أبجديات أهداف التنمية المستدامة وموقع السودان منها الهدف السادس عشر، السلام والعدالة والمؤسسات القوية (16 من 17)
د. حسن حميدة
21 March, 2024
21 March, 2024
د. حسن حميدة – ألمانيا
يسعى الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة وحتى العام 2030 إلى تحقيق السلام والعدالة والمؤسسات القوية على نطاق عالمي. ويبني هذا الهدف على الوصول إلى العدالة بتحقيق مجتمعات سلمية وشاملة للجميع، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وعلي جميع المستويات. ومن متطلبات تحقيق هذا الهدف، بناء مؤسسات عدلية ومؤسسات قضائية ذات وزن وقوة وشأن في تنفيذ القوانين، وهذا من أجل إقامة مجتمعات متوازنة يسودها السلم والعدل. ويعمل الهدف السادس عشر، والقبل الأخير لأهداف التنمية المستدامة على الحد من العنف بمختلف أنواعه، وتقليل نسبة الوفيات التي ترتبط به بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
يأتي في هذا الخصوص أهمية تحقيق هذا الهدف عبر وضع حد لإساءة معاملة الأفراد والأقليات من الشعوب، ومنع الاستغلال الشخصي، والقمع والإرهاب والاتجار بالبشر، والعنف الموجه، خصوصا ضد الأطفال والنساء والفتيات والشباب. كما يسعى هذا الهدف إلى تعريف الهوية للمواليد الجدد في كل دول العالم مباشرة بعد الولادة، وتسهيل أمر الوصول للمعلومات الضرورية وعلى المستوى الشخصي والمؤسسي، وهذا مع مرعاه المحافظة على حماية المعلومات الشخصية لكل شخص من التجسس، وحماية المعلومات المؤسسية من القرصنة وفقا للتشريعات المحلية، والقوانين الدولية.
ومن ضمن توصيات هذا الهدف، وضع أسس للشفافية بإنشاء مؤسسات تخضع للمساءلة القانونية وعلي جميع المستويات، وطنيا وعالميا، وهذا للحد من الرشوة والمحسوبية والفساد، وتقوية الأجهزة العدلية لاسترداد الأموال المنهوبة والمهربة ومكافحة غسيل الأموال المحلي والعالمي بشتى أشكاله. وعليه تأتي في مقدمة تنفيذ هذا الهدف في مكافحة الجريمة المنظمة، المبنية على التهريب وتجارة المخدرات والعقارات الطبية ذات الصلة بتدمير الثروة البشرية العالمية وفي مقتبل العمر، والاتجار بالبشر التي تتصل بالشرائح العمرية الأقل حماية. كما يعمل هذا الهدف أيضا على الحد من العنف الخفي أو العنف المستتر، الذي ينطلق من باطن الأسرة ضد أفرادها، الذين يعجزون في الغالب عن حماية أنفسهم بأنفسهم من مثل أنواع هذا العنف، الذي يعتبر في بعض المجتمعات المتخلفة اجتماعيا، عنفا مبررا من قبل الأسرة ومجتمعاتها.
زيادة على ذلك يسعى هذا الهدف إلى تعزيز القوانين وتسهيل سبل الوصول إلى الأجهزة العدلية على الصعيدين المحلى والدولي. ويعمل هذا الهدف على دعم المؤسسات القومية عبر التعاون الدولي، لتعزيز القدرات المحلية للعمل المستدام وعلى جميع المستويات. ويضع هذا الهدف مشاركة البلدان النامية، خصوصا الفقيرة منها في الاعتبار، وفي المقدمة دعم الحوكمة والشراكة وصياغة واتخاذ وتنفيذ القرار القائم على تحقيق الاستدامة العالمية على مبدأ الحكم الديمقراطي الرشيد والسلام والعدل، حتى تواكب هذه الدول ولا تفوت قطار التنمية والتطور، لتنهض بمجتمعاتها من براثن الفقر والجوع والمرض والتخلف، وتحت مظلة تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2030.
