فندق الأكروبول بالخرطوم (2): ليليان كريق هاريس .. تلخيص وترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي

 


 

 



تقديم: هذه السطور هي بعض ما جاء في مقال نشر في مقال نشر في العدد السادس والأربعين من المجلة البريطانية " دراسات السودان" الصادرة في يوليو من عام 2012م، للكاتبة ليليان كريق هاريس، وهي سيدة منحدرة من عائلة عمل كل أفراد أجيالها المتعاقبة بالتبشير المسيحي. حصلت الكاتبة على درجة الدكتوراه في تاريخ الصين من جامعة جورج تاون الأميركية، وهي متزوجة من السفير البريطاني الأسبق في الخرطوم (الن قولتي)، مع احتفاظها باسمها على غير عادة الغربيين. قضت المؤلفة مع زوجها السفير في السودان أربعة أعوام متصلة (1995 -1998م). قد يذكر الناس أن ذلك السفير البريطاني كان قد أمر بمغادرة السودان بعد تأييد بريطانيا لعملية القصف الأمريكي لمصنع الشفاء.
في هذا الجزء من مقالها المعنون " فندق الأكروبول بالخرطوم" تسجل الكاتبة انطباعاتها عن معلم هام من معالم الخرطوم، وعن أصحابه الأغاريق، وبعض من عملوا فيه من السودانيين ، ولعقود طويلة. لا تغفل الكاتبة – المهتمة بالسياسة السودانية- بالطبع أيضا أن تشير في ثنايا المقال إلى الأوضاع السياسية في البلاد.
قد يرى البعض في هذا الفندق القديم، وبسبب كثرة تردد الأجانب من مختلف الجنسيات عليه، وكرا مريبا مثيرا للشبهات والشكوك. وحدث في يوم 15مايو 1988م أن قامت عصابة مكون من خمسة فلسطينيين بمهاجمة اثنين من الأهداف في الخرطوم، كان الأول هو "نادي السودان" المخصص للبريطانيين ودول الكومنولث،  حيث أمطروه برصاص المدافع الرشاشة . وكان الثاني هو  فندق الأكروبول ، حيث ألقيت بداخله قنبلة متفجرة مما أدى إلى مصرع رجل سوداني مدني، ولواء في الجيش السوداني، مع خمسة بريطانيين منهم سالي روكت ( 32  سنة) وهى مدرسة ، وأسرتها المكونة من أربعة أشخاص منها اثنان من الأطفال هما " كريستوفر وكلير ولف ".لمزيد من المعلومات عن هذا الخبر يمكن الاطلاع على: http://www.alsudani.sd/news/index.php?option=com_content&task=view&id=8745&Itemid=212   
المترجم
**********             *********   *************
مسيرة الأكروبول عبر السنين
كيف تأتى لهذا "الأكروبول" البعيد والمقام كنصب للحب لوالد رحل منذ زمن بعيد، أن يظل قائما كل هذه العقود؟
بدأت المرحلة الأولي للحرب الأهلية في السودان من عام 1955م (قبل عام واحد من إعلان الاستقلال عن بريطانيا ومصر) وحتى عام 1972م. انحصر غالب القتال في الولايات الجنوبية، وكان السفر جوا لمعظم ولايات السودان آمنا، وظل مئات من الأجانب يعيشون ويعملون في الخرطوم والمدن السودانية الأخرى. كان السودان حينها ما زال يعج بحياة برية غنية  يمكن تصويرها وصيدها، وهذا مما أنعش سوق السياحة بالبلاد. بيد أن برنامج التأميم الذي أعلنه نميري، واغتيال بعض الدبلوماسيين (أمريكيان وبلجيكي) في الخرطوم في عام 1973م، غير كل ذلك. ومع اشتعال نيران الحرب الأهلية مجددا في 1983م ماتت السياحة أو كادت.
