توكفيل: نمط الانتاج الرأسمالي ومسؤولية المجتمع نحو الفرد
طاهر عمر
23 August, 2022
23 August, 2022
من الملاحظات المهمة فيما يتعلق بتاريخ الفكر السياسي أن توكفيل قام بنفس العمل الجبار الذي قام به جون ماينرد كينز بعد مئة عام من بعده و ها هي تمر ما يقارب المئة عام منذ ظهور الكساد الاقتصادي العظيم و ما زالت النخب السودانية تهمل تاريخ الفكر السياسي حيث تتقاطع كل من الفلسفة و علم الاجتماع و القانون بحجة أن ما حدث في تاريخ الفكر السياسي في أوروبا يخص مجتمع غربي و نسوا أن ظاهرة المجتمع البشري واحدة و تضبطها معادلة الحرية و العدالة.
لهذا نجد أن قليل من المفكرين في العالم العربي و الاسلامي قد نبهوا المثقفين الى مسألة التفريق ما بين خيانة أوروبا للتنوير و ما بين ما قدمته أوروبا من أفكار فكت بها طلاسم ما يتعلق بتجربة الانسان و ما يتعلق بضمير الوجود و لهذا نجد مثلا هناك من علماء الاجتماع النابهين قد نبهوا الى الاهتمام بتاريخ أوروبا و كيف قدمت أفكار عقل الأنوار و كيف تعاملت مع الحداثة بعكس نخبنا السودانية منذ أيام مؤتمر الخريجين و أتباعه فنجدهم ليس لديهم القدرة على التفريق ما بين خيانة أوروبا للتنوير و كيفية الاستفادة مما قدمته أوروبا من أفكار ساعدت في تطور المجتمع.
مثلا من خيانة أوروبا للتنوير مسألة الاستعمار و حقبته و لكن نجد أن هناك فلاسفة أوروبين كثر قد انتقدوا حقبة الاستعمار منهم على سبيل المثال توماس بين و كان ممن انتقد الاستعمار و سيطرة الكنيسة و سيطرة البيوت الملكية على السلطة و كذلك نجد أرنولد توينبي الكبير و هو عم المؤرخ البريطاني الآخر كمؤرخ مهم في القرن العشرين و كان توينبي الكبير أول من انتبه الى أن حقبة الليبرالية التقليدية قد وصلت لمنتهاها و أن ليبرالية حديثة قد أطلت و كان ينتقد حقبة الاستعمار حيث أهملت الطبقات الفقيرة في أوروبا و كذلك استقلت الامم الأخري عندما أقدمت على استعمار الشعوب.
و من الملاحظات المهمة أن ما بين انتباه توكفيل في فكره عن الديمقراطية و يقظة أرنولد توينبي الكبير نصف قرن من الزمن و ما بين أرنولد توينبي الكبير و الى لحظة ظهور الكساد الاقتصادي العظيم نصف قرن من الزمن و هنا نريد أن ننبه النخب السودانية أن كل من توكفيل و أرنولد الكبير كان نابه لأنه قد لاحظ مفصل مهم من مفاصل التاريخ حيث أن القيم القديمة للمجتمع قد بدأت شمس أفولها و أن أشعة قيم جديدة قد أطلت من وراء القرون و تحتاج لفلسفة جديدة و أفكار جديدة من فلاسفة و مؤرخين و علماء اجتماع و هذا ما يحصل في السودان الآن حيث ظهرت علامات موت القيم القديمة و الكل منتظر قدوم الفكر الجديد.
ما أود أن أقوله و أنبه له النخب السودانية و هي تسير كالسائر في نومه على خط سنار المهدية الانقاذ الثمرة المرة للحركة الاسلامية لا يعقل أن يكون عقل النخب السودانية جامد و متكلس لهذا الحد الذي يجعل خط سنار المهدية الانقاذ هو السائد و كله بسبب غياب المؤرخ النابه الذي يفارق خطوات المؤرخ التقليدي و المثقف التقليدي و دارس علم الاجتماع التقليدي جاء الوقت بأن تفرّق النخب السودانية ما بين خيانة أوروبا للتنوير و ما قدمت أوروبا من أفكار عقلانية قد أسست للانسان التاريخي و الانسانية التاريخية.
