تحت زخات الرصاص وزيارات الدعامة (10 _10 )
الرشيد جعفر على
10 May, 2024
10 May, 2024
Rasheed132@hotmail.com
الرشيد جعفر
لدى الايام الاخيرة بحى جبرة كنت عند الصباح الباكر أعود إلى المنزل متخفيا حتى أكاد التصق مع الحائط مثل زوار الليل ، حتى لا يلاحظنى الدعامة ،حيث كنت اقضى ليلتى مع الجيران المتواجدين لنشد من ازرنا لبعض ، فى تلك الظروف القاسية ، فوجدت مجموعة كبيرة من عساكر الدعم عند طرف الشارع ، لم يشاهدنى أحدا منهم وانا ادخل للمنزل ، بعدها بقليل سمعت طرق على باب جارنا فخرجت لهم ويا ليتنى لم اخرج تركوا بيت جارى واقبلوا على مع الاسطوانة المشروخة المعتادة ، ودعاوى تفتيش السلاح المخبأ بالداخل ، فى الحقيقة وصلت إلى مرحلة لم أعد اطيق جدالهم ومحاولة كسب ودهم من كثرة ما دخلت معهم فى مجادلات ، واستنفاد لكل معاول الصبر على بوس وقبح تعاملهم واستفزازاتهم المتوالية .
دلفنا الى داخل منزلنا وبدأت المماحكات الفارغة من قبلهم ، ففى محاولة منهم لسرقة شى دون ان يكون امامى ذلك ، أمرنى أحدهم بالدخول إلى أحد الغرف ، فرفضت ذلك ، فالامر استفزنى كثيرا ، فاكد لى احدهم انه سيضرب فى المليان مشهرا سلاحه نحوى وهذه هى المره الثالثة التى يتم فيها التهديد بتلك الطريقة فى احداها بمنطقة الفردوس تم إطلاق ثلاثة طلقات بجانبى لاخراج ما بحوزتنا من اموال .
فقلت لمهددى بجبرة اضرب من شدة الملل الذى اعترانى من كثرة الحكاوى التى دخلت فيها معهم ، ولثقتى من انه لن يضرب حسب مجريات الاحداث الكثيرة التى مرت بنا ، فجاء آخر فصفعنى على وجهى وضربنى بموخرة السلاح على كتفى وراسى ، شعرت بالاضطهاد والذل والقهر وغصة أليمة فى صدرى من اثر ذلك باننى غير قادر على المجابهة مع تعدد افراد المليشيا واسلحتهم .
بعدها تم اقتيادى إلى خارج المنزل لاخر يتبع لهم مع تهمة اننى عسكرى حسب وقفتى التى كنت عليها مع المطالبة بالدوران يمين ويسار ، مع ضجة فرحتهم لاكتشافهم وتاكيدهم للتهمة السابقة حسبب رايهم مع تلك الأوامر ، وبدوا فى المطالبة بالجوال الذى لم يكن معى ، فانكرت تماما بأن لى هاتف محمول ولم يصدقوا ابدا ذلك ، حيث انهم فى قرارة أنفسهم لابد من ان يغنموا شى حتى يتركوك لحال سبيلك ، عندما فشلت محاولاتهم قرروا ترحيلى إلى أرض المعسكرات بسوبا وعند ركوبى التاتشر ايقنت اننى ذاهب إلى محطة صعبة لا عودة قريب منها .
فحاولت ان اوضح لهم إمكانية مغادرة البيت حتى يخلوا سبيلى فرفضوا ذلك ، مع غطاء العينين بقماش قوى جدا لكامل الوجه حتى ضقت من التنفس لدرجة بعيدة ، فحاولت أن ارفع ذلك للتنفس دون حيله مع سيل الضرب بالعكاز على ظهرى عانيت من اثارها زمنا طويلا ، للاسف كان الضرب بواسطة عصاة كنت احب حملها دوما ، اخذوها من المنزل ، مع شتائم واساءات متعددة ووعيد وتهديد بالقتل والوضع فى مناطق قذف الطائرات، وحديث بالذهاب للمقابر للموت حتى خلت اننا ذاهبون إلى مقابر الأندلس ، مع حديث كثير ينبى شحن هولاء الشباب باحاديث كثيفة توضح مدى الغل الذى يحملونه لابناء جلدتهم دون اسباب ومنطق ومن الاثافى انهم شباب فى مقتبل العمر .
