دور العولمة فى سلب إرادة المجتمعات الإفريقية

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:
العولمة (Globalization) مفهوم غربى يعنى الشمول والإنتشار,وهى نظام يعمل على تحويل العالم إلى شكل موحد عبر توسيع ما هو محلى ووطنى ليصبح مندمجاً فى إطار حكومة عالمية واحدة,والعولمة أيدلوجية غربية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وهى تعبر عن مصالحها المادية والفلسفية التى تسعى عن طريقها لإحتواء العالم والهيمنة عليه عبر توحيد جميع الكيانات البشرية العالمية فى حضارة عالمية واحدة وبالتحديد الحضارة الأمريكية لذلك أصبحت كلمة (أمركة) مرادفة لكلمة عولمة,ولكن أصل تكوين حكومة عالمية وحضارة عالمية واحدة تقف من ورائه الحركة الصهيونية العالمية التى تسعى لتشكيل بما يسمى إدارة الحكومات العليا (Administration of The Supergovernment) الذى عن طريقه يتم إخضاع كل الأقطار العالمية لقوة حكمها وسلطانها عبر إستنزاف قوى الحكم فيها ومن ثم يتم تشكيل حكومة عالمية يرأسها ملك صهيونى (بروتوكولات حكماء صهيون النص الكامل فى كتاب وليم كار أحجار على رقعة الشطرنج إكتوبر 1958) يحكم كل الأمميين فى العالم أى غير اليهود من مسلمين ومسيحيين وأصحاب ديانات أخرى والذين يطلق عليهم بالعبرية الغويم (Gobys) وهم فى نظر الصهاينة عامة من البشر مسخرين لخدمة شعب الله المختار,وبالتالى يمكن ربط مفهوم العولمة الذى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية بمفهوم تشكيل الحكومة العالمية التى تسعى إليه الحركة الصهيونية العالمية لتقود العالم من خلال توجهات الإدارات الأمريكية المتعاقبة المنحازة والمساندة دائماً لإسرائيل وحماية أمنها القومى مما يدلل على أن مشروع العولمة مشروع تحركه القوة الصهيونية المسيطرة سياسيا وإقتصادياً على مجريات الأمور العالمية وأن الولايات المتحدة الأمريكية ما هى إلا أدآة لتنفيذها.
العولمة الرؤية والأهداف:
لا زال الفكر الغربى يحاول أن يبرز للعالم أنه هو الحضارة وأن كل شعوب العالم الأخرى هم شعوب متخلفة,وهذا يتجسد فى رؤية الولايات المتحدة الأمريكية القائدة الفعلية لمشروع الهيمنة والعولمة الحالية حيث ترى أنها تمثل المركز الحضارى والثقافى العالمى الذى لا بد أن تندمج فيه الثقافات الطرفية الأخرى والتى تصفها الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ثقافات غير قادرة على إنتاج أى إبداع ثقافى وحضارى يؤهلها لإنتاج نموذج حضارى عالمى يحتذى به وهذا ما عبر عنه منظريها لمشروع العولمة أمثال "صوميل هينتنغتون" فى كتابه صراع الحضارات و"فرانسيس فوكاياما" فى كتابه نهاية التاريخ وخاتم البشر و"ستيفن تولمن" الذى يؤيد نظرتهما بأن الدول سوف تذوب فى كيان عالمى واحد تتداخل وتتشابك فيه الثقافات المختلفة كما كانت عليه فى مرحلة ما قبل قيام الدول القومية فى أوربا وأفريقيا وجميع بلدان العالم المختلفة,وبالتالى نجد أن العولمة تعبر فى تحركها من مركز الحضارة الغربية الذى تمثله الولايات المتحدة الأمريكية إلى الخارج عن مشروع سياسى حضارى إستراتيجى يهدف لتحقيق مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والقوة الصهيونية التى تحركها من أجل إحتلال العالم بأكمله أى (العولمة) هى مشروع نفعى يعبر عن مصالح قلة تريد أن