أعقبت ذلك في عقد الثمانينات موجات هجرة لكثير من السودانيين من المتعلمين والعاملين المهرة. كذلك تقاعد في تلك السنوات كثير من الطباخين المجيدين الذين تدربوا على يد البريطانيين، أو هاجروا للسعودية وبقية دول الخليج، أو انتقلوا للدار الآخرة. في تلك الفترة بدأ ملاك فندق الأكروبول – وبحنكة تجارية مميزة- في تقديم خدمات تموينية لحفلات الاستقبال والكوكتيل و"البوفيهات" المفتوحة، وما زالت هذه التجارة قائمة حتى الآن.
ذكرت الكاتبة في ملحق المقال أن الصحفية الأميركية "ديبرا ايسكيروقنس" اكتشفت في عام 1988م من خلال اتصالاتها في فندق الأكروبول، وهي في طريقها لأثيوبيا لتغطية تأثيرات المجاعة هناك، أن المجاعة تفتك بدارفور وبحر الغزال أيضا. قد تكون – للغرابة-  لتلك المجاعات ولموجة التصحر والجفاف التي ضربت البلاد  في 1988م دورا في إنقاذ الفندق، والمساهمة بقدر كبير في انعاشه. تقاطر على البلاد المراسلون الصحفيون وعمال الإغاثة من مختلف البلدان، وكان غالب هؤلاء يفضلون الاقامة في "الأكروبول". من ضمن المشاهير الذين أقاموا في الفندق مغني البوب الايرلندي "بوب قيلدوف" وأفراد فرقة BandAid. لم يؤثر ما حدث في ذات العام (1988م) من حادث إرهابي قامت به "حركة سبتمبر الأسود" في الأكروبول على سمعة الفندق، رغم مقتل سودانيين وخمسة من النزلاء، أربعة منهم من أسرة واحدة، وثلاثة منهم من الأطفال (لا يعلم على وجه اليقين لأي الفصائل المسلحة ينتمي هؤلاء الفلسطينيين. المترجم)
علق أناثيويس على ذلك الحادث الإرهابي بالقول: "لم يكن ذلك التفجير عملا سياسيا. لقد هوجمنا ببساطة لأن الأكثر عرضة، والأقل استعدادا لصد ذلك النوع من الهجوم. فندقنا يعج بالسياح الأجانب."    تحطم تماما جراء التفجير جزء من الفندق، والذي كان مقاما على مبنى مستأجر، فسياسة عائلة باقويولاتس هي أن تستأجر المبنى ولا تشتريه. عقب التفجير شدت إدارة الفندق الحزام، واستغنت عن سطح الفندق، وعدد من الغرف وقاعة الطعام الكبيرة، وركزت العمل فقط على 40 غرفة مستأجرة. سرعان ما بدأ سيل الزوار في التدفق مجددا على السودان، وبالطبع على فندق الأكروبول. أستطيع القول بأن معظم نزلاء الفندق اليوم لم يسمعوا أبدا بذلك الحادث المفجع الذي حدث قبل ربع قرن تقريبا.
حدثت موجة أخري من تقاطر مضطرد لأعداد كبيرة من نساء ورجال الإعلاميين الأجانب للسودان في بداية عام 2002م، حين أعلن وقف إطلاق النار في جبال النوبة، وأفترض الجميع أن السلام سيعم السودان بأكمله. وتضاعفت معدلات زيارة الإعلاميين للسودان أكثر بعد يناير من 2005م حين تم توقيع اتفاقية السلام والجنوب بين قادة السودان وجنوبه.   
مغامرات في الأكروبول
في واحدة من رحلات عودتي للسودان (وكنت أحسب أني لن أعود إليه بعد أن غادرته مرغمة في 1999م) سافرت من القاهرة في طائرة شبه خالية في رفقة أفراد فريقين، أحدهما من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكانت تعمل في لم شمل الأسر، والآخر للجنة عسكرية لمراقبة حفظ السلام في جبال النوبة قوامها أمريكيين وكنديين. بينما كنت أقرأ خلال فترة الرحلة كتاب ماري أندرسون المعنون "لا تقوم بعمل ضار: كيف يمكن للإغاثة أن تساند السلام- أو الحرب؟"، سمعت رجلا أمريكيا يتحدث بعفوية وبصوت عال دون اكتراث للآخرين مع زميله الكندي: "هل تعلم كذا وكذا...؟"، وفجأة خفت صوتهما وسأل احدهما الآخر: "هل هو يحمل معه ...؟"، و"أنت..هل تحمل معك ...؟ ! ازداد قلقي عندما أكد كل واحد منهما للآخر أنه بالفعل "يحمل معه..". لم أصدق عندما هبطنا على أرض المطار بسلام، فأسرعت بالخروج من المطار للذهاب للأكروبول، حيث الأمن والأمان.
