المترسب من تجربة الرق في فكر وثقافة السودانيين (1)
طه جعفر الخليفة
7 March, 2024
7 March, 2024
طه جعفر الخليفة
إنتهي زمن الرق في السودان رسميا 1898م ، حيث أصبحت الممارسة محرمة قانونيا و لم يتم التقيّد بشهادات الحرية إلا في 1924م. حدثت عمليات إسترقاق لقوميات النوبة في جنوب كردفان و الجنوبيبن من بحر الغزال خلال حروب المركزالحديثة ضد الفصائل المسلحة التي ثارت ضد المركز بعد الإستقلال. قامت بعمليات الإسترقاق المليشيات القبلية المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية. و لمن أراد الإستزادة هنالك الكثير من الكتابات و التقارير المتاحة في الإنترنت و غيرها من المنشورات.
الفرق بين الرق القديم و الحديث المرتبط بعمليات قمع الثورات المسلحة في جنوب كردفان و الجنوب في أن الأخير كانت مرتبط بالحرب الأهلية.
معلوم لدي الجميع أن الإنسانية جمعاء شهدت مرحلة رق في تاريخها و هي الحقبة التي سبقت عهد الإقطاع، و كما كتب الأستاذ محمد ابراهيم نقد في كتابه المهم علاقات الرِق في السودان ما معناه أن نهاية الرق كانت بفضل إستخدام الآلة في قطاعي الإنتاج الزراعي و الرعوي و ليس بفضل الوعي أو إرتقاء أخلاق المنتجين من أصحاب الملاكات في القطاعين المذكورين.
ما أود مناقشته الآن هو إنعكاس ثقافة عهود الرق بوجهيها من ناحية ملاك الرقيق التاريخيين و المسترقين التاريخيين. ما زال ضحايا الإسترقاق يعانون من تلك الوصمة إلي اليوم من ناحية المنحدرين من ملّاك الأرقاء. ما زال أحفاد ملّاك الرقيق يعبرون عن أفضليتهم علي الآخرين بطرائق مختلفة منها علي الأقل "دي واحدة خادم كيف تتزوجها و دا واحد عب ساكت" ما زال مثل هذا الكلام محكيا وسط قطاعات كبيرة و أحيانا مكتوب مثلا ما تسرب من تعليقات بعض قيادات الحركة الإسلامية علي مني أركو مناوي و مالك عقار و الكباشي و غيرهم و وصفهم بالعبيد.
مثلا في كتاب الإنداية للطيب محمد الطيب عليه رحمة الله ورد من ضمن ما ورد من أغنيات سكان مدينة مروي في الشمال " يا المهدية حكمك ما بقالي .. سويتي العبد في راسي دلالي" رغم أن جنود المهدية كانوا من عرب دارفور و غيرهم. هؤلاء يتم وصفهم بالعبيد في المحكي من كلام. (slavery in Sudan, n.d.)
من أهم إنعكاسات تجربة الرق الإيجابية في السودان في تجاربنا السياسية إنخراط العديد من العمّال و المزارعين و المهنيين و المتعلمين و المثقفين و الكتّاب في الحزب الشيوعي السوداني و منظماته الحليفة ببرنامجه المعروف الرافض للرق و تكريس مصالح من إستفادوا من الرق. و كذلك الحزب الجمهوري بفكره النبيل المتسامي. الإنخراط في التنظمات القومية العربية و التفاعل الشديد و الإيجابي مع المنتج الثقافي و الفكري العربي كانت له رمزيته الضارة في خطابنا السياسي الذي أعقب إلغاء الرق. سأعود لمناقشة هذه الرمزية التي في تقديري كانت أحيانا جزافية. الموصوفون آنفاً هم الرافضون لميراث الرق الثقيل و تركته الثقافية الباهظة التكلفة. أطروحات العدالة الإجتماعية و المساواة في المواطنة هي ردة الفعل السياسية علي ميراث الرق و تركته الثقافية المدمرة. يقف برنامج السودان الجديد الذي تبنته الحركة الشعبية بقيادة الدكتور جون قرنق كشاهد آخر علي تفاعل الطليعة الساسية مع مطالب المساواة في دولة المواطنة العلمانية.
