دكتور البرادعى رئيساً لمصر 2011 وياسر عرمان رئيساً للسودان 2010 … بقلم: مكى عبدالرحمن- أميركا
26 February, 2010
إذا قدر للإنتخابات السودانية أن تقوم فى الموعد المحدد لها فى أبريل 2010 أو تأجلت بضعة أشهر سيتبعها العام القادم الإنتخابات الرئاسية المصرية هى الثانية من نوعها بعد أن تم فى 2005 تعديل المادة 76 من الدستور المصرى ليسمح لأكثر من مرشح بالتنافس على المنصب. ففى ذات العام الذى تم فيه إجازة التعديل الدستورى ترشح المحامى والنائب البرلمانى أيمن نور ضد الرئيس حسنى مبارك ممثلا لحزبه حزب الغد. رغم أن نور لم يكن يشكل تهديداً على مبارك بالفوزلفترة رئاسية خامسة الا أن الحكومة لم تتركه لحال سبيله ؛ فقد تم تلفيق تهمة التزوير فى حقه أودع بموجبها السجن ولم يطلق سراحه رغم تدخل منظمات حقوق الإنسان حتى ساءت وتدهورت صحته. وعندما حاول نور الإستنجاد بالرئيس الأميركى المنتخب حديثاً باراك أوباما فى ديسمبر 2009 بإرسال خطاب له ؛ أضافت سلطات الأمن المصرية تهمة أخرى لنور بعدما ضبطت الخطاب قبل أن يغادر البلد. فى أثناء سجنه قام بلطجية الحزب الوطنى بحرق مكتبه فى وسط البلد ومُنع بعد خروجه من السجن من مزاولة العمل السياسى حتى لا يشكل تهديداً لتولى جمال مبارك إبن الرئيس مبارك المنصب بعد أن يتركه والده فى 2011 والذى غالباً لن يكن قادراً لتولى حكم البلد لمدة رئاسية سادسة ؛ فقد بلغ من العمر عتياً.
فعقب إجازة التعديل الدستورى المذكور بدأ الحزب الحاكم - الوطنى الديمقراطى - بصورة فعلية وعملية لإعداد مبارك الإبن ليخلف والده. ففى فترة وجيزة تم إضافة منصب رئيس لجنة السياسات فى الحزب بالإضافة لنائب الأمين العام للحزب رغم صغر سنه لهكذا مناصب مناط بها تحرير سياسات الحزب والدولة. وبهذا يتسنى له أن يكتسب من الخبرة ما يقنع الشعب المصرى بأهليته فضلاً عن موقعه المتميز بين رجال الأعمال فى مصربعد أن اصبح ناراً على علمٍ فى دنيا المال والبزنس. كما وقد باشرت وسائل الإعلام الحزبية والحكومية "الحزبية" منذ ذلك الحين فى تلميع صورته بإعتباره الرئيس القادم لمصر. ولمع نجم جمال مبارك أكثر عقب زواجه فى مايو 2007 من إبنة رجل الأعمال المعروف محمود الجمل ومشاركته الفاعلة فى أنشطة الحزب والحكومة. ولكن أخذت الأوضاع شكلاً مختلفاً بعد ذلك عندما تم الكشف عن زيارة سرية قام بها لواشنطن ولقائه بمسؤلين رفيعى المستوى فى إدارة بوش الأبن السابقه. عندها بدأ واضحاً للعيان أن جمال مبارك فى طريقه لوراثة الحكم عن أبيه دون أدنى شك ؛ فقام بعض المثقفين بتشكيل حركة مناهضة للتوريث أطلقوا عليها حركة كفاية مثلت فيها كل شرائح المجتمع المصرى من أقضى اليمين الى أقصى اليسار. قامت الحركة ببعض المظاهرات والمسيرات المنددة بالتوريث مطالبة بإحداث تحول ديمقراطى حقيقى يتيح لجميع المكونات السياسية للشعب المصرى المشاركة فى الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية. كما توالت الإنتقادات للرئيس ونهجه على مدى عقدين ونصف العقد بصورة غير مسبوقة فى الصحافة المصرية خاصة المعارضة منها. ورغم التحوطات الأمنية التى عادةً ما يتبعها النظام الحاكم وحزبه قبل وأثناء الإنتخابات البرلمانية خاصةً ضد جماعة الأخوان المسلمين المحظورة قانونياً من ممارسة النشاط السياسى ؛ إنتخب الشعب المصرى للبرلمان ثمانين نائباً من الجماعة لتشكل المعارضة البرلمانية الأكبر ولتتولى من داخل البرلمان معارضتها للتوريث. جدير بالذكر؛ فقد ساهم بفاعلية كبيرة مشاركة قطاعات عريضة من الشباب الآمِلْ فى التغيير عبر مواقع الفيس بوك واليو توب وغيرها من أدوات التواصل الإسفيرية فى بلورة معارضة فاعلة لترشح جمال مبارك خلفاً لأبيه.