خارج مطار الخرطوم انتظرت سائق الأكروبول مع قسيسين من جنوب لندن قدما للسودان ليتفقدا الكنائس التي يمولانها، وأن ينقبا و"يشمشما"  – إن أمكن- ليفهما الوضع أكثر! كانا – بالطبع- سيقيمان مثلي في الأكروبول. نجحنا في حشر أنفسنا وحقائبنا في السيارة التي بعث بها إلينا جورج (أحد ملاك الفندق). جلس القسيسان المرحان بصعوبة بالغة في المقعد الخلفي مع حقيبتين ملئتهما بملابس الأطفال وإطارات النظارات الطبية. كنت قد اقنعت – بعد ممانعة- موظف الطيران الألماني (لوفتهانزا) في لندن بالتساهل معي في وزن أمتعتي التي كانت فوق الوزن المسموح به. استقبلنا جورج عند المدخل، ثم قدم لنا مشروب الكركدي المثلج، وأمر بمتاعنا فرفع لغرفنا. سرعان ما لاحظت وجود وجوها مألوفة لي، منهم بروفيسورالآثار البريطاني الذي تعرفت عليه لأول مرة عندما كان يعمل في سواكن على البحر الأحمر، ورجل كيني كنت قد قابلته قبل فترة قصيرة في مؤتمر عقد في أكسفورد... ما أحلى الأوبة للأكروبول...كانت عودتي له بمثابة العودة للبيت مجددا.
كان جورج قد أرسل لي قبل وصولي بإسبوع رسالة اليكترونية يقول فيها إن جميع غرف الفندق مشغولة، وإن فريقا من "سي ان ان" يسكن الآن بالفندق، وأخرا من "ناشونال جيوقرافك" سيغادر بعد أن قضى زمنا في زيارة الخرطوم والشمالية وجبل مرة، وأن هنالك فريقا من منظمة الأغذية والزراعة العالمية سيأتي الخ الخ. كان الفندق قبلة لموظفي الأمم المتحدة، والإرساليات الكنسية، ورجال الأعمال، وعلماء الآثار وغيرهم كثير. رغما عن كل ذلك، نجح جورج في تأمين غرفة لي في فندقه.
كلمة في حق "الأكروبول"
يعد الأكروبول بمثابة "حبل النجاة" للكثيرين من الأجانب في الخرطوم ... يجلس واحد من ملاك الفندق في الصباح أمام "الاستقبال" للرد على استفسارات وطلبات النزلاء...منهم من يريد الحصول على دينارات سودانية، وآخر يريد أذونات بزيارة أمكنة ما، أو المشاركة في رحلة نيلية، أو أدوية ملاريا أو إرسال فاكس، أو غير ذلك من الأسئلة الصعبة مثل: "لماذا لا يوجد دليل هاتف لمدينة الخرطوم؟"
سألت أثانيسوس سؤالا أثار حزنه فصمت ولم يجب: "هل ستبقى في السودان بعد أن تتقاعد؟"
قال بعد حين: "حتى عام 1983م كان هنالك نحو 15000 من الأغاريق في السودان، كثير منهم من ذوي الجنسية المزدوجة. لهم كنائس ومدارس في جوبا والقضارف وود مدني وواو، بالإضافة للخرطوم. الآن تناقص عدد الأغاريق إلى أقل من 150 فردا. لا توجد حياة ثقافية هنا. يوجد فقط العمل والبيت". هز رأسه في حسرة معترفا بالحقيقة المرة: "سترحل العائلة". ستكون تلك نهاية عصر لن يتكرر أبدا.
