البلابسة والحرابلة وصراع وجهات النظر على وسائط التواصل الإجتماعي
محمد خالد
24 October, 2024
24 October, 2024
منذ الأسابيع الأولى لحرب ١٥ أبريل، ظهر تياران رئيسيان على وسائط التواصل الإجتماعي تجاه الرؤية للحرب، الأول هو أنصار الحسم العسكري (البلابسة) والثاني دعاة وقف الحرب (الحرابلة)، وتظهر ميول كلا الطرفين على مشاركاتهم في وسائل التواصل الإجتماعي وصولاً إلى تكون تكتلات تتبادل نشر المحتوى المؤيد لكل رؤية. بسبب إختلاف الرؤى، انخرط التياران في دوامة لا نهائية من الإنحياز التأكيدي (يُعرف أيضاً بالإنحياز الذاتي) وهو الميل للبحث عن، وتفسير، وتذكُّر وذِكر المعلومات بطريقة تتوافق مع معتقدات وإفتراضات الفرد، بينما لا يُولي انتباهاً مماثلاً للمعلومات المناقضة لها. لاحقاً، إنخرط التياران في صراع إسفيري يشمل تحقير الآراء، والإتهامات بالعمالة أو خيانة الثورة، والإساءات اللفظية، وتعداه إلى قدح المظهر الخارجي والسلوكيات الشخصية وغيرها.
يسعى هذا المقال لتوضيح أن وجهات النظر للبلابسة والحرابلة مُجزَأة ويشوبها الإنحياز التأكيدي للآراء المُسبَقة وتداعيات هذه الآراء، والحاجة الملحة لرؤية أوسع وأكثر شمولاً لحل الأزمة.
وجهات نظر مُجزَأة وتحيز ذاتي
يدعم البلابسة الحسم العسكري، حجتهم الرئيسية أن إنتصار المؤسسة العسكرية للدولة سيُحافظ على وجود الدولة نفسها من التفتت ويمنع قيام حكم أُسري ويحقق السلام ووحدة الأمة. ومع ذلك، فهم يتغافلون عن إنتاج فكر وسياسات الإسلاميين للدعم السريع، كذلك في الغالب يتغافل البلابسة عن التأثير الحالي الكبير للإسلاميين داخل صفوف الجيش، ويُجادلون بأنه ليس الوقت المناسب لهذا النقاش، وقال بعضهم أنهم يناصرون الجيش مع توقعهم أن يتم التنكيل بهم بعد نهاية الحرب، وهو مما يُعيق إلتفاف أكبر عدد ممكن من الشعب حول الجيش، وبالتالي تطاول أمد الحرب وتأخير هدفهم وهو النصر الكامل للجيش عسكرياً، أو بإتفاق من موقف قوة حسب رأي بعضهم. إن تطاول أمد الحرب يأتي على حساب السودانيين وربما مستقبل أجيال من أطفالهم، ورغم أنه في الشهور الأخيرة زاد الإلتفاف الشعبي حول الجيش ولكن في الغالب بسبب إنتهاكات الدعم السريع الواسعة وليس لسبب آخر.
من ناحية أخرى، يرى الحرابلة أن استمرار الحرب يؤدي إلى مزيد من القتل والعنف وإنتهاك حرمات وحقوق السودانيين والنهب الواسع النطاق، وتدمير البنى التحتية الفقيرة أصلاً، وبالتالي ترتفع تكلفة التعافي ويطول المدى الزمني له وربما تضيع أجيال ما بين الحرب والتعافي في دولة ومجتمع هشين. رؤية الحرابلة تماثلها رؤية تقدم، ومع ذلك فقد إفتقرت تقدم إلى رؤية متماسكة وموثوقة وقابلة للتطبيق لمستقبل الدعم السريع وتضمن عدم استحواذه على الدولة بإتفاق سلام. لقد طابقت أفعال منسوبو الدعم السريع أقوال حميدتي قبل الحرب (العمارات تسكنها الكدايس، و الحصل في مليط يحصل في الخرطوم،لو الحل بعد فض الاعتصام استمرشهرناس كتيرة جرت زي ما جروا في مناطق أخرى حسب قوله)، ولم تطابق الأفعال أقواله عن استعداده لوقف العدائيات والسلام وحماية المدنيين. كذلك لم توضح تقدم كيفية واضحة للتعامل مع الإنتهاكات الواسعة المستمرة التي ترتكبها عناصر الدعم السريع، كما يتجاهلون دعم دول خارجية له. كذلك أعتقد أنهم قد افتقروا للحسم اللازم مع الدعم السريع بخصوص الإنتهاكات، وإيقاف إجتياحه لمناطق جديدة لا توجد فيها حتى نقطة شرطة لإبداء حسن النية، وذلك عندما قابلوا حميدتي في أديس أبابا، فيجب أن تطابق أفعال الدعم السريع أقواله عن إيقاف الحرب.
