أناس عاديون .. فائقون … بقلم: عزيزة عبد الفتاح محمود

 


 

 


بدت كأي فتاة سمراء عادية في مجتمع الستينات في أمريكا ، علمها والداها أن لا حدود للممكن في هذا العالم ورفضا أن يسمحا أن ينالها أي نوع من الإضطهاد ، مثال ماحدث عندما رفض (سانتا كلوز) والأطفال حوله يتسلمون هداياهم منه وهو يبتسم لهم ، أن تجلس هذه الفتاة السمراء علي ركبتيه ، أو مثال آخر حدث في محل بيع الملابس ، عندما رفض البائع للفتاة السمراء أن تستخدم غرفة القياس . ردّ والداها بصرامة علي أمثال هذه المعاملة ـ كما تتذكر كونداليزا رايس ـ لدرجة حعلت البيض يتركون لهم الطريق ..! هذه الذكريات المرّة منها والمشرقة في كتاب وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (كونداليزا رايس) ، والذي يقول عنه الناشر (ستيفن كارتر) كتاب ذكرياتها الساحر هو نظرة داخل طفولتها تكشف عن إمرأة ملأي بالغموض وغير مفهومة ..!) . وعبر ذكريات (كوندي) ذات النكهة القوية في كتابها : (أناس عاديون،فائقون)، يأتي المشهد الخاطف ليصف وسط التناقض في حياتها وعملها وتكشف لماذا والدها ، الجمهوري المحافظ هو علي إرتباط جيد بالراديكاليين ، فكانت الإجابة التي أعطاها (ريفيراند جون رايس) لإبنته، هي أنه يحب خوض معارك الأفكار ، وتوفر لكوندي نفسها مختلف التعريفات والتوضيحات مما أتاح لها رؤية المواضيع بعدة زوايا ، وكان والدها كما ذكرت معجب برغبات الراديكاليين في مجابهة العنصرية الأمريكية بالقوة بدلا عن التوسل . عمل والدها كراعي للكنيسة البروتستانتية في بيرمنجهام بولاية ألاباما ، فيما تذكرنا كوندي بأنها المدينة الأكثر عزلة عنصرياً في أمريكا الخمسينيات وأوائل الستينيات وهي فترة النشأة الأولي لكوندي فأي طفل مدرسة سمع بـ(مارتن لوثر كينج) ورسائل مارتن من سجن مدينة بيرمنجهام . ولكن عودة الي ذكريات كوندي في طفولتها عندما كان (الكلان) وهي مجموعة عصابات من البيض تعتدي علي أسر الطبقة الوسطي من السود فواجه والدها هذه المجموعات ورفض إستخدام سياسة اللاعنف لإعتقاده التام بأن العنف لا يُجابه إلا بالعنف ، فعمد الي تنظيم مجموعات مسلحة من الرجال السود تجوب شوارع المدينة ليلاً في نظام دوريات . وبالنسبة الي الكتاب فالشخص الأول المحكي عنه ليس كوندا ليزا ولكن والداها ، (جون وأنجلينا) وعن القوي التي شكلت جيل العائلات السود من الطبقة الوسطي ، الذين لم يصيروا لا سياسيين أو رواد الحقوق المدنية وربما من هنا يأتي وصفها لهم بأناس عاديون ، هذه وغيرها من ذكريات كوندي التي تستحوذ علي القارئ بطريقة مدهشة لدرجة يفقد معها الأمل في تعلم القصة (المخبأة) عن السرد في معرفة سياسة الأمن القومي خلال إدارة الرئيس بوش والتي خدمت فيها كوندي فترتيها الرئاسيتين .

zizetfatah@yahoo.com

 

آراء