فيما يخص الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة "تحقيق السلام والعدالة والمؤسسات القوية" وموقع السودان منه، نرى أن هناك مسافة بعيدة تفصل ما بين هذا الهدف وسبل تحقيقه في غضون الستة سنوات المقبلة، بغياب السلام ومنذ الخامس عشر من شهر أبريل من العام المنصرم. اليوم الذي بدأت فيه نيران الحرب تشتعل، وتدق لها طبول الحرب من قبل دول ودويلات دخيلة على أمن وسلامة السودان، دول ودويلات بعيدة كل البعد عن هموم المواطن السوداني. الدول والدويلات التي أججت نيران الحرب في أرجاء السودان بمد المتحاربين بالسلاح ليفتك بين أبناء الوطن الواحد. وبالحرب ينتج غياب السلام الدائم في السودان، ولا فائدة في أخوة إسلامية زائفة، ولا فائدة من أخوة عربية كاذبة، ولا فائدة من أخوة أفريقانية منافقة، ولا فائدة من ديمقراطية مغشوشة. الديمقراطية التي يتم تسويقها للمواطن المكلوم ليرتضي بها بعد أن شرد وعذب، واحتلت دياره ونهبت أمواله وأملاكه، واغتصبت نساءه بأبشع الصور وفي وضح النهار.
فيما يخص السلام والعدالة والمؤسسات القوية في ظل حرب السودان: لقد غاب سوق العمل في السودان بحضور الحرب التي عطلت العمل والإنتاج والتعليم والصحة، وأفقرت المواطن السوداني، ومن كان ميسور حال، وزادت فقر من كان فقيرا من قبل. ومن هو يعمل الآن في السودان من ثروته البشرية (محاربين محترفين وقناصين من شباب وصغار، كلهم يعملون ضد الوطن)، يعمل على قتل الآخرين من المدنيين والأبرياء في المنازل والمؤسسات والشوارع. هذه القوة الدفاعية الممولة من دم المواطن، كان أفضل لها أن تحفظ كينونة الوطن وأمان حدوده مع دول الجوار، وأن تصون أمن وسلامة المواطن والوطن كما عاهدت على ذلك. ولكنها صارت الآن وللأسف هاجسا مؤرقا لنوم الوطن والمواطن، والتي كان ينبغي لها أن توجه جهودها لنهضة البلد كثروة بشرية لا يستهان بها وكما تبرهن لنا الآن في ساحات الإقتتال. وإذا كانت أرواح الضحايا لا تلعب دورا في الحسبان عند الأطراف المتحاربة، فالنلقي نظرة تمعن في شكل أسئلة على أنفسنا: كمْ عدد الضحايا الذين يسقطون يوميا، كمْ عدد المنازل والمؤسسات التي تحرق في كل يوم، كمْ عدد صناديق الزخيرة التي تنفد يوميا، وكمْ عدد المدافع والدبابات والطائرات التي تحترق يوميا، من يقوم بشرائها، ومن يدفع ثمنها للجهات المصنعة والمسوقة لها، وبمال من الناس؟
عن موضوع العدالة: لقد صار السودان وطنا تغيب فيه شمس العدالة، منذ أن غابت محاسبة جرائم التطهير العرقي فيه، ثم محاكمة رموز النظام البائد وفلوله، التي اتخذت من الخارج مواطن آمنة بعد تهريب أموال السودان وذهبه لخارج البلاد. وهنا نقول لرموز النظام البائد: كان الأفضل لكم أن تقدموا أنفسكم للعدالة بكل شجاعة بدلا من سكن المستشفيات أو الهروب للخارج. وإن هذا الشعب المفضال لعفا عنكم يوم كما عفا عن رموز النظام المايوي، الذين عاشوا ثم رحلوا، وقبروا بكرامة في تراب بلادهم.؟؟ فما لشعب أن يفعل بناس بلغوا من العمر عتيا، وها هم الآن فوق الثمانين من العمر؟؟. ثم لحق ذلك مجزرة اعتصام القيادة العامة، والتي أحرق فيه مئات من الشباب والشابات عمدا، وانتهى هذا الحادث الكبير والمحزن والمخزي من دون محاسبة الجهات الجانية على أرواح الضحايا وأسرهم. ولحق من بعد ذلك إلقاء أعمال لجنة تفكيك الفساد في البلاد، بعد طول روح الحكومة الانقلابية على الفترة الانتقالية، لتنتهي باختلاف بين قيادة الجيش السوداني، وقيادة قوات الدعم السريع. ثم أتت الحرب بين يوم وليلة وزادت الطين بلة، وكانت نتيجتها هو ما نراه الآن وفي كل يوم أمام أعيننا. العدالة تبدأ بالنظر لهذا الهدف بمحاسبة المعتدين على المواطنين في ديارهم، أن تعاد إليهم ممللكاتهم المنهوبة، وأن يخضع المغتصبون لحرمات الأسر والقاتلون للشعب السوداني للمحاكمة العادلة والمنصفة بعد نهاية هذه الحرب العبثية.
المؤسسات القوية لا تعني أن ينتج المواطن من عرق جبينه لكي تهرب أمواله وأموال الدولة من مجموعات موالية لخارج البلاد، ولا تعني التنقيب عن المعادن النفيسة كالذهب لكي تشترى بها الأسلحة لتدمير ما بني من ديار ومؤسسات وبنية تحتية. المؤسسات القوية لا تعني السماح لكل من هب ودب من البشر لشراء الهوية السودانية بأبخس الأثمان من سلطات البلاد، لكي توظف هذه الهوية السودانية "المجهولة الهوية" من بعض الشعوب في عمليات التهريب وغسيل الأموال والاتجار بالبشر وتنفيذ الأعمال الإرهابية في بلدان أخرى آمنة وعلى حساب سمعة السودان، وسمعة المواطن السوداني. المؤسسات القوية لا تعني أن يشعر المغترب المعذب طول عمره بأنه غريب في بلده السودان وبين أهله عندما يأتي في زيارة قصيرة. عندما يستغل القانون ضد المغترب في إجراءات الدخول والخروج. عندما يدخل، تخرج روحه مرة، وعندما يخرج، تخرج روحه مرات، وهنا خصوصا إذا كان الزائر ذا توجه سياسي آخر وغير المرغوب فيه من السلطات. المؤسسات القوية لا تعني أن تدخل مطار الخرطوم الذي كان، وتجد متاع سفرك مفتوحا أو ناقصا، أو تفقده كليا، أو تفقد أوراقك الشخصية، ولا أحد يدري بما حصل، ولا أحد كان مسؤول. المؤسسات القوية لا تعني أن تجد تجار العملات الأجنبية جالسين في صالات المطار صفوف، يسألون المسافر عن من معه شيء من العملات. والمؤسسات القوية لا تعني أن تكون حتى منظمات العون الإنساني العالمية العاملة في البلاد على أتم العلم، أين لها أن تبيع عملاتها الصعبة في بقالات ومكاتب السوق السوداء للعملات، تأتي لها، تحل بها، وعلى سياراتها دباجات تحمل أسماء هذه المنظمات، التي تأتي بقصد مساعدة السودان في سبل التنمية والتقدم، وباسم منظمات المجتمع الدولي لمساعدة الإنسان في دول أفريقيا المغلوب عل أمره كما هو عليه الأمر في السودان.
(نواصل في الهدف السابع عشر:عقد الشراكات لتحقيق الأهداف...)
E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de
المصدر: ترجمة معدلة من أوراق ومحاضرات للكاتب.
يسعى الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة وحتى العام 2030 إلى تحقيق السلام والعدالة والمؤسسات القوية على نطاق عالمي. ويبني هذا الهدف على الوصول إلى العدالة بتحقيق مجتمعات سلمية وشاملة للجميع، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وعلي جميع المستويات. ومن متطلبات تحقيق هذا الهدف، بناء مؤسسات عدلية ومؤسسات قضائية ذات وزن وقوة وشأن في تنفيذ القوانين، وهذا من أجل إقامة مجتمعات متوازنة يسودها السلم والعدل. ويعمل الهدف السادس عشر، والقبل الأخير لأهداف التنمية المستدامة على الحد من العنف بمختلف أنواعه، وتقليل نسبة الوفيات التي ترتبط به بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
يأتي في هذا الخصوص أهمية تحقيق هذا الهدف عبر وضع حد لإساءة معاملة الأفراد والأقليات من الشعوب، ومنع الاستغلال الشخصي، والقمع والإرهاب والاتجار بالبشر، والعنف الموجه، خصوصا ضد الأطفال والنساء والفتيات والشباب. كما يسعى هذا الهدف إلى تعريف الهوية للمواليد الجدد في كل دول العالم مباشرة بعد الولادة، وتسهيل أمر الوصول للمعلومات الضرورية وعلى المستوى الشخصي والمؤسسي، وهذا مع مرعاه المحافظة على حماية المعلومات الشخصية لكل شخص من التجسس، وحماية المعلومات المؤسسية من القرصنة وفقا للتشريعات المحلية، والقوانين الدولية.