تهيمن على مقدرات وإمكانيات أغلبية سكان العالم عبر جميع الوسائل الناعمة ووسائل القوة والإكراه الأخرى والأساليب الغير أخلاقية الأخرى,وبينما كانت الظاهرة الإستعمارية التى إنتظمت العالم فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تعبر عن تطور النظام الرأسمالى فى ذلك الوقت والذى كان هدفه فى ذلك الزمان وضع اللبنات الأولى لعولمة العالم عبر بناء نظم الحكم وتشكيل الحياة السياسية والإقتصادية فى الدول المحتلة الأفريقية والأسيوية من أجل خدمة أهداف ومصالح الدول الإحتلاليو الأوربية والتى تمثل النموذج الحضارى الغربى فى ذلك الوقت,نجد أن العولمة الحالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التى تحركها الحركة الصهيونية العالمية ما هى إلا مشروع لإستكمال العولمة التى بدأت خطواته الأولى فى المرحلة الإحتلالية السابقة لأفريقيا وآسيا وبقية بلاد العالم الأخرى,والعولمة الحالية هى تطور تاريخى  للرأسمالية العالمية التى تسعى عبر التراكم الرأسمالى الذى حققته الرأسمالية العالمية فى مراحل تطورها والتقدم الهائل الذى أحدثته فى ثورة الإتصالات والمعلومات والإعلام للسيطرة على العالم وتغييره لخدمة مصالحها عبر إخضاع كل العالم لتبنى نموذجها الحضارى ونظمه وقيمه وأنماط حياته,إذن العولمة هى إرادة فعل إنسانى توافرت له عوامل تاريخية وموضوعية مهدت له الطريق  لإحداث نوع من السيطرة على العالم من أجل خدمة مشروع حضارى يخص أقلية من سكان العالم لإخضاع الأغلبية من الشعوب العالم عبر إستخدام العديد من الممارسات الغير أخلاقية لخلق التناقض بين شعوب العالم من أجل إحكام السيطرة عليهم وعلى مواردهم.
الإحتلال القديم لأفريقيا والعولمة وجهان لعملة واحدة:
لقد مهدت الظاهرة الإحتلالية السابقة عبر سيطرتها على البلدان الأفريقية فى تكريس تبعية الدول الإفريقية للنظام الرأسمالى الغربى حيث عمل الإحتلال الأوربى لأفريقيا فى جعل الأنظمة الإدارية والسياسية والمالية والإقتصادية والتربوية فى جميع البلدان الإفريقية تتبع منهج وإسلوب عمل النظام الغربى مما جعل إفريقيا مرتبطة بالنموذج التطورى الغربى فى شتى ميادين العلم والمعرفة,ولذلك أُعتبر الإحتلال الأوربى الغربى لأفريقيا فى ذلك الوقت هو المشروع الإبتدائى لإنتشار ظاهرة العولمة فى أفريقيا وأن مشروع العولمة الحالى الذى يتنظم أفريقيا ما هو إلا إمتداد للظاهرة الإحتلالية السابقة (وهى الظاهرة التى يطلق عليها الغرب كلمة إستعمار بدلاً من كلمة إحتلال) من أجل إستكمال عولمة أفريقيا عبر سلب إرادة الشعوب الإفريقية وبقية دول العالم الثالث من إرادتها وجعلهم مجرد توابع خاضعة للقيم الحضارية الغربية وعلى رأسها قيم الحضارة الأمريكية القائمة على ثقافة الإستهلاك,وقد فرضت دول الإحتلال الغربية الأوربية عند إحتلالها لأفريقيا قيام الدول القومية الوطنية الأفريقية حماية لمصالحها وخلقت حدوداً سياسية ساهمت فى إيقاف التفاعل بين الكيانات الإفريقية التى كانت تتفاعل فيما بينها فى السابق عبر حركتها التى تفرضها عليها الظروف المناخية والطبيعية حيث كان هذا التفاعل يأخذ صيغاً تعاونية أو تصراعية يتشكل على أثرها إندماج بين المكونات الإجتماعية فى القارة الإفريقية,بيد أن تغريب (Westernaization) الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتربوية فى القارة الأفريقية بفعل الإحتلال الأوربى الغربى للقارة الأفريقية اسهم فى تبعية مجتمعات القارة الإفريقية لأنماط وقيم الحضارة الغربية حتى بعد أن نالت شعوب الدول الأفريقية إستقلالها من الإحتلال الأوربى منذ منتصف القرن الماضى وذلك لأن الهياكل المؤسسية التى التى أقامها الإحتلال الأوربى الغربى فى القارة الأفريقية تم ربطها بنموذجه الرأسمالى مما ساهم فى تفتيت مؤسسات المجتمع الإفريقى التقلدية وهدم البناءالثقافى للمكونات البشرية الإفريقية الشىء الذى أدى إلى الحد من قيام المشروع التنموى والنهضوى الثقافى والإجتماعى والسياسى الأفريقى,ولقد ساهم الإحتلال الأوربى الغربى للقارة الأفريقية أيضاً فى خلق الصراعات القبلية والإثنية بين المجموعات البشرية الأفريقية وتكريس الولاء القبلى والتبعية للنمط الرأسمالى الغربى وتشكيل نخب وطنية تخدم مصالحه وتنفذها,وعندما قامت حركات التحرر من الإحتلال الأوربى فى أفريقيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إعتبرها المحتل الأوربى تمرداً وليس حقاً أصيلاً للأفارقة,ولولا خروج الدول الإحتلالية الأوربية ضعيفة نتيجة للخسائر الفادحة التى منيت بها خلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) وتغير موازين القوة فى العالم نتيجة لظهور قطبين فى الساحة الدولية هما الإتحاد السوفيتى السابق الداعم لحركات التحرر الإفريقية والولايات المتحدة الأمريكية القوة المهيمنة على العالم الآن لإستمرت الدول الإحتلالية الغربية فى إحتلال الشعوب الإفريقية,ولولا ظهور الإتحاد السوفيتى السابق بعد إنتهاءالحرب العالمية الثانية لورثت الولايات المتحدة الأمريكية المستعمرات الأوربية وهيمنت عليها,وهذا ما يفسره لنا عداء الولايات المتحدة الأمريكية المطلق والصريح للإتحاد السوفيتى السابق وتشكيل التحالفات المستمرة ضده حتى تم إنهياره فى بدايات التسعينات من القرن الماضى,ومن ثم أعادت الولايات المتحدة الأمريكية التفكير فى السيطرة على العالم التى حرمها ظهور الإتحاد السوفيتى السابق من وراثته من الدول الإحتلالية الأوربية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية,إذن الولايات المتحدة الأمريكية عندما تدخلت فى الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء وخروجها من هذه الحرب كقوة عالمية لها وزنها العالمى كانت تحلم بوراثة المستعمرات الأوربية فى أفريقيا وآسيا وغيرهما من البلدان فى قارات العالم الأخرى ولكنها فشلت فى تحقيق ذلك الحلم نتيجة لظهور الإتحاد السوفيتى السابق كقوة عالمية منافسة للولايات المتحدة الأمريكية ودعمه لحركات التحرر من الإستعمار فى أفريقيا وكل بلدان العالم الأخرى مما أفشل الحلم الأمريكى بوراثة المستعمرات الأوربية,وهذا ما يفسر توجيه الولايات المتحدة الأمريكية لكل قواها السياسية والإقتصادية والعسكرية والتحالفية للتخلص من الإتحاد السوفيتى السابق,وعليه عندما إنهار فى بدايات تسعينات القرن الماضى أخذت الولايات المتحدة الأمريكية فى البدء لتكريس هيمنتها على البلدان الإفريقية وكل بلدان العالم الأخرى عبر مشروع العولمة أو ما يطلق عليه النظام العالمى الجديد (New International Order) من أجل فرض نمط الثقافة الغربية على الدول الإفريقية وبقية دول العالم الثالث.
