الشباب والتغيير

 


 

 

د. ليلى الضو أبوشمال
عطفا على ما تناولناه في المقال السابق للحديث عن الشباب وأهميته في إحداث تطوير وترقية للمجتمعات، نواصل حديثنا في ذلك حيث أن الشباب هو القطاع المعتمد لدى كل الاتجاهات ذات الاستراتيجيات التغييرية، وحيث أننا نعيش في مجتمع مسلم نجد أمامنا قيم بدأت تنهار أمام انفجار الثورة التكنولوجية والمعلوماتية وعصر العولمة واندياح المجتمعات مع بعضها البعض،، دون تمييز بين مجتمع مسلم معافى بعقيدته ومجتمع اخر لا يدين بمبادئ ولا عقيدة، بل إن المفاهيم نفسها بدأت تتغير وتصاب بلوثة الحداثة، وتقبل الآخر الذي ينادي بما يحقق لميكافيلي نظريته (الغاية تبرر الوسيلة) ، الا أن الشباب المسلم يعول عليه كثيرا في إحداث التغيير نحو مجتمع سامي بقيم السماء.
والاسلام وجه في منهجه بكثير من الإهتمام والتركيز على هذه الشريحة وحرص رسول الانسانية على الدعوة بذلك في حديثه الشريف ( اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ،حياتك قبل مماتك وفراغك قبل شغلك) فلماذا اهتم الاسلام بهذه الفئة؟
يقول فتحي يكن في كتابه ( الشباب والتغيير) يحرص الاسلام على الشباب ليس لكونه الجيل الذي لديه الصفات والمواصفات التجريدية فحسب، وانما يفرض فوق ذلك وقبل ذلك أن تتحقق في ذلك الجيل صفة الإنتماء للإسلام والالتزام بمبادئه أي أن يكون جيلا مسلما فهو بالاسلام عطاء وخير وبناء وبغيره تعاسة وبلاء،، ولعل ما حدث قبل سنوات قليلة من ثورة الشباب بالسودان كان شاهدا حيا على الشباب الذي بلا هوية وبلا انتماء.
ويرى يكن أن الشباب طاقة يسخرها الاسلام في عمارة الكون ويسخرها اخرون لا ينتمون للإسلام في اهلاك البشرية.
المؤسف في ذلك أننا في دولة كالسودان معلوم أنها في التصنيف الديموغرافي تصنف بأنها دولة فتية، أي تملك المورد البشري المؤهل لقيادتها نحو التنمية، اذن لدينا مجتمع بشري يملك الإمكانيات الوافرة ، لكنها لم تستثمره ، فالشباب التائه الفارغ الخاوي لا يكون منه عطاء والشباب المنقاد كالقطيع شباب فقد بوصلته وهويته فلن يكون الا أسيرا لغيره ، والذي انعدمت أخلاقه فهو للانعام أقرب .
أعتقد أن التحدي الأكبر لأي دولة فتية كالسودان يكون هو اعداد الشباب، واعداده يكون بتلقينه وتربيته على أخلاق وقيم إنسانية نابعة من دينه الحنيف.
إن وضع الأمة الإسلامية الآن هو ما يفرض ضرورة التغيير وهو واجب على الشباب المسلم لمواجهة تحديات هذا العصر العجيب لوقف المد المادي والظواهر اللأخلاقية التي اصبحت تهدد الاسلام مظهرا وجوهرا
حقا تصيبني الحيرة لمن يقول الضرورة تتطلب أن تنحني للرياح وتستسلم للمجتمع الدولي ، حتى لا نتضرر اي ضرر يصيبنا في حال تمسكنا بعقيدتنا منهجا وجوهرا، كيف هؤلاء يفكرون؟ وقد عبر ربعي بن عامر من ذلك حين خاطب قائد الفرس رستم قائلا (الله جاء بنا لنخرج من نشاء من العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل السماء فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه ، فمن قبل منا ذلك قبلناه منه ورجعنا عنه وتركناه وأرضه يليها دوننا ومن أبى قاتلناه حتى نفضي إلى موعود الله )، بالله عليكم كيف يستوي مثل هذا الحديث مع مخاطبات اليوم؟.
إن انصاف الحلول لا تنم إلا عن ضعف، والإسلام دين قوة ومنهج حزم،،، أقول ذلك وأنا أنظر لشباب السودان اليوم الذي خرج مدافعا عن عرضه وماله ومقاتلا للباطل الذي استوى فيه كل قبيح ، ألم يكن ذلك نتاج الجور والفساد والباطل ولا زال الكثير تأخذه العزة بالاثم .
إن القضية في المجتمع السوداني الآن ليست قضية طوائف دينية ولا أحزاب يمينية إنها قضية مجتمع مسلم دينه قائم على لا اله الا الله محمد رسول الله لا يقبل الضيم ولا يرضى به، إن الظلم الذي استشرى في البلاد ولا أرى ذلك الا درسا أخيرا عسى ولعل يخرج الناس من نفق ادخلوا أنفسهم فيه وهم يمنون أنفسهم بديمقراطية زائفة وشعارات كاذبة أصحابها الآن يتسكعون في شوارع الشانزليزيه وأمام ساعة بيح بن.
افسحوا المجال لشباب طاقاته تتفجر نراهم ان دعا داعي الفداء لبوا النداء وعجلوا لك ياربى لترضى
إنهم شباب يصدح صوتهم بنداء الله أكبر ، باعوا أنفسهم رخيصة من أجل قيم ثمينة وغالية ثمنها حياة دائمة وذكرى خالدة يحيا بها جيلا بعد جيل.

leila.eldoow@gmail.com

 

آراء