الجلابي جبريل ابراهيم .. والهامشي عبدالوهاب عثمان !
د. حامد برقو عبدالرحمن
12 September, 2022
12 September, 2022
(1)
في عام 2006 و على موقع سودانيز اونلاين كتبت مستنكراً بعض المفردات النمطية التي تعمق شرخنا الإجتماعي و التي منها مفردة الجلابة و أخواتها و مقابلاتها . و ناديت بضرورة سن القوانين التي تجرم إستخدام بعض التعبيرات ان أردنا التعافي لمجتمعنا.
كنت قد قلت ان المجتمع السوداني قروي رعوي أو زراعي بإمتياز بينما لفظ الجلابة بمدلوله الاجتماعي الاقتصادي يعني الاستقراطية.
عائلات الجلابة في السودان لا تتجاوز ال 250 عائلة و هي منحدرة من جميع أقاليم السودان إلا ان اغلبها من الشمال و الوسط لأسباب موضوعية.
عدا ذلك فنحن مجرد شعب كادح رغم ما تزخر به بلادنا من خيرات تضعنا ضمن قائمة G20.
أعود لأقول ان السودان بأكمله مهمش ( بصرف النظر عن إدراك البعض من عدمه) بينما الجلابة أو الجلبنة مجرد عقلية التفكير و ليس بتوصيف إجتماعي أو وضع إقتصادي.
(2)
كانت حوالي العاشرة من صبيحة الرابع من سبتمبر من عام 1998 عندما كنا جلوساً في باحة فندق باب البحر بالعاصمة طرابلس حيث تمت إستضافة معظم الوفود القادمة من افريقيا و امريكا اللاتينية و المشاركة في العيد ال 29 من ثورة الفاتح الليبية.
و كان الوفد السوداني على وشك المغادرة الي المطار ؛ و طائرتهم كانت أول طائرة تهبط بمطار طرابلس الدولى منذ ان فرضت الولايات المتحدة حظرا جوياً على ليبيا.
كما ذكرت في مقال سابق كان الوفد السوداني الذي اطلق عليه الوفد الشعبي لا يضم غير الانقاذيين . و كان منهم الدكتور علي الحاج ، الدكتور مجذوب الخليفة (عليه رحمة الله)، بروفيسور حسن مكي ، الدكتور جبريل ابراهيم و غيرهم.
و لأن البترول لم يتدفق بعد ؛ كانت أوضاع الانقاذيين المالية متواضعة.
دخل مدير شركة عازة للطيران أنذاك و وزير المالية الحالى الدكتور جبريل ابراهيم الباحة و خلفه ترولي أو أكثر ، مازحه بعض إخوته الانقاذيين حول فخامة ما بالترولي الا ان رده( الذي مر عليه العقدين من الزمان) لم يختلف كثيرا عن رده قبل اسبوع على إستنكار الناس للإعفاء الجمركي لسيارة ابن شهيد المهمشين خليل ابراهيم( عليه رحمة الله).
قد إفتقر الردان الي الحساسية المناسبة !!
(3)
الدكتور عبدالوهاب عثمان؛ وزير المالية و الاقتصاد الوطني الأسبق كان مثالاً للوزير الإنسان، رغم انه درس الإقتصاد في أفضل جامعات الغرب إلا انه إستخلص ما يكون مناسباً لفقراء بلادنا .
عندما تسنم وزارة المالية في الفترة ما بين 1996- 2000 كان الوضع الإقتصادي أسوأ من ما هو عليه اليوم ، حيث لم يستخرج البترول ، و ميزانية الامن و الحرب كانت تلتهم أكثر من نصف الناتج القومي و التضخم قد وصل أكثر من 160%.
أما اخوته الرساليين في التظيم و الذين اصبحوا لصوصاً و كذابين و قتلة لاحقاً كانوا قد تذوقوا حلاوة المال العام للتو.