فبين إنتخابات الرئاسة فى 2010 فى السودان و2011 فى مصر المحروسة تبدو عوامل تباين كبيرة لتركيبة النظاميين السياسية وتناولهما لمبدأ تداول السلطة عبر صناديق الإنتخابات. فالحزبين الحاكمين فى مصر والسودان يقومان فى مجملهما على حكم الفرد ودكتاتورية الحزب الأوحد فى تطابق تام مع الحالة العربية المتفردة وأغلب الحالات الأفريقية على حدٍ سواء. لقد وصل البشير الى السلطة عن طريق إنقلاب 1989 العسكرى ؛ الذى شارك فى إعداده وتنفيذه ومن ثم رأت القيادة السياسية للإنقلاب ممثلة فى شخص د. حسن الترابى ومجلس شورى الجبهة الإسلامية أن تعهد اليه برئاسة حكومة الإنقلاب لإضفاء وإستمرار الصفة العسكرية من ناحية ولضمان ولاء الجيش من ناحيةٍ أخرى حسب متطلبات المرحلة. ولأن البشير ؛ الذى لم يكن معروفاً من قبل ، يحقق للقيادة السياسية هدفها فى وجود شخص يسهل التحكم فيه وتوجيهه حسب مقتضيات الحال. فلمدة 10 أعوام تحقق للقيادة السياسة ما أرادت وعَبَرَتْ من خلاله لتنفيذ كل سياساتها وأصبح الجميع يعلم أن الرئيس مجرد واجهة لا غير وإنما تدار البلد بواسطة الرجل القوى د. الترابى يشاركه القيادة بعضا من خاصته والمقربين منه من أمثال غازى وعلى عثمان وعلى الحاج ويسن عمر الإمام. ونسبة للفشل فى إدارة الدولة بهذا المنهج تفاقمت حدة المنافسة على ممارسة السلطة الحقيقية بين الجناح السياسى يمثله الترابى رئيس البرلمان وقتها والجناح العسكرى يمثله الرئيس عمر البشير بعد أن تحلق حوله بعض تلاميذ الشيخ وحواريه يتقدمهم على عثمان محمد طه مدفوعين بمحاولة الحصول على مواقع أكثر تقدماً فى السلطة من خلال إقصاء شيخهم الذى يصر على أن تجتمع كل خيوط اللعبة بيده. وكان لهم ماأرادوا فى العام 1999عام المفاصلة الشهير ووقوع طلاق بائن بين الفريقين لصالح البشير والسواد الأعظم من منتسبى التيار الإسلامى.
أما الرئيس المصرى محمد حسنى مبارك فهو أيضاً وريث إنقلاب عسكرى جاء الى الحكم بعد إغتيال الرئيس السابق محمد أنور السادات فى أكتوبر 1981. وفى فبرائر 2005 بايعاز من مبارك قام البرلمان بتعديل بعض مواد فى الدستور المصرى للسماح لشخص آخر بالمنافسة على منصب الرئيس من خلال إنتخابات مباشرة بعد أن ظل مبارك ينتخب رئيساً بالإستفتاء ودون منافس ليحوز على النسبة المعروفة عربياً 99.99% لأربعة دورات متتالية مدة كلٍ خمسة سنوات. إعتبر بعض المراقبين أن للتعديل أهميته فى أنه يؤطر لقيام ديمقراطية على المدى المتوسط أو البعيد يتاح من خلالها مشاركة محدودة من قبل الشعب فى الإختيار تتسع مع الوقت لتتطور لتبادل حقيقى للسلطة التى ظل يحتكرها الحزب الوطنى الديمقراطى وهو ليس كذلك منذ أن أنشأه الرئيس الراحل أنور السادات فى 1978 ليرث الإتحاد الإشتراكى ومؤسسه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ؛ كما ورث المؤتمر الوطنى فى السودان ثورة الإنقاذ. ورأى كثيرون خاصة الذين يعارضون النظام المصرى ويأملون فى إحداث تغيير دستورى حقيقى وواسع يطلق الحريات العامة ويتيح للشعب أن يشارك فى إتخاذ القرار من خلال إنتخاب ممثليه فى إنتخابات نزيه ؛ يرأوا أن التعديل المحدود للدستور المصرى والذى شمل ثلاث مواد هى 76، 77، و78 ؛ المقصود به إتاحة الفرصة لإبن الرئيس علاء مبارك ليخلف أباه على سدة الرئاسة. ويبدو ذلك قريباً من الحقيقة والواقع لطبيعة التعديل نفسه الذى قصر الترشح على الأحزاب الممثلة فى البرلمان والمجالس المحلية بعدد من النواب لا يقل عى 250 نائبا.
