أزمة الحكم في السودان

 


 

د. أمير حمد
13 November, 2011

 


Amir Nasir [amir.nasir@gmx.de]
أقامت الجالية السودانية برلين وبراندنبورغ أمسية سياسية في دارها بتاريخ 21/10/2011 قدمها د./ حامد فضل الله وتحدث فيها  بروفسور عطا البطحاني أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم وكذلك الأستاذة الدكتورة عائشة الكارب الباحثة الناشطة في المجتمع المدني
عرض بروفسور عطا كتابه أزمة الحكم في السودان / أزمة هيمنة أو هيمنة أزمة مستهلا بعجز الطبقة الحاكمة في السودان عن الحكم منذ الاستقلال لإخفاقها في كيفية الحكم . اعتمد المحاضر في كتابه على المفكر انطونيو غرامشي بطرحه لإمكانية حكم الطبقة دون أن تكون متنفذة وفي هذا صورة واضحة لمعيار الهيمنة والسيطرة .إذا فتطبيق فكر غرامشي السياسي في السودان ممكن في حد ذاته لأهميته وملامسته للواقع وفقا لرأي المحاضر الذي تحدث عن الهيمنة الكاملة التي تعمل فيها الطبقة لمصلحتها وكذلك عن الهيمنة المتجمدة التي تعجز فيها الطبقة الحاكمة عن دفع المجتمع إلى الأمام وكذلك محاولة احتواء النخب المعارضة . هذا كما أشار المحاضر إلى فكرة ترتيب البيت الكبير للترابي وقارنها بالرأسمالية الأوروبية التي اتسعت على نطاق واسع لتأسيس ذاتها بادئ ذي بدء.
فالترابي في مفهومة للبيت الكبير لا يختلف اقتصاديا عن الأحزاب التقليدية الأخرى بل يكون امتدادا تلقائيا  لها .
كما نوه المحاضر إلى ضرورة مقاربةصبغ الحكم بالصبغ العالمية الأخرى وأهمية الحرية كمعيار للتقدم واللامركزية كتكافئ للفرص ونشوء الفدرالية كما حاول إبراهيم منعم منصور .
ختاما رأى المحاضر بأن المرحلة الانتقالية الرابعة ؟ يجب أن تكون مرحلة إصلاح ليس بهدف تغيير الحكم أو استحواذه كما أن عدم المساواة – ولو نسبيا – ينخر دائما في هيكل المجتمع ويرجع به القهقري .
عقبت السيدة الدكتورة عائشة الكارب بموضوعية وتتبع دقيق لعرض المحاضر وكذلك كتابه فذكرت بأنه كتاب يخاطب كل سوداني وسودانية .
هذا كما اضافت قائلة  بأن  تعدد ظواهر الاكتئاب الاجتماعي في السودان تعود  الى  الفقر واختلال مقياس العدالة / المساواة  وأن السودان تقسم إلى طبقات
إسلامية
وطبقة  وسطى وثالثة متطرفة .
هذا كما  قالت بان اوضح  صورة فشل للنظام الحالي في السودان هي انفصال الجنوب واشتعال الحروب  في الولايات الأخرى كجنوب كروفان ودارفور والنيل الأزرق والتي هي في حد ذاتها خطوة لانقسامات / اانفصالات جديدة .أ
ا ما يخص الاقتصاد السوداني وفقا لرأي المحاضرة فهو اقتصاد   غير منتج / ريعي واقتصاد مضاربات بنكية وأرباح وفي هذا الجو اتسعت ظاهرة الفساد المالي .
أخيرا نبهت السيدة عائشة إلى خطورة مفهوم الجهاد الإسلامي إذ أن الجهاد مفهوم ديني يجب ألا يسيس إلى حد المستوى الفكري , وأشارت كذلك إلى استغلال علي عثمان طه للبرامج لخلق انقلاب . انتقدت المعقبة الياحثة  عدم تناول الكتاب لقضايا المرأة رغم أن نسبة النساء في السودان شارفت 50% من نسبة سكانه  : قضايا كالتحرير الاقتصادي والتنمية والحرية الفردية والفكرية وتكافؤ الفرص وغيرها .
ختمت المحاضرة بأسئلة ومداخلات الحضور الذين كان من بينهم أعضاء السفارة السودانية ود. / عفاف أحمد عبد الرحمن وزيرة التنمية والاجتماع في ولاية الخرطوم  وماريا عباس  المسئولة في مؤسسة أبيرت الألمانية في السودان إذ ذكرت بأنه يجب أن يتقبل السودانيون لبعضهم البعض بكل اختلافاتهم ففي هذا اثراء في حد ذاته وتداخل مرغوب  فيه .
وردت أسئلة وتعليقات عن مفهوم المواطنة كأزمة مستديمة لم نجد حل إلى الآن وكذلك ربط الفشل السياسي بالأحزاب نفسها لكونها المحرك للانقلابات العسكرية إلى جانب هذه التعليقات والأسئلة جاءت تعليقات عن تدخل الغرب مباشرة في أزمة السودان  وأن المشكلة الأساسية في السودان هي مشكلة ثقافية   واجتماعية تطورت بشكل مخيف وسريع إلى اازمة اسياسية واقتصادية  .
انتقد مقدم المحاضرة عدم تعرض المحاضر إلى صورالمثقف كالمثقف التقليدي والعضوي بمفهوم غرامشي والنخبة المهيمنة / المأجورة
علق  المحاضر على المدخلات  وذكر تجربتي  تركيا وماليزيا السياسية كنموذج جيد  للسودان يمكنه ألاحتذاء بهما .  اما  الأستاذ حسن عبد الوهاب الاعلامي المعروف  فذكر أن جنوب السودان لم يكن أصلا جزءا من السودان وإنما ضم إليه بعد مؤتمر برلين لتقسيم المستعمرات .
أجاب المحاضر على الأسئلة وأشار في أكثر من مرة إلى كتاب "النخبة السودانية وإدمان الفشل للدكتور  لمنصور خالد .
هذا كما أثيرت مدى أهمية الاستفادة من التجارب الألمانية في قضايا الاندماج – والمجتمع المتعدد الثقافات إذ أن السودان بحوجة ماسة إليها كما هو حاله في الحوجة  إلى التنوير بأفكار غرامشي مرتكز هذه المحاضرة .
الجدير  بالذكر  هو ان كلا من المحاضرين وكذالك الدكتورة عفاف احمد عبد الرحمن وماربا عباس قد قدموا  الى المانيا
بدعوة من مؤسسة ايبرت الالمانية لحضور فعاليات عن الاسلام السياسي .

 

آراء