العيش في الأكروبول
في أول مرة أقيم فيها في الفندق وقفت في بلكونة غرفتي، وحدقت في الفندق المقام حديثا في الشارع المقابل: فندق صحارى، وهنأت نفسي على اختياري للأكروبول. يفتقد "صحارى" الروح التاريخية لفندقي الأثير. يصدق ذات القول على "الهيلتون" وعلى "الجراند أوتيل" بعد تجديده. (هنا ذكرت الكاتبة قصة طويلة عن خطأ في ما قدم لها من طعام في أحد الفنادق الفخمة بالخرطوم، وهي تعتقد أن ذلك لا/ لن يحدث أبدا في "الأكروبول"... مع أنه ممكن الحدوث في كل فنادق الدنيا ومطاعمها...ولكن "حبك الشيء يعمي ويصم". المترجم).
من شخصيات الفندق التي لا تنسى بابكر وبابكر، الشيخان الكبيران الحكيمان اللذان ظلا يعملان في الفندق منذ نحو نصف قرن من الزمان. هما في غاية التهذيب، إلا أنهما لا يتورعان عن زجر كل من يخالف "القواعد". ذات مرة أتى أحد زملائي من السودانيين للغداء متأخرا فوبخه عم بابكر بصورة حادة لتأخيره، ولجعلي أنتظر. هذه خدمة فندقية لا نظير لها. لا يريد ملاك الفندق أن يحيلاهما للتقاعد – رغم كبر السن- لأن ذلك "سيكسر خاطرهما" أو كما قالوا...بالاضافة لذلك فإن منظرهما بالجلابية السودانية أمر مميز أشتهر به الفندق، وهما مجيدان لعملهما، ويعلمان مكان كل شيء، وكيف تسير الأمور كلها في الفندق. يصعب تصور "الأكروبول" بدونهما.  
يقف خارج الفندق، وفي ذات المكان يوميا، سائق تاكسي عجوز يقود سيارة "أثرية" هرمة. لا ينفك العجوز يكرر دوما: "لقد عملت مع الإنجليز... لقد فسد كل شيء بعد خروجهم."
بعد قاعة الطعام، ستجد أن أفضل الأماكن في الفندق لمقابلة زملاء السكن هي قاعة الاستقبال في الطابق الأول، والممرات الضيقة المزينة بالخرائط القديمة واللوحات.  في قاعة الاستقبال تجد الصحف والمجلات بعدد من اللغات، وكثير منها أعداد قديمة مما يجلبه النزلاء معهم من طائرات "لوفتهانزا" التي قدموا للبلاد بها (بين 1995 و2004م، بحسب قول الكاتبة، كانت الخطوط الألمانية "لوفتهانزا" هي الخطوط الأوربية الوحيدة التي تصل الخرطوم). تجد أيضا أعدادا من صحيفة "خرطوم مونتر" اليومية، اللهم إلا إذا قرر الرقيب الحكومي – مرة أخرى-  مصادرة ذلك العدد من تلك الصحيفة (أشادت الكاتبة بعد ذلك بهذه الصحيفة في نحو صفحة كاملة. المترجم).
في آخر يوم لي في الأكروبول في زيارتي الأخيرة دخل قاعة الطعام  – ودون سابق موعد-  رجل أعمال سوداني مشهور لم أقابله منذ مدة طويلة. جلس أمامي وأنا أتناول طعام الإفطار وقال وهو يغالب الدمع حزنا: "اكتبي عنا وعن السودان الحديث، وعن السودانيين اليوم. لقد فقدنا هويتنا بسبب رفضنا للاعتراف بمن نحن. إن جدة الصادق المهدي نوبية مسترقة (هذا ليس صحيحا تماما بحسب ما علمته من عدد من المختصين. المترجم). لقد كان لوالد بونا ملوال أربعين ولدا، وكان يبعث بنصفهم للكنيسة، والنصف الآخر للمسجد! نحن  شعب هجين ومختلط (كالأمريكيين)، وبإمكاننا أن نكون خلاقين مثلهم. لكننا ننكر هويتنا. اكتبي عنا! ساعدينا لنعترف بهويتنا، وبمن نكون." لقد سمعت ذات الكلمات من كثير من النساء في شمال السودان وجنوبه.