بدا التاتشر يلف من شارع إلى آخر وانا معصوب العينين لأكثر من نصف ساعة تقريبا كانت أطول فترة عصية فى حياتى ، عند الوصول امرونى بالنزول من التاتشر مع صعوبة ذلك ، وانا لا أرى ، فكانت ايضا اكثر شى هز فى نفسى شعرت عندها مدى المهانة وانا اسير امامهم ، واضرب فى ظهرى بينما اتحسس اثر الطريق إلى الداخل أمشى يمين مع ضربة فى الظهر أمشى يسار فيردفها بضرب أخرى ، ووقفت اثر تحسسى لحفرة كدت أن أقع فيها ، مع صراخهم وضربهم عدت الى السير مرة أخرى حتى وصلت المكان المخصص .
اجلس جلست على الارض ، افتح وشك الحمد لله ارتحت عندها كثيرا من شدة ما اعترانى من ضيق لاثر التكميم الكامل للوجه ، وجدت مجموعة من مرتدى الزى المدنى فقالوا للضابط الزول ده عسكرى لقيناهو فى جبرة مع استجوابى الحاصل شنو ، فاكدت له انه تم اخذى من منزلى واطلاعهم على بطاقتى الشخصية ، وهى معهم الان ،وتم تفتيش البيت بالكامل دون اعتراض على ذلك .
الحمد لله الضابط يظهر انه من مجندى الخرطوم الذين لاحظته تعاملهم مع المواطنين دائما يكون بصورة طيبة ، استشاط غضبا عليهم انتو اى زول قاعد فى بيتو عسكرى دى فوضى منكم ولعب شفع سلموا سلاحكم وانفسكم للكركون ، حينها شعرت بنجدة من السماء ، فتساقطت دمعات من اعينى شعرت فيها بقهر الرجال وانصافهم فى نفس الوقت من مجموعتهم .
جرت مشاجرة بينهم كيف ناتى لكم بعسكرى وتقولوا خشوا الكركون والله تانى ما نجيب اى زول هنا ، فسلم ثلاثة منهم ورفض الرابع مع ذهابه ناحية التاتشر وتبعه رفقاءه وجرى احد افراد المعسكر بسلاحه خلفهم انتو رافضين تنفذوا الأوامر ، حتى كاد أن يتم تبادل إطلاق النار فيما بينهم وانا وسطهم فشعرت حينها بدنو اجلى حتما اذا تم تبادل النيران بينهم وانا وسطهم .
فالحمد لله مر الامر بسلام مع امرهم باجلاسى على الكرسى وذهبت تلك المجموعة المعتقلة لى ، مع شعور بالراحة ، وطلب منى انتظار ضابط المعسكر الأول للتحقيق فى الامر معى ، عندها جات طائرة عسكرية تجوب فوق المعسكر وبدأ الضابط يتحدث مع آخر عن ضرورة نقلهم لجهة أخرى ، حيث قتلت هذه الطائرة امس مجموعة من العساكر ، بعدها اذنوا لى بالذهاب مع حديث طيب لى بأن اولئك المجموعة هم عبارة عن حرامية مستنفرين جدد فقط .
تم إيصالى من قبلهم حتى الميناء البرى بالخرطوم ومنها ذهبت مرتجلا حتى المنزل لاخذ حقيبتى الجاهزة من قبل حيث استنفدته كل معاول البقاء ، وفى الطريق الى المنزل كانت قوات الدعم قد انتشرت بكثافة على كل الطرق فتم التحقيق معى عند مدخل مربع ٢٥ الصحافة فاوضحت لهم كل ما جرى معى مع استغراب شديد لديهم لاقتيادى لارض المعسكرات وعودتى فى نفس اليوم ، فبدا احدهم يحدثنى لأكثر من نصف ساعة عن الدعم السريع وقوته وافضاله على البلاد والعباد وعن كسبهم لهذه المعركة حتما ، كاننى كنت فى مناظرة معهم ، فكل ما اوضحته لهم اننى ذاهب للمنزل لأخذ اغراضى والمخارجة دون عودة ، فتم تكليف عسكرى لايصالى للمنزل للتأكد من حقيقة امرى اذا كانت روايتى صحيحة .