ليس مطلوباً من الدين الإسلامي تحريم الرق فهذا نوع من قراءة النص المقدس خارج سياقه التاريخي، لكن المطلوب من المتديين بالإسلام رفض الرق و تركته الثقافية كنوع من الممارسة اللازمة و الضرورية في هذا العصر حيث أصبح الرق جزء من التاريخ.
إنشَغَلت كثيراً بدراسة الإسترقاق تاريخيا في السودان في الفترة قبل التركية السابقة و بعد إنهيار الممالك المسيحية.
في السودان ذلك الزمن كان الإرقاء من الفئة العمريةالسداسية و الفئة الخماسية و لا أعرف أساس الترقيم لكن الفئة الخماسية هم اليافعون من 11سنة إلي 13 سنة و السداسية إلي سن ال15. بذلك كان يتم بالأساس إختطاف اليافعين. أسواق الرقيق هي الحواضر الكبيرة في كافة أنحاء السودان و المقصود زريبة العبيد أي مكان بيع الأرقاء. لإختطاف يافعين في هذه السن إحتاج تجار الرقيق لتعاون السكان المحليين. فكانت فرق النهّاضة ( هم ليسو الجلّابة) تشتمل علي ممثلين و وكلاء للتجار و عملاء من أهالي المنطقة ،المقصود أنهم يقومون بالإختطاف عبر واحد من طريقين إمّا بالخديعة أو بإستخدام القوة المفرطة. لأن الفئة المستهدفة بالأساس غير قادرة علي الدفاع عن نفسها و هم اليافعون. دون النظر لعمليات الإستراق كنشاط إقتصادي ضروري للتطور في تلك الحقب التاريخية سيترسب عندنا أحساس غير عملي و غير تاريخي في التعامل مع الظاهرة.
مثلاً ممارسة بشعة كالإخصاء كانت ضرورية بالنسبة لملأك رقيق الخدمة في بيوت الطبقة الحاكمة و المتنفذة. و لقد جندت الدولة العثمانية خِصيان ليخدموا الحجيج و كان يطلق علي الواحد منهم الأغا و الجمع أغوات. مفهوم لدينا إرتباط الأنساب بفكرة الملكية الخاصة و مفهوم لنا ضرور الحفاظ علي الحجيج النسائي من التهجم الجنسي . هذه أمور برغم فداحتها لكن علينا النظر إليها من الناحيتين ليس لإيجاد التبريرات و لكن من أجل الفهم، عمليات الإخصاء في سودان التركية و قبلها كانت تتم في الأديرة المسيحية المعزولة و ليس لقلة ورعٍ عند القساوسة و القائمين علي الأديرة، لكنها تحدث هناك نتيجة للحوائط العالية و العزلة مما يمنع سماع ضرخات الألم من الضحايا و السبب الثاني هو قدرة العاملين في الأديرة علي الطبابة اللازمة للناجين و بالمناسبة كانت نسبة نجاح هذه العملية فقط 10% . و من نافلة القول الإسم المصري ( الألْفِي) هو وصف لمسترق خصي سعره ألف ريال. ( راجع نسيم مقار شهادات الرحالة في السودان إبان التركية السابقة و قبلها)
" المرافيت" هم الأرقاء فاقدي الصلاحية بسبب المرض، الإصابة أو سوء الأخلاق. المرافيت يسكنون عادة في الأحياء الطرفية للمراكز الحضرية الكبيرة . ديم مرافيت في الخرطوم أيام التركية كان منطقة السجانة، الرميلة و الديم . حي مثل سلامة البيه في القضارف هو واحد من أحياء المرافيت. ( راجع تاريخ مدينة الخرطوم. أحمد أحمد سيد أحمد). من ديم مرافيت إنطلقت الثورة المهدية عندما كانت إحتجاج سلمي كان من ضمن هتافات الناس وقتها ( مليون في تُرْبْة و لا ريال في طُلْبَة) التُرْبَة هي القبر و الطُلْبَة هي الضريبة ( نفس المصدر مع كتاب الراحل دكتور محمد سعيد القدّال كتاب المهدي لوحة لثائر سوداني).
