حوار حول ثنائيات د. التجاني عبدالقادر ..بقلم: د. حيدر إبراهيم علي
جاء مقال د. التجاني عبد القادر مليئا بنوايا طيبة وأمنيات صالحة ولكن الكاتب قفزعلى الاسئلة الهامة: من الذي بدأ الثنائيات ولماذا كرس هذا الاتجاه وغذاه باستمرار.
تاريخ الثنائيات يمتد داخل الحركات الاسلامية منذ فترة بعيدة وفي أمكنة عديدة غير السودان . كانت بداية من جاهلية القرن العشرين .التي قسمت العالم إلى إسلام وجاهلية جديدة واستهلت نظرية التكفير وشيطنة الآخر المختلف . ثم جاء بن لادن وقسم العالم الى فسطاطين .
أما في السودان فقد ظهرت “الحركة الاسلامية” ليس بغرض تجديد وبعث الإسلام ونشره، ولكن كان هدفها الإستراتيجي وغاية وجودها : محاربة الشيوعية في السودان من خلال السياسة والسلطة وليس الفكر والحوار، لذلك اتسمت الحركة الاسلامية بالضعف الفكري وانصب كل إهتمامها على التنظيم ومعارك انتخابات اتحاد الطلبة ثم البرلمان . وتبنت قضية حل الحزب الشيوعي ومنعه من العمل العلني بعد مسرحية طالب معهد المعلمين العالي : شوقي محمد علي .وهي بالفعل مسرحية هزلية تدل على البؤس الفكري للحركة الاسلامية . عاصرت المسرحية .فقد كانت ندوة للأستاذ سعاد الفاتح بطبيعتها العصبية والاستفزازية والعدوانية استدرجت الطالب للتطرف والتهور لكي يقول ما قال، ومن المفترض حين تهان المشاعر الدينية أن ينبري أصحاب النخوة والغيرة الدينية ويقوموا بتأديبه في نفس اللحظة كرد فعل طبيعي لأي مؤمن . ولكن انتظر الاخوان بعد اجتماع في الليلة نفسها لتدبير أمر تصعيد الأمر يوم الجمعة وإثارة عواطف المسلمين في الجوامع بان هناك من سب الرسول وأساء الى بيته .
حرك علي عبدالله يعقوب الذي كان يتردد على المعهد بعد خطوبته للطالبة حكمات حسن سيد احمد، بعض الاخوان من الطلبة منهم: محمد احمد الفضل المعروف ب(اقشم) وفاروق عثمان قباني . وفي يوم الجمعة التالي للحدث استعانوا بالسيد / اسماعيل الازهري رئيس مجلس السيادة، وكان على عداء شديد مع الشوعيين ليس لاسباب فكرية ولكن بسبب هجومهم عليه والسخرية منه كما درج على ذلك الصحفي عبدالله عبيد في عموده بجريدة الميدان بعنوان”من طرف الشارع” ،بالاضافة لرسوم الكاركتير التي يرسمها بانتظام عزالدين عثمان .تبني الازهري قضية حل الحزب الشيوعي ووعدهم بالقيام بهذه المهمة من داخل البرلمان .
ظلت الحركة الاسلامية تهز بسيف الطائفية والأحزاب التقليدية أمام الشيوعية في السودان ولم تقدم أي برنامج يمكن أن يضر بمصالح الطائفية فقد ظلت مؤيدة للادارة الاهلية وكانت فكرة الاشتراكية والعدالة الاجتماعية تعتبر كفر لدى الاسلاميين السودانيين وقد أطلقوا اسم “شوعيو إسلام ” على جماعة بابكر كرار الاسلامية لأنها طالبت بملكية الدولة لوسائل الانتاج
من أسباب تكريس الثنائية من قبل الاسلاميين أن زعيم الحركة د. حسن الترابي لم يكن مفكرا ولا مجددا بل سياسيا يجمع بين صفات راسبوتين ومكيافيلي، وكانت فكرة فقه الضرورة اجتهادا إسلاميا للبراغماتية تبناه وروج له الترابي بين الإسلاميين .
لايمكن تصور مفكر إسلامي مجدد يقف أمام جعفرنميري ويؤدي القسم كعضو في الاتحاد الاشتراكي بعد المصالحة. وأن يقف رافعا أصبعيه أمام لجنة في الكونقرس الامريكي في 20مايو1992م ليقدم شهادة عن نظام الحكم الذي يرعاه في السودان .مثل هذا المواقف يستحيل أن يقوم بها الخميني أوحسن نصرالله مثلا.
سيتطلب انتفاء الثنائية أن تقدم الحركة الاسلامية نقدا ذاتيا جادا وصادقا وتدين كل تلك الاخطاء في حق الوطن والشعب وأن تطرح برنامجا وطنيا ديمقراطيا يقر حقوق المواطنة ويدعو للتنمية والوحدة الوطنية والحريات . وأن يقتدي بحركات إسلامية مثل التقدميين الاسلاميين في تونس جماعة صلاح الجورشي والنيفره وأن تبتعد عن مواقفها الرجعية والانتهازية والفاسدة.
hayder.ibrahim.ali@gmail.com