وعند بداية شارع منزلنا قابلت الضابط الذى اهديته المصحف من قبل ، فنصحنى بالمغادرة مع وعده بتوفير سيارة حتى السوق المحلى فاكدت له اننى فعلا مغادر ، فبقى معى العسكرى الذى اصطحبنى عند مدخل المربع رافضا الرجوع دونى ، فحاولت ان اوضح له باننى لست اسير وإنما انت رافقتتى فقط للتأكد من حقيقة امرى حسب الاوامر الصادرة لك بذلك ! وعندها تدخل الضابط احمد وأمره بالانصراف مع حيره اعترتنى وتأكيد بأنه لا بقاء بعد الان وسط هذه الغوغائية .
ذهبت لوداع الاخوان بالحى الذين أصروا على للمبيت ، فرفضته ذلك تماما حيث كنت أتوقع دخول الدعامة لمنزلنا فى ذلك اليوم مما سيكون صعبا على مشاهدة ذلك ، جمعت اغراضى وتناولت الإفطار مع الاخوان وودعتهم مع حديثهم معى بانهم سيخرجون غدا بعد سماعهم لكل الاحداث التى جرت معى .
لن أنسى ابدا من طالبنى بالذهاب معه غدا إلى الأندلس حيث بيتهم الكبير ومن طالبنى بالسفر معه الى كوستى فاحاطونى بمشاعر دافقه ومواقف عظيمة جعلت الدموع غزيرة تتساقط دون مقدرة للسيطرة عليها فهذا الشعب يتمتع بانبل صفات الشهامة والرجولة والشجاعة التى كان لها ان صادفت قيادة قوية للبلاد وقادرة على مجابهة ما جرى بمستوى الاحداث لما كان للدعامة موطى قدم فى الخرطوم ولو ليوم واحد .
خرجت والخروج قرين القتل فهو غصة تعلق فى روح المغادر ، فالبقاء فى المنزل بظروفه التعسفية تلك موت والخروج منه موت ايضا ، فإن كل البديلين انتحار !
فمن وهب روحه للبحر مقابل أن ينقله من الوطن إلى المجهول... قد فقد هويته ! ومن قبض على ابنائه باسنانه وركب موج البحر واخذ يجدف باحدهم لينقذ الباقيين منهم قد فقد هويته !
ومن بقى منتظرا خلف الأسلاك الشائكة على حدود البلاد الفاصلة بين موته وحتفه. ....ولا يستطيع العبور ولا العودة ، قد فقد هويته !
ومن ركب الصعاب عبر سيارة فاقدة لاهلية السفر عبر الصحارى الطويلة والفيافى الموحشة الموغلة فى التعب عبر طرق ووسائل فاقده لادمية وانسانية المسافر لينجو بنفسه ويحظى بموطئ قدم له ومن معه. ....قد فقد هويته .
كل هذه الاحداث والشواهد مرت امام عيني وانا اتذكر رئيسة وزراء بريطانيا وهي تقدم استقالتها ، وتبكي على وطنها الذي تحبه على الرغم من الفارق الكبير فى الأوضاع ، . وبالرغم من انها لاتعنيني من قريب او بعيد ، الا انني تساءلت من سيبكي على وطني وهو في هذه الحالة التي يرثى لها . .ومن سيقدم استقالته وبلادنا تضيع امام اعيننا.... وكم من السياسيين والبرلمانيين من يحب وطنه حقا الا مارحم ربي . هذا الوطن الذي يجهلونه هو كل مانملك ، وهم اضاعوه لأنهم فى قمة عدم المسوولية والوطنية عندما جعلوا قوة من الرجرجة والسوقة والقوقاء موازية لقوات الشعب المسلحة بل تفوقها فى كثير من النواحى .
أن تجربة الترحيل القسرى عن الديار والوطن تجربة قاسية عانى من جرائها الإنسان السودانى ما عانى حيث طرحت به المقادير إلى خارج بلاده تنهش الام كبده كلما طلعت عليه شمس فى غير وطنه فصار حاله ينطبق عليه قول الشاعر .