الإستثمار في الأرقاء. في قطاعي الزراعة و الرعي و الخدمات و الفندقة و المقصود بالفندقة خدمات الأنادي و المواخير. حيث كان مالك الأرقاء يختار الجميلات من أرقائه ليقدم خدمات الجنس للراغبين. كانت الأنادي حالها حال الحانات الفندقية. و كان بالخرطوم أيضا نشاط فندقي رجالي و كان للمثلين نوع من الرابطة الإجتماعية ( نوع من منظمة المجتمع المدني) نتيجة لطبيعتها الثورية فلقد تعامل معهم الخليفة عبد الله و قال حولهم "يا الملاوطية كلامكو زين إلا فعلكو شين" هذا عندما أظهروا تضامنهم مع الثورة المهدية و كانوا أحد مصادر المعلومات للخليفة حول الحياة في الخرطوم.
ما يهمنا هو المترسب من ذلك التاريخ في خطابنا السياسي و الثقافي و هو من القضايا واجبة التصويب و من الواجب أيضاً الكلام عنها. الأرقاء في عصور الرق أدوات إنتاج و مصدر للارباح بالنسبة للملّاك ، و كما أسلفت كانت تلك الظاهرة عالمية. و نتج عن تلك الممارسة ما يعرف بالصدمة العابرة للأجيال.
المترسب الثقافي من عهود الرق يسكن اللغة و اللغة صورة للحياة و رمز لها من حيث الطبيعة و من حيث الوظيفة فهي ناقل للتجارب الإنسانية راجع فلهالم رايخ كتاب ضرورة الفن. و اللغة الآن من ضمن تعريفاتها أنها أداة التفكير نفسه فنحن نفكر من خلال اللغة. تحضرني هنا تجربة مرّ بها دكتور في الموسيقي عمل في الجامعات السوفيتية كمحاضر حول تاريخ الموسيقي . ليدرس الموسيقي ترك جامعة الخرطوم و كان قول أهله له إن الموسيقي هي شغل العبيد. و نواصل
طه جعفر الخليفة
أونتاريو – كندا
6 مارس 2024م
taha.e.taha@gmail.com
إنتهي زمن الرق في السودان رسميا 1898م ، حيث أصبحت الممارسة محرمة قانونيا و لم يتم التقيّد بشهادات الحرية إلا في 1924م. حدثت عمليات إسترقاق لقوميات النوبة في جنوب كردفان و الجنوبيبن من بحر الغزال خلال حروب المركزالحديثة ضد الفصائل المسلحة التي ثارت ضد المركز بعد الإستقلال. قامت بعمليات الإسترقاق المليشيات القبلية المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية. و لمن أراد الإستزادة هنالك الكثير من الكتابات و التقارير المتاحة في الإنترنت و غيرها من المنشورات.
الفرق بين الرق القديم و الحديث المرتبط بعمليات قمع الثورات المسلحة في جنوب كردفان و الجنوب في أن الأخير كانت مرتبط بالحرب الأهلية.
معلوم لدي الجميع أن الإنسانية جمعاء شهدت مرحلة رق في تاريخها و هي الحقبة التي سبقت عهد الإقطاع، و كما كتب الأستاذ محمد ابراهيم نقد في كتابه المهم علاقات الرِق في السودان ما معناه أن نهاية الرق كانت بفضل إستخدام الآلة في قطاعي الإنتاج الزراعي و الرعوي و ليس بفضل الوعي أو إرتقاء أخلاق المنتجين من أصحاب الملاكات في القطاعين المذكورين.
ما أود مناقشته الآن هو إنعكاس ثقافة عهود الرق بوجهيها من ناحية ملاك الرقيق التاريخيين و المسترقين التاريخيين. ما زال ضحايا الإسترقاق يعانون من تلك الوصمة إلي اليوم من ناحية المنحدرين من ملّاك الأرقاء. ما زال أحفاد ملّاك الرقيق يعبرون عن أفضليتهم علي الآخرين بطرائق مختلفة منها علي الأقل "دي واحدة خادم كيف تتزوجها و دا واحد عب ساكت" ما زال مثل هذا الكلام محكيا وسط قطاعات كبيرة و أحيانا مكتوب مثلا ما تسرب من تعليقات بعض قيادات الحركة الإسلامية علي مني أركو مناوي و مالك عقار و الكباشي و غيرهم و وصفهم بالعبيد.
