رحيلُ مَنسَكٍ من مناسك النضال

 


 

 

(ماهو عارف قدمه المفارق)

( لدي ما يكفي من الماضي
و ينقصني غدي
و لم أملك من الذكرى
سوى ما ينفع السفر الطويل)
محمود درويش
ما ترك الحزن بابا في حرب الجنرالات العابثة إلا و كان من طارقيه، حزن ترتجف منه القلوب ( كما ترتجف فروع البان)، و ما اختال البكاء و النحيب( وسط الرياض نشوان) إلا حين ترجل مُعمّدا إلى الفراديس بإذن الله مناضل و مُعلِّم درعميٌّ و مَعلَمٌ في سكة السفر الطويل في تاريخ الوطن من الانقياد إلى القيادة بأيدي سَفَرة. سبقه في هذه الفضاءات التعليمية و التربوية أساتيذُ أجلاء، أحمد إسماعيل شيلاب، إبراهيم عبدالقيوم ، الفيتوري و محي الدين فارس.... إلخ.
لم يدُر بخَلَد أستاذنا عبدالوهاب خوجلي أن تكون رحلته إلى دار البقاء بعيدا عن داره التي تمثل موئلا للشباب بل و الكهول و الشيوخ و الصبيان في الجريف شرق ، فهو زعيم و قائد شعبي تعلقت به أفئدة أهله و منتخبيه في آخر انتخابات ديمقراطية نزيهة عام ١٩٨٦م لأنه كان امتدادا لجيل العظماء الذين رحلوا و تركوا لنا الخبر .. تشييع من بيوت الأوقاف، مَنْ وزع الأراضي السكنية لمواطني بحري و لا تزال أسرته تسكن بالإيجار و من أوقف داره إلى جامعة الخرطوم و هو حي يرزق و بُهِت عَبَدة المال و السلطة الذين دخلوا إلى الدين من الأبواب الخلفية القصار.
من أراد الحقيقة فليسأل أهل الجريف و الجوار كيف ضرب فقيدنا مثلا عندما كان نائبا في الجمعية التأسيسية و كان من المُقسطين و نسي نفسه في توزيع الأراضي ، و أما القاسطون فتكالبوها كما تعلمون.
دخل فقيدنا العزيز إلى ساحات العمل الوطني و النضال ضد الأنظمة الديكتاتورية عبر بوابة الجبهة الوطنية المتحدة الباذخة إبان معارضة نظام نميري رفقة الشريف حسين الهندي فغدت مسيرته تحمل هذا الميسم و العطر الوطني الفواح الذي حمل عنوان ( أبناء و تلاميذ الشريف حسين الهندي ) في حين حمل هذه اللافتة آخرون تسولوا بها أبواب الحكام أعطوهم أو منعوهم.
رحل أستاذنا عبدالوهاب خوجلي و لم يبق في تاريخه السياسي الطويل شبر إلا و فيه أثارة من علم و موقف وطني نبيل ، و ها هو الآن يرحل في قوافل البحث عن جرعة دواء بعيدا عن الديار والأشقاء.
( نترك الدنيا و في ذاكرة الدنيا
لنا ذكر و ذكرى من فعال و خلق
و لنا إرث من الحكمة و الحلم و حب الكادحين
وولاء حينما يكذب أهليه الأمين
و لنا في خدمة الشعب عرق)
إلى جنات الخلد أستاذنا الجليل عبدالوهاب خوجلي، الحمدلله رب العالمين.

/////////////////////////////

 

آراء