الكتابة زمن الحرب

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قال رسولنا الكريم صلوات ربي عليه وسلامه:
(سَتَكُونُ فِتَنٌ القاعد فيها خيرٌ مِن القَائِم ،والقائِم خَيرٌ من الماشِي، والماشِي فيها خَيرٌ من الساعي، ومن يُشْرِفْ لها تستشرِفْه، ومن وجد مَلجَأً او معاذً فَلْيَعُذ به)..

لقد اصبحت حيواتنا تمور موراً من الاوجاع وجور بني ادم الذين لا خلاق لهم حتى بات ينتابنا إحساس قوي انهم بنو يأجوج ومأجوج خرجوا من باطن الأرض ليذبحوا أبناءنا ويستحيون نساءنا والامر بلا جدال بلاء عظيم مضى على اهل السودان حين من الدهر لم يعرفوا البغض والحرابة الا من رحم ربي، ويصبح الناس من ليلة لم ينم فيها خفافيش سياسة التحلل ويخرج عليهم ذلك الدجال ذات جمعة ليعلن موت دنيا كنا فيها على قدر ولو قليل من الحريات ويسير من نِعم راضون بها، ولم يمضي وقت طويل حتى ظهر فرعونهم الحقيقي وهو يكشر اسنانه ليعلن للناس انه بشيرهم ومخلصهم..وبعد ثلاثون عاماً عجاف هبّ شباب وتحدوا تلك الطغمة واستبشرنا خير..ولكن!
ان تمُنع من القراءة والكتابة فذلك حكم قاسي لا مثيل له وتعدد الاسباب والمنع واحد ومن هنا تبدأ الحكاية..واسأل نفسي وغيري هل اتى عليك حينٌ من الدهر وانت تعاني من عدم المقدرة على الكتابة والقراءة ؟.يعني بالدارجي عصلجت معاك..لو اجبت بنعم فانت مثلي تماماً وتعاني من متلازمة الحروب وهنا يتبادر سوال مهم هل الذي ينتابنا هو فعلاً حالة مرضية؟.هل هناك امل للتعافي..انا حدث لي ذلك العرض حتى كاد ان يشل تفكيري تحدثت الي صديقي لكي أحثه على العودة للكتابة وهو العالم الشامل. والعجيب في الامر أن صاحبنا معالج يشار له بالبنان لن اتطاول وادعي عليه بمرض، وبهذه المناسبة اذكر انني عندما كنت صغيرًا كان عندي اعتقاد بان الطبيب لايمرض كسائر الناس حتى رزقني الله بطبيب من صلبي يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويمرض ويتعالج عند طبيب العايله حسب النظام في بريطانيا ولن أضيف شي ان قلت ان الطبيب مثله مثل كل إنسان بل هو معرض للعدوى من مرضاه . اما ان حدثتكم عن رد ذلك العالم النحرير الذي ادهشني بقوله (لا يريد ان يكتب فليس هناك فائدة للكتابة في وسط جاهل)..
ولنحاول نحن رغم هذه الظروف العصيبة التي نعيش فيها وتكاد تفترسنا بسببها ثعالب الحرب وتنخر عقولنا سوس الساسه حتى كدنا ان ننهار من منسئاتنا ونحن لا نشعر ولا حلية لنا من امرنا الا ان نتبهم ونتوهم. هذه الحالة نعيشها رغم اننا في مهاجرنا نرفل في نعيمنا واهلنا يسفون التراب، وهذا ليس من بنات أفكاري فقد نشرت احداهن ان واحدة من كريماتها الصغار اخبرتها انها واخوانها سفوا التراب حتى يسكتوا عواء بطونهم من الجوع وقطعاً هناك من بدأوا ياكلون أوراق الشجر والجيف وما أكل السبع والمختنقة والقمل والجراد، نعم كل ذلك ممكن (ومن أضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا اثم عليه)..هذا غير الانتهاكات التي تحدث في كل مكان من اركان السودان والكل يعرفها..
ها انذا يا صديقي انفض الغبار من دماغي وأحاول أن أكتب اذا ما أستطعت الي ذلك
سبيلا بعون الله..واعرف سيدي انك تقرأ وتسكنك عدوى الكتب فانا اتلقى منك بين
الفينة والاخرى كتاب اليكتروني ولكني اذيع
لك علناً انني صرت مثل المترف في مائدة
تحوي مالذ وطاب فيجرب هذا ويترك ذاك
وفي نهاية الامر لا يقوى على تناول الطعام لانه اصيب بتخمة الوهم..
قرأت اليوم لسيدنا العقاد رضي الله عنه هذه
الحكمة بالله عليك تاملها:
الكتب كالناس، منهم السيد الوقور ومنهم السيد الطريف ومنهم الجميل الرائع والساذج الصادق، ومنهم الخائن والجاهل، والوضيع والخليع..والدنيا تتسع اكوام تكون المكتبة كاملة إلا إذا مثلًا كاملاً للدنيا..
فهل ياترى ترك العقاد شيء نقوله؟ وياليتنا نعود نكتب ونقرأ وننقد فالكتابة كنز ثمين..

ولكم معزتي التي تعرفون..

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com

 

آراء