المرأة السودانية واجحاف القوانين
العالم الذي نعيش فيه أضحى رقميا ألكترونيا ، أثيريا ، بيولوجي السلاح ، متصاعد الأبتكارات ، ملتهب بالابداعات الطبية ، الفنية ، الهندسية ، الأدبية ، كل هذا وراءه عقول مستنيره متعطشه للانتاج بما يخدم مصالحها المختلفه تحقيقا لراحة الانسان وكرامته وآدميته ، لم يكن قد تحقق ذلك لولا حرية تلك العقول ، وخلو شرايينها من السموم المعرفية والهواجس ، بفعل القيود والتخلف والرجعية والسلفية ..... نحن كدوله ناميه نعاني من تلك التسممات المنتشره على مرامي الفئات المختلفه بنسب متفاوتة تصل حد اللاخلو لكن القلة ، وحد الكثافه القاتلة ، والقتل هنا لايعني الامحاء من وجه الارض وانما العيش بدون ابداع وكخيالات لأجساد دورها فقط الاستهلاك .لايمكن أن نصل الى مرامي تلك الدول ،الا اذا تخلصنا من تلك السموم ، حتما سنظل نعاني من الانتهاكات والحروب والقهر الذاتي والأمراض المزمنة، سوف نضطهد بعضنا سواءا قبيله تجاه قبيله أخرى أو ديانة تجاه ديانة أخرى أو نوعا تجاه نوع آخر وبالطبع أقصد ذكور تجاه اناث ، أن العداله النوعية بين الجنسين هي أحد مؤشرات التقدم المفاهيمي الرامي للتطور الاقتصادي ، من المؤسف أننا محاطون بسور من سموم تلك العقليات التي استمدت سلطتها من النظام الحاكم مؤسسيا ، عبر القوانين واللوائح والتشريعات المختلفة ، أخطبوطية الامتداد الأفقي في المجتمع ، وجزرية التأصل في عمقه الرأسي ، قانون الأحوال الشخصية الذي يحكم الأسرة وقانون النظام العام ، هما مثال حي يعكس ذلك الواقع . . مثال يبرر لأضطهاد النساء وظلمهن ، وهضم آدميتهن ، مكرسا بذلك لدونيتهن الاجتماعيه .
سوف أستعرض معكم بعضا من تلك البنود وأوضح من وجهة المستغيثه للعداله ماجاء فيها بشأن ، النساء والفتيات اللائي هن من نفس الطينة الخلقية وفي ذات الأرحام وبذات الماء الدافق خلقن .
أولا قانون الأحوال الشخصية
انشئت المحاكم التشريعية عام 1902م بموجب لائحة خاصة تسمى لائحة المحاكم الشرعية وهي لائحة اجرائية , أما القانون الموضوعي فان الحكم يجري وفقا للرائ الراجح من المذهب الحنفي , وقد اعطيت لائحة لقاضي القضاء (الذي نابت عنه فيما بعد دائرة الاحوال الشخصية بالمحكمة العليا) ان يصدر من المنشورات والنشرات يعدل به من المذهب الحنفي او يأخذ بغير الرأئ الراجح فيه او يأمر باتباع اي مذهب من المذاهب الاخرى غير المذهب الحنفي او يأتي باجتهاد منه مخالف للمذاهب السنية المعرفية ويضع قراره هنا قانونا واجب التنفيذ بعد موافقة الحاكم العام "ورقه :التناقض القائم في قانون الاحوال الشخصيه ،أ.سامية رابح المحاميه".
وهذا يبرهن على أنسنة التشاريع في حال عدم وجود حاله مطابقة في التشريع الموضوع سلفا امام النقد لتصحيحها او ابقائها .
فكانت اول تجربة نقدية طالب بها الاتحاد النسائى السوداني كامنظومه مدنية عام 1970م مستقلا حوادث الانتحار التي تمت من بعض الفتيات احتجاجا على زواجهن من رجال كبار في السن مطالبين ب¬:-
• ضمان تنفيذ حق الفتاة في الاستشارة عند الزواج والرضاء بالزوج .
• الغاء بيت الطاعة نهائيا .
• تقييد تعدد الزوجات وفقا لظروف وشروط عادلة تضمن مصلحة الزوجة الاولى وغيرها من المطالبات .
نحن الآن في عام 2010ما الذي تغير وماهي المساعي التي قدمت ؟ لاشيء تغير في القانون حتى يومنا هذا ، ولننظر سويا على بعض النماذج من فقراته:
المادة 36 :-
اذا ترك الولي الانفاق على موليته لعام كامل بدون عزر مع وجوبه عليه شرعا , فتسقط ولايته عليها .
