تقرير المصير: نعم
د. مجدي الجزولي
7 July, 2012
7 July, 2012
كفى بك داءً
استقبل السودانان العيد الأول لانفصالهما بتركة عام من النزاع بين الدولتين أفضى إلى وقف إنتاج البترول في حقول جنوب السودان ومن ثم ضخه عبر الأنبوب العابر للسودان، وإلى التهاب الحدود بين الدولتين تبعا لتجدد القتال بين الخرطوم والقوى المتمردة على سلطتها في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، بالإضافة إلى مواجهات مباشرة بين جيشي الدولتين حول مواقع حدودية أبرزها القتال الذي دار في حقل هجليج النفطي. بموازاة هذا التدهور تواصلت المفاوضات بين حكومتي الخرطوم وجوبا في أديس أبابا عبر الوساطة التي يقودها رئيس جنوب افريقيا السابق ثابو امبيكي، تنعقد جولاتها وتنفض دون تقدم يذكر، حتى وضع لها الاتحاد الافريقي خارطة طريق محددة المواقيت أصبحت بموجب قرار مجلس الأمن الصادر في 2 مايو شرعة دولية ملزمة.
غيب الصراع على مادة الانفصال، ريع البترول بالدرجة الأولى، المعنى النبيل لاستقلال جنوب السودان على أساس من حق تقرير المصير، الحق الذي زكاه لينين أول القرن الماضي للتحرر من القهر القومي. ميز لينين بين مرحلتين في التطور الرأسمالي من حيث أثرهما على الحركات القومية، مرحلة تضعضع علاقات الإنتاج قبل الرأسمالية وتبلور البرجوازية المحلية ودولتها ومرحلة نضوج الدولة الرأسمالية واستقرار نظمها الدستورية. تشهد الأولى، بحسب لينين، نشوء الحركات القومية وتمدد نفوذها بجذب جميع الطبقات الإجتماعية إلى شاغل السياسة طلبا للسيادة القومية، أما الثانية فيتعزز فيها التناقض على مسرح أممي بين الرأسمالية وقوى العمل. أكد لينين ألا حائط يعزل بين المرحلتين فبينهما قناطر، والقضايا القومية في كل بلد محكومة بتاريخ معين وشروط تميزها عن سواها. احتجت الشيوعية البولندية-الألمانية روزا لوكسمبرغ على رأي لينين قائلة أن قبول حق تقرير المصير بهذا الشكل يعني الوقوف إلى جانب برجوازيات الشعوب المستضعفة. للرد على هذا المأخذ قال لينين بضرورة العمل وفق مبدأين، دعم البرجوازيات المحلية بين الشعوب المستضعفة في صراعها القومي ما دامت تناهض هيمنة القوميات المتجبرة، كمثل القومية الروسية، والوقوف ضد هذه البرجوازيات المحلية باعتبارها ممثلة لنزعة قومية خاصة بها. "نحن نناضل ضد امتيازات وعنف القوميات المتجبرة، لكن لا تنغاضى عن سعي القوميات المستضعفة إلى الامتيازات"، بعبارة لينين.
حق تقرير المصير، إذن، لا تنقطع موارده عند الانفصال السياسي، مقصد البرجوازيات الناهضة للشعوب المستضعفة. وقد يسعف تجديد المعرفة بهذا الحق والأدب المحيط به في رسم طريق أقوم للتعامل مع القضايا القومية الشائكة في بلادنا، فهي، كما ذكر ياسر عرمان الموقعين علي وثيقة البديل الديموقراطي، لن تنحل أوتوماتيكيا بتغيير ساكن القصر.
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]