ومن ضمن توصيات هذا الهدف، وضع أسس للشفافية بإنشاء مؤسسات تخضع للمساءلة القانونية وعلي جميع المستويات، وطنيا وعالميا، وهذا للحد من الرشوة والمحسوبية والفساد، وتقوية الأجهزة العدلية لاسترداد الأموال المنهوبة والمهربة ومكافحة غسيل الأموال المحلي والعالمي بشتى أشكاله. وعليه تأتي في مقدمة تنفيذ هذا الهدف في مكافحة الجريمة المنظمة، المبنية على التهريب وتجارة المخدرات والعقارات الطبية ذات الصلة بتدمير الثروة البشرية العالمية وفي مقتبل العمر، والاتجار بالبشر التي تتصل بالشرائح العمرية الأقل حماية. كما يعمل هذا الهدف أيضا على الحد من العنف الخفي أو العنف المستتر، الذي ينطلق من باطن الأسرة ضد أفرادها، الذين يعجزون في الغالب عن حماية أنفسهم بأنفسهم من مثل أنواع هذا العنف، الذي يعتبر في بعض المجتمعات المتخلفة اجتماعيا، عنفا مبررا من قبل الأسرة ومجتمعاتها.
زيادة على ذلك يسعى هذا الهدف إلى تعزيز القوانين وتسهيل سبل الوصول إلى الأجهزة العدلية على الصعيدين المحلى والدولي. ويعمل هذا الهدف على دعم المؤسسات القومية عبر التعاون الدولي، لتعزيز القدرات المحلية للعمل المستدام وعلى جميع المستويات. ويضع هذا الهدف مشاركة البلدان النامية، خصوصا الفقيرة منها في الاعتبار، وفي المقدمة دعم الحوكمة والشراكة وصياغة واتخاذ وتنفيذ القرار القائم على تحقيق الاستدامة العالمية على مبدأ الحكم الديمقراطي الرشيد والسلام والعدل، حتى تواكب هذه الدول ولا تفوت قطار التنمية والتطور، لتنهض بمجتمعاتها من براثن الفقر والجوع والمرض والتخلف، وتحت مظلة تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2030.
فيما يخص الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة "تحقيق السلام والعدالة والمؤسسات القوية" وموقع السودان منه، نرى أن هناك مسافة بعيدة تفصل ما بين هذا الهدف وسبل تحقيقه في غضون الستة سنوات المقبلة، بغياب السلام ومنذ الخامس عشر من شهر أبريل من العام المنصرم. اليوم الذي بدأت فيه نيران الحرب تشتعل، وتدق لها طبول الحرب من قبل دول ودويلات دخيلة على أمن وسلامة السودان، دول ودويلات بعيدة كل البعد عن هموم المواطن السوداني. الدول والدويلات التي أججت نيران الحرب في أرجاء السودان بمد المتحاربين بالسلاح ليفتك بين أبناء الوطن الواحد. وبالحرب ينتج غياب السلام الدائم في السودان، ولا فائدة في أخوة إسلامية زائفة، ولا فائدة من أخوة عربية كاذبة، ولا فائدة من أخوة أفريقانية منافقة، ولا فائدة من ديمقراطية مغشوشة. الديمقراطية التي يتم تسويقها للمواطن المكلوم ليرتضي بها بعد أن شرد وعذب، واحتلت دياره ونهبت أمواله وأملاكه، واغتصبت نساءه بأبشع الصور وفي وضح النهار.
فيما يخص السلام والعدالة والمؤسسات القوية في ظل حرب السودان: لقد غاب سوق العمل في السودان بحضور الحرب التي عطلت العمل والإنتاج والتعليم والصحة، وأفقرت المواطن السوداني، ومن كان ميسور حال، وزادت فقر من كان فقيرا من قبل. ومن هو يعمل الآن في السودان من ثروته البشرية (محاربين محترفين وقناصين من شباب وصغار، كلهم يعملون ضد الوطن)، يعمل على قتل الآخرين من المدنيين والأبرياء في المنازل والمؤسسات والشوارع. هذه القوة الدفاعية الممولة من دم المواطن، كان أفضل لها أن تحفظ كينونة الوطن وأمان حدوده مع دول الجوار، وأن تصون أمن وسلامة المواطن والوطن كما عاهدت على ذلك. ولكنها صارت الآن وللأسف هاجسا مؤرقا لنوم الوطن والمواطن، والتي كان ينبغي لها أن توجه جهودها لنهضة البلد كثروة بشرية لا يستهان بها وكما تبرهن لنا الآن في ساحات الإقتتال. وإذا كانت أرواح الضحايا لا تلعب دورا في الحسبان عند الأطراف المتحاربة، فالنلقي نظرة تمعن في شكل أسئلة على أنفسنا: كمْ عدد الضحايا الذين يسقطون يوميا، كمْ عدد المنازل والمؤسسات التي تحرق في كل يوم، كمْ عدد صناديق الزخيرة التي تنفد يوميا، وكمْ عدد المدافع والدبابات والطائرات التي تحترق يوميا، من يقوم بشرائها، ومن يدفع ثمنها للجهات المصنعة والمسوقة لها، وبمال من الناس؟