عمل الرجل وسط بحر متلاطم من الصعوبات ليخفض التضخم الي رقم أحادي - اي دون 10% و ذلك بتحجيم السيولة و ضبط سعر الصرف للعملةالمحلية( على نقيض طباعة المزيد من العملة و تعويم سعر الصرف الذي نشهده اليوم) . بالإضافة الي الضبط الصارم للاعفاءات الجمركية و وضع جميع الشركات الحكومية تحت إمرة وزارة المالية.
تميز الوزير الراحل بالخبرة الثرة ، الارادة الحديدية و الالتزام الأخلاقي الصارم في سياساته الاقتصادية ، الأمر الذي جعله ليكون أفضل وزير مالية في تاريخ الدولة السودانية "بالمعطيات الاقتصادية".
(4)
في التاسع من مارس 2014 غادرنا العالم الجليل الدكتور عبد الوهاب عثمان (رحمه الله) مخلفاً العديد من الدروس العملية في الأخلاق و الكتب في الاقتصاد و التي منها( منهجية الاصلاح الاقتصادي في السودان, الاقتصاد السوداني بين ضرورة التأصيل و مطلوبات العولمة السلامة المصرفية و الإستقرار الإقتصادي).
تبقى لي ان اتساءل و ببعض الألم هل تسنى للاخ محمد حمدان دقلو السماع بتلك الكتب ؛ ناهيك عن مطالعتها حتى يترأس اللجنة الإقتصادية للدولة ؟؟
في الجانب الآخر؛ أراهن على كفاءة الدكتور جبريل ابراهيم لإدارة دفة الاقتصاد الوطني ( في غير حكومة انقلابية).
و برغم أننا لا نملك مصفاة لتنقية الهجوم الذي يتعرض له الدكتور جبريل من الدوافع الجهوية؛ إلا انه من المهم ان نذكره بأنه وزير لمالية شعب أكثر من نصفه يعيش تحت خط الفقر و ان معظم اقرباء الوزير نفسه يعيشون في معسكرات النزوح و اللجوء. لذا ندعوه لإدخار اي جنيه جمركي لجوعى السودان و قبل هذا و ذاك توفير التبريرات التي تفتقر الي الحساسية الوطنية .
د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com
/////////////////////
في عام 2006 و على موقع سودانيز اونلاين كتبت مستنكراً بعض المفردات النمطية التي تعمق شرخنا الإجتماعي و التي منها مفردة الجلابة و أخواتها و مقابلاتها . و ناديت بضرورة سن القوانين التي تجرم إستخدام بعض التعبيرات ان أردنا التعافي لمجتمعنا.
كنت قد قلت ان المجتمع السوداني قروي رعوي أو زراعي بإمتياز بينما لفظ الجلابة بمدلوله الاجتماعي الاقتصادي يعني الاستقراطية.
عائلات الجلابة في السودان لا تتجاوز ال 250 عائلة و هي منحدرة من جميع أقاليم السودان إلا ان اغلبها من الشمال و الوسط لأسباب موضوعية.
عدا ذلك فنحن مجرد شعب كادح رغم ما تزخر به بلادنا من خيرات تضعنا ضمن قائمة G20.
أعود لأقول ان السودان بأكمله مهمش ( بصرف النظر عن إدراك البعض من عدمه) بينما الجلابة أو الجلبنة مجرد عقلية التفكير و ليس بتوصيف إجتماعي أو وضع إقتصادي.
(2)
كانت حوالي العاشرة من صبيحة الرابع من سبتمبر من عام 1998 عندما كنا جلوساً في باحة فندق باب البحر بالعاصمة طرابلس حيث تمت إستضافة معظم الوفود القادمة من افريقيا و امريكا اللاتينية و المشاركة في العيد ال 29 من ثورة الفاتح الليبية.
و كان الوفد السوداني على وشك المغادرة الي المطار ؛ و طائرتهم كانت أول طائرة تهبط بمطار طرابلس الدولى منذ ان فرضت الولايات المتحدة حظرا جوياً على ليبيا.