أفكار ختامية
لأفريقيا تأثيرات عميقة على الناس، ليس أقلها على الأفارقة أنفسهم. يمكننا القول أيضا أن المآسي والحاجة تخرجان خير ما فينا، وشرها كذلك. لا ريب أن المشاكل والضعف قد تغريان بعضنا لاستغلال حالة البؤس والعوز عند الآخرين والتربح منها. شاهدت في الأكروبول عينات من أمثال هؤلاء المستغلين، ولحسن الحظ فإن هؤلاء هم قلة فقط.  في المقابل يوجد آخرون كثيرون يرون في معاناة السودانيين فرصة للعطاء. من بين هؤلاء المانحين من تعرضوا هم أنفسهم لجراحات ومآسي ومصائب، وفي عطائهم للآخرين يجدون متعة شخصية عظيمة وبعض الشفاء لأنفسهم. هذا أيضا مما يساعد فيه الأكروبول.
في ختام زيارتي تلك في بدايات عام 2002م أخذني جورج إلى المطار بسيارته. أجاب – أخيرا- على سؤالي الذي سألته له قبل أيام. "في صدورنا- أنا واليانور- شمعة تتقد. عندما تنطفئ هذه الشمعة، فسيكون علينا مغادرة السودان." صليت ودعوت الله في سري قائلة: "ليس بعد يا ربي. دعني أولا آتي ببنتي بالمعمودية  goddaughter من أمريكا إلى هنا لتلتقي ببنتي بالمعمودية في السودان. سأواصل في استخدم الأكروبول لخدمة "معا من أجل السودان* Together for Sudan". ساعدني يا إلهي في أن أعود إلى هذا المكان مرات ومرات من أجل البركة التي أحس بها في هذا المكان الآمن المريح الذي أقامته عائلة باقويولاتس."   (*"معا من أجل السودان" هي منظمة خيرية تقوم عليها الكاتبة. المترجم).
بعد عام أو نحوه استطعت أن أحضر ابنتي بالمعمودية ذات التاسعة عشر عاما  (واسمها ساشا) من أمريكا للسودان. أخذتها معي لحملة توعية للعناية بالعيون أقمناها للنازحين المقيمين في معسكر في "سوبا الأراضي" تحت حرارة شمس لاهبة وسموم رملية لافحة. أصيب فتاتي بضربة شمس، وفقدت الوعي. قامت النازحات الفقيرات بالمساعدة في إعادتها للوعي ومواساتها. عندما عدت بها للأكروبول قالت لي ساشا:" رأيت في الهند الكثير من الفقراء ولكني لم أتعرف على أي احد منهم. في الهند كنا نعيش بعيدا عنهم." رددت عليها بالقول: "عندما ننظر بعين الشفقة والعطف إلى معاناة الآخرين، فإننا نرى الله أحيانا". وضعتها في سريرها في ذلك المكان الآمن (فندق الأكروبول) والذي هو (كما يرى كل من له  قلب سليم) قد وضع الله في قلوب بعض نزلائه – ومنذ وقت طويل- بذرة الخير والعطاء.
حاشية 2012م
لقد مر نحو عقد من الزمان منذ أن كتبت غالب ما سبق ذكره، وما زال فندق الأكروبول كالعهد به، قويا يسير قدما للأمام. بيد أن أبناء بيناقهز الثلاثة وفلورا باقولاتوس وزوجاتهم قد قاربوا سن التقاعد، وليس من دليل على أن الجيل التالي لهؤلاء سيدير هذا الفندق، وفي الواقع فإنه من الحكمة والأفضل لهؤلاء أن لا يفعلوا ذلك تحت ظروف السودان الحالية. قد أجد بعض العزاء في أنه – رغم التغير الحادث في العالم- إلا أن مساهمة عائلة باقولاتوس للسودان الحديث، ولمن يرغب في مساعدة وكسب ود وصداقة الشعب السوداني، مساهمة عظيمة. إن مئات، بل آلاف السودانيين والأجانب لابد أنهم يشعرون بالامتنان لعائلة باقولاتوس التي وفرت المكان الآمن والمريح لمن يعملون لخدمة السودان وأهله.       


badreldin ali [alibadreldin@hotmail.com]

 

آراء