فى السودان إستجابت حكومة الإنقاذ للضغوط الدولية والمحلية لإحداث تحول نحو تبادل السلطة عى طريق إنتخابات حرة ونزيه. وفى الجارة والشقيقة الكبرى مصر بدأت مطالب المعارضة الداخلية تؤتى ثمارها بإستجابة محدودة من قبل الحزب الحاكم بإجراء إنتخابات رئاسية تعددية. وفى كلا الدولتين يسعى الحزب الحاكم لتقييد العملية الإنتخابية بما يضمن بقائه فى السلطة ؛ أى أن تكون الديمقراطية مجرد شكل بلا مضمون. فى السودان بدأ واضحاً أن الرئيس البشير سيجد منافسة شرسة فى أبريل القادم خاصةً من مرشح الحركة الشعبية الأستاذ ياسر عرمان. أما فى مصر والحال كذلك وقبل تسعة عشرة شهراً من مواعيد إجراء الإنتخابات الرئاسية ....
عاد الدكتور محمد البرادعى الى وطنه مصر هذا الشهر بعد أن تقاعد عن عمله كمدير عام للوكالة الدولية للطاقة النووية فى يناير الماضى منهياً أطول الفترات لمدير للوكالة فى تاريخها والتى بلغت ثلاثة عشرة عاماً حسوماً خلفاً لهانز بلكس السويسرى الجنسية. عاد الى مسقط رأسه حاملا معه جائزة نوبل للسلام وتاريخ ناصع من الإنجاز على الصعيد الدولى فى أحلك الأوقات التى مرت بالعالم منذ الحرب العالمية الثانية. عاد بسجلٍ ناصع البياض فى الدبلماسية العالمية تباهى به مصر والعالم العربى والأفريقى الدنيا بأسرها. فقد تم إنتخاب الدكتور البرادعى مديراُ للوكالة الدولية بعد أن رشحته المجموعة الأفريقية للمنصب والتى كانت بقيادة السودان فى ذلك الوقت ، فى الوقت الذى رفضت وعارضت ترشيحه مصر الرسمية فى العام 1997. عاد المدير السابق والدبلماسى العالمى الى وطنه الغالى يحمل بين جنباته أملاً فى أن يساهم فى التغيير الداخلى مستفيداً من تجاربه وعلاقاته فى الخارج والتى جال فيها الدنيا ورأى بأم عينه الفوارق الشاسعة بين الدول المتقدمة وتلك المتخلفة ، وبين الشعوب المتحضرة وتلك المتأخرة ؛ وعلم يقيناً أن الفرق يكمن فى إتساع دوائر الحريات لتشمل كل الناس أو تضيق فتنحصر فى الرئيس وبطانته وقوى أمنه يفعلون فى شعوبهم ما شاءوا.
