الشيوعي وخياران في مؤتمره السابع

 


 

 

قال رئيس لجنة التحضير للمؤتمر العام للحزب الشيوعي علي الكنين، لـجريدة (سودان تربيون) قال "إن انعقاد المؤتمر العام للحزب سوف يكون في نهاية مايو المقبل" و أضاف الكنين قائلا "أن المؤتمر العام لا يُعتبر مظاهرة سياسية فقط، وإنما أداة تفاعل مع الجماهير ومراجعة لأداء الحزب وتطويره. و أعضاء الحزب في فرعياته وهيئاته سينخرطون داخل وخارج السودان، بتنظيم فعاليات ومناشط مصاحبة لأعمال المؤتمر، بغرض مناقشة وتجويد وثائقه وانتخاب مناديبهم لحضور المؤتمر عبر التصويت السري" أن يعقد الحزب الشيوعي مؤتمره السابع خطوة تجد التأييد و القبول من كل القوى المؤمنة بالديمقراطية كخيار أفضل لحكم البلاد، و الحزب الشيوعي يعقد مؤتمره في ظل وضع بالغ التعقيد كما قال الكنين، و التعقيد مسألة يجب أن تكون متوقعة للنخب السياسية في بلد تراجعت فيها الثقافة الديمقراطية تراجعا كبيرا، و تسيدت الثقافة الشمولية بحكم تراكم مخرجات النظم الشمولية التي استمرت أكثر من نصف قرن، إلي جانب قوى سياسية هي نفسها غير قادرة على إنتاج ثقافة ديمقراطية تنداح على الثقافة الشمولية.
أن عضوية الحزب الشيوعي أمام خيارين أما أن تحافظ على الحزب حسب قناعة القيادات التاريخية الاستالينية التي لم تستطيع طوال تاريخها بعد إعدام الرئيس نميري لسكرتير الحزب عبد الخالق محجوب، أن تقدم أي رؤية تجديدية للفكر الماركسي، وعجزت أيضا أن تقدم نقدا لتيارات التجديد في الفكر الماركسي لكي تبين صحة موقفها بالتمسك بالارثوذكسية الماركسية. أن الاجتهادات الفكرية التي كان يقوم بها عبد الخالق محجوب كانت تثير جدلا فكريا في الساحة السياسية السودانية و تتعداها للخارج، و كانت تسهم في تطور الوعي السياسي حتى إذا أختلف معه البعض. كان الحزب يتقدم على الآخرين من خلال هذا الانتاج الفكري و المعرفي، و يخلق أدبا سياسيا يستلف العديد من المثقفين مصطلحاته و مفرداته، مما يؤكد تأثيره في المجتمع، لذلك كان الحزب الشيوعي يمثل ركن مهما في العملية السياسية، و قد تأكد ذلك حتى بعد عملية حله و طرد نوابه من لبرلمان استطاع أن يخوض الانتخابات و يدخل عضوية في البرلمان. و أصبحت القيادة التاريخية لتواضع قدرات البعض الفكرية، أن تعيد في كل مؤتمر صياغة ما كتبه عبد الخالق في مؤتمرات الحزب السابقة، دون مراعاة للتغييرات الجوهرية التي تحدث أن كان في المجتمع، أو في مجال العلوم الاجتماعية و الفلسفة.
أن الحزب الشيوعي الذي يعلن الآن حلوله الجذرية للمشكل السوداني، و يحاول أن يحمل شعارات الجذرية للشارع عبر بعض لجان المقاومة، و قطاع من المهنيين، أن يؤكد للجماهير أن شعارات الديمقراطية التي يرفعها ليست تكتيكية، بل هي شعارات لها أصولها في مرجعيته الفكرية و التنظيمية. أن قضية (المركزية الديمقراطية) التي تقبض القيادة التاريخية الاستالينية بها على مفاصل الحزب، إذا لم يحدث تراجع عنها و تصبح الديمقراطية عبر الانتخابات الحرة المباشرة داخل الحزب تصبح الشعارات للمناورة و تغبيش الوعي فقط. واحدة من إشكالية ( المركزية الديمقراطية) أن