تتلاطم الكلمات والآراء من القادة السياسيين حول القضية المحورية السودانية والخوف عليها من أن تصبح كهشيم تزروه الرياح إسماعيل شمس الدين - مقيم بقطر لقد حفلت سودا نايل بآراء متعددة من قادة الفكر والسياسية عقب توقيع الأمام الصادق المهدي اتفاقاً مع القوى الثورية الذي أصبح ميثاق باريس ، وقد بادرت بجهد متواضع في كتابة مقال تم نشره )عن السودان حالة متفردة في بقاء القوات المسلحة وحق الشعب السوداني في الحياة الكريمة ) خوفاً من أن يقود اتفاق حزب الأمة الأخير مع القوى الثورية الى انتقال المعارك المسلحة الى قلب العاصمة وباقي مدن السودان ، فتعالت الأصوات من السياسيين بعد اتفاق باريس وكأنما كانت تنتظر حدثاً يفتح لها منبراً جديداً لإسقاط النظام ، وعلى الرغم من تبيانها بصورة أو بأخرى والجميع يعلم علم اليقين أن القوى الثورية ممثلة في حملة السلاح في جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق قد جعلت من حمل السلاح الطريق لتحقيق أهدافها أو أهداف الشعب السوداني حسب طرحها لإسقاط النظام ،فهل تيقن حزب الأمة بأنه يوافق وله القدرة للدخول في هذا المعترك ؟ لذا فقد حفلت الساحة وعلى صفحات سودا نايل أيضاً بتصريحات متناقضة حول هذا الموضوع ولعل أهمها ( حزب المؤتمر الشعبي الشريك السابق للوطني مصرحاً لا يمكن إسقاط النظام بالسلاح وهو الذي ساهم بنصيب الأسد بأسقاط النظام الديمقراطي عام 1989 بالسلاح ، والمناضل الجسور أمين مكي مدني يصرح بأن إعلان باريس خلفية للحل السلمي ، والباحث النور حمد يقول أن السودان على شفا حقبة المليشيات ، والاعلامي الطيب مصطفى يجول من الباب الخلفي فربما يجد من يسأله ماذا تريد ؟ والدكتور كمال الجزولي يتساءل أهو لؤلؤة أم صدفة ؟ والدكتور الأفندي يراه فرصة لإنقاذ الحوار المتعثر وفرصة لضم المجموعات المسلحة وانقاذ المتضررين من الحرب. ،، أما فلاسفة الإنقاذ الذين أعطتهم البلاد الفرصة لأعلى مراكز التعليم وتم اختيارهم لمراكز قيادية ظناً من القيادة بأنهم علماء الأمة ،فعلت أصواتهم ، فهذا تهديد من أمين حسن عمر ، ومستجير بأصوات الضفادع وهو طبيب معالج اشتهر بإزالة الصروح الطبية العلاجية وسموه حميدة . وآخر عايز يقد النيل ونسى قوله الكريم ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ). ، ومن المسؤول عن ضياع الأمة السودانية ووصولها لهذا الدرك من الضياع اقتصادياً واجتماعيا وسياسياً ً بعد أن اصبحت الساحة اليوم تموج في تناقضات ومزايدات على شعب لا يستحق إلا التقدير والاعجاب بتاريخه الناصع وبطولاته الخالدة وتقاليده المميزة ؟، ومن الذي أضاعه مع حكم الانقاذ لمدة تزيد عن 25 عاماً ؟ أم معارضة تتلاعب به في جولات سياحية بين عواصم الدول حتى الاتفاقيات الوطنية ابتدعوا لها أسماء من خيالهم اتفاقية نيفاشا واتفاقية الدوحة واتفاقية القاهرة واتفاقية جدة واتفاقية أديس أببا وأخيراً باريس وغيرها من المخطوطات . والجميع يعلم أن الاتفاق الوحيد الذي يكتب الله له النجاح هو الاتفاق والتصالح مع الشعب السوداني والمعارضة وجدت الفرصة مواتية للتجمع والاتفاق على كلمة سواء لتُسمي اتفاقها بالمسمى اللائق : باسم أركويت أو مدني أو بورسودان أو امدر مان ، ولكنها فضلت الهرولة والقفز بالعامود من خلال الوثبة فارتدت على أعقابها بعد أن تكشفت لها أن النظام حاول وقد نجح في الاستفادة من الوقت واضاعة الفرصة على الآخرين. عليه فإننا مقبلون على مرحلة لا يعلم مداها إلا الله مع تمسك النظام بالسلطة بصرف النظر عن العواقب ، وغير آبه طالما انهارت صروح في عهده كمشروع الجزيرة والخطوط الجوية والخطوط البحرية والسكة الحديد وتجارة القطن والصمغ العربي ، واستشرى الفساد في كافة أجهزة الدولة وفي الجانب الآخر تسعى المعارضة للاتفاقيات الثنائية وترفع شعار (ال ما معانا ضدنا ) مما يجل البلاد مقبلة على مراحل يمكن وصفها بالسناريوهات كالتالي :- أولاً : أن الجميع على قناعة تامة بالتغيير وهو قادم بإذن الله وبإرادة شعبية وحتى الذين يرفعون شعار الانتفاضة وهو الشعار الأوحد عليهم ألا يتدارو وقت الحارة ،كما حدث في الأمس القريب ، وعلى النظام أن يقتنع تماما بأن التغيير قادم بقوله تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) فلماذا المكابرة ؟ ثانياً : السناريوهات المحتملة على الساحة وأهمية الحفاظ على مقدرات البلاد التي تعرضت للإهدار حتى على مستوى البشر خوفاً من قوله تعالى (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) .ورحم الله شهداء السودان على مر العصور. ونجملها في النقاط التالية :- 1-بنظرة عابرة على مستوى القطر نرى بالعين المجردة أرتال المسلحين بخلاف القوات النظامية المسلحة والتي تقتصر على الجيش والشرطة والتي بدأت في التسعينات بالدفاع الشعبي وانتهت بانفصال دولة الجنوب و ثم الجن جويد وأخيراً النظام العام وفي الجانب الآخر الفصائل الدرفورية المسلحة التي يصعب إحصائها ثم فصائل النيل الأزرق وجنوب كردفان وجميعها تمتلك أسلحة تكفي لإبادة جماعية في أول معركة مسلحة على السلطة الزائفة. 2- لم تكن هذه المليشيات طوال تاريخها منضبطة في داخلها فإذا فوقت المليشيات الحكومية في مرحلة معينة فهذا يعني المزيد من البطش على أفراد الشعب السوداني الأعزل من السلاح ، وإذا تفوقت المليشيات التابعة للمعارضة المشتتة فهذا يعني الصراع في داخلها على السلطة والمزيد من الابادة لأبناء شعبنا والدليل على ذلك تجارب السنوات القليلة الماضية عندما ألهبت قوى الاسلام السياسي الحرب في عهد النميري على الانصار في الجزيرة أبا وود نوباوي وتركوهم في بحور من الدم عدا الشهيد محمد صالح عمر وفروا هاربين ، وتتكرر المأساة مرة اخرى مع الشهيد محمد نور بعد أن تكشفت له النوايا في الصراع على السلطة. 3- حتى في المعترك السياسي فقد شهدنا تصدع قوى المعارضة وفي أحلك الظروف بانقسامات متعددة بدءاً من الاتفاق التاريخي للميرغني - قرنق الذي لو كتب له النجاح لحمى السودان من الانفصال ولكنها كانت نهج الاسلام السياسي وحزب الامة وغيرها من الأحداث التي يجب أن تؤرخ وتوثق. 4-في المرحلة مع نهاية الثمانيات كانت البلاد مُقبلة على عدد من الانقلابات العسكرية ففازت الجبهة القومية بانقلابها الذي أوصل البلاد الى هذا الوضع. لذا فإن المرحلة القادمة تنذر بأخطار كثيرة وسوف يكون ضحاياها أبناء شعب السودان وقادة السلطة والمعارضة في أمان ،مما يجعلنا نطرح ما طرحناه وطرحه غيرنا من الحريصين على مستقبل شعبنا في إقامة الدولة الديمقراطية ،مع العلم بأن الشعب السودان لديه المقدرة على التغير من خلال الانتفاضة مهما أنكرها البعض والتغيير الآن وقبل فوات الأوان من خلال مبادرة جادة من السيد رئيس الجمهورية المشير عمر أحمد البشير لا تتطلب وثبة أو مناطحة أو مبارزة بالأسلحة الثقيلة ولا ضياع أرتال من الشهداء والمشردين والنازحين بإعلان الحكومة القومية لتشارك فيها القوى السياسية جميعها لوضع برنامج مدته عام واحد لانتخابات نزيهة والموافقة من كافة الأطراف على حل المليشيات بكل انتمائيتها وإطلاق الحريات العامة بما فيها حرية الفكر والتعبير خاصةً وان الوقت لن يسعفنا والله وراء القصد.