طبيعة السلطة والسيطرة
حقيقة أساسية يجب الإعتراف بها هي أن الإسلاميين والدعم السريع هما كيانان سلطويان استحواذيان، بمعنى أنهما حصلا على السيطرة وحافظا عليها من خلال السلاح والعنف والاستيلاء على الموارد الإقتصادية. أيضاً يجب ألا يُعمي الغُبن تجاه الدعم السريع، بسبب الإنتهاكات السابقة والحالية الواسعة، الأشخاص عن رؤية الطبيعة السلبية للإسلاميين، وبالطبع يجب ألا يُعمي تسبب الإسلاميون في كثير من الكوارث والأخطاء عن رؤية إنتهاكات الدعم السريع الواسعة أو محاولة تبسيطها أو تبريرها أو عزوها للحرب فقط.
من الضروري أن ندرك أن التصادم بين الطرفين لا يفعل شيئاً سوى تعزيز دورة العنف والإنتقام، وتطور شكل الصراع إلى إثني ومناطقي وحرب الكل ضد الكل ويتحكم الخارج بمصالحه في مسار هذه الحرب ويصفي حساباته على أرضنا. إن الإعتراف بفشل كلا الطرفين، والضغط عليهم معنوياً للإعتراف بذلك، ومع إدراك صعوبة الحصول على هذا الإعتراف، إلا أن الحوار الجاد والموضوعي بين البلابسة والحرابلة في الأسافير، على الأقل غير المنتمين حزبياً وليسوا في المعارك العسكرية وغير الحازمين أمرهم بخيانة طرف للوطن أو بخيانته للثورة، قد يكون خطوة جيدة ومؤثرة لتعزيز حوار أكثر شمولاً حول مستقبل السودان.
الحاجة إلى حل شامل
غالباً ما يختصر الخطاب الإسفيري للبلابسة والحرابلة مستقبل السودانيين والسودانيات إلى خيار ثنائي بين الإسلاميين والدعم السريع، تَحِد هذه الثنائية من النقاش ودوماً تصل به إلى طريق مسدود، ينتهي بالتلاسن و المقارنة بين إنتهاكات الدعم السريع وخطايا الكيزان، وتستمر هذه الثنائية في تعزيز الإنطباع بعدم وجود طريق بديل، متجاهلةً إمكانية وجود خيار ثالث يتمركز حول حقوق وإحتياجات الشعب السوداني.
القوات المسلحة السودانية
هذه الحرب قد تكون الفرصة الأخيرة لتدرك قيادة القوات المسلحة السودانية أن استقلالية الجيش التامة عن الأطراف السياسية، وتعزيز قوميتها، وإحتكارها للسلاح والنأي بنفسها عن السلطة أصبح لازماً لبقاء الجيش نفسه ومن ثم بقاء الدولة. يتجاهل البلابسة قتال الإسلاميين والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية بجانب الجيش بشكل شبه مستقل بعيداً عن سيطرة الجيش الكاملة عليها، مما يطرح تساؤلاً بشأن دور هذه المليشيات بعد الحرب وقابلية استخدامها للتمكن من السلطة، أو للحصول على إمتيازات سياسية، أو لقمع الشعب والقوى السياسية، لاحقاً. والحقيقة أن قيادة الجيش كانت مختلفة حول ذلك، حيث حذر نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، من خطر المقاومة الشعبية المسلحة التي تعمل خارج إمرة القوات المسلحة، مشدداً على عدم استغلال المعسكرات النظامية من قبل أي حزب سياسي برفع شعارات بخلاف التي تعبر عن قومية القوات المسلحة. وبعد يومين من حديث شمس الدين كباشي، امتدح نائب القائد العام للجيش، ياسر العطا، المقاومة الشعبية التي تقاتل مع الجيش، معتبراً إنتقادها كلمات تذروها الرياح.
التأثيرات الخارجية والآثار الإقليمية
علاوة على ذلك فإن وجود قوى خارجية تسعى لاستغلال الفوضى في السودان، واستفادت من الأزمة لتدير حرباً بالوكالة، يعقد الصراع، ويزيد من الاستقطاب، وفي الغالب هناك غرف إعلامية ومخابراتية على وسائط التواصل الإجتماعي تعزز الاستقطاب والكراهية والإنقسام المجتمعي. يسلط هذا الضؤ على ضرورة أن أن يَعي السودانيون أن بلدهم هدف لكل طامع في ثروات بلادهم، كما تسعى دول لاستتباع السودان عبر وكلاء وتسعى لتعزيز حكم شمولي عسكري أو إمارة مليشياوية تتيح لهم تحقيق أهدافهم.