مثلا في كتاب الإنداية للطيب محمد الطيب عليه رحمة الله ورد من ضمن ما ورد من أغنيات سكان مدينة مروي في الشمال " يا المهدية حكمك ما بقالي .. سويتي العبد في راسي دلالي" رغم أن جنود المهدية كانوا من عرب دارفور و غيرهم. هؤلاء يتم وصفهم بالعبيد في المحكي من كلام. (slavery in Sudan, n.d.)
من أهم إنعكاسات تجربة الرق الإيجابية في السودان في تجاربنا السياسية إنخراط العديد من العمّال و المزارعين و المهنيين و المتعلمين و المثقفين و الكتّاب في الحزب الشيوعي السوداني و منظماته الحليفة ببرنامجه المعروف الرافض للرق و تكريس مصالح من إستفادوا من الرق. و كذلك الحزب الجمهوري بفكره النبيل المتسامي. الإنخراط في التنظمات القومية العربية و التفاعل الشديد و الإيجابي مع المنتج الثقافي و الفكري العربي كانت له رمزيته الضارة في خطابنا السياسي الذي أعقب إلغاء الرق. سأعود لمناقشة هذه الرمزية التي في تقديري كانت أحيانا جزافية. الموصوفون آنفاً هم الرافضون لميراث الرق الثقيل و تركته الثقافية الباهظة التكلفة. أطروحات العدالة الإجتماعية و المساواة في المواطنة هي ردة الفعل السياسية علي ميراث الرق و تركته الثقافية المدمرة. يقف برنامج السودان الجديد الذي تبنته الحركة الشعبية بقيادة الدكتور جون قرنق كشاهد آخر علي تفاعل الطليعة الساسية مع مطالب المساواة في دولة المواطنة العلمانية.
ليس مطلوباً من الدين الإسلامي تحريم الرق فهذا نوع من قراءة النص المقدس خارج سياقه التاريخي، لكن المطلوب من المتديين بالإسلام رفض الرق و تركته الثقافية كنوع من الممارسة اللازمة و الضرورية في هذا العصر حيث أصبح الرق جزء من التاريخ.
إنشَغَلت كثيراً بدراسة الإسترقاق تاريخيا في السودان في الفترة قبل التركية السابقة و بعد إنهيار الممالك المسيحية.
في السودان ذلك الزمن كان الإرقاء من الفئة العمريةالسداسية و الفئة الخماسية و لا أعرف أساس الترقيم لكن الفئة الخماسية هم اليافعون من 11سنة إلي 13 سنة و السداسية إلي سن ال15. بذلك كان يتم بالأساس إختطاف اليافعين. أسواق الرقيق هي الحواضر الكبيرة في كافة أنحاء السودان و المقصود زريبة العبيد أي مكان بيع الأرقاء. لإختطاف يافعين في هذه السن إحتاج تجار الرقيق لتعاون السكان المحليين. فكانت فرق النهّاضة ( هم ليسو الجلّابة) تشتمل علي ممثلين و وكلاء للتجار و عملاء من أهالي المنطقة ،المقصود أنهم يقومون بالإختطاف عبر واحد من طريقين إمّا بالخديعة أو بإستخدام القوة المفرطة. لأن الفئة المستهدفة بالأساس غير قادرة علي الدفاع عن نفسها و هم اليافعون. دون النظر لعمليات الإستراق كنشاط إقتصادي ضروري للتطور في تلك الحقب التاريخية سيترسب عندنا أحساس غير عملي و غير تاريخي في التعامل مع الظاهرة.