لا شك أن مسيرة الانسانية قد أصبحت تراجيدية و مأساوية بلا قصد و لا معنى و لا يمكن ضبطها بغير معادلة الحرية و العدالة لهذا السبب أن في فكرة العقلانية و إفتراض عقلانية الفرد و أخلاقيته هي التي تضمن مسايرة التغيير الهائل للظواهر المجتمع و كيفية صياغة أفكاره من جديد. مثلا عندما لاحظ توكفيل في ديمقراطيته موت القيم القديمة بسبب مرور نصف قرن على الثورة الصناعية حيث بدأت عام 1776 نجده قد لاحظ بأن هناك ظاهرة جديدة و هي فكرة المسؤولية الاجتماعية و كيف تكون مجابهتها كظاهرة جديدة نتاج الثورة الصناعية حيث ظهر أرباب العمل و طبقة الصناعيين في مواجهة طبقات فقيرة جدا تجابه حوادث في مواقع العمل و كيفية التفكير في معالجة الصعوبات التي التي تجابهم نتاج للثورة الصناعية.
عندما قدم توكفيل أفكاره و ملاحظاته فيما يتعلق بموت القيم القديمة و ظهور قيم جديدة و أهمها مسألة المسؤولية الاجتماعية حينها كان ماركس لم يبلغ السابعة عشر من من عمره فمسألة المسؤولية الاجتماعية تجاه الفرد الذي يعاني من الفقر و حوادث العمل مثلا أن يفقد عامل يده في إحدى المصانع قد إلتفت لها مفكرين كثر من أرباب العمل و المستثمرين في الصناعة قبل ماركس و يمكنك أن ترى تطورها الى لحظة تبلور فكرة الضمان الاجتماعي و كيفية معالجة التشظي الاجتماعي و نجدها قد طبقها روزفلت في حقبة الكساد الاقتصادي العظيم عام 1929 و هي الفكرة التي نجدها قد تبناها فرانسوا ميتران في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم و ما يتعلق بفكرة الحد الأدنى للدخول.
على النخب السودانية أن تنتبه الى أن المسؤولية الاجتماعية و فكرة الضمان الاجتماعي فكّر فيها فلاسفة نتيجة لظواهر قد نتجت من الثورة الصناعية و قد قدموا لها معادلة الحرية و العدالة و كيفية مجابهة واقع تراجيدي و مأساوي لمسيرة الانسانية منفتح على اللا نهاية بعكس ماركسية ماركس و هي تحاول تقديم حلول نهائية حيث نجدها لم تستطع مفارقة سير الفكر الديني الذي يحاول تقديم حلول نهائية و هيهات.
لهذا نجد أن أفكار توكفيل قد ساعدت على مجابهة ماركسية ماركس و كشف مواقع ضعفها حيث تحاول تقديم حلول نهائية و قد روجت لفكرة نهاية التاريخ و انتهاء الصراع الطبقي في وقت نجد أن توكفيل قبل ماركس بكثير قد تحدث عن فكرة المسؤولية الاجتماعية و اليوم نجدها متجسدة في فكرة الضمان الاجتماعي و فكرة الحد الأدنى للدخول في نفس الوقت يعتبر من اهم العوامل التي تجعل الكل يدافع عن الديمقراطية و يبتعد عن فكر الشموليات من كل شاكلة و لون و هذا ما نحتاجه اليوم أي فكر يكافح كل فكر يحاول تقديم حلول نهائية أو أي فكر يحاول تأبيد فكرة الدولة الارادة الالهية كما نجدها في أحزابنا الغائصة في وحل الفكر الديني.
نجد اليوم شعار ثورة ديسمبر حرية سلام و عدالة و هو شعار و مؤشر على أن القيم القديمة في السودان قد شارفت على النهاية و أن قيم جديدة قادمة و تحتاج لفكر يؤسس لها كما أسس توكفيل لفكرة المسؤولية الاجتماعية و بالتالي قد ساعدت على تطور الفكر السياسي. ملاحظة توكفيل و فكرة المسؤولية الاجتماعية هي انتصار للفرد و العقل و الحرية و نجدها قد إحتاجت لما يقارب القرن لكي تتحقق كفكر نجده قد طبقه روزفلت في كيفية معالجة التشظي الاجتماعي الذي نتج عن الكساد العظيم و نجده اليوم في فكرة الضمان الاجتماعي المنتشرة في دول اوروبا و هي تجسد المسؤولية الاجتماعية تجاه الفرد مع وضع الاعتبار لحريته و العدالة بعكس ماركسية ماركس التي تستخدم قوة الدولة كلها لتحطيم المجتمع و قد أوصلها الى تفكهها و نهايتها لأنها كانت تعتقد و تعتمد على فكرة تقديم حلول نهائية.
