رجالٌ عرفتهم .. الدكتور. إبراهيم أوكير

 


 

 

mohkh69@gmail.com

محمد خميس عبدالله

فقدت الأوساط العلمية وجامعة الخرطوم وجامعة الجزيرة، والشرق عموماً، وكسلا وأروما وحلفا الجديدة خصوصاً، أستاذ الرياضيات، ومربي الأجيال، المثقف الضخم، الدكتور إبراهيم أوكير سعيد آدم. بدأت معرفتي به عرضيةً بسيطة، وبلا مقدمات، في كلية العلوم الرياضية ـ جامعة الخرطوم. ولكنها نمت، وتعمقت، واستمرت إلى أوان مغادرتي الوطن قبيل الحرب. وقبل يومين فقط من رحيله المفجع كنت أحدث نفسي بسؤال أحد أصدقائه المقربين عن خبره، بعد انقطاع عنه دام زمنا. د. أوكير رجل نادر حقاً، ذكاءً، صدقاً، وإنسانية. تجلس إليه أوتقابله أو يمر بك فلا تحب تفارقه. إنه الرجل الذي دحض حكمة المتنبئ في عجز بيته الشهير:

أعز مكانٍ في الدُنى سرج سابحٍ
وخير جليسٍ في الزمان كتاب

لأنك إن جالسته لا تجالس كتاباً واحداً، وإنما كتباً ومكتبةً ضخمةً، متنوعة المعارف والعلوم. وإن أعزك د. أوكير ربما أهداك كتاباً، ويسألك: أي كتاب تريد؟ فيهديكه ولو كان في عشرة مجلدات. فهو يشتري نسخاً عدة من الكتاب الواحد. ولكن حذارِ ثم حذارِ أن ترد هديته بكتاب، لأن من المحال ألا تجد في مكتبته ماتهديه. وستجهد كثيراً إن أصررت.
هو رجلٌ يفوح علماً وأدباً وثقافة وفضلا. وكل مجال يتحدث فيه يبهرك بمعلوماتٍ عنه موثقةٍ تاريخاً ومصدرا.
يحكي عن طفولته الباكرة، وكلفه بحفظ القرآن الكريم في خلاوى كسلا وأروما، ومنها ما كان في خلوة أسرة بلدياته، وزميل طفولته، الوزير المهندس إبراهيم محمود حامد. وهو كلِفٌ بذكر فضائل الرجال. وقد فاجأني بأنه درس الثانوي في مدرسة حلفا الجديدة الأكاديمية الثانوية العليا، وهي ذات التي فيها درست. وتتلمذ فيها على أساتذتنا الأفذاذ، ومنهم المربي الجليل مدرس الرياضيات الأستاذ عبدالله جادين، والذي حدثني عنه كثيرا. ومن وفائه أن زاره بحلفاج قبل بضع سنين. ومدني بمعلوماتٍ عنها مفيدةٍ، كنت أجهلها، وأنا ابن بجدتها الذي فيها نشأ. منها أن خرائب المباني القديمة التي غرب المدرسة الأكاديمية، هي بقايا أول مشفى لأهل حلفا بعد الهجرة، وقبل بناء المستشفى الحالية. وقد عاصرها داخليةً للطلاب، وهو طالب بالمدرسة، وشهدناها أثرا. يحدثك د. أوكير عن الشاعر الإنجليزي روديارد كبلينج فيحفظ شعره، ويحلل قصيدته الشهيرة في شجاعة أهله الهدندوة

 

آراء