ضرورة الضغط على الأطراف
يجب أن تكون هناك جهود جادة لكشف وإدانة الإنتهاكات التي ترتكبها جميع الفصائل المشاركة في الصراع وعدم تجاهل أياً منها لأي سبب. كما يجب رفض وإدانة استخدام العنف والترهيب واستهداف المدنيين كوسيلة للضغط السياسي بشكل قاطع. إن الفشل في الضغط على أولئك الذين يرتكبون هذه الأفعال، سيجعلهم يتمادون في إنتهاكاتهم ويشجع آخرين للإنضمام إليهم، فتستمر دورة العنف، ويبقى النقاش الجاد بعيد المنال.
تتطلب تعقيدات الصراع السوداني نظرة واسعة للعوامل المختلفة المؤثرة على مسار الصراع. على البلابسة والحرابلة أن يتوقفوا قليلاً ويتأملوا في تحيزاتهم وسردهم الإنتقائي لفهم أوسع يتجاوز الخيارات الثنائية. إن الإعتراف بفشل كل من الإسلاميين والدعم السريع أمر أساسي لصياغة حل أكثر شمولاً يركز على حقوق وكرامة جميع السودانيين. من خلال الحوار الجاد يكون هناك أمل في حل مستدام يعالج أسباب الصراع، والذي أراه إندلع بسبب النزاع على السلطة ولكن مهدت له وغذته وما زالت علامات فشل الدولة قبل هذه الحرب بكثير، وهذه العلامات تشمل: الحروب الأهلية، وجود مليشيات أو الجسم العسكري الأمني أو جزء منه يشكل دولة داخل الدولة، وجود مجموعات سكانية مظلومة، اللجؤ والنزوح، الضغط السكاني على الموارد المحدودة، الإنهيار الإقتصادي والفقر، التنمية الإقتصادية الضعيفة وغير المتوازنة، الفساد المالي والسياسي، هجرة العقول، عدم شرعية النظام الحاكم، ضعف الخدمات العامة، ضعف حكم وسيادة القانون وإنتهاكات حقوق الإنسان، النخب المنقسمة، والتدخل الخارجي. إن البشر يتآمرون منذ هابيل وقابيل، ولكن إلقاء المسؤولية بالكامل على مؤامرة خارجية في أزمتنا الحالية غير مُجدٍ، فالواجب هو البحث عن الحلول ومراجعة الصواب للمحافظة عليه وتعزيزه والخطأ لمراجعته حتى لا تنجح المؤامرات الخارجية، فنحن لا نملك أن نمنع البشر من التآمر إلا بمراجعة أخطائنا وإغلاق ثغرات تآمرهم علينا من داخلنا.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد
يسعى هذا المقال لتوضيح أن وجهات النظر للبلابسة والحرابلة مُجزَأة ويشوبها الإنحياز التأكيدي للآراء المُسبَقة وتداعيات هذه الآراء، والحاجة الملحة لرؤية أوسع وأكثر شمولاً لحل الأزمة.
وجهات نظر مُجزَأة وتحيز ذاتي
يدعم البلابسة الحسم العسكري، حجتهم الرئيسية أن إنتصار المؤسسة العسكرية للدولة سيُحافظ على وجود الدولة نفسها من التفتت ويمنع قيام حكم أُسري ويحقق السلام ووحدة الأمة. ومع ذلك، فهم يتغافلون عن إنتاج فكر وسياسات الإسلاميين للدعم السريع، كذلك في الغالب يتغافل البلابسة عن التأثير الحالي الكبير للإسلاميين داخل صفوف الجيش، ويُجادلون بأنه ليس الوقت المناسب لهذا النقاش، وقال بعضهم أنهم يناصرون الجيش مع توقعهم أن يتم التنكيل بهم بعد نهاية الحرب، وهو مما يُعيق إلتفاف أكبر عدد ممكن من الشعب حول الجيش، وبالتالي تطاول أمد الحرب وتأخير هدفهم وهو النصر الكامل للجيش عسكرياً، أو بإتفاق من موقف قوة حسب رأي بعضهم. إن تطاول أمد الحرب يأتي على حساب السودانيين وربما مستقبل أجيال من أطفالهم، ورغم أنه في الشهور الأخيرة زاد الإلتفاف الشعبي حول الجيش ولكن في الغالب بسبب إنتهاكات الدعم السريع الواسعة وليس لسبب آخر.