و يبقى في الختام أن مسألة المسؤولية الاجتماعية أي أن يقدم المجتمع للفرد الحد الأدنى للدخول هو تجسيد لفكرة الحق في الاستمرارية كما نجدها في العقد الاجتماعي لجان جاك روسو و هي نفسها قد اعجبت توماس بين و هي الا يترك الفرد بل أن يكون هو غاية لأنه له غاية و هي قيمة القيم و هي الحرية و عليه ننبه النخب السودانية أن مسألة القبول بنمط الانتاج الرأسمالي تحتاج لفكر جديد و مرونة من نخب ليس من السهولة أن تتراجع عما كانت تعتقده و هي مسألة تقديم حلول نهائية سواء كان ذلك من احزاب وحل الفكر الديني او من اليسار الذي يحتاج أن ينفض الغبار عن مراجع تطور الفكر السياسي و لا يكون ذلك من السهولة بمكان.
هذه المرونة المفقودة تساعدنا أن نجسر الهوة ما بيننا و قيم المجتمعات الحية اليوم و خاصة أن العالم اليوم يتخلق ليولد من جديد و مصاب بنفس أعراض الظواهر الاجتماعية التي عالجها توكفيل في فكره و انتبه لها أرنولد الكبير و قد قدم لها جون ماينرد كينز حلوله في فكرة تدخل الدولة من أجل تحقيق فكرة الضمان الاجتماعي و هي مسؤولية المجتمع تجاه الفرد و إدخالها في مشهد الفكر في السودان تحتاج لإدخال فكر جديد يربط الفرد بعلاقة جديدة مع فكرة الدولة كمفهوم حديث. على النخب السودانية ترتيب أوراقها بسرعة حتى تواكب تخلق العالم و هو ينتظر ميلاده من جديد.
خاصة و قد رأينا كيف وقف أحرار العالم مع ثورة ديسمبر و كيف رجع السودان لأحضان المجتمع الدولي بسرعة في زمن حكومة حمدوك الانتقالية و يجب أن نلفت النخب الى ان فكرة ثمرات التي كانت سوف تفتح الباب لتأسيس فكرة الضمان الاجتماعي اي فكرة تأسيس لفكرة المسؤولية الاجتماعية تجاه الفرد و تحتاج من النخب السودانية لتقديم فكر جديد يرسخها كقيم جديدة في معادلاتنا السلوكية للفرد وفقا لعلاقته بالدولة متمتع بالحريات و ليس مشغول البتة لاهويات القاتلة التي تروج لها النخب الفاشلة في فكرها.
taheromer86@yahoo.com
//////////////////////
لهذا نجد أن قليل من المفكرين في العالم العربي و الاسلامي قد نبهوا المثقفين الى مسألة التفريق ما بين خيانة أوروبا للتنوير و ما بين ما قدمته أوروبا من أفكار فكت بها طلاسم ما يتعلق بتجربة الانسان و ما يتعلق بضمير الوجود و لهذا نجد مثلا هناك من علماء الاجتماع النابهين قد نبهوا الى الاهتمام بتاريخ أوروبا و كيف قدمت أفكار عقل الأنوار و كيف تعاملت مع الحداثة بعكس نخبنا السودانية منذ أيام مؤتمر الخريجين و أتباعه فنجدهم ليس لديهم القدرة على التفريق ما بين خيانة أوروبا للتنوير و كيفية الاستفادة مما قدمته أوروبا من أفكار ساعدت في تطور المجتمع.
مثلا من خيانة أوروبا للتنوير مسألة الاستعمار و حقبته و لكن نجد أن هناك فلاسفة أوروبين كثر قد انتقدوا حقبة الاستعمار منهم على سبيل المثال توماس بين و كان ممن انتقد الاستعمار و سيطرة الكنيسة و سيطرة البيوت الملكية على السلطة و كذلك نجد أرنولد توينبي الكبير و هو عم المؤرخ البريطاني الآخر كمؤرخ مهم في القرن العشرين و كان توينبي الكبير أول من انتبه الى أن حقبة الليبرالية التقليدية قد وصلت لمنتهاها و أن ليبرالية حديثة قد أطلت و كان ينتقد حقبة الاستعمار حيث أهملت الطبقات الفقيرة في أوروبا و كذلك استقلت الامم الأخري عندما أقدمت على استعمار الشعوب.
