“بشرطو وبخيطو ” – من أدب الرسائل

 


 

 

تباشير الشتاء فى شمال السودان تظهر بقدوم وفود الطيور المهاجرة سنويا وتحط بسلام وفي سلام بيننا تشاركنا الزمان والمكان والمأكل والمشرب هو رزق ساقه لها ورتبه رب العالمين فلا تحتاج الي عون من أمم متحدة أو دولاً ذات ثراء.

من ضمن تلك الطيور الموسمية عصافير ملونة جميلة المنظر تحط على أعشاشها التي تنتظرها تتوارثها من الآباء والاجداد. نحس بقدومها فجر الصباحات الشتوية. شقيقي مولانا الطاهر مع ضيوف له أجبرتهم ظروف الحرب اللعينة في العاصمة ترك الديار والغالي والنفيس هاجر من هاجر الي دول الجوار لكنه وصحبة له وشقيقي إسماعيل فضلوا بربر القدواب على القاهرة ، ونعم التفضيل بين أهل وعشيرة أرحام كرماء فرحوا بمقدمهم. فرحت بهم الديار القديمة ونفضت الغبار عن شباب ساحر جميل. وفجر هذا الصباح يستيقظ مولانا على هرج ومرج ضيوف "زوار فصل الشتاء " يعلنون قدومهم. بعث لي مشكورا بهذا التسجيل الصوتي القصير المعبر هنا  وعنوان الرسالة " بشرطو وبخيطو".

أشركك عزيزي القاريء بردي هذا على مولانا الطاهر عبدالمحمود:

صباح الخير عزيزي أخي الطاهر . يا سلام! كما ينبسط السر قدور  أثناء تقديم برنامجه  الرمضاني " اغاني وأغاني " من الأغنية والأداء وتذكره اللحظة  أيام شبابه الخالية وشخوص كانت تملأ عالمه الغني بكل ما هو جميل او المثير .  رحمة الله عليه وعلى والدينا حاصة الوالدة  وكأنني الآن أجلس ونحن متحلقين  حولها عند لقائنا بها بداية كل يوم جديد وهي بكل فرح ونشوة تقدم لنا شاي الصباحات الشتوية. منها تعرفنا على ونسة ولغة تلك العصافير التي تزورنا فى القدواب كل فصل شتاء. الوالدة بذكائها الفطري وحسها الفني ترجمة تلك الونسة  واللغط الحاصل كل صباح ، سريع التردد " ببشرطو وبخيته "  الآن أرى لتلك الجملة من رطانة هذه الطيور ما يشابهها في المعنى ونحن اليوم نعيش حال سوداننا الحزين المحزن  نتيجة ما يجري على الارض من خلاف ودمار واقع جدا مرير  وغبي سببه تخاصم جنرالين ومن تبعهما من الداخل أو الخارج محرضا، يحكي  هذا الحال صورة من الخلافات المشابهة لحال تلك العصافير المهاجرة عندنا فجماعتنا   " يشرطون"  ويفتكروا أنهم سيخيطون ما شرطوه في وطن كان جميلا وعاصمة كانت درة النيلين بل درة كل أفريقيا . شكرا اعدتم لي ذكريات جميلة وكل صور سنين طفولتي وصباي  في بربر القدواب وحتى الباوقة واتبرا ودارمالي ودامر المجذوب. رحم الله الموسيقار النوبي  بروفيسور حمزة علاء الدين ففى قصيدته وأغنية الزوار صور بوح حنينه من كليفورنيا لقريته النوبية معبرا وقبل السفر بفترة أنه قد خبر  داره "يعني أهله" بل كل شيء  بأنه " ناوي الزيارة" ولم ينسى إخبار حتى الطائر  المعشعش على شق الجدار لعله  هو "بشرطه وبخيته"  أو ما يشبهه. راجع الرابط هنا لتسمع وتستمتع لهذه المناجاة " نوستالجيا فنان موسيقار مغترب باعدته الظروف عن وطنه. ويمكنك تقرأ ترجمتي للنص عندما تضغط على العنوان. وليتك تستطيع أخذ صورة لهذه العصافير الزائرة التي لا تحب أحداً قط ان يقترب منها أو يتدخل في شئونها.. شكرا  مع تحياتي للجميع ورحم الله والدينا وكل من رحلوا من أحبابنا أهل القدواب بل بربر قاظبة الي جنات الفردوس الأعلى عند  نعم المضيف الكريم الغفور الرحيم ،  رب العالمين. دم في أمان الله والوطن يارب كله أمن وسلام وعدل فقط يرضي رب العالمين

وليس من يتحكمون

عبدالمنعم

https://youtu.be/GSskHuCWtPo?si=AZVSqbyD219OWkI5

 

drabdelmoneim@gmail.com

 

آراء