تدهور البيئة بداية مشاكل دار فور … بقلم: محمد الشيخ حسين
محمد الشيخ حسين
18 March, 2009
18 March, 2009
(نبياد) حلول أفريقية للأزمات الوطنية
abusamira85@hotmail.com
مجموعة من المشاعر الطيبة غمرت المشاركين في ورشة عمل بعنوان (المحكمة الجنائية الدولية ومناهضة القانون الدولي والسيادة الوطنية).
وضاقت القاعة الكبرى في وزارة الخارجية على سعتها وأناقتها بحضور نوعي متميز، فقد حضرها وزراء سابقون ووزراء حاليون ووزراء لاحقون، إضافة إلى سفراء وبرلمانيين ورجال قانون وأساتذة جامعة.
وتعد الورشة التي نظمتها أمانة الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (نيباد)، تكملة لورشة سابقة ناقشت عدالة استعادة الحقوق وإبراء الجراح ومحو الضغائن والمصالحة واستلهام التقاليد الأفريقية في كل المنازعات والفتن في أفريقيا.
وتأتي محاور ورشة العمل في سياق البحث عن حلول وطنية للأزمات الداخلية. وقد جاءت هذه المحاور نتيجة جلسات عمل طويلة داخل أروقة (نبياد) أدار خلالها الأستاذ بدر الدين سليمان الوزير المختص بشؤون (نبياد) حواراً ثراً،أعمل فيه عصف الذهن على أكثر مستوى، خاصة عند استعراض العشرات من الوثائق والقرارات ذات الصلة بطبيعة عمل الورشة التي ربما قادت الجميع إلى رسم خارطة طريق تفسح المجال لرؤية وطنية للتعامل مع هذه الأزمة.
واستعرض الأستاذ بدر الدين سليمان المتحدث الرئيسي في الندوة جملة من المواضيع المتصلة بعنوان ورشة العمل.
وكشف عن تعارض بنود معاهدة روما مع القانون الدولي، داعيا إلى التمسك بقرار الاتحاد الأفريقي الداعي لإنشاء محكمة من المحلفين الأفريقيين.
واستفاض في شرح قرار المحكمة الجنائية الدولية على اعتباره صادر من Pre-trail Division ،(دائرة تمهيدية)، وهي محكمة إحالة ولا تملك سلطة الإدانة ولا سلطة التبرئة من جهة أنها إما أن تشطب البلاغ أو تحيله للمحاكمة، وهي تصدر قرارها بناء على Prima- Faci Ground ، أي على المظاهر وليس على ترجيح الأدلة. وخلص إلى أن المقصود أن يكشف المدعي عن أوراقه للمتهم.
وأسهم الأستاذ بدر الدين عبر حديث شيق في إزالة اللبس الحاصل في الذهن عن الفرق بين محكمة العدل الدولية ICJ والمحكمة الجنائية الدولية ICC.
وحول قرار الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس عمر البشير، طرح سؤالا فحواه: لماذا أمر القبض وليس أمر المثول؟، مهتما بكشف التناقض الواضح بين اتفاقية روما نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية والقانون الدولي من جهة إهداره لمبدأ السيادة الوطنية وحصانة الرؤساء.
وكشف عن أن النقطة الأهم في هذه الورشة هي فضح المساومات التي تمت قبل صدور القرار 1593 من مجلس الأمن بإحالة الأوضاع في دار فور إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وربط الأستاذ بدر الدين بين النقطة السابقة وقرار الكونجرس الأمريكي الذي ينص (أي شخص يتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية يعاقب بالسجن) ثم الاستثناء الذي حدث لتسهيل إحالة قضية دار فور بالنص (إلا إذا كانت الإجراءات موجهة لعدو ضد أمريكا؛ مثل ....).
وأعاد إلى الأذهان عملية التصويت على إحالة القرار من مجلس الأمن للمحكمة الدولية، حيث صوت 11 عضواً مع القرار و4 امتنعوا عن التصويت، وهم (أمريكا، الصين، الجزائر، البرازيل)، متسائلة لماذا وقفت الصين هذا الموقف؟.
وأعاد إلى الأذهان أيضاً قرار الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن والسلم الأفريقي في قمة شرم الشيخ، وقرار أمريكا والاتحاد الأفريقي لحل الإشكالات في جرائم دارفور عن طريق:
ـ المحكمة الخاصة المختلطة في أفريقيا
ـ مقترح الرئيس النيجيري ابوسانجو عن العهد الأفريقي والمحلفين الأفارقة.
ـ خطاب الرئيس البشير في قمة شرم الشيخ الأفريقية.
تدهور البيئة
في فاتحة ورشة عمل (نبياد) لم يشأ الأستاذ بدر الدين سليمان أن يهرب إلى التاريخ البعيد، تجنبا لحقائق الواقع والتاريخ المعاصر الذي نعيش فصوله، ولذا نراه استحسن أن يبتدر ورشة العمل بتقديم صور وثائقية عن موجة الجفاف التي ضربت الإقليم
في مطلع الثمانينيات، ولذا عاد إلى أرشيفه القديم واستخرج منه الصور المنشورة هنا، والتي التقطت بواسطة مكتب الإرشاد والإعلام القومي في إقليم دارفور في أغسطس 1980م.
ويدعم الأستاذ بدر الدين هذه الصور بإفادات من ورقة عمل أعدها باللغة الانجليزية عن الجفاف الذي ضرب المنطقة منذ منتصف السبعينيات، وتأثيراته التي أسهمت في تأجيج الصراع في المنطقة.
وتستعرض هنا ترجمة مختصرة لأهم الإفادات التي احتوتها تلك الورقة.
أفضى الجفاف المتصل الذي ضرب إقليم دار فور منذ منتصف السبعينيات إلى موجات من هجرات المتلاحقة للقبائل الرحل والرعاة من شمال دارفور عبر حدود تشاد إلى حزام الزراعة والى ارض القبائل التي تحترف الزراعة في وسط دارفور.
وتزامنت هذه الهجرات السكانية المتلاحقة منذ السبعينيات مع انقطاع المطر وتفاقم القحط وانتشار المجاعات المحلية.
وأدى تدهور هذا الوضع المعقد أصلا إلى تفجر النزاعات وانتشار العنف داخل الإقليم عبر الحدود مع تشاد.
كان من الطبيعي أن يؤدي مثل هذا الوضع المتأزم إلى اشتباكات قبلية بين الوافدين وبين القاطنين السابقين، مما يعبر عنه بصدام المصالح المتعارضة بين الزراع والمقيمين ورعاة الماشية الوافدين.
وبكل أسف فأن أوضاع خاصة بالصراعات الحزبية القومية مقترنة بتدخلات النفوذ الأجنبي وبتأثيرات
الصراعات المسلحة بين دول الجوار قد فأقمت الموقف المتردي إلى درجات خطيرة.
وقد أغرقت المنطقة بتدفقات متصلة من الأسلحة النارية والذخائر، مما جعل السيطرة على العنف والاضطراب أمرا عسيراً.
وهكذا أفضي التغير المناخي وموجات الجفاف والجوع مقترنة بالصراعات الحزبية والتدخلات الأجنبية ألي تفاقم المنازعات القبلية واضطراب حبل الأمن والاستقرار.