جعل القانون ولاية الرجل على المراة مربوطه بنفقته عليها كانما هى معبودته يتحكم في امورها نيابةً عنها مقابل انفاقه عليها .على الرغم ان اليوم يشهد خروج المراة للعمل وقدرتها على الانفاق على نفسها واسرتها وزوجها الا ان القانون يتمسك بان الانفاق من واجب الزوج والولي اصرارا منه على التحكم بالمراة .
وتحت عنوان زواج المجنون والمعتوه والمميز المادة جاء الآتي:
المادة 40 البند (2): يكون التمييز ببلوغ سن العاشرة
وهذا يعتبر تعدياً على الطفلة حيث أنها بدنياً ونفسياً لم تهيأ بعد للزواج, مما يضر بصحتها.
المادة 51:- حقوق الزوجه على زوجها هى :-
البند( آ ) النفقه
البند (ب) السماح لها بزيارة ابويها , ومحارمها واستزارتهم بمعروف .
ظاهرياً ان هذه المادة افردت حقوق للزوجة والزمة بها الرجل كانوع من الانصاف , لكنه قمة الاجحاف فالزام الرجل بالنفقه وعدم الزام المراة بها يترتب عليه اخضاع المراة لسلطة الرجل بسند العديد من فقرات هذا القانون مثل الطاعة وقانون الولاية مما يفتح المجال واسعا للتحكم في شؤنها الحياتية .
وانه لتقليل من قدر المراة ان لا تلزم بالنفقه كانما يعزز القانون عدم قدرتها على تحمل المسؤلية , بعكس ماهو معاش اليوم وصول المراة لمختلف المراتب الوظيفية .
أوحت الفقرة (ب) ايئحاً تاماً بأن الاصل بالنسبة للمراة هو التواجد داخل المنزل واذا ارادت الخروج في حدود ضيقه جدا للاهل والمحارم ولا يحدث هذا الا اذا سمح لها زوجها , وان لم يأذن فعليها الاستجابة والطاعة ,هذه الفقرة تجسد منتهى الازلال لمراة راشدة واعية مسؤلة من تربية اجيال ونشأتهم .ولم توجد في اي فقرة من فقرات القانون ان يتحرك الرجل بأذن من زوجته .
البند(ج) عدم :-
(اولاً) التعرض لاموالها الخاصة .
(ثانياً) اضرارها مادياً ومعنوياً .
يتظاهر القانون بحماية اموال المراة وانها ليست تحت تصرف الرجل في حين يلزم الرجل بالانفاق فكان هذا العصب الاساسي الذي يعتمد عليه القانون في فرض سيطرة الرجل على المراة (المال) .
فطالما لايأخذ من مالها لا يلزمها بشئ تجاهه بعكس ما هي الطاعة – الدخول عليها –الولاية كلها مربوطه بتصرفها من مالها .
فضحت هذه الفقرة بشكل غير مباشر ان الاضرار المادي او المعنوي يقع من صاحب القوة الاكبر والسلطة وهو الرجل والمراة ضحية .
وهذا لايوجد خلاف فيه على ارض الواقع من خلال المعايشات التي نراها ونسمعها يومياً.
المادة52:-
حقوق الزوج على زوجته هى :
(آ)العناية به وطاعته بالمعروف .
(ب) المحافظة عليه في نفسها وماله .
الاجدى بالقانون كان ان يقول العناية ببعضهما ,لكن جعل من المراة ان تعتني بالرجل وهو ان ينفق عليها ولا يضرها كانما العناية مقابل الاجر في تشويه تام لمعنى الحياة المشتركة العفيفة ,وطاعة الزوج لزوجها ولم يقل طاعة الزوج لها مما فيه جهض تام لحقوق الانسان ويجعله شكل من اشكال الاستعباد .
اما المحافظة على الزوج فتكون في نفسها وشرفها وسلوكها الذاتي ولم يلزم الرجل بذلك فيما مفاده ان للرجال حرية التصرف والسلوك ولا غبار عليهم مهما اتوا من علاقات خارج اطار الزوجية .
المادة 75 :- لا نفقه للزوجه في ايِ من الحالات الاتيه :-
(أ) امتناعها عن الانتقال الى بيت الزوجية دون عذر شرعي .