وكان رجائى أن أعود مملكا قريبا
فصار رجائى أن أعود سليما .
الرشيد جعفر
لدى الايام الاخيرة بحى جبرة كنت عند الصباح الباكر أعود إلى المنزل متخفيا حتى أكاد التصق مع الحائط مثل زوار الليل ، حتى لا يلاحظنى الدعامة ،حيث كنت اقضى ليلتى مع الجيران المتواجدين لنشد من ازرنا لبعض ، فى تلك الظروف القاسية ، فوجدت مجموعة كبيرة من عساكر الدعم عند طرف الشارع ، لم يشاهدنى أحدا منهم وانا ادخل للمنزل ، بعدها بقليل سمعت طرق على باب جارنا فخرجت لهم ويا ليتنى لم اخرج تركوا بيت جارى واقبلوا على مع الاسطوانة المشروخة المعتادة ، ودعاوى تفتيش السلاح المخبأ بالداخل ، فى الحقيقة وصلت إلى مرحلة لم أعد اطيق جدالهم ومحاولة كسب ودهم من كثرة ما دخلت معهم فى مجادلات ، واستنفاد لكل معاول الصبر على بوس وقبح تعاملهم واستفزازاتهم المتوالية .
دلفنا الى داخل منزلنا وبدأت المماحكات الفارغة من قبلهم ، ففى محاولة منهم لسرقة شى دون ان يكون امامى ذلك ، أمرنى أحدهم بالدخول إلى أحد الغرف ، فرفضت ذلك ، فالامر استفزنى كثيرا ، فاكد لى احدهم انه سيضرب فى المليان مشهرا سلاحه نحوى وهذه هى المره الثالثة التى يتم فيها التهديد بتلك الطريقة فى احداها بمنطقة الفردوس تم إطلاق ثلاثة طلقات بجانبى لاخراج ما بحوزتنا من اموال .
فقلت لمهددى بجبرة اضرب من شدة الملل الذى اعترانى من كثرة الحكاوى التى دخلت فيها معهم ، ولثقتى من انه لن يضرب حسب مجريات الاحداث الكثيرة التى مرت بنا ، فجاء آخر فصفعنى على وجهى وضربنى بموخرة السلاح على كتفى وراسى ، شعرت بالاضطهاد والذل والقهر وغصة أليمة فى صدرى من اثر ذلك باننى غير قادر على المجابهة مع تعدد افراد المليشيا واسلحتهم .
بعدها تم اقتيادى إلى خارج المنزل لاخر يتبع لهم مع تهمة اننى عسكرى حسب وقفتى التى كنت عليها مع المطالبة بالدوران يمين ويسار ، مع ضجة فرحتهم لاكتشافهم وتاكيدهم للتهمة السابقة حسبب رايهم مع تلك الأوامر ، وبدوا فى المطالبة بالجوال الذى لم يكن معى ، فانكرت تماما بأن لى هاتف محمول ولم يصدقوا ابدا ذلك ، حيث انهم فى قرارة أنفسهم لابد من ان يغنموا شى حتى يتركوك لحال سبيلك ، عندما فشلت محاولاتهم قرروا ترحيلى إلى أرض المعسكرات بسوبا وعند ركوبى التاتشر ايقنت اننى ذاهب إلى محطة صعبة لا عودة قريب منها .
فحاولت ان اوضح لهم إمكانية مغادرة البيت حتى يخلوا سبيلى فرفضوا ذلك ، مع غطاء العينين بقماش قوى جدا لكامل الوجه حتى ضقت من التنفس لدرجة بعيدة ، فحاولت أن ارفع ذلك للتنفس دون حيله مع سيل الضرب بالعكاز على ظهرى عانيت من اثارها زمنا طويلا ، للاسف كان الضرب بواسطة عصاة كنت احب حملها دوما ، اخذوها من المنزل ، مع شتائم واساءات متعددة ووعيد وتهديد بالقتل والوضع فى مناطق قذف الطائرات، وحديث بالذهاب للمقابر للموت حتى خلت اننا ذاهبون إلى مقابر الأندلس ، مع حديث كثير ينبى شحن هولاء الشباب باحاديث كثيفة توضح مدى الغل الذى يحملونه لابناء جلدتهم دون اسباب ومنطق ومن الاثافى انهم شباب فى مقتبل العمر .
