“جوبا” تتجاوز منعطفات أشهر حدث تشهده القارة السمراء تقرير: قمر دلمان-جوبا
"جوبا" تتجاوز منعطفات أشهر حدث تشهده القارة السمراء
وزوجة الراحل جون قرنق ماما ربيكا حزينة علي مستقبل أبيي والمنطقتين
جوبا: قمر دلمان
رفضت أن تقول أسمها ولكنها قالت "وصلت الي هنا منذ الساعة الواحدة صباحا من إجل أن ينال الجنوب أستقلاله" عبارات مصحوبة بالفرح والابتهاج سبقتها أبتسامة هي إفادات أمرآة كانت تقف في أول الصف بمركز الاقتراع الرئيسي بضريح المفكر الوطني الدكتور جون قرنق أمس بحاضرة جنوب السودان "جوبا" المركز الذي صوت فيه معظم قيادات الحركة الشعبية والجيش الشعبي بما فيهم رئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت الذي غادر عقب التصويت مباشرة الي كنيسة "كتور" لاداء صلاة الشكر ،بحسب تصريحات أحد القساوسة بالكنيسة.
زغاريد الفرح والترانيم لم تفارق إلسنة النساء الائي أصطفن تحت هجير شمس الاستوائية الحارق لساعات نهار أمس من أجل أن يقولن كلمتهن في أستفتاء جنوب السودان،الذي تأكد مؤشرات اليوم الاول بأن الجنوب أصبح الدولة رقم (54) في منظومة الامم المتحدة.
الشوارع خلت من المار،فالجميع موجود بمراكز الاقتراع في أنتظار أن يدل بصوته في أهم حدث تشهده القارة السمراء منذ أنهاء الفصل العنصري بجنوب أفريقيا بداية تسعينيات القرن الماضي.
طائرات المراقبة ترابط علي حدود ولايات التماس ( الوحدة،واراب،شمال بحر الغزال)،بينما تعمل السلطات الامنية بكفاءة عالية في تأمين عملية الاستفتاء،في أنتشار شرطي لم يشهده الاقليم من قبل.
أشهر مطاعم جوبا الشعبية وأكثرها إكتظاظا" مطعم ماما زهرة" لم نجد فيه سوي أشخاص،حتى صاحبته ذهبت لتقرر مصير الجنوب،كل من تتحدث معه هنا يحدثك عن الاستفتاء وإهميته ويسألك أن كنت قد ذهبت الي مركز الاقتراع أم الا.
مئات الصحفيين وعشرات كاميرات التلفزة وعربات النقل المباشر أتت من كل دول العالم لتنقل عبر الاثير الاستوائي الدافئ،تداعيات الاستفتاء ومشاعر الجنوبيين وهم يقررون مصيرهم،الذي أنتظروه أكثر من (50) عاما،ليس علي مدرجات المتفرجين ،بل علي أصوات الرصاص وأنين الطائرات المقاتلة ورعب الحيوانات المتوحشة،وقساوة الطبيعة،محطة الاستفتاء وصلها الجنوبيين بشق الأنفس،فقدوا في مسيرتها النضالية مئات الالاف من أعز أبنائهم تركوا من الارامل والايتام ما جعل حكومة الجنوب تنشئ مفوضية خاصة لمراعاة حقوقهم.
مشاهير العالم ومبعوثي الدول معظمهم وصل الي حاضرة الجنوب الجميلة والمستحيلة " جوبا" يتقدمهم رئيس جنوب أفريقيا السابق ثامبو أمبيكي،و مساعد وزيرة الخارجية الاميريكية جون كيري، ومبعوثها للسودان أسكوت غراشن، ومناهض التمييز العنصري الكاردنيال الجنوب أفريقي ويل فريد فوكس وساحر الـ ( هيولوود) النجم جورج كلوني ،الذي أطلق في ديسمبر الماضي، أقمار صناعية "لمراقبة" الاستفتاء. قال النائب الاول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب القائد العام للجيش الشعبي الفريق أول سلفاكير ميارديت عقب تصويته أمس بمركز ضريح الدكتور جون قرنق ان هذا اليوم تاريخي بالنسبة لشعب جنوب السودان وان البعض قد انتظر هذا اليوم لفترات وسنيين طويلة واضاف " انا واثق ان اكثر من ملويني شخص من الذين ماتوا في نضال الجنوب هم اليوم معنا ، ووجه كير السلطات الامنية بتوفير الحماية لكل من الاجانب والشماليين مشددا على ضرورة ان يصوت الجميع،و بشكل سلمي حتى يكون الاستفتاء امن ،وقال "حتى لو اختار الجنوبيين الانفصال فان قيام علاقات قوية ومشتركة بين الشمال والجنوب هي مسألة ضرورية للغاية.