(ب) تركها بيت زوجها دون عذر شرعي . ان الزام الرجل بالنفقه منذ البداية وعدم الزام المراة به هو اداة ضغط سنها القانون لاجبارها على طاعة الرجل (في ظل مجتمع لايوفر فرص التعليم والعمل فيه للمراة بنفس النسب التي تتوفر للرجل ) وابقائها في المنزل الذي يمتلكه هو والخروج منه بأذنه .
وفي ظل مجتمع يسن مثل هذه القوانين وتحكمه العقلية الزكورية لصالح مكاسبها الخاصه فضلا عن الامية والحروب ,تتعرض الزوجه فيه داخل منزلها للعديد من الضغوط النفسية والبدنية يصعب عليها الافصاح عنها لانها حتما ستتعرض وفقا لمعايير العرف والتقليد الى النبذ والوصف بصفات تجردها من حيائها واخلاقها .مثل اضطراب العلاقات الجنسية بين الزوجين التي تجبر فيها المراة على التنازل عن ارادتها او الممارسة الغير طبيعية من الازواج او تعدد الزوجات او غيرها .
فخياراتها تكون اما الخروج من بيت الزوجية وفقدانها النفقة او اهدار كرامتها .بدون وظائف لكسب الرزق .
(ج) عملها خارج البيت دون موافقة زوجها مالم يكن متعسفا في منعها من العمل.
تظاهر القانون بالتسامح وقال ان لم يكن متعسفاً في منعها من العمل في حين ان مبداء المنع في حد ذاته تعسف ومزاولته بناء على رغبة الرجل وموافقته فيه هضم لحقها كانسان في المقام الاول تجاه العطاء والتطور ولماذا لم يطلب القانون اذن الرجل من المراة في العمل .(لم ينص القران الكريم على عمل الرجال دون النساء ) .
فكأنما القانون يعاقب المراة التى ترفض الاستجابة لاوامر زوجها في الخروج للعمل بالحرمان من النفقة وكما ذكرت سابقاً فرض النفقة على الرجل سلاح للتحكم فيها .وهذا البند يفقد المراة حقها القانوني الذي اكتسبته عبر مسيرة طويلة من النضال .
حدد فصل كامل في القانون وهو الفصل الثاني ص33 سمى باحكام الطاعة والمقصود به طاعة الزوجه لزوجها كالاتي :-
المادة91:- يجب على الزوجه طاعة زوجها فيما لايخالف احكام الشرع وذلك اذا توفرت الشروط الاتيه وهى ان :
(أ) يكون قد اوفاها معجل مهرها.
(ب) يكون مامؤن عليها .
(ج) يعد لها منزلاً شرعياً بالامتعه اللازمه بين جيران طيبين .
الماده 92:- اذا امتنعت الزوجه عن طاعة زوجها فيسقط حقها في النفقة مدة الامتناع .
مواد الطاعة هذه كونها تشرط طاعة الزوجة لزوجها بنفقته عليها هو تطبيع للعلاقة الزوجية بصفة العبودية وتفريغها من محتواها الانساني القائم على التبادل
والمشاركة في الهموم الحياتية فكانما علاقة عبودية وملكية تعاقب فيها المراة بعدم النفقة عليها ان خرجت عن طوع زوجها ولم يحدد القانون اي عواقب للرجل الذي يخرج عن طوع زوجته بل اصلاً لم ينص على مادة تلزم الزوج بطاعة زوجته مما يؤكد مبدأ الظلم والاستعباد .
المادة 127:-تقع الفرقه بين الزوجين باي من الوجوه الاتيه :-
(أ) ارادة الزوج وتسمى طلاقاً .
(ب) ارادة الزوجين وتسمى خلعاً , او طلاقاً على مال .
(ج) حكم القضاء ,ويسمى تطليقاً ,او فسخاً .
(د) وفاة احد الزوجين .
لم يحدد القانون من اوجه الفرقة ارادة الزوجه لوحدها بل عندما ذكر حقها في ذلك ضم اليها الزوج (البند ب ). جعل الرجل متفوقاً تماماً على المراة وقنن ذلك الاستعلاء وسلب الارادة في المادة 132- يقع الطلاق من الزوج او من وكيله , او من الزوجه ان ملكها الزوج امر نفسها .لم يعطي القانون حق المراة في الطلاق الا اذا ملكت امر نفسها ولا تملك امر نفسها الا اذا ملكه لها زوجها كما هو واضح في نص المادة بمعنى ان الاصل في اتخاذ هذا القرار للرجل في اضطهاد تام للمراة وسلب لحقها الانساني في تقرير مصيرها .
تنفيذ حكم الطاعة :-
المادة 94: البند (1) لايجوز تنفيذ حكم الطاعة جبراً على الزوجة .
ظاهرياً ان القانون لايجبر المراة رغم ارادتها في حين ان سن قانون للطاعة في حد ذاته جبراً وتغييباً للارادة .
البند (2) يجوز تنفيذ احكام الطاعة مرتين بالطرق السليمة , حسبما يرى القاضي تطبيقاً لروح الشريعة الاسلامية على ان تكون المدة مابين الطلب الاول والثاني شهراً على الاقل .
لم يحدد القانون ماهي الطرق السليمة مما يضعها محل اجتهاد وبالتالي خلاف يعمق من مشكلة المراة حينها .
يكرس القانون لدونية المراة بجعلها كائن مطيع للرجل ويضع لها جزاءات ان لم تفعل ذلك , ويسميها ناشذاً ,في حين انها انسان بالغ عاقل كامل الاهلية وقادرة
على التمييز والتصرف والفروق فردية وليست نوعية يمكن ان يكون الرجل اقل ذكاء من المراة واقل منها مهارات وقدرة على التكييف واتخاذ القرارات ومع ذلك يفرض القانون طاعتها له لمجرد انها انثى .
أما القانون المسمى بقانون النظام العام فهو كالآتي:
ثالثاً: قانون النظام العام:
الفصل الثالث: المركبات العامة
ضوابط استخدام المركبات العامة
المادة9: (أ) يخصص أحد الأبواب وعشرة من المقاعد للنساء في البصات العامة العاملة في الخطوط الداخلية للولاية
(ب) يمنع منعاً باتاً تواجد الرجال أو جلوسهم في المكان المخصص للنساء وكذلك يمنع تواجد النساء في المكان المخصص للرجال.
ماظاهر للعيان أن هذه الضوابط غير معمول بها, لأنه عملياً فشل تطبيقها, ولكن الفاجعه تكمن في سن القانون في حد ذاته دليل الذي يعتبر تفكير عقيم بل قل مريض تجاه العلاقة بين المرأة والرجل مبني على مبدأ التخوف والشك ، يدل وان دل على أضطراب الذهنيه التي سنته مفاهيميا ، وللأسف ان هذه الذهنيه بالضروره عقل جمعي، لأنه ليس من المعقول أن شخص واحد يقوم بسن قانون يحكم دوله كامله، لكني أرجع واقول نحن استثناء القاعده ، اذا كان رسم خارطه سياسيه خارجيه يتم في كسر من الثانيه بلفظ جمله واحده فقط مخموره بنشوة التهليلات الذائفه والخوف الدفين ، فلماذا لا تضبط أخلاق الشعب بقانون فردي.
الشروط الواجب توافرها في العاملات بمحلات تصفيف شعر النساء:
المادة 16(أ) : لا يجوز لأصحاب أو مديري المحلات استخدام أي عاملة بالمحل إلا بعد التأكد من استقامتها و حسن سيرتها.
ب- يجب أن تكون العاملة مؤهلة فنياً ولديها شهادة بذلك من جهة اختصاص.
(ج) ألا يقل عمر مديرة المحل عن 35 عاماً.
ضوابط العمل بمحلات تصفيف شعر النساء:
المادة 1: (أ) :لا يجوز لأي محل لتصفيف شعر النساء ان يستخدم أي رجل في ذلك.
(ب) يحظر دخول الرجال لأي محل لتصفيف شعر النساء. ج- يجب وضع لافتة في مكان ظاهر توضح أحكام الفقرة ب من هذه المادة.
(د) يجب أن يكون المدخل الوحيد للمحل مطلاً على الشارع دون وجود مداخل او مخارج أخرى باستثناء المحلات التي تقع في مبنى متعدد الطوابق.
(ه) يجب على مدير أو صاحب المحل مراعاة الشروط الصحية اللازمة و إجراءات السلامة.
تفتيش المحلات:
المادة 17: يجوز للسلطة المرخصة وشرطة النظام العام دخول محلات التصفيف في أي وقت بغرض التفتيش والتاكد من تطبيق احكام هذا القانون مع مراعاة ان يكون التفتيش بواسطة النساء.
اماكن تفصيل ازياء السيدات:
ا لمادة 18-أ لا تجوز ممارسة مهنة تفصيل الأزياء للسيدات إلا بعد الحصول على تصديق من السلطة المحلية.
ب- تضع السلطة المحلية الضوابط التي تراعي الآداب العامة للمحل و العاملين به.
كون قانون النظام العام -وهو القانون الذي استحدث بدعوى ضبط السلوك والأخلاق في المجتمع- يفرض ضوابطأ لأماكن تخص النساء دون اماكن الرجال فهذا تمييز نوعي ضد النساء يفترض فيهن انهن باستمرار مصدر لتهديد النظام الاخلاقي للمجتمع.مع الأخذ بعين الإعتبار الأحكام المتعلقة بالتفتيش سواء على مستوي المكان أو على مستوى العاملات و تاريخهن الشخصي, مما يشي بنظرة تجريمية مسبقة تجاه النساء, فيصبح القانون مصدراً لخلق جو إرهابي تشكيكي للنساء بدلا من حمايتهن.....
آثار جانبية تحتل المركز
تلك القوانين تساهم بقدر كبير في تكوين مايسمى بالصور النمطية ، وهي عبارة عن انطباعات وأفكار معممة غير دقيقة ومتحيزة بشكل مبالغ فيه ، يكونها الفرد أو الجماعه تجاه جماعه أخرى ، يتعاملون معهم وفقا عليها ، وليس من السهولة اقناعهم بالعدول عنها مهما توافرت الأدله على خطءها ، فهي "أي الصورالنمطيه" أشبه بالقوالب الفكريه الجاهزه التي تحشر فيها الفئه المعينه ويبدأ التعامل معها على هذا الأساس دون اتاحة الفرصه لتلك الفئه كي تعبر عن ذاتها الحقيقيه . وعليه فان النساء واقعات في ذلك الفخ الذي ساهمت أيضا في نسجه العديد من تداخلات خيوط العادات والتقاليد والتفسيرات الدينيه والعلميه الخاطئه ، خطورة التأثير النابع من القوانين أنها المنظم الرئيس للتعاملات البشريه ، وكونها موضوعه من قبل الدوله فهذا يجعل منها مرجعيه معتبره . "مع عدم غفلان تأثر نشأتها بالعادات والتقاليد" .ليجد النساء والفتيات أنفسهن مدفوعات الي التبرير والدفاع عن النفس بشكل دائم أثناء حراكهن الاجتماعي وسط زملاء العمل والدراسه ووسط الأهل والأصدقاء ، سواءا كان هذا التبرير مصرح به أو حائك في العقل ، باعثا للأرق والتوتر ....يتفاقم الخطر عندما تصبح تلك هي الصوره النمطيه للمرأه عن نفسها ، وذلك بلا محاله حادث ، ويعتبر ملمحا أساسيا من ما يعرف بعملية التشريط الاجتماعي ، نلاحظه في حياتنا اليوميه فالفتيات يتنحين جانبا عن المهام الاكثر صعوبه تاركينها للفتيان حتى أنهن لايقمن بمجرد اختبار قدرتهن على ادائها ، كما ونجدهن مستسلمات للقياده الذكوريه سواءا من الاخوه في المنزل أو زملاء الدراسه والعمل ، مسفرات في تغطية أجسادهن بشكل قد يصل الى حد الهوس ، متحفظات في التعامل مع الجنس الآخر ، بعيدات عن التلقائيه الانسانيه ، متقولبات السلوك وفقا للأطار التصوري النمطي . بالطبع هذا ليس مطلقا كما دائما أقول فان النسبيه هي أساس الحياه ،لكن هذا مايكسو الغالب الأعم من واقع البيئه الاجتماعيه النسائيه . والذي يندرج أيضا في اطاره ممارسة الامهات للعادات الضاره تجاه بناتهن مثل الختان بالرغم من أنهن عانين من منه وتعرضن للخطر الجسدي والمعنوي وقرأن أو ارشدن من قبل المختصين عن تلك الأضرار ، بل وقد يكون بعضهن طبيبات .
علاقة القوانين بالنوع الاجتماعي (جندر)
وفقا لتعريف النوع الاجتماعي (جندر) فان مؤسسات المجتمع بأجملها أسره ، دور علم ، دور عمل ، اعلام ، شارع .. الخ تعمل على خلق صوره مميزه لكل من المراه والرجل عبر تحديد ادوار اجتماعيه مختلفه لكل منهما وتوقعات في سلوكهما وتفكيرهما ، للاسف بنيت كلها على اساس التمييز الجنسي لخلق مايسمى بالنوع الاجتماعي ، فهذا التحديد والتشكيل :-
أ/ قنن وحمي بواسطة العديد من القوانين ، لابقاء سلطة المجتمع الذكوري بمنحه للرجل كثيرا من الحقوق المصيريه التي حرمت منها المراه ، مثل حق التطليق ، حق الارجاع في الطلاق الرجعي وان لم ترغب ،حق الاذن لها بالعمل . وغيرها .
