمراة أحد أبرز سمات الشخصية العربية في علاقتها مع ( الأنثى)..... هذا هو الدافع كذلك في اغتيال مصطفى سعيد لجين موريس زوجته فمثلما كانت تخونه , كانت منفلة   من قبضته \ فقدم على قتلها ليس لخيانتها له فحسب وانما لاحساسه بعدم تملكه لها كرجل شرقي

بالعودة الى رواية في قلب الظلام السابقة الذكر نجد ان  كابتن (كورتز )قد اوغل في صيد الأفيال \العشوائي واحتفار  السود في الكنغوفلم يكن يهمه سوى  اغتناء (العاج).  وفي المقابل  أوغل مصطفى سعيد في الغرب ليعكس الدور منتقما من انانية واستغلال الاستعمار .يقول بانه لم يات بجديد فهو  شريان مبوء بهذا الداء العضال ( العنف والفوضى ....) .داء حقنه الاستعمار في شريان المستعمر قطرة قطرة .هذا كما أن هاتين الروايتين متطابقتان  في طريقة سرد الأحداث  اذ يأخذ الراوي بموسم الهجرة الى الشمال مكان كابتن  مالمو  وياخذ البطل مصطفى سعيد في صيده العشوائي للنساء مكان كابتن كورتز  , وتطل في نهاية الأحداث أرملة كورتز لاستلام وصيته كحسنة أرملة مصطفى سعيد التي اوصى بها الراوي قبل انتحاره

-      أخيرا قيم كثير من النقاد ك( سكرمان , رواية في قلب الظلام , كرحلة داخل الذات الانسانية , وصراع بين رغبة الأنسان في تحقيق مطامعه وأنانيته  بأي شكل وبين  قواه الخيرة   عبر منولوج داخلي _حوار مع الذات_الى ان يصطدم بارض الواقع

-      كان الراوي في رواية موسم الهجرة الشمال , في حوار مع ذاته لفهم تقلبات الحياة , ومتناقضاتها, وأزمة الذات الانسانية المجتثة الجذور

-      لقد

-      ذكرنا بأن هجرة العرب الى أوروبا كما في _روايتي فندبل أم هاشم , والحي اللاتيني وغيرها _ تعكس  مدى حدة , وانسانية علاقة  الشرق بالغرب في تفهم الآخرالمختلف , تقبلا  , اورفضا انطلاقا من ذهنية تاريخية   وتفاوت في الرؤية الحياتية , والأعراف والتقاليد . لقد تميزت رواية موسم الهجرة  بعمقها , وطبقيتها وافريفيتها (  اللون الاسود ) كبعد اضافي لتوسيع المنظور ......نقول( افريقيتها) فنذكر الكاتبة السنغالية(مريم يا) كما في روايتها (رسالة طويلة ) وغيرها من الكتاب  الأفارقة الذين عكسوا أزمة تصادم المنظومة الاجتماعية  المحلية بالغربية \ الفرنسية مثلا وما كونراد, الا مرآة من

الخارج عكست هذه المعادلة المختلة

بين المستعمر والمستعمر لتتناوب _ تباعا _المراحل الزمنية والأجيال المتعاقبة بحثها وتنفنيدها .

.

Amir Nasir [amir.nasir@gmx.de]

 

آراء