العولمة ودورها فى سلب إرادة الشعوب الإفريقية:
لقد ساهمت العولمة الحالية التى تقودها الولايات المتحدة الأمريكية بتخطيط من الحركة الصهيونية العالمية فى سلب إرادة فعل الشعوب الإفريقية عبر تأثيرها على دور الدول الإفريقية إتجاه شعوبها,حيث أدت عولمة الإقتصاد لتدفق السلع والخدمات عبر الحدود دون حواجز مما شجع على نشر ثقافة الإستهلاك الغربية وجعل الشباب الإفريقى مستلب وتابع لثقافة الإستهلاك الرأسمالية كما عملت على تعميق الفجوة بين الفقراء والأغنياء وإزاحت الطبقة الوسطى التى كانت تمثل قوى التجديد والثورة والمحافظة على القيم والموروثات ضد كل ما يتعارض مع مصالح شعوبها,بينما أفرزت ثورة الإتصالات والمعلومات والإعلام الهائلة فى نشر قيم الثقافة الغربية عبر وسائط نقل الصورة والصوت المتطورة التى تجاوزت حواجز المكان والزمان مما أسهم فى إضعاف القيم الثقافية الوطنية فى أواسط الشباب الإفريقى نتيجة لضعف وسائل الإتصال الجماهيرى لدى الدول الوطنية الأفريقية التى تسهم فى تعزيز القيم الثقافية الإفريقية لدى مجتماعتهم الشىء الذى أدى لضعف مكينزمات المقاومة الثقافية الوطنية داخل الشباب الإفريقى نتيجة لقوة فعل وسائل العولمة المرئية والمسموعة وتجوازها لحواجز الزمان والمكان,كما ساهمت عولمة السياسة فى إنقاص سيادة الدول الإفريقية وممارسة حكمها المطلق على شعوبها وأراضيها عبر الضغوط التى تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية لتعميم النظام السياسى الغربى فى البلدان الإفريقية ومحاربة الدول التى تعترض على فرض هذا النظام عبر إذكاء الصراعات الإثنية والقبلية فيها حتى تفشل فى الوفاء بإحتياجات سكانها ومن ثم تفرض شروط موضوعية لتغيير نظام الحكم فى الدول التى تقف ضد هيمنتها,وتستخدم الولايات المتحدة الأمريكية فى ذلك مجموعة من أبناء الدول الإفريقية الذين يخدمون مصالحها وفقاً لإمتيازات يتلقوها منها (الأفارقة المتأمركون),وتعمل العولمة فى إطار سعيها لسلب إرادة فعل الشعوب الأفريقية عبر تبنيها لمشروع هزم الدولة الوطنية الإفريقية والنيل من سيادتها مما يؤدى إلى تآكل السيادة الوطنية للدولة الإفريقية عبر ربط سياسات الدول الإفريقية بالسياسات العالمية التى تديرها الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق الأمم المتحدة ووكالاتها الإقتصادية والشركات العابرة للقارات,بينما تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية فى إطار إخضاع العالم لهيمنتها مفهوم حقوق الإنسان وحماية الأقليات ومكافحة ما يسمى بالإرهاب من أجل فرض هيمنتها العسكرية على دول القارة الإفريقية,وفى إطار سعى الولايات المتحددة الأمريكية للسيطرة على الشعوب الأفريقية ومواردها وسلب إرادتها الوطنية لتصبح جزء من مناطق مشروعها الحضارى,أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية القيادة الأمريكية لأفريقيا (AFRICOM) التى إستهدفت عسكرة السياسة الأمريكية إتجاه أفريقيا لخلق تحالفات مع الدول الإفريقية الخاضعة للنفوذ الأمريكى الغرض الظاهرى منه هو العمل على مكافحة ما يسمى بالإرهاب الذى لا دخل للدول الأفريقية به سوى من قريب أو بعيد وإنما هو صنيعة أمريكية لممارسة الهيمنة على الدول الأخرى,بينما الهدف الجوهرى  والرئيسى من هذا التحالف يهدف إلى زيادة حدة الصراعات المسلحة فى القارة الإفريقية لهزم مشروع الوحدة الإفريقية الذى يتعارض مع العولمة وهدم التعاون بين الدول الإفريقية وتفعيل حدة الصراعات الإثنية والقبلية وجعل البئية فى القارة الإفريقية غير مشجعة لإستثمارات القوة الصاعدة المنافسة للولايات المتحدة الأمريكية وبالأخص الصين الدولة التى أسهمت بإلتزامتها نحو تنمية القارة الإفريقية وأصبحت شريكاً قوياً فى مشاريع التنمية الإفريقية,وعبر هذه السياسات تعمل الولايات المتحدة الأمريكية لهدم البناء الإجتماعى للشعوب الأفريقية ومن ثم العمل على تشكيلها من جديد وفقاً لمشروع العولمة الذى تعمل من أجل تحقيقه,وقد ساهم ضعف بعض القادة الأفارقة فى تمرير مشروع العولمة الأمريكية بل أصبح بعضهم جزء من أدوات الهيمنة الأمريكية يمارسون كل وسائل الإكراه فى سبيل تركيع شعوبهم من أجل فرض هيمنة العولمة عليهم,وفى إطار مشروع العولمة وفرض الولايات المتحدة هيمنتها على الدول الإفريقية أخذت الولايات المتحدة الأمريكية تلعب بالعامل الدينى (مسيحية ضد إسلام) من أجل إستقطاب حلفاء لها فى القارة الأفريقية على أسس عقدية لتنفيذ مشروع العولمة فى أفريقيا وإستخدامهم فى محاربة الذين يقفون ضد هيمنتها ومشروعها الحضارى بالرغم من عدم وجود صراع ضارب الجذور بين الإسلام والمسيحية فى القارة الإفريقية بل أن الإحتلال الأوربى الغربى المسيحى للقارة الإفريقية هو الذى قاد أشرس حملات الإبادة والرق والإذلال ضد الشعوب الأفريقية كما أنه مارس التبشير المسيحى من أجل فرض تبعية الإنسان الإفريقى له وليس من أجل نشر الدين المسيحى فى حد ذاته.
