أي عين حارة ولعنة قاهرة أصابتا هذا الوطن والشعب؟

 


 

 

في العام ١٩٥٥م، اندلعت أحداث توريت، وكان قرار الحكومات المتتالية هو الحسم العسكري، واستمر الفشل حتى العام ١٩٧٢م، وخلال ١٧ عام كان الثمن غالياً في الأرواح والبنيات التحتية والخدمات والاقتصاد، وأخيراً جلس الأطراف للتفاوض.
في العام ١٩٨٣م، اندلعت الحرب في الجنوب ثم توسعت تباعاً في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق والشرق، وكان قرار نفس الحكومة التي فاوضت في العام ١٩٧٢م، والحكومات التي جاءت بعدها، أنها تريد أن تحسم النزاع عسكرياً لكنها فشلت، وأخيراً جلست للتفاوض في العام ٢٠٠٥م، وخلال ٢٢ عاماً من الحرب، كان الثمن غالياً في الأرواح والبنيات التحتية والخدمات والاقتصاد.
في العام ٢٠٠٣م، اندلعت الحرب في دارفور، وكان قرار الحكومة أنها ستحسمها عسكرياً، لكنها فشلت وجلست للتفاوض في أكثر من منبر، وخلال عقدين من الحرب كان الثمن غالياً في الأرواح والبنيات التحتية والخدمات والاقتصاد.
المشهد نفسه يتكرر اليوم، حيث اندلعت الحرب في ٢٠٢٣م، وهذه المرة في الخرطوم العاصمة، والقرار بالحسم العسكري نفسه هو شعار الطرفين. تُرَى، كم عاماً يجب أن يدفع الشعب الثمن الغالي في الأرواح والبنيات التحتية والخدمات والاقتصاد، قبل أن يعي الطرفان بئس العواقب ويوقفان الحرب أو حتى يجلسا للتفاوض؟ ومتى نتعلّم من الدروس بعد أن ركلنا مقولة العِبرة في الآخر والعبرة في النفس؟
خلال أكثر من ستين عاماً، قُتِل ما يزيد على ثلاثة ملايين من الشعب وتم تشريد الملايين، أيضاً وافتقدت البلاد بلايين الدولارات، ليس بفعل غزوٍ من دولة أخرى ولكن برعونة قرارات حكوماته.
وطن كانت مساحته أكثر من اثنين ونصف مليون كيلومتر مربع وخمسين مليون نسمة، ثم انقسم إلى دولتين بسبب الحرب.
وطن يجري فيه أطول نهر في العالم بفروعه للمياه العذبة، وفي جوف أرضه أكبر بحيرات المياه العذبة، وطن يملك روح الحياة، لماذا هو ميت؟
وطن فيه أكثر من مئتين مليون فدان صالحة للزراعة.
احتياطي الذهب فيه بلا حدود وهو ثالث منتج له في أفريقيا.
احتياطي الفضة يبلغ ١٥٥٠ طن.
احتياطي النحاس من تقديرات مبدئية يبلغ ٥ مليون طن .
احتياطي اليورانيوم أكثر من مليون طن.
ينتج ٤٠% من السمسم الأبيض في أفريقيا.
يصدّر ٣٠% من السمسم الأحمر في العالم.
يصدّر ٨٠% من صمغ الهشاب والطلح في العالم (ما يُعرف بالصمغ العربي).
سادس أكبر مالك للثروة الحيوانية في العالم.
احتياطي البترول يبلغ ١.٥ بليون برميل، وهو خامس مالك للاحتياطي في أفريقيا.
ثاني أكبر مصدّر للفول السوداني في العالم بنسبة ١٢%.
سادس أكبر منتج للدخن في العالم بمقدار مليون ونصف طن في العام، والقائمة تطول.
تُرَى، أي عين حارة ضربت هذا الوطن وأي لعنة أصابت هذا الشعب؟ ربما هي لعنة أرواح الملايين التي أُزْهِقت بينما كانت تنادي لنيل حقوق المواطنة، لكن ابحثوا عن العين الحارة، لعل وعسى نجدها فيذهب فيها العود كما يقولون ويسلم الوطن، أوقفوا الحرب.

jabdosa@yahoo.com

 

آراء