لابد من الوصول الي حل وطني شامل .. بقلم : تاج السر عثمان
alsir osman [alsirbabo@yahoo.co.uk]
برغم ماحدث خلال الايام الماضية فيما يختص بمشروع "ميثاق الفجر الجديد"، الا أن الحدث نفسه اصاب النظام الحاكم بالهلع من التوجه العملي لتكوين اوسع جبهة للمعارضة تضم تحالف قوي الاجماع والجبهة الثورية بهدف اسقاط النظام، في الوقت الذي تزداد أزمة النظام عمقا بسبب تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية ، و مصادرة الحريات ، وتصاعد الحرب، واتساع وعمق الصراعات داخل السلطة، فرغم ضجيج السلطة وتهريجها ودعوتها لاشعال الفتنة الدينية والعنصرية في البلاد، الا أن قناعات تحالف المعارضة ازدادت رسوخا بهدف مواصلة وتصعيد النضال السياسي الجماهيري والانتفاضة الشعبية من اجل اسقاط النظام كما جاء في وثيقة " البديل الديمقراطي".
تضمنت وثيقة "الفجر الجديد" الجزء الأكبر " حوالي 90% " من و"ثيقة البديل الديمقراطي" لتحالف قوي الاجماع، ووثيقة " اعادة هيكلة الدولة السودانية" للجبهة الثورية، حيث اكدت علي سبيل المثال الآتي: اسقاط النظام ودولة المواطنة والانعتاق من احتكار السلطة ، والعدالة والمحاسبة، وقومية الخدمة المدنية والنظامية، والدستور الديمقراطي ، واقامة دولة العدالة والرعاية الاجتماعية، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، والتمييز الايجابي للمناطق المتأثرة بالحرب، وحسن الجوار والتعايش السلمي ، وضمان المساواة بين النساء والرجال والغاء القوانين المقيدة للحريات، وقيام فترة انتقالية تنتهي بعقد المؤتمر الدستوري وبانتخابات حرة نزيهة.
ولكن تحالف قوي الاجماع اوضح أن ما تم في لقاء كمبالا بين وفدي تحالف قوي الاجماع والجبهة الثورية هو مسودة أو مشروع لوثيقة ، كان من المفترض أن ترفع الي اجهزة الاحزاب القيادية لابداء الرأي والملاحظات حولها قبل التوقيع عليها ، ولكن وفد التحالف تجاوز صلاحياته وتوصل لصيغة مشروع "الفجر الجديد" التي احتوت علي نقاط غير متفق عليها بين مكونات احزاب وقوي تحالف قوي الاجماع، وهذا شئ طبيعي نتيجة لتباين منطلقات هذه القوي السياسية والفكرية لأن من شروط وقواعد التحالف أن تصوغ اطراف التحالف بحرية تامة ومن خلال تبادل الرأي الصريح برامجها وخطط عملها ، وتصدر قراراتها ومواقفها باجماع الآراء ، ولايحق لأي طرف منفرد ان يتحدث باسم التحالف أو يتخذ قرارا من خلفه دون الرجوع لقيادات الأحزاب المكونة للتحالف. وكان طبيعيا الاعتراض علي قضايا وردت في ميثاق "الفجر الجديد " لم تناقش اصلا في اجهزة الاحزاب القيادية ، ناهيك عن الوصول لحد ادني من الاتفاق حولها مثل:
*"الكفاح المسلح" كوسيلة لاسقاط النظام، في حين أن وثيقة البديل الديمقراطي اعتمدت النضال الجماهيري والانتفاضة الشعبية لاسقاط النظام ، دون أن تفرض وصايتها علي الجبهة الثورية في انتهاج طريق الكفاح المسلح.
* الفترة الزمنية للحكومة الانتقالية " اربع سنوات".
* "علاقة الدين بالدولة" : تحدثت الوثيقة عن "فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة" بدلا عن صيغة "الدولة المدنية الديمقراطية أو دولة المواطنة" والتي يمكن أن تكون مقبولة لكل الاطراف.
*اعتماد " نظام الحكم الرئاسي بدلا عن البرلماني".
*الأخذ بصيغة 8 أقاليم بدلا عن الستة المتفق عليها في وثيقة "البديل الديمقراطي".
*جاء في الميثاق حديث عن "الوحدة الطوعية " والتي يتخوف البعض من أن تفسر كدعوي أخري لتقرير المصير وتعيد انتاج تمزيق ماتبقي من الوطن، بدلا من التمسك بوحدة وسيادة الوطن علي أساس دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو الثقافة ، أو الاثنية.
وغير ذلك من القضايا التي لم يتم مناقشتها في اجهزة الاحزاب القيادية قبل التوقيع عليها.
ورغم انتقاد هذا الخطأ جماهيريا، الا أن هناك ضرورة لاهمية مواصلة الحوار مع الجبهة الثورية علي طريق توحيد كل قوي المعارضة ، واخضاع مااسفر عنه لقاء كمبالا والذي لايزال مجرد مشروع للتداول حوله وصولا لاتفاق وطني شامل يعبر عن ارادة شعبنا وقواه المعارضة في الداخل والخارج حتي لاتتكرر تجربة انتكاسة ثورة اكتوبر 1964 وانتفاضة ابريل 1985م.
+ يحاول المؤتمر الوطني السباحة عكس التيار وضد حركة التاريخ من خلال التهديد والوعيد بمصادرة نشاط احزاب المعارضة علما بأن المؤتمر الوطني هو الذي يتحمل مسؤولية حمل الحركات للسلاح ومسؤولية فصل الجنوب ومسؤولية تمزيق ماتبقي من الوطن من خلال تصعيد الحرب والخطاب العنصري واثارة النعرات القبلية التي ادت لحروب دامية بين القبائل في دارفور وكردفان. وأن هامش الحريات الذي تم انتزاعه لم يكن منحة ، ولكنه جاء لضغط شعب السودان وضغط المجتمع الدولي، وأن المؤتمر الوطني هو الذي خرق قانون الأحزاب بتكوين مليشيات " رباطة " خارج القانون استخدمها في قمع المظاهرات السلمية بعنف ووحشية. وتتصاعد الحملة من أجل اطلاق سراح المعتقلين ومقاومة الاتجاه لمصادرة الحريات مثل: تكوين مجلس تنسيق للسياسات الاعلامية بهدف المزيد من احكام القبضة علي الصحف، وضد اغلاق المراكز الثقافية. وضد سياسة الخصخصة وتصفية مؤسسات القطاع العام ، بعد صدور القرار الرئاسي بخصخصة 13 شركة حكومية وتصفية 5 شركات. ومقاومة تصعيد الحرب في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، التي ادت الي تشريد الالاف من قراهم ومنع وصول الاغاثة اليهم مما عمّق وزاد من تلك المأساة الانسانية.
+ أخيرا ان الأزمة الوطنية العامة في البلاد اصبحت عميقة ولامخرج غير اسقاط النظام ووقف الحرب والانعتاق من الشمولية واحتكار السلطة وتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والحل الشامل لقضايا دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق والشرق وقيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تضمن وحدة السودان، وتفتح الطريق لاعادة توحيد الوطن مرة أخري.