اللجنة المركزية السابقة و مكتبها السياسي هم الذين يقدمون قائمة الترشيحات للجنة المركزية الجديدة و بقية هيئات الحزب الأخرى. و بالتالي لا يمكن أن يرشح أي عضو مختلف مع القيادات الاستالينية إلي اللجنة المركزية الجديدة أو هيئات الحزب الأخرى. و بالتالي تصبح القيادة محتكرة من قبل القيادات التاريخية. و يظهر ذلك أن أغلبية اللجنة المركزية تكون من هذه القيادات التاريخية التي نضب خيالها و بالضرورة تقل قدراتها الذهنية بتقدم العمر، و يصبح الحزب مفارق للمجايلة، و يتوقف الاجتهاد حتى في آطار الفلسفة الماركسية إذا كان يمس مقولات ماركس و انجليز و لينين.
السؤال لماذا تصر القيادة التاريخية أن تكون أغلبية عضوية اللجنة المركزية من قيادات تاريخية يتعدى عمرها 60 عاما؟
أن السودان مايزال محسوبا على البلاد التي يفوق فيها تعداد الشباب على الشيوخ من الجنسين. و قد أكدت ثورة ديسمبر 2018م أن الشباب يمثلون الفاعلية الأساسية في الشارع السياسي، و يجب أن ينعكس ذلك في قيادات الأحزاب السياسية. فالقيادة التاريخية الاستالينية تعلم أن زيادة مقاعد الشباب في القيادة فوق 51% سوف تكون فاتحة جديدة للحزب، هؤلاء الشباب قادرين على فتح حوارات فكرية داخل المؤسسة الحزبية بهدف زيادة الوعي، و في نفس الوقت إنتاج ثقافة ديمقراطية قائمة على الحوار المعرفي و الفكري، هذه الحوارات سوف يكون لها أثر بالغ في زيادة نمو الوعي السياسي في البلاد، أن اعتماد الحزب الشيوعي على الشعارات فقط تدل على أن الحزب فاقد للعناصر التي تشتغل بالفكر. ان قيام مؤتمر دون إحداث أي تغييرات جوهرية في مجال التنظيم و الفكر و الثقافة و توسيع مواعين الديمقراطية، لن ينتج جديدا، و إذا كانت قيادة الحزب بالفعل تراهن على الديمقراطية كانت تترك عملية أختيار العضوية لشاغلي المواقع القيادية و هيئات الحزب من داخل المؤتمر العام مباشرة دون أي ترشيح من قبل المكتب السياسي أو اللجنة المركزية السابقة، و إلا يكون الحزب الشيوعي ما يزال يراهن للوصول لدولة الحزب الواحد عبر تكتيكات يرفع فيها شعارات الديمقراطية.
أن الحزب الشيوعي يمثل أحد أعمدة العمل السياسي في البلاد، و لكنه عاجز أن يجري مراجعات فكرية لكي يجعل الماركسية نفسها تناصر العملية الديمقراطية. و رغم أنه أعلن من خلال مؤتمره الخامس أن يؤمن بالعمل الديمقراطي، و تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع، و كان يجب أن يكون أتخاذ مثل هذا القرار يأتي بعد أجتهاد فكري يبين كيف يتوافق ذلك مع الصراع الطبقي و المراحل التي يمر بها المجتمع للشيوعية؟ هل أسقط الديكتاتورية البوليتارية أم جمدها لمرحلة تاريخية أخرى؟ أسئلة تحتاج لإجابة من قبل الحزب الشيوعي. و لكن قيام المؤتمر مسألة تشكر عليها القيادة التاريخية الاستالينة، و ننتظر نتائج المؤتمر و الحوارات التي تدور داخله. و حالة السكون و عدم نشر أي اجتهادات فكرية غير البيانات فقط تنبئ أن المؤتمر لا يحمل جديدا. مع خالص التقدير للزملاء. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com
//////////////////////////

 

آراء