الكيفية التى يجب أن تتعامل بها المجتمعات الأفريقية مع ظاهرة العولمة :
ليس هنالك من سبيل للتعامل مع مشروع العولمة الأمريكية الذى يسعى لفرض نموذج الثقافة الغربية وأنماطها وقيمها المادية على القارة الأفريقية وجميع دول العالم الثالث إلا عبر العمل الجاد لبناء مكينزمات مقاومة ثقافية داخلية لدى المجتمعات الأفريقية تكون قادرة لدرء الآثار السالبة لمشروع العولمة على مجتمعاتها وتكون قادرة أيضاً على الإستفادة من عولمة الإتصالات والإعلام فى نشر قيم الثقافة الأفريقية وتوصيلها للشباب الأفريقى المنتشر فى جميع دول العالم وهذا لن يتأتى إلا عبر تطوير آليات إتصال جماهيرى أفريقية قادرة على إستخدام أدوات الإتصال الحديثة المرئية والمسموعة والشفهية والمكتوبة لغرز قيم الثقافة الأفريقية والعمل على توطين العلوم الإنسانية والطبيعية بنظرة أفريقية حتى لا تتراجع الثقافات الإفريقية الوطنية أمام أنماط وقيم ثقافة العولمة,ويعتبر تفعيل دور الإتحاد الأفريقى فى جميع المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية عاملاً مهماً فى تحقيق الترابط بين المجتمعات الأفريقية وتطويرها ومن ثم جعل قارة أفريقيا تتعامل مع محيطها الخارجى بندية وفقاً لما تمليه عليها مصالحها السياسية والإقتصادية والإجتماعية.


الخاتمة:      
العولمة أو الأمركة هى ظاهرة أرادت بها الولايات المتحدة الأمريكية فرض نموذجها الحضارى وقيمها المادية الرأسمالية على جميع دول العالم لتحقيق وحدة عالمية تمهد لقيام حكومة عالمية تديرها الحركة الصهيونية العالمية التى ترتبط إرتباطاً عضوياً بالإدارات الأمريكية المتعاقبة التى تحكم الولايات المتحدة الأمريكية وتسخرها لخدمة مصالحها الدنيوية وتحقيق أحلامها العقدية فى تحقيق سيطرة شعب الله المختار على كل العالم,وفى سبيل تحقيق العولمة وفرضها تسخر الحركة الصهيونية العالمية الطامحة لتشكيل العالم وحكمه جميع قوى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية وكندا السياسية والعسكرية والإقتصادية والثقافية من أجل تنظيم العالم على أسس حضارتها التى تقول أنها ترتكز على أسس العدل والمساوة والحرية بينما يعكس سلوك العولمة الخارجى إتجاه الدول الإفريقية وبقية دول العالم الثالث وسلوكها الداخلى القمعى الذى برز أخيراً ضد متظاهرى (إحتلوا وول ستريت) فى الولايات المتحدة الأمريكية والإحتجاجات على الأوضاع المالية المتردية فى أوربا غير ذلك مما يعطى مؤشراً قوياً أن مشروع العولمة الذى تحاول فرضه قوى الهيمنة العالمية سوف يكون مصيره الفشل نتيجة للسياسات الغير أخلاقية التى تمارسها على صعيد تحركاتها الخارجية نحو المجتمعات الأخرى المستهدف عولمتها ومجتمعات دول العولمة نفسها التى ضاقت زرعاً من نهجها وإسلوب عملها الذى زاد من حدة الفوارق الطبيقية فى داخلها حيث زاد الفقراء فقراً وزادت أعدادهم بينما زاد جشع الأغنياء وزادت ثرواتهم وهيمنتهم على السلطة والمال.


عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
باحث وخبير إستراتيجى فى شؤن القارة الإفريقية و متخصص فى شؤن القرن الأفريقى
E-mail: asimfathi@inbox.com

 

آراء