و من الملاحظات المهمة أن ما بين انتباه توكفيل في فكره عن الديمقراطية و يقظة أرنولد توينبي الكبير نصف قرن من الزمن و ما بين أرنولد توينبي الكبير و الى لحظة ظهور الكساد الاقتصادي العظيم نصف قرن من الزمن و هنا نريد أن ننبه النخب السودانية أن كل من توكفيل و أرنولد الكبير كان نابه لأنه قد لاحظ مفصل مهم من مفاصل التاريخ حيث أن القيم القديمة للمجتمع قد بدأت شمس أفولها و أن أشعة قيم جديدة قد أطلت من وراء القرون و تحتاج لفلسفة جديدة و أفكار جديدة من فلاسفة و مؤرخين و علماء اجتماع و هذا ما يحصل في السودان الآن حيث ظهرت علامات موت القيم القديمة و الكل منتظر قدوم الفكر الجديد.
ما أود أن أقوله و أنبه له النخب السودانية و هي تسير كالسائر في نومه على خط سنار المهدية الانقاذ الثمرة المرة للحركة الاسلامية لا يعقل أن يكون عقل النخب السودانية جامد و متكلس لهذا الحد الذي يجعل خط سنار المهدية الانقاذ هو السائد و كله بسبب غياب المؤرخ النابه الذي يفارق خطوات المؤرخ التقليدي و المثقف التقليدي و دارس علم الاجتماع التقليدي جاء الوقت بأن تفرّق النخب السودانية ما بين خيانة أوروبا للتنوير و ما قدمت أوروبا من أفكار عقلانية قد أسست للانسان التاريخي و الانسانية التاريخية.
لا شك أن مسيرة الانسانية قد أصبحت تراجيدية و مأساوية بلا قصد و لا معنى و لا يمكن ضبطها بغير معادلة الحرية و العدالة لهذا السبب أن في فكرة العقلانية و إفتراض عقلانية الفرد و أخلاقيته هي التي تضمن مسايرة التغيير الهائل للظواهر المجتمع و كيفية صياغة أفكاره من جديد. مثلا عندما لاحظ توكفيل في ديمقراطيته موت القيم القديمة بسبب مرور نصف قرن على الثورة الصناعية حيث بدأت عام 1776 نجده قد لاحظ بأن هناك ظاهرة جديدة و هي فكرة المسؤولية الاجتماعية و كيف تكون مجابهتها كظاهرة جديدة نتاج الثورة الصناعية حيث ظهر أرباب العمل و طبقة الصناعيين في مواجهة طبقات فقيرة جدا تجابه حوادث في مواقع العمل و كيفية التفكير في معالجة الصعوبات التي التي تجابهم نتاج للثورة الصناعية.
عندما قدم توكفيل أفكاره و ملاحظاته فيما يتعلق بموت القيم القديمة و ظهور قيم جديدة و أهمها مسألة المسؤولية الاجتماعية حينها كان ماركس لم يبلغ السابعة عشر من من عمره فمسألة المسؤولية الاجتماعية تجاه الفرد الذي يعاني من الفقر و حوادث العمل مثلا أن يفقد عامل يده في إحدى المصانع قد إلتفت لها مفكرين كثر من أرباب العمل و المستثمرين في الصناعة قبل ماركس و يمكنك أن ترى تطورها الى لحظة تبلور فكرة الضمان الاجتماعي و كيفية معالجة التشظي الاجتماعي و نجدها قد طبقها روزفلت في حقبة الكساد الاقتصادي العظيم عام 1929 و هي الفكرة التي نجدها قد تبناها فرانسوا ميتران في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم و ما يتعلق بفكرة الحد الأدنى للدخول.
على النخب السودانية أن تنتبه الى أن المسؤولية الاجتماعية و فكرة الضمان الاجتماعي فكّر فيها فلاسفة نتيجة لظواهر قد نتجت من الثورة الصناعية و قد قدموا لها معادلة الحرية و العدالة و كيفية مجابهة واقع تراجيدي و مأساوي لمسيرة الانسانية منفتح على اللا نهاية بعكس ماركسية ماركس و هي تحاول تقديم حلول نهائية حيث نجدها لم تستطع مفارقة سير الفكر الديني الذي يحاول تقديم حلول نهائية و هيهات.