وأبدت أرملة الزعيم الراحل ربيكا نياندينق سعادتها بقدوم موعد الاستفتاء ولكنها أكدت حزنها علي عدم قيام أستفتاء منطقة أبيى ،وتأخير أجراء المشورة الشعبية للمنطقتين( النيل الازرق وجنوب كردفان) ،وقالت" نأمل في الايام القادمة ان يمارسوا حقهم الدستوري بمقتضى اتفاقية السلام ، وتمنت ربيكا ان يكون الراحل جون قرنق موجودا في هذا الوقت قائلة : ان كان حاضرا بيننا فانه كان سيكون سعيدا بهذا اليوم .
وزير الشئون الداخلية اللواء قير شوانق أمضي ليلة أمس الاول متجولا في طرقات مدينة جوبا يتفقد أحوال المواطنين المحتفلين حتى الصباح،حاله حال جميع وزراء حكومة الجنوب ومستشاري الرئيس الذين شكلوا تواجد مستمر في مراكز الاقتراع،شوانق أستنكر في تصريحات صحفية وصف الجنوب بـ ( الضعيف) في مواجهة التحديات،وقال أن لدي قيادات الجنوب من الخبرات والقدرات ما يجعلهم يتجاوزا أي مطبات،مؤكدا أن الاستفتاء هدف أخير بنسبة للجنوبيين،مشيرا الي أن الحكومة وضعت من التدابير ما يجعل الاستفتاء سلمي وآمن،أوضح أن مهمة الجيش الشعبي هي تأمين حدود الجنوب،بينما تقوم الشرطة بالامن الداخلي،وأضاف" العالم كله موجود هنا ليشاهد عملية الاستفتاء ومدي نزاهتها.
فيما أنهي ولاة ولايات ( الوحدة،واراب،البحيرات) اجتماعات مكثفة بحاضرة البحيرات "رومبيك" بحثوا خلالها تأمين الحدود،وآليات القضاء علي عصابات نهب الابقار،ودعت حاكم ولاية واراب نيادينق مليك عقب الاجتماع المواطنين بالتوجه الي مراكز الاقتراع،بأطمئنان لتحقيق هدف واحد ومصيري هو الاستفتاء- علي حد تعبيرها.
الي ذلك شدد حاكم ولاية الوحدة الفريق تعبان دينق علي ضرورة فرض هيبة الدولة ،وتوعد المنفلتين وعصابات نهب الابقار بملاحقة،وقال أن ولاة الولايات الثلاثة أتفقوا علي أنشاء محاكم فورية علي الحدود،مشيرا الي تنفيذ طائرات المراقبة لـ (طلعات جوية) كجزء من عمليات مراقبة الحدود.
وكشف رئيس مفوضية الاستفتاء بولاية الوحدة البرفيسور سايمون مجوك عن وصول كافة مواد الاقتراع الي مراكز الولاية البالغة (286) مركز ،تستعد هذه المراكز لاستقبال أكثر من (500) ألف ناخب،بينما يراقب عملية الاستفتاء بالولاية (800) مراقب محلي وعدد من المراقبين الدوليين.
وتشير أحصائيات مفوضية أستفتاء جنوب السودان الي أن نحو الـ (3) مليون و (930) ألف ناخب يتوجب عليهم الذهاب إلى مراكز الاقتراع، داخل وخارج السودان، للإدلاء بأصواتهم، خلال فترة أسبوع، الا أن مراقبين توقعوا أن تمديد فترة الاقتراع.
ووصف رئيس جنوب أفريقيا السابق ثامبو أمبيكي،أمس الاول عملية التصويت بأنها" لحظة للتحرير" قبل أن يقول أن تاريخ العلاقة بين الشمال والجنوب مأساوي،وأستدرك ليؤكد حوجة الجنوب لعلاقة مع الشمال.
Gamer Dlman [g_dlman@yahoo.com]