كما ذكرت في مقال سابق كان الوفد السوداني الذي اطلق عليه الوفد الشعبي لا يضم غير الانقاذيين . و كان منهم الدكتور علي الحاج ، الدكتور مجذوب الخليفة (عليه رحمة الله)، بروفيسور حسن مكي ، الدكتور جبريل ابراهيم و غيرهم.
و لأن البترول لم يتدفق بعد ؛ كانت أوضاع الانقاذيين المالية متواضعة.
دخل مدير شركة عازة للطيران أنذاك و وزير المالية الحالى الدكتور جبريل ابراهيم الباحة و خلفه ترولي أو أكثر ، مازحه بعض إخوته الانقاذيين حول فخامة ما بالترولي الا ان رده( الذي مر عليه العقدين من الزمان) لم يختلف كثيرا عن رده قبل اسبوع على إستنكار الناس للإعفاء الجمركي لسيارة ابن شهيد المهمشين خليل ابراهيم( عليه رحمة الله).
قد إفتقر الردان الي الحساسية المناسبة !!
(3)
الدكتور عبدالوهاب عثمان؛ وزير المالية و الاقتصاد الوطني الأسبق كان مثالاً للوزير الإنسان، رغم انه درس الإقتصاد في أفضل جامعات الغرب إلا انه إستخلص ما يكون مناسباً لفقراء بلادنا .
عندما تسنم وزارة المالية في الفترة ما بين 1996- 2000 كان الوضع الإقتصادي أسوأ من ما هو عليه اليوم ، حيث لم يستخرج البترول ، و ميزانية الامن و الحرب كانت تلتهم أكثر من نصف الناتج القومي و التضخم قد وصل أكثر من 160%.
أما اخوته الرساليين في التظيم و الذين اصبحوا لصوصاً و كذابين و قتلة لاحقاً كانوا قد تذوقوا حلاوة المال العام للتو.
عمل الرجل وسط بحر متلاطم من الصعوبات ليخفض التضخم الي رقم أحادي - اي دون 10% و ذلك بتحجيم السيولة و ضبط سعر الصرف للعملةالمحلية( على نقيض طباعة المزيد من العملة و تعويم سعر الصرف الذي نشهده اليوم) . بالإضافة الي الضبط الصارم للاعفاءات الجمركية و وضع جميع الشركات الحكومية تحت إمرة وزارة المالية.
تميز الوزير الراحل بالخبرة الثرة ، الارادة الحديدية و الالتزام الأخلاقي الصارم في سياساته الاقتصادية ، الأمر الذي جعله ليكون أفضل وزير مالية في تاريخ الدولة السودانية "بالمعطيات الاقتصادية".
(4)
في التاسع من مارس 2014 غادرنا العالم الجليل الدكتور عبد الوهاب عثمان (رحمه الله) مخلفاً العديد من الدروس العملية في الأخلاق و الكتب في الاقتصاد و التي منها( منهجية الاصلاح الاقتصادي في السودان, الاقتصاد السوداني بين ضرورة التأصيل و مطلوبات العولمة السلامة المصرفية و الإستقرار الإقتصادي).
تبقى لي ان اتساءل و ببعض الألم هل تسنى للاخ محمد حمدان دقلو السماع بتلك الكتب ؛ ناهيك عن مطالعتها حتى يترأس اللجنة الإقتصادية للدولة ؟؟
في الجانب الآخر؛ أراهن على كفاءة الدكتور جبريل ابراهيم لإدارة دفة الاقتصاد الوطني ( في غير حكومة انقلابية).
و برغم أننا لا نملك مصفاة لتنقية الهجوم الذي يتعرض له الدكتور جبريل من الدوافع الجهوية؛ إلا انه من المهم ان نذكره بأنه وزير لمالية شعب أكثر من نصفه يعيش تحت خط الفقر و ان معظم اقرباء الوزير نفسه يعيشون في معسكرات النزوح و اللجوء. لذا ندعوه لإدخار اي جنيه جمركي لجوعى السودان و قبل هذا و ذاك توفير التبريرات التي تفتقر الي الحساسية الوطنية .
د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com
/////////////////////