عن موضوع العدالة: لقد صار السودان وطنا تغيب فيه شمس العدالة، منذ أن غابت محاسبة جرائم التطهير العرقي فيه، ثم محاكمة رموز النظام البائد وفلوله، التي اتخذت من الخارج مواطن آمنة بعد تهريب أموال السودان وذهبه لخارج البلاد. وهنا نقول لرموز النظام البائد: كان الأفضل لكم أن تقدموا أنفسكم للعدالة بكل شجاعة بدلا من سكن المستشفيات أو الهروب للخارج. وإن هذا الشعب المفضال لعفا عنكم يوم كما عفا عن رموز النظام المايوي، الذين عاشوا ثم رحلوا، وقبروا بكرامة في تراب بلادهم.؟؟ فما لشعب أن يفعل بناس بلغوا من العمر عتيا، وها هم الآن فوق الثمانين من العمر؟؟. ثم لحق ذلك مجزرة اعتصام القيادة العامة، والتي أحرق فيه مئات من الشباب والشابات عمدا، وانتهى هذا الحادث الكبير والمحزن والمخزي من دون محاسبة الجهات الجانية على أرواح الضحايا وأسرهم. ولحق من بعد ذلك إلقاء أعمال لجنة تفكيك الفساد في البلاد، بعد طول روح الحكومة الانقلابية على الفترة الانتقالية، لتنتهي باختلاف بين قيادة الجيش السوداني، وقيادة قوات الدعم السريع. ثم أتت الحرب بين يوم وليلة وزادت الطين بلة، وكانت نتيجتها هو ما نراه الآن وفي كل يوم أمام أعيننا. العدالة تبدأ بالنظر لهذا الهدف بمحاسبة المعتدين على المواطنين في ديارهم، أن تعاد إليهم ممللكاتهم المنهوبة، وأن يخضع المغتصبون لحرمات الأسر والقاتلون للشعب السوداني للمحاكمة العادلة والمنصفة بعد نهاية هذه الحرب العبثية.
المؤسسات القوية لا تعني أن ينتج المواطن من عرق جبينه لكي تهرب أمواله وأموال الدولة من مجموعات موالية لخارج البلاد، ولا تعني التنقيب عن المعادن النفيسة كالذهب لكي تشترى بها الأسلحة لتدمير ما بني من ديار ومؤسسات وبنية تحتية. المؤسسات القوية لا تعني السماح لكل من هب ودب من البشر لشراء الهوية السودانية بأبخس الأثمان من سلطات البلاد، لكي توظف هذه الهوية السودانية "المجهولة الهوية" من بعض الشعوب في عمليات التهريب وغسيل الأموال والاتجار بالبشر وتنفيذ الأعمال الإرهابية في بلدان أخرى آمنة وعلى حساب سمعة السودان، وسمعة المواطن السوداني. المؤسسات القوية لا تعني أن يشعر المغترب المعذب طول عمره بأنه غريب في بلده السودان وبين أهله عندما يأتي في زيارة قصيرة. عندما يستغل القانون ضد المغترب في إجراءات الدخول والخروج. عندما يدخل، تخرج روحه مرة، وعندما يخرج، تخرج روحه مرات، وهنا خصوصا إذا كان الزائر ذا توجه سياسي آخر وغير المرغوب فيه من السلطات. المؤسسات القوية لا تعني أن تدخل مطار الخرطوم الذي كان، وتجد متاع سفرك مفتوحا أو ناقصا، أو تفقده كليا، أو تفقد أوراقك الشخصية، ولا أحد يدري بما حصل، ولا أحد كان مسؤول. المؤسسات القوية لا تعني أن تجد تجار العملات الأجنبية جالسين في صالات المطار صفوف، يسألون المسافر عن من معه شيء من العملات. والمؤسسات القوية لا تعني أن تكون حتى منظمات العون الإنساني العالمية العاملة في البلاد على أتم العلم، أين لها أن تبيع عملاتها الصعبة في بقالات ومكاتب السوق السوداء للعملات، تأتي لها، تحل بها، وعلى سياراتها دباجات تحمل أسماء هذه المنظمات، التي تأتي بقصد مساعدة السودان في سبل التنمية والتقدم، وباسم منظمات المجتمع الدولي لمساعدة الإنسان في دول أفريقيا المغلوب عل أمره كما هو عليه الأمر في السودان.
(نواصل في الهدف السابع عشر:عقد الشراكات لتحقيق الأهداف...)
E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de
المصدر: ترجمة معدلة من أوراق ومحاضرات للكاتب.