الهمباتي.. علي عبداللطيف يمشي في سكة الخطر ..!!

 


 

 

توثيق : صديق السيد البشير*
siddigelbashir3@gmail.com
يامنايا
حومي حول الحمى
واستعرضينا واصطفى
كل سمح النفس
بسام العشيات الوفي
الحليم العف
كالأنسام روحاً وسجايا
أريحي الوجه والكف افتراراً وعطايا
فإذا لاقاك بالباب بشوشاً وحفي
بضمير ككتاب الله طاهر
أنشبي الأظفار
في أكتافه واختطفي
صلاح أحمد إبراهيم من مجموعة (نحن والردى)
كان لا يفترض، لا يقترح، بل يعرض... نعم أحال المقولة الفولترية (نسبة إلى فولتير) إلى واقع عملي عبر الكتابة بلغة منثورة ومن أجل الكتابة الإرادية لتحقيق الذات، كما في قولة الدكتور يوسف إدريس، نعم حقّق ذاته عبر الإشتغال والتحليق في فضاءات الكتابة للصورة والتأليف الدرامي.. لكونه الفن الذي انصهرت في بوتقته كافة الأجناس الإبداعية الأخرى من إخراج وشعر ومؤثرات موسيقية وبصرية وسينمائية وما إلى ذلك.أمين محمد أحمد الذي فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها مساء الجمعة العشرين من مايو2011م بعيداً عن تراب وطنه بدولة الأمارات العربية المتحدة بعد معاناة مع المرض الذي هاجم جسده بضراوة.وأمين... هو المنتمي الى دهاليز الفن والجمال والمفكك لطلاسم السيناريوهات والتأليف الدرامي، بل هو المنجز لباقة منتقاة من الأعمال الفنية الراسخة في ذاكرة المتلقي الحصيف والمطبوعة في أذن وعين المستمع والمشاهد الذّوّاق للمسلسلات والأفلام الإذاعية والتلفزيونية وغيرها. أمين ياااا مسافر وناسي هواك... أشواقنا وقلوبنا معاك وألسنتنا تدعو لك بالرحمة والمغفرة... وأنت الذي لازالت منتوجاتك الفنية أمامي.. أتذكرها بحب دافق... رغم أنّك لم تكن يوماً محباً للأضواء( الميديا) ...بل ظللت تعمل بدأب متواصل، أمّا إخراجاً أو تأليفاً... أو عبر كتابة السيناريوهات... وغيرها.ينتمي أمين محمد أحمد الى الجيل الأول الذي وضع (اللبنات) الفنية الأولى (لحائط) الإخراج والسيناريو للكثير من المسلسلات المسموعة والمرئية في السودان منذ ستينيات القرن الماضي... وهو المتخرج في جامعة الخرطوم (الجميلة ومستحيلة) في الستينيات... ثم يمّم وجهه شطر (أرض الكنانة) لتلقي المزيد من العلم ورشف (أكواباً) معرفية من (عصير) الإبداع المسرحي والسينمائي _ تحديداً _ في (مدرجات) معهد السينما بمصر... حيث كان أوّل دفعته. يقول عنه الناقد السر السيد إنّ أمين من الجيل المؤسس بجدارة للكتابة التلفزيونية ومن المتخصصين في مجال السيناريو (صحيفة الأحداث).رحل أمين وترك في كل شىء مذاقاً... مذاقاً على خشبة (أبوالفنون) و(الراديو) و(الشاشة الصغيرة)... بل وأنجز مسلسلاً إذاعياً بث على أثير الإذاعة السودانية وحمل اسم (الهمباتة)... وهو من تأليفه وإعداده ونفّذه معه الدكتور قريب محمد راجع (رحمه الله) وكان الأداء للممثل القدير حاكم سلمان صاحب الصوت المجلجل... حيث كان سلمان يردد:الزول البدور من البوادي ضريبةيبقى موارك الغربة ويبعد الريبةمايدني للهاملة البشوفا غريبةإلاّ السيدان في الدندر مسيلا زريبةلم يكتف» أمين (بالهمباتة).... بل أنجز أيضاً لعشّاق (الشاشة الصغيرة) مسلسلاً عرف بـ(سكة الخطر) من اخراج المرحوم فاروق سليمان، اضافة الى (علي عبداللطيف) و(بيوت من نار) و(فك الارتباط)الذي جمعه بالفاضل سعيد و(المراحيل) و(الدهباية) و(البركان) و(الدلالية) و(الموريس ماينر) والأخير عن قصة الراحل عبدالمنعم مصطفى. ثم أن له مسلسلاً اذاعياً اسمه (شجرة الليمون).