مثلاً ممارسة بشعة كالإخصاء كانت ضرورية بالنسبة لملأك رقيق الخدمة في بيوت الطبقة الحاكمة و المتنفذة. و لقد جندت الدولة العثمانية خِصيان ليخدموا الحجيج و كان يطلق علي الواحد منهم الأغا و الجمع أغوات. مفهوم لدينا إرتباط الأنساب بفكرة الملكية الخاصة و مفهوم لنا ضرور الحفاظ علي الحجيج النسائي من التهجم الجنسي . هذه أمور برغم فداحتها لكن علينا النظر إليها من الناحيتين ليس لإيجاد التبريرات و لكن من أجل الفهم، عمليات الإخصاء في سودان التركية و قبلها كانت تتم في الأديرة المسيحية المعزولة و ليس لقلة ورعٍ عند القساوسة و القائمين علي الأديرة، لكنها تحدث هناك نتيجة للحوائط العالية و العزلة مما يمنع سماع ضرخات الألم من الضحايا و السبب الثاني هو قدرة العاملين في الأديرة علي الطبابة اللازمة للناجين و بالمناسبة كانت نسبة نجاح هذه العملية فقط 10% . و من نافلة القول الإسم المصري ( الألْفِي) هو وصف لمسترق خصي سعره ألف ريال. ( راجع نسيم مقار شهادات الرحالة في السودان إبان التركية السابقة و قبلها)
" المرافيت" هم الأرقاء فاقدي الصلاحية بسبب المرض، الإصابة أو سوء الأخلاق. المرافيت يسكنون عادة في الأحياء الطرفية للمراكز الحضرية الكبيرة . ديم مرافيت في الخرطوم أيام التركية كان منطقة السجانة، الرميلة و الديم . حي مثل سلامة البيه في القضارف هو واحد من أحياء المرافيت. ( راجع تاريخ مدينة الخرطوم. أحمد أحمد سيد أحمد). من ديم مرافيت إنطلقت الثورة المهدية عندما كانت إحتجاج سلمي كان من ضمن هتافات الناس وقتها ( مليون في تُرْبْة و لا ريال في طُلْبَة) التُرْبَة هي القبر و الطُلْبَة هي الضريبة ( نفس المصدر مع كتاب الراحل دكتور محمد سعيد القدّال كتاب المهدي لوحة لثائر سوداني).
الإستثمار في الأرقاء. في قطاعي الزراعة و الرعي و الخدمات و الفندقة و المقصود بالفندقة خدمات الأنادي و المواخير. حيث كان مالك الأرقاء يختار الجميلات من أرقائه ليقدم خدمات الجنس للراغبين. كانت الأنادي حالها حال الحانات الفندقية. و كان بالخرطوم أيضا نشاط فندقي رجالي و كان للمثلين نوع من الرابطة الإجتماعية ( نوع من منظمة المجتمع المدني) نتيجة لطبيعتها الثورية فلقد تعامل معهم الخليفة عبد الله و قال حولهم "يا الملاوطية كلامكو زين إلا فعلكو شين" هذا عندما أظهروا تضامنهم مع الثورة المهدية و كانوا أحد مصادر المعلومات للخليفة حول الحياة في الخرطوم.
ما يهمنا هو المترسب من ذلك التاريخ في خطابنا السياسي و الثقافي و هو من القضايا واجبة التصويب و من الواجب أيضاً الكلام عنها. الأرقاء في عصور الرق أدوات إنتاج و مصدر للارباح بالنسبة للملّاك ، و كما أسلفت كانت تلك الظاهرة عالمية. و نتج عن تلك الممارسة ما يعرف بالصدمة العابرة للأجيال.
المترسب الثقافي من عهود الرق يسكن اللغة و اللغة صورة للحياة و رمز لها من حيث الطبيعة و من حيث الوظيفة فهي ناقل للتجارب الإنسانية راجع فلهالم رايخ كتاب ضرورة الفن. و اللغة الآن من ضمن تعريفاتها أنها أداة التفكير نفسه فنحن نفكر من خلال اللغة. تحضرني هنا تجربة مرّ بها دكتور في الموسيقي عمل في الجامعات السوفيتية كمحاضر حول تاريخ الموسيقي . ليدرس الموسيقي ترك جامعة الخرطوم و كان قول أهله له إن الموسيقي هي شغل العبيد. و نواصل
طه جعفر الخليفة
أونتاريو – كندا
6 مارس 2024م
taha.e.taha@gmail.com