من ناحية أخرى، يرى الحرابلة أن استمرار الحرب يؤدي إلى مزيد من القتل والعنف وإنتهاك حرمات وحقوق السودانيين والنهب الواسع النطاق، وتدمير البنى التحتية الفقيرة أصلاً، وبالتالي ترتفع تكلفة التعافي ويطول المدى الزمني له وربما تضيع أجيال ما بين الحرب والتعافي في دولة ومجتمع هشين. رؤية الحرابلة تماثلها رؤية تقدم، ومع ذلك فقد إفتقرت تقدم إلى رؤية متماسكة وموثوقة وقابلة للتطبيق لمستقبل الدعم السريع وتضمن عدم استحواذه على الدولة بإتفاق سلام. لقد طابقت أفعال منسوبو الدعم السريع أقوال حميدتي قبل الحرب (العمارات تسكنها الكدايس، و الحصل في مليط يحصل في الخرطوم،لو الحل بعد فض الاعتصام استمرشهرناس كتيرة جرت زي ما جروا في مناطق أخرى حسب قوله)، ولم تطابق الأفعال أقواله عن استعداده لوقف العدائيات والسلام وحماية المدنيين. كذلك لم توضح تقدم كيفية واضحة للتعامل مع الإنتهاكات الواسعة المستمرة التي ترتكبها عناصر الدعم السريع، كما يتجاهلون دعم دول خارجية له. كذلك أعتقد أنهم قد افتقروا للحسم اللازم مع الدعم السريع بخصوص الإنتهاكات، وإيقاف إجتياحه لمناطق جديدة لا توجد فيها حتى نقطة شرطة لإبداء حسن النية، وذلك عندما قابلوا حميدتي في أديس أبابا، فيجب أن تطابق أفعال الدعم السريع أقواله عن إيقاف الحرب.
طبيعة السلطة والسيطرة
حقيقة أساسية يجب الإعتراف بها هي أن الإسلاميين والدعم السريع هما كيانان سلطويان استحواذيان، بمعنى أنهما حصلا على السيطرة وحافظا عليها من خلال السلاح والعنف والاستيلاء على الموارد الإقتصادية. أيضاً يجب ألا يُعمي الغُبن تجاه الدعم السريع، بسبب الإنتهاكات السابقة والحالية الواسعة، الأشخاص عن رؤية الطبيعة السلبية للإسلاميين، وبالطبع يجب ألا يُعمي تسبب الإسلاميون في كثير من الكوارث والأخطاء عن رؤية إنتهاكات الدعم السريع الواسعة أو محاولة تبسيطها أو تبريرها أو عزوها للحرب فقط.
من الضروري أن ندرك أن التصادم بين الطرفين لا يفعل شيئاً سوى تعزيز دورة العنف والإنتقام، وتطور شكل الصراع إلى إثني ومناطقي وحرب الكل ضد الكل ويتحكم الخارج بمصالحه في مسار هذه الحرب ويصفي حساباته على أرضنا. إن الإعتراف بفشل كلا الطرفين، والضغط عليهم معنوياً للإعتراف بذلك، ومع إدراك صعوبة الحصول على هذا الإعتراف، إلا أن الحوار الجاد والموضوعي بين البلابسة والحرابلة في الأسافير، على الأقل غير المنتمين حزبياً وليسوا في المعارك العسكرية وغير الحازمين أمرهم بخيانة طرف للوطن أو بخيانته للثورة، قد يكون خطوة جيدة ومؤثرة لتعزيز حوار أكثر شمولاً حول مستقبل السودان.
الحاجة إلى حل شامل
غالباً ما يختصر الخطاب الإسفيري للبلابسة والحرابلة مستقبل السودانيين والسودانيات إلى خيار ثنائي بين الإسلاميين والدعم السريع، تَحِد هذه الثنائية من النقاش ودوماً تصل به إلى طريق مسدود، ينتهي بالتلاسن و المقارنة بين إنتهاكات الدعم السريع وخطايا الكيزان، وتستمر هذه الثنائية في تعزيز الإنطباع بعدم وجود طريق بديل، متجاهلةً إمكانية وجود خيار ثالث يتمركز حول حقوق وإحتياجات الشعب السوداني.