بدا التاتشر يلف من شارع إلى آخر وانا معصوب العينين لأكثر من نصف ساعة تقريبا كانت أطول فترة عصية فى حياتى ، عند الوصول امرونى بالنزول من التاتشر مع صعوبة ذلك ، وانا لا أرى ، فكانت ايضا اكثر شى هز فى نفسى شعرت عندها مدى المهانة وانا اسير امامهم ، واضرب فى ظهرى بينما اتحسس اثر الطريق إلى الداخل أمشى يمين مع ضربة فى الظهر أمشى يسار فيردفها بضرب أخرى ، ووقفت اثر تحسسى لحفرة كدت أن أقع فيها ، مع صراخهم وضربهم عدت الى السير مرة أخرى حتى وصلت المكان المخصص .
اجلس جلست على الارض ، افتح وشك الحمد لله ارتحت عندها كثيرا من شدة ما اعترانى من ضيق لاثر التكميم الكامل للوجه ، وجدت مجموعة من مرتدى الزى المدنى فقالوا للضابط الزول ده عسكرى لقيناهو فى جبرة مع استجوابى الحاصل شنو ، فاكدت له انه تم اخذى من منزلى واطلاعهم على بطاقتى الشخصية ، وهى معهم الان ،وتم تفتيش البيت بالكامل دون اعتراض على ذلك .
الحمد لله الضابط يظهر انه من مجندى الخرطوم الذين لاحظته تعاملهم مع المواطنين دائما يكون بصورة طيبة ، استشاط غضبا عليهم انتو اى زول قاعد فى بيتو عسكرى دى فوضى منكم ولعب شفع سلموا سلاحكم وانفسكم للكركون ، حينها شعرت بنجدة من السماء ، فتساقطت دمعات من اعينى شعرت فيها بقهر الرجال وانصافهم فى نفس الوقت من مجموعتهم .
جرت مشاجرة بينهم كيف ناتى لكم بعسكرى وتقولوا خشوا الكركون والله تانى ما نجيب اى زول هنا ، فسلم ثلاثة منهم ورفض الرابع مع ذهابه ناحية التاتشر وتبعه رفقاءه وجرى احد افراد المعسكر بسلاحه خلفهم انتو رافضين تنفذوا الأوامر ، حتى كاد أن يتم تبادل إطلاق النار فيما بينهم وانا وسطهم فشعرت حينها بدنو اجلى حتما اذا تم تبادل النيران بينهم وانا وسطهم .
فالحمد لله مر الامر بسلام مع امرهم باجلاسى على الكرسى وذهبت تلك المجموعة المعتقلة لى ، مع شعور بالراحة ، وطلب منى انتظار ضابط المعسكر الأول للتحقيق فى الامر معى ، عندها جات طائرة عسكرية تجوب فوق المعسكر وبدأ الضابط يتحدث مع آخر عن ضرورة نقلهم لجهة أخرى ، حيث قتلت هذه الطائرة امس مجموعة من العساكر ، بعدها اذنوا لى بالذهاب مع حديث طيب لى بأن اولئك المجموعة هم عبارة عن حرامية مستنفرين جدد فقط .
تم إيصالى من قبلهم حتى الميناء البرى بالخرطوم ومنها ذهبت مرتجلا حتى المنزل لاخذ حقيبتى الجاهزة من قبل حيث استنفدته كل معاول البقاء ، وفى الطريق الى المنزل كانت قوات الدعم قد انتشرت بكثافة على كل الطرق فتم التحقيق معى عند مدخل مربع ٢٥ الصحافة فاوضحت لهم كل ما جرى معى مع استغراب شديد لديهم لاقتيادى لارض المعسكرات وعودتى فى نفس اليوم ، فبدا احدهم يحدثنى لأكثر من نصف ساعة عن الدعم السريع وقوته وافضاله على البلاد والعباد وعن كسبهم لهذه المعركة حتما ، كاننى كنت فى مناظرة معهم ، فكل ما اوضحته لهم اننى ذاهب للمنزل لأخذ اغراضى والمخارجة دون عودة ، فتم تكليف عسكرى لايصالى للمنزل للتأكد من حقيقة امرى اذا كانت روايتى صحيحة .