ليس من أسباب تخلف مصر والسودان وشاكلاتها من الدول العربية والأفريقية ضعف مواردها البشرية والإقتصادية ولكن لأسباب سياسية مجحفة وظالمة ما فتأت تكبل تلك الأمم والشعوب من أن تنهض بأنفسها وتلحق بركب التقدم وقطاره المتسارع. جاء د. البرادعى ليقدم خبرته من أجل وطنه ويعلن أنه مستعد للمنافسة على رئاسة الجمهورية مشترطاً تعديل المواد الدستورية ليتمكن من اليترشح كمستقل. فالمادة 76 المعدلة لا تكفل حق الترشح لأمثاله ؛ ولكأن ترزية الحزب الوطنى القانونيين أعدوها حتى تحول بين أمثال الدكتور البرادعى من الوصول الى كرسى الرئاسة. فرجل فى قامة الدكتور البرادعى يمثل شخصية من العيار الثقيل لن تصمد أمامها شخصية كجمال مبارك مهما حاول حزبه من تجميله وتعضيده فى ظل إنتخابات حرة ونزيه. فجمال أمام الدكتور البرادعى لا يمثل الا إمتداداً لوالده الممقوت من غالبية الشعب المصرى والذى لم يكن له أن يستمر حاكماً بأمره فى ظل وجود ديمقراطية حقيقية. د. محمد البرادعى الذى إمتد عمله فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمدة ثلاث فترات متتالية حاز أثنائها على 16 جائزة دولية توجت بجائزة نوبل للسلام فى العام 2005. كما حصل على مجموع أربعة عشرة درجة دكتوراة فخرية من جامعات عشرة دول. هذا بالإضافة لوسام النيل من الدرجة اللأولى والذى قلده له الرئيس حسنى مبارك فى العام 2006.
وللمفارقة الغريبة والعجيبة , ما ان أعلن د. البرادعى إحتمالية أن يرشح نفسه لمنصب الرئيس حتى انبرى صحفيو وإعلاميو ومطبلوا الحزب الحاكم له ووصفوه بابشع التهم كالخرف والجهل بالشعب المصرى وتنفيذ أجندة خارجية تهدف لزعزعة أمن مصر وشعبها. بل زادو ونسبوا إليه جنسية سويسرا تشكيكاً فى وطنيته. فالدكتور البرادعى الغنى عى التعريف والذى كرم فى كثير من دول العالم يتمتع بمصداقية عالمية عاليه تجعل منه زخيرةً حقيقية للشعب والدولة المصرية إذا قدر للحزب الحاكم أن يلبى نداء الوطن والضمير ويرفع القيود أمام ترشحه لرئاسة البلد. ففى لقائه بقناة الشروق بعد حوالى اسبوعين من تركه المنصب أبان د. البرادعى عن شخصية فذة وقدم فى إيجاز برنامجاً إصلاحياً يستطيع به أن يضع مصر فى مكانها الصحيح بين الأمم تقدماً وريادة ونماءاً على أساس من الحرية والعدل والمساواة بين طوائف الشعب المختلفة. ورداً على سؤال الشروق حول جهله بمصر وشعبها أوضح د. البرادعى أن وصفه بذلك يجافى الحقيقة مؤكداً أنه لم ينقطع عن مصر التى لم يحمل غير جنسيتها طيلة وجوده بالخارج وظل يتردد باستمرار لزيارة مصر واللقاء بالمسؤلين المصريين على رأسهم الرئيس مبارك والتفاكر معهم بما يخدم مصالح الشعب والدولة. وكان د.البرادعى قد تبرع بجائزة نوبل لإنشاء دور لرعاية الايتام فى الأحياء الفقيرة فى العاصمة القاهرة والتى أتاخت له فرصة التعرف عن قرب لمعاناة وقضايا ومطالب الشعب المصرى.