غير أنّ أمين محمد أحمد التحق بالعمل محرراً في المجلة الدورية الخاصّة ببلدية أبوظبي، هو ذاته أمين الذي كانت أشهر مسلسلاته هو (اللواء الأبيض) والذي أوصل عبره كل معاني الوطنية ومضامين الاستبسال والتضحية من أجل تراب البلد العزيز عليه وعلينا جميعاً. وقبل أن ينتقل أمين للعمل بدولة الأمارات، كان قد التحق للعمل داخل (الحيشان التلاتة)... الإذاعة والتلفزيون والمسرح منذ العام 1973م. وترى الناقدة والممثلة والمخرجة منى عبدالرحيم أن أمين محمد أحمد هو أبوالسيناريو في السودان... وهو مبدع سطر اسمه في قائمة الكتاب الذين كسبتهم الدراما السودانية وهو الفنّان ذو القدرة الخارقة في التفسير والصادرة عن رؤية فلسفية خاصة... وبدأ في كتاباته بقوة وصبر ليؤسس لحالة كتابية ممتعة كانت وليدة صورة مجتمعية متخيلة بمستوى الطموح الحضاري والتطلع الي خلق عالم مناهض ساحر بمخيلته التعبيرية... قدّم أعمالاً كثيرة فيها باكتشاف الأبعاد الحقيقية للواقعية التي تقوم على الصدق في الكلمة والأداء وقرته ككاتب في تجسيد الحقيقة في مواقف واضحة بدلاً من تقريريتها، وعلى اظهار الحقيقة بمتناقضاتها وبوجه واحد من وجوهها... هذا هو التكنيك الذي يستخدمه أمين محمد أحمد دوماً والذي تتجلى فيه السمعة الأخلاقية (الأهرام اليوم).ينتمي أمين الى رهط من المبدعين المشتغلين بالكتابة الدرامية عبر مختلف الوسائط.... مثل كمال محمد إبراهيم وجاد الله جبارة ومصطفى أحمد الخليفة وجعفر سعيد الريح وإبراهيم حجازي ومحمد خوجلي مصطفى والفكي عبدالرحمن وقريب محمد راجع وأنس أحمد عبدالمحمود وعادل إبراهيم محمد خير وعبدالناصرالطائف أحمد وقسم الله الصلحي وآخرين، غير أنّه اقتنع بأن الفن هو الذي يلتصق بحياة الناس هو الذي يحرك الوجدان ويرتبط بالهوية في صورتها البهية، ويقول عنه الأستاذ عبدالله الشقليني: (لم أكن أعلم أني أمام هذا الهرم الذي جمّل وجداننا من وراء الكواليس في إذاعة أم درمان أو في التلفزيون إلاّ حين زارنا في مكاتبنا، حيث يصفه الشقليني: (ألقى علينا تحية مرت كالنسمة، تعرف أنت من وراء التواضع والأدب الجّم، أنّك أمام باهر لن تعرفه إلاّ حين تتحدث إليه.... ومن الاسم الثلاثي انبلج صبحه... وعرفت محبته التي سبقت رؤيته... (يسبقنا الشوق قبل العينين) (سودانيز أونلاين).كان نجماً مضيئاً عمل من وراء الستار وخلف الكواليس... يساهم بذلك في حفظ التراث الفني والتاريخي في السودان (رحمه الله عليك) فأنت الهمباتي وعلي عبداللطيف، تمشي في سكة الخطر.... وأسبغ الله عليك رحمته وغشيتك سحائب غفرانه في قبرك... وسلاااااااام عليك في الخالدين.مع بالغ حزني وخالص أساي
*صحافي سوداني
/////////////////////

 

آراء