وعند بداية شارع منزلنا قابلت الضابط الذى اهديته المصحف من قبل ، فنصحنى بالمغادرة مع وعده بتوفير سيارة حتى السوق المحلى فاكدت له اننى فعلا مغادر ، فبقى معى العسكرى الذى اصطحبنى عند مدخل المربع رافضا الرجوع دونى ، فحاولت ان اوضح له باننى لست اسير وإنما انت رافقتتى فقط للتأكد من حقيقة امرى حسب الاوامر الصادرة لك بذلك ! وعندها تدخل الضابط احمد وأمره بالانصراف مع حيره اعترتنى وتأكيد بأنه لا بقاء بعد الان وسط هذه الغوغائية .
ذهبت لوداع الاخوان بالحى الذين أصروا على للمبيت ، فرفضته ذلك تماما حيث كنت أتوقع دخول الدعامة لمنزلنا فى ذلك اليوم مما سيكون صعبا على مشاهدة ذلك ، جمعت اغراضى وتناولت الإفطار مع الاخوان وودعتهم مع حديثهم معى بانهم سيخرجون غدا بعد سماعهم لكل الاحداث التى جرت معى .
لن أنسى ابدا من طالبنى بالذهاب معه غدا إلى الأندلس حيث بيتهم الكبير ومن طالبنى بالسفر معه الى كوستى فاحاطونى بمشاعر دافقه ومواقف عظيمة جعلت الدموع غزيرة تتساقط دون مقدرة للسيطرة عليها فهذا الشعب يتمتع بانبل صفات الشهامة والرجولة والشجاعة التى كان لها ان صادفت قيادة قوية للبلاد وقادرة على مجابهة ما جرى بمستوى الاحداث لما كان للدعامة موطى قدم فى الخرطوم ولو ليوم واحد .
خرجت والخروج قرين القتل فهو غصة تعلق فى روح المغادر ، فالبقاء فى المنزل بظروفه التعسفية تلك موت والخروج منه موت ايضا ، فإن كل البديلين انتحار !
فمن وهب روحه للبحر مقابل أن ينقله من الوطن إلى المجهول... قد فقد هويته ! ومن قبض على ابنائه باسنانه وركب موج البحر واخذ يجدف باحدهم لينقذ الباقيين منهم قد فقد هويته !
ومن بقى منتظرا خلف الأسلاك الشائكة على حدود البلاد الفاصلة بين موته وحتفه. ....ولا يستطيع العبور ولا العودة ، قد فقد هويته !
ومن ركب الصعاب عبر سيارة فاقدة لاهلية السفر عبر الصحارى الطويلة والفيافى الموحشة الموغلة فى التعب عبر طرق ووسائل فاقده لادمية وانسانية المسافر لينجو بنفسه ويحظى بموطئ قدم له ومن معه. ....قد فقد هويته .
كل هذه الاحداث والشواهد مرت امام عيني وانا اتذكر رئيسة وزراء بريطانيا وهي تقدم استقالتها ، وتبكي على وطنها الذي تحبه على الرغم من الفارق الكبير فى الأوضاع ، . وبالرغم من انها لاتعنيني من قريب او بعيد ، الا انني تساءلت من سيبكي على وطني وهو في هذه الحالة التي يرثى لها . .ومن سيقدم استقالته وبلادنا تضيع امام اعيننا.... وكم من السياسيين والبرلمانيين من يحب وطنه حقا الا مارحم ربي . هذا الوطن الذي يجهلونه هو كل مانملك ، وهم اضاعوه لأنهم فى قمة عدم المسوولية والوطنية عندما جعلوا قوة من الرجرجة والسوقة والقوقاء موازية لقوات الشعب المسلحة بل تفوقها فى كثير من النواحى .
أن تجربة الترحيل القسرى عن الديار والوطن تجربة قاسية عانى من جرائها الإنسان السودانى ما عانى حيث طرحت به المقادير إلى خارج بلاده تنهش الام كبده كلما طلعت عليه شمس فى غير وطنه فصار حاله ينطبق عليه قول الشاعر .
وكان رجائى أن أعود مملكا قريبا
فصار رجائى أن أعود سليما .