القوات المسلحة السودانية
هذه الحرب قد تكون الفرصة الأخيرة لتدرك قيادة القوات المسلحة السودانية أن استقلالية الجيش التامة عن الأطراف السياسية، وتعزيز قوميتها، وإحتكارها للسلاح والنأي بنفسها عن السلطة أصبح لازماً لبقاء الجيش نفسه ومن ثم بقاء الدولة. يتجاهل البلابسة قتال الإسلاميين والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية بجانب الجيش بشكل شبه مستقل بعيداً عن سيطرة الجيش الكاملة عليها، مما يطرح تساؤلاً بشأن دور هذه المليشيات بعد الحرب وقابلية استخدامها للتمكن من السلطة، أو للحصول على إمتيازات سياسية، أو لقمع الشعب والقوى السياسية، لاحقاً. والحقيقة أن قيادة الجيش كانت مختلفة حول ذلك، حيث حذر نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، من خطر المقاومة الشعبية المسلحة التي تعمل خارج إمرة القوات المسلحة، مشدداً على عدم استغلال المعسكرات النظامية من قبل أي حزب سياسي برفع شعارات بخلاف التي تعبر عن قومية القوات المسلحة. وبعد يومين من حديث شمس الدين كباشي، امتدح نائب القائد العام للجيش، ياسر العطا، المقاومة الشعبية التي تقاتل مع الجيش، معتبراً إنتقادها كلمات تذروها الرياح.
التأثيرات الخارجية والآثار الإقليمية
علاوة على ذلك فإن وجود قوى خارجية تسعى لاستغلال الفوضى في السودان، واستفادت من الأزمة لتدير حرباً بالوكالة، يعقد الصراع، ويزيد من الاستقطاب، وفي الغالب هناك غرف إعلامية ومخابراتية على وسائط التواصل الإجتماعي تعزز الاستقطاب والكراهية والإنقسام المجتمعي. يسلط هذا الضؤ على ضرورة أن أن يَعي السودانيون أن بلدهم هدف لكل طامع في ثروات بلادهم، كما تسعى دول لاستتباع السودان عبر وكلاء وتسعى لتعزيز حكم شمولي عسكري أو إمارة مليشياوية تتيح لهم تحقيق أهدافهم.
ضرورة الضغط على الأطراف
يجب أن تكون هناك جهود جادة لكشف وإدانة الإنتهاكات التي ترتكبها جميع الفصائل المشاركة في الصراع وعدم تجاهل أياً منها لأي سبب. كما يجب رفض وإدانة استخدام العنف والترهيب واستهداف المدنيين كوسيلة للضغط السياسي بشكل قاطع. إن الفشل في الضغط على أولئك الذين يرتكبون هذه الأفعال، سيجعلهم يتمادون في إنتهاكاتهم ويشجع آخرين للإنضمام إليهم، فتستمر دورة العنف، ويبقى النقاش الجاد بعيد المنال.
تتطلب تعقيدات الصراع السوداني نظرة واسعة للعوامل المختلفة المؤثرة على مسار الصراع. على البلابسة والحرابلة أن يتوقفوا قليلاً ويتأملوا في تحيزاتهم وسردهم الإنتقائي لفهم أوسع يتجاوز الخيارات الثنائية. إن الإعتراف بفشل كل من الإسلاميين والدعم السريع أمر أساسي لصياغة حل أكثر شمولاً يركز على حقوق وكرامة جميع السودانيين. من خلال الحوار الجاد يكون هناك أمل في حل مستدام يعالج أسباب الصراع، والذي أراه إندلع بسبب النزاع على السلطة ولكن مهدت له وغذته وما زالت علامات فشل الدولة قبل هذه الحرب بكثير، وهذه العلامات تشمل: الحروب الأهلية، وجود مليشيات أو الجسم العسكري الأمني أو جزء منه يشكل دولة داخل الدولة، وجود مجموعات سكانية مظلومة، اللجؤ والنزوح، الضغط السكاني على الموارد المحدودة، الإنهيار الإقتصادي والفقر، التنمية الإقتصادية الضعيفة وغير المتوازنة، الفساد المالي والسياسي، هجرة العقول، عدم شرعية النظام الحاكم، ضعف الخدمات العامة، ضعف حكم وسيادة القانون وإنتهاكات حقوق الإنسان، النخب المنقسمة، والتدخل الخارجي. إن البشر يتآمرون منذ هابيل وقابيل، ولكن إلقاء المسؤولية بالكامل على مؤامرة خارجية في أزمتنا الحالية غير مُجدٍ، فالواجب هو البحث عن الحلول ومراجعة الصواب للمحافظة عليه وتعزيزه والخطأ لمراجعته حتى لا تنجح المؤامرات الخارجية، فنحن لا نملك أن نمنع البشر من التآمر إلا بمراجعة أخطائنا وإغلاق ثغرات تآمرهم علينا من داخلنا.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد