جائزة نوبل كانت مستحقة للرئيس البشير فانتزعها وسرقها المضللون والمتسلقون من حوله
الأستاذ سيف الدولة حمدناالله يُتحف القراء دائما بمقالاته التي تتسم بالعمق التي تلتقي مع كُتاب سودانايل وكل الأقلام الحرة نحو هدف واحد للتغيير الموعود في مقبل الأيام ،وفي مقاله الأخير ( من ضلل الرئيس البشير بامكانية حصوله لجائزة نوبل ليمتد التضليل لحصوله على تأشيرة الدخول الى الولايات المتحدة الأمريكية ؟ ) فنوافقكم الرأي أستاذنا الفاضل بأنه تضليل بل وهم نحو السراب ، ولكن دعونا نعود الى الماضي القريب وأحداثه المتلاحقة فربما نستخلص منها أن جائزة نوبل للسلام كانت مستحقة للرئيس البشير لمدة ساعات فانتزعها وسرقها من من حوله من المضللين والمتسلقين الذين رغم فسادهم وجهلهم يحيطون به في طوق حتى يكون أعمى القلب والبصيرة من شعب السودان أكمله ،، نعم انها الساعات التي تم فيها ايقاف الحرب التي دامت نصف قرن من الزمان بين الشمال والجنوب واعلان دولة وليدة هي دولة جنوب السودان على الرغم من اختلاف وجهات النظر في انفصال جنوب السودان عن الوطن الأم الا أن جميع الأحزاب التقليدية منها أو الأيدلوجيه منها اليسارية والاسلامية سياسيا وأحزاب ا لفقعات الانقاذية تتحمل مع السلطة قرارالانفصال بممارستها عبر السنوات الماضية والحساب يتطلب مجلدات ومرافعات بعد أصبحت دولة جنوب السودان الأفريقية اليوم ذات سيادة مستقلة ، الا أن هذا الأمر في نظر القائمين على مؤسسات السلام العالمية والدول الغربية يتعتبر ما تم انتصاراً للسلام ويستحق الاشادة والتكريم العالمي سواء للراحل المقيم مؤسس دولة الجنوب جون قرنق والرئيس البشير فكانت نوبل في متناول يده وهو المتقدم على الآخرين من رؤساء الدول والبعثات الدولية والدبلوماسية يوم الاحتفال يخاطب الجمع بالصوت العالي ثم ينخفض الصوت ونزروه الرياح وتحتجب الأضواء بقطع التيار الكهربائي فتنهار الصورة في لحظات للهيبة بفعل المتسلقين الذين ولاهم على قيادة الاعلام والخارجية والكهرباء لحدث كهذا كان من الممكن تغطيته اعلامياً ودبلوماسيا ولكن فاقد الشئ لا يعطيه فقد انهارت الوزارتين والمؤسستين منذ العام الأول لانقلاب الانقاذ وأصبح يتبادلها من لايعرفون أبسط قواعد الاعلام والدبلوماسية وخاصةً السودانية بعراقتها ورجالها الأفذاذ والمسؤول عن الكهرباء والصوت والضوء أليس كان بامكانه تزويد الحفل بمولدات يسهل نقلها عن طريق الدول الأفريقية المجاورة وهذا استحقاق لدولة جنوب السودان من نصيبها من البترول الذي حرم منه شعب الشمال.والأدهى وأمر من ذلك أن اطلقت الأصوات من اليوم الأول لاستقلال الجنوب في الشمال عبر الصحف المأجورة تنادي بطرد أبناء الجنوب من الشمال الذين شردوا كنازحين عبر الحروب الماضية وكان رد الفعل قاسيا من أهل الجنوب بطرد التجار الشماليين وتخريب ممتلكاتهم فانقلبت الصورة لحرب خفية من جديد للتناولها وكالات الاعلام العالمية وكأنها نوع جديد من الحرب من العرب والمسلمين في الشمال .
وفي نفس الوقت تتفجر نقاط الضعف في اتفاقية فصل الجنوب كقضية الحدود وقضية أبيي والمناطق المهمشة لتتفجر الحروب الدامية في دارفور وغرب كردفان والنيل الأزرق فتنهار أحلام اليقظة ويتبدد الأمل من الواهمين بنيل البشير لجائزة نوبل للسلام ويتكاثر المستشارون لدفعه للمزيد من من الأخطاء الجسام بعد أن أصبح الظلم منهجاً تتناوله السلطة وحكامها لتضاف للحروب ويلات من الغلاء الطاحن والحرمان من أبسط متطلبات الحياة الكريمة لشعبنا الصابر.
والحديث عن جائزة نوبل للسلام ليس بالأمر المستحيل فالكل يتمناها من علماء وسياسيون وكتاب وبالطبع لن ينالها الا المستحق لها وليس السودان استثناء منها فأرضه قد زرعت وأنبتت وحصدت من العلماء والمفكرين المستحقين للجائزة اذا كانت نوبل أو غيرها ولكن سنوات الانقاذ العجاف قد حجبت الرؤية عن انتاجهم وعنهم ابعاداً لعدم الولاء أو نزوحاً مضطرين الى الخارج.
ويا ليت البشير قد نالها في ذاك الزمان فربما تغيرت نظرته للحياة حفاظاً عليها وما كان للطغمة الفاسدة أن تعتلي أعلى المراكز وتعيش فساداً فربما كان يحافظ عليها بنهج جديد بعودة الديمقراطية والحياة الكريمة لشعبه ولكن الذين يطوقونه من كل جانب أبوا عليه هذا التكريم وتمادوا في فسادهم ونهب مقدرات الوطن كله ولم يرحموا لحظات مرضه العضال فعندما كان يتداوى بحثاً عن الشفاء من عند الله كانوا يطلقون التصريحات نحو البديل وكأنما هم أصحاب قرار في الموت الحياة ( رجعوا صحفهم وتصريحاتهم في تلك الفترة ) .وحتى بالنسبة للجنائية كانت تصريحاتهم خجولة بأنهم يحترمون القرارات الدولية ( وهل المنظمات الدولية تحتاج لاعتراف منهم ؟ ) لقد أشرت عودة للوراء قليلاً فقد كنت في دراسة عليا في النرويج في منتصف السبعينات وكانت المناسبات والاحتفالات المختلفة التي يكرموننا بالدعوة لها ونحن مجموعة من دول أفريقية وآسيوية وأمريكا اللاتينية فيتحدث أحد أنصار السلام عن السودان واتفاقية أديس أببا مشيداً بحكومة السودان بأنها كانت في قمة الانتصار العسكري ومع ذلك فضلت الجلوس للتفاوض وايقاف الحرب ودامت الاتفاقية حتى العام 1983 . وكان من الممكن ينال البشير هذا الوسام الرفيع من منظمات السلام العالمية ولكن الطوق من المؤتمر الوطني ومن قبله الشعبي أبوا عليه ذلك ليغوص في العزلة التامة عن شعب السودان.
والسلام وايقاف نزيف الحروب الأهلية وحل النزاعات ليست أمنيات بعيدة المنال بل هي الطريق الأوحد لسودان الحريات العامة والحياة الكريمة لشعبنا ونعجب لحلقات التفاوض التي امتدت لسنوات بين السلطة الحاكمة وحاملي السلاح ونقولها بكل صراحة من فوض حاملي السلاح للتفاوض نيابة عن الشعب السوداني فالحركة الشعبية بقيادتها الخاوية عن الجماهيرية قد لعبت دوراً كبيراً في انفصال الجنوب وتسعى لتمزيق الوطن لدويلات والقوى الرافضة للسلام وتحمل السلاح قد أرهقت قواتنا المسلحة رجالاً وعتاداً أهو تكريم لها لما قامت به من النيل من القوات المسلحة ؟ أما الحركات الوطنية التي تحمل السلاح دفاعاً عن مناطقها المهمشة فقد أصبحت سهلة الاختراق بانقساماتها المتعددة والأجنحة المتكسرة الأمر الذي يطيل من عمر الصراع الدامي ،
لقد أصبحت كافة دول العالم اليوم تسعى لمصالحها بالدرجة الأولى حتى الأفريقية المجاورة منها خاصةً بعد تدفق البترول فيالجنوب والمساعدات المالية المتوقعة فبالاضافة لما يشهدة الجنوب من غليان تطفو على السطح قضايا الحدود الممتدة والجارة يوغندا تسعى لمحاربة جيش الرب المعارض فدخلت بقواتها الى مناطق حيوية في الجنوب وتوافد تجارها كبديل للتجار الشماليين السودانيين وكينيا التي لعبت دوراً كبيراً في السلام تبحث عن دور لها في الجنوب وأثيوبيا تسعى لاستقرار بلادها خاصة بعد قيام سدالنهضة الا أن القبائل المشتركة مع الجنوب كقبيلة النوير يقلق استقرارها.
ان المحاولات التي تمت لارساء السلام الدائم في السودان في عدد من عواصم الدول الأوربية وفي أثيوبيا والدوحة لا تبرح مكانها نظراً للصراعات بين الفصائل حاملة السلاح ولغياب الحقائق والمعلومات عن السودان وشعبه والتي من المفترض أن تبدأ بفض النزاعات ،، حيث تشير الاستراتيجية الأمنية الأوربية European Security Strategyالى أن افضل حماية لأمنهم في أوربا هو :
1- عالم يحكم بديمقراطية
2- انتشار الحكم الرشيد
3- دعم الاصلاح السياسي والاجتماعي
4- سيادة القانون
5- معالجة الفساد واستخدام السلطة
6- حماية حقوق الانسان
7- وهذه العناصر تشكل أفضل الوسائل لتعزيز النظام والأمن الدولي لذا فهي عملية شاملة بأبعاد سياسية وتنموية واحترام حقوق الانسان وخدمته ورعايته وحماية مستقبله.وهي المتطلبات الحقيقة لارساء السلام المستدام لشعب السودان اليوم .
أما على المستوي الدولي أيضاً فتعتبر الدول الإسكندنافية الأكثر اهتماما في تلك الحقبة بمجال دراسات الصراع والسلام بمجهودات مؤسساتها ومراكز أبحاثها في الصراع ونزع السلاح وبصفة خاصة النرويج , وقد ركزت بشكل خاص على ابحاث السلام( الاتحاد الدولي لأبحاث السلام) International Research Association - IPRA
وجمعيات أخرى تعني بتنظيم المؤتمرات العلمية وإصدار المؤلفات والدوريات العلمية وبناء شبكات تعاون علمي بين الباحثين كجمعية أبحاث السلام Peace Research Society – PRs - & Peace Science Society – PSS وهذا ما جعل دولة كالنرويج Norway ملاذاً ومركزاً لحل النزعات واتفاقيات السلام أو القيام بدور بارز في اخرى ، خاصةً ان هذه الدولة شهدت ميلاد علوم دراسات السلام والصراع على يد العالم النرويجي يوهان غالتونغ Johan Galtung ويُعتبر من أبرز المؤسسين والمنظرين لعلم دراسات السلام والصراع في القرن العشرين حتى الآن : حيث قدم أطراً نظرية لدراسات السلام والصراعات واستطاع أن يقدم نموذجا على شكل مثلث الصراع على أساس أن الصراع هو عملية ديناميكية تفاعلية تقوم على ثلاثة عناصر هي ( الاتجاهات والتناقضات البنيوية وتناقضات السياق وتناقضات السلوك) والصراع يرتبط بتفاعل هذه المكونات الثلاث مع بعضها وكل منها يؤثر على الآخر. وكان يرى أن أجندة دراسات الصراع والسلام أبعد من منع الصراع ، وهو ايجاد السلام الايجابي في المجتمع الانساني ، وبالتالي فإن عملية تسوية الصراعات تتطلب إحداث تغيرات ايجابية ترتبط بالسلوك والاتجاهات والمواقف والسياق أو المصالح. ( واسهاماته شكلت المدرسة الأوربيismail.ة في هذا الحقل )
وقام بتأسيس أقدم المعاهد البحثية في دراسات الصراع والسلام وهو معهد أبحاث السلام الدولي في أوسلو النرويج - International Peace Research Institute - PRIO وكان رئيس التحرير للمجلة العلمية المعروفة والمستمرة حتى اليوم وهي مجلة أبحاث السلام Journal of Peace Research , .
وهو باب مفتوح للباحثين عن السلام الحقيقي وفض النزعات في السودان والذي لو تم فتحه لأهل السلطة للتسابق المهرولون لقضاء الرحلات السياحية ، بل هي دعوة لذوي الاختصاص لأبناء السودان بالخارج للاستفادة من هذه المحافل العلمية والقيام بدراسة شاملة في اطار السلام وحل النزعات على أسس العدالة الاجتماعية والحريات العامة والديمقراطية بتصور متكامل يقدم للوضع الجديد وسودان المستقبل القريب.
ونقولها للذين أفسدوا ودمروا مقدرات البلاد وقلوبهم فظة وهم يعتلون السلطة الفانية والالاف من المواطنين صرعى وسط حمامات الدم وقواتنا المسلحة برجالها تنال ضربات الغدر وهم في رغد ونعيم ولا يهمهم من قتلوا واستشهدوا طالما السلطة باقية لهم نقول لهم كفاكم ما سرقتموه وافيقوا قيل يوم الحساب وأعيدوا من المال الحرام ولو نصفه وكرموا الرئيس البشير الذي وثق بكم وأعطاكم السطة والمال واتركوه لفترة القادمة سواء كنتم ( وطني أو شعبي ) ليتمكن من تكوين حكومة انتقالية من القادرين والأمناء والمخلصين بعيداً عنكم فقد كنتم وبالاً عليه ونحساً على مسيرته. وأعلموا أن التغيير قادم وبالله التوفيق.
Ismail.shamseldin@gmaial.com