ب/ هذا التشكيل الجندري يحوي انماطا من المفاهيم سنت على اساسها قوانين تكرس لدونية المراه وتسلبها حقها في حرية النشاط والتطور ، مثل القانون الذي يحدد انه من واجبات الزوجه المحافظه على زوجها في نفسها فالمفهوم الجندري هنا ان المراه هي معيار العار والشرف وسلوكها يمس سمعة زوجها ، اما الزوج فله حرية التصرف ولم يلزمه القانون بالمحافظه على زوجته في نفسه فيعامل معها مسبقا بمبدا الشك ومع الرجل بمبدا العصمه عن الخطا او جواز ارتكابه . وايضا مفهوم ضبط الغريزه الجنسيه للفتاه متى بلغت وحظيت بالجمال والتفوق على قريناتها في البنيه الجسديه فيكون ضبطها بالزواج في عمر الطفوله باعتبارها مصلحه راجحه . وكذلك مفهوم ان الاصل في المراه المكوث في المنزل والرجل الخروج والعمل التنزه و الترفيه بشتى السبل وعليه الزم القانون المراه بالاستئذان من زوجها اذا رغبت في الزيارات الاجتماعيه . وغيرها من المفاهيم التي افرزت العديد من الاحكام الظالمه .
والمدخل الأهم الذي يكشف العلاقه بين القوانين والجندر هو المستوى الرابع من فجوات النوع الاجتماعي (المشاركه في اتخاذ القرار ) فهي في اتساع لصالح الذكور على كل الاصعده الاجتماعيه والسياسيه والاقتصاديه ، وقانون الاحوال الشخصيه هو ابلغ مثال لتاسيس ذلك ، بمساهمته الفاعله في تشكيل المؤسسات الاجتماعيه التربويه ان كانت منزل الولي (اب،عم،الخ..) او بيت الزوج لصالح سلطة الرجل وتبعية المراه ، مما يحد من اتخاذها القرارات داخل المنزل ويفتح الباب واسعا امام عدم اتخاذه خارجه في القطاعات العمليه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه .
أين نحن من هذا
أعلنت الأمم المتحده عام 1979 اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمميز ضد المرأه ، فهي وثيقة مفردة بشكل خاص للنساء ، لتتحقق عبرها كرامتهن الانسانيه وينعمن بحياه صحيه وآمنه ، قبلها صدر الميثاق الافريقي لحقوق الانسان والذي بالضروره يحمل في طياته وجوب حصول النساء على ذات الحقوق الانسانيه ، واللذان سبقهما أول اعلان عالمي لحقوق الانسان عام 1948....وغيرها من الاتفاقيات والمواثيق الدوليه التي تضمن حقوق الانسان الاجتماعيه والاقتصاديه والسياسيه ، التي لم تغفل على الاطلاق المراه او تميزها سلبا ، بل تطور الحراك والصراع المدني وافرز سيداو بعد ان راى ضرورة افرادها للتفصيل الاشمل في مايخص العداله النوعيه ونصرة النساء في كل العالم . بدلا من أن نحزو نلحق بالركب ، نجدنا مغمورين في الوحل ، ونستنشق رائحة حرق الكرامه النسائيه ، ما صدر من قرار ألغي بموجبه تجريم عملية ختان الاناث بعد نضال طويل حققته منظمات المجتمع المدني للحد من أذي النساء وجعلهم الماده 13 في القانون الجنائي تجرم تلك العاده القبيحه ، تاتي وزارة العدل لتبطش بجميعهن . وتلغي هذا التجريم ، بل ويسند بالفتاوي والعلم والاصدارات والكتب ، بالرغم من موت الفتيات المتكرر في كل ارجاء البلاد ، كاثر مباشر لتلك العاده .
في الجزء القادم سوف نتعرض الى مزيدا من القوانين وبشكل مفصل الى الآثار النفسية والاجتماعية التي تفرزها.
ندى حليم / اختصاصيه نفسيه وناشطه في مجال حقوق الانسان
nadahaleem19@yahoo.com