لهذا نجد أن أفكار توكفيل قد ساعدت على مجابهة ماركسية ماركس و كشف مواقع ضعفها حيث تحاول تقديم حلول نهائية و قد روجت لفكرة نهاية التاريخ و انتهاء الصراع الطبقي في وقت نجد أن توكفيل قبل ماركس بكثير قد تحدث عن فكرة المسؤولية الاجتماعية و اليوم نجدها متجسدة في فكرة الضمان الاجتماعي و فكرة الحد الأدنى للدخول في نفس الوقت يعتبر من اهم العوامل التي تجعل الكل يدافع عن الديمقراطية و يبتعد عن فكر الشموليات من كل شاكلة و لون و هذا ما نحتاجه اليوم أي فكر يكافح كل فكر يحاول تقديم حلول نهائية أو أي فكر يحاول تأبيد فكرة الدولة الارادة الالهية كما نجدها في أحزابنا الغائصة في وحل الفكر الديني.
نجد اليوم شعار ثورة ديسمبر حرية سلام و عدالة و هو شعار و مؤشر على أن القيم القديمة في السودان قد شارفت على النهاية و أن قيم جديدة قادمة و تحتاج لفكر يؤسس لها كما أسس توكفيل لفكرة المسؤولية الاجتماعية و بالتالي قد ساعدت على تطور الفكر السياسي. ملاحظة توكفيل و فكرة المسؤولية الاجتماعية هي انتصار للفرد و العقل و الحرية و نجدها قد إحتاجت لما يقارب القرن لكي تتحقق كفكر نجده قد طبقه روزفلت في كيفية معالجة التشظي الاجتماعي الذي نتج عن الكساد العظيم و نجده اليوم في فكرة الضمان الاجتماعي المنتشرة في دول اوروبا و هي تجسد المسؤولية الاجتماعية تجاه الفرد مع وضع الاعتبار لحريته و العدالة بعكس ماركسية ماركس التي تستخدم قوة الدولة كلها لتحطيم المجتمع و قد أوصلها الى تفكهها و نهايتها لأنها كانت تعتقد و تعتمد على فكرة تقديم حلول نهائية.
و يبقى في الختام أن مسألة المسؤولية الاجتماعية أي أن يقدم المجتمع للفرد الحد الأدنى للدخول هو تجسيد لفكرة الحق في الاستمرارية كما نجدها في العقد الاجتماعي لجان جاك روسو و هي نفسها قد اعجبت توماس بين و هي الا يترك الفرد بل أن يكون هو غاية لأنه له غاية و هي قيمة القيم و هي الحرية و عليه ننبه النخب السودانية أن مسألة القبول بنمط الانتاج الرأسمالي تحتاج لفكر جديد و مرونة من نخب ليس من السهولة أن تتراجع عما كانت تعتقده و هي مسألة تقديم حلول نهائية سواء كان ذلك من احزاب وحل الفكر الديني او من اليسار الذي يحتاج أن ينفض الغبار عن مراجع تطور الفكر السياسي و لا يكون ذلك من السهولة بمكان.
هذه المرونة المفقودة تساعدنا أن نجسر الهوة ما بيننا و قيم المجتمعات الحية اليوم و خاصة أن العالم اليوم يتخلق ليولد من جديد و مصاب بنفس أعراض الظواهر الاجتماعية التي عالجها توكفيل في فكره و انتبه لها أرنولد الكبير و قد قدم لها جون ماينرد كينز حلوله في فكرة تدخل الدولة من أجل تحقيق فكرة الضمان الاجتماعي و هي مسؤولية المجتمع تجاه الفرد و إدخالها في مشهد الفكر في السودان تحتاج لإدخال فكر جديد يربط الفرد بعلاقة جديدة مع فكرة الدولة كمفهوم حديث. على النخب السودانية ترتيب أوراقها بسرعة حتى تواكب تخلق العالم و هو ينتظر ميلاده من جديد.
خاصة و قد رأينا كيف وقف أحرار العالم مع ثورة ديسمبر و كيف رجع السودان لأحضان المجتمع الدولي بسرعة في زمن حكومة حمدوك الانتقالية و يجب أن نلفت النخب الى ان فكرة ثمرات التي كانت سوف تفتح الباب لتأسيس فكرة الضمان الاجتماعي اي فكرة تأسيس لفكرة المسؤولية الاجتماعية تجاه الفرد و تحتاج من النخب السودانية لتقديم فكر جديد يرسخها كقيم جديدة في معادلاتنا السلوكية للفرد وفقا لعلاقته بالدولة متمتع بالحريات و ليس مشغول البتة لاهويات القاتلة التي تروج لها النخب الفاشلة في فكرها.
taheromer86@yahoo.com
//////////////////////