ولكن كتاب السلطة فى عالمنا الثالث معروف عنهم السباحة فى إتجاه تيار الحزب الحاكم لطالما أضحت الدكتاتورية سمته فى إدارة شئون البلاد والعباد ؛ والذى غالباً ما يكون ضد مصالح البلد العليا ، ومهما تطلبت السباحة من مهارات النفاق والرياء والتى يجيدونها بحكم مواقعهم والتى تم إختيارهم فيها بعد تخريجهم فى مدرسة المطبلين بدرجة إمتياز. فكاتب كأسامه سرايا رئس تحرير اللأهرام اليومية كان من أوائل الذين اتهموا الدكتور البرادعى بخرف التقاعد وقلة الخبرة واصفاً ما ناله الدكتور من شرف للدبلماسية المصرية والعربية والإسلامية بأنه لا يعدو كونه مصادفة وترقى طبيعى فى سلم الوظيفة التى أتيحت له اثناء عمله فى البعثة المصرية للأمم المتحدة فى نيويورك. وما يصيب الإنسان بالغثاء والتغزز محاولات الكاتب تشوية صورة لامعه لأحد أبناء بلده المتفوقين عالمياً لمجرد أن أبدى رغبة فى المشاركة فى النهوض بمصر من خلال ترشحه لمنصب الرئيس. وقد نسى الأستاذ رئيس التحرير وأمثاله من كتاب الصحف الحكومية المتحيزة أنهم ظلوا يمتدحونه منذ أن لمع نجمه فى سماء العالمية وحتى أسابيع قليلة قبل أن يعلن خوض إنتخابات الرئاسة ومنافسة سيدهم وولى نعمتهم مرشح الحزب الوطنى. فعقب حصول البرادعىى على نوبل للسلام كتب معظم الصحفيين المصريين عن د. البرادعى ليضموه بكل فخر لقائمة عمالقة الفكر والأدب والعلم والدبلماسية – وهو كذلك – من أمثال نجيب محفوظ ود. أحمد زويل و...و...
عاد الدكتور البرادعى الى موطنه وأحال المشهد السياسى الى حالة من النشاط بما يشبه التعبئة لكأن الإنتخابات ستجرى بعد شهر. فمنذ أن وطئت أقدامه أرض الكنانة حتى التف حوله الآلاف من رجال ونساء الفكر والثقافة وقيادات احزاب المعارضة مؤيدين لترشحه والمنافسة على منصب الرئيس فى 2011. فقد أستقبله الآلاف فى المطار يمثلون معظم قطاعات الشعب المصرى بما فيهم الفلاحيين الذين كابدوا ليكونوا من بين مستقبليه على أرض المطار ليؤكدوا دعمهم ووقوفهم خلفه. وبنهاية أسبوعه الأول فى مصر أعلن البرادعى ونفر من القيادات السياسية والفكرية عى تشكيل الجمعية الوطنية للتغيير لتضطلع بمهمة المطالبة بتعديل الدستور وتوعية المواطنين بحقوقهم الدستورية حتى يتسنى إجراء إنتخابات حرة ونزية يَنْفُضْ بعدها الشعب المصرى غبار الإرتهان لسياسة الحزب الواحد التى ظلت تميزه قرابة ستة عقود. هذا بالإضافة لحركة شبابية دؤوبة بدأت تتشكل كإمتداد لشباب الإنترنت حفزها مقدم د. البرادعى فبدأت تتحول الى ما يشبه التنظيم السياسى خلف من ترى فيه رئيساً مستقبلياً لمصر وقد رُصِد زيادة كبيرة فى أعداد المنتمين اليها فى الأسابيع الماضية
ورغم ذلك ؛ يرى بعد المراقبين أن فرصة الدكتور البرادعى محدودة لأنه ربط ترشحه بتعديل المواد الدستورية التى تتيح له الترشح كمستقل. فتعديل 2005 المحدود يشترط عملياً حصول من أراد الترشح على توقيع 250 نائباً فى البرلمان والمجالس المحلية التى يسيطر حزب مبارك عليها سيطرةً تامة. أما إذا استطاعت الجمعية الوطنية للتغيير من إحداث رأى عام مطالب بتعديل المواد الدستورية المعنية ربما نجحت فى تشكيل عامل ضغط كافى تجعل الحكومة تنصاع وتسمح بالتعديل قبل بداية الإنتخابات الرئاسية القادمة. عندها سيكون فوز الدكتور البرادعى شبه مؤكد. وربما نرى البرادعى رئيساً لمصر فى 2011 وياسر عرمان من قبله رئيساً للسودان فى 2010 وعندها ستتغير الصورة السالبة للنظم السياسية فى أفريقيا والعالم العربى. يجمع بين الرجلين كما هو معلن فى برانامجهما ؛ أولوية إطلاق الحريات العامة والنهوض بالفقراء وتأصيل التداول السلمى للسلطة فضلاً على التركيز بصورة واضحة على وحدة النسيج الإجتماعى فى كل بلدٍ على حدة. والأخير يبدؤ الأكثر عرضةً للإنتهاش بسبب السياسات الخاطئة التى إتبعها المؤتمر الوطنى فى السودان والوطنى الديمقراطى فى مصر فى العشرين سنةَ الماضية.
mekkimusa@aol.com