رسالة مفتوحة إلى السودانيين والسودانيات في كل مكان

 


 

 

في البدء، أسمحوا لي أن أترحّم على كل الأرواح التي فقدناها وما زلنا نفقدها بسبب الحروب، ولأولئك الذين أصيبوا، أدعو لهم بالشفاء الكامل والعاجل، وأن يعود كل من هو مكتوب في سجل المفقودين أو غير مكتوب، إلى بيته آمناً. كما أعبّرُ عن صادق رغبتي ودعواتي في أن تنتهي هذه الحرب وتكون آخر الحروب، ويعود الاستقرار والأمان إلى كل ربوع وطنِنا السودان. أرجو أن تكون هذه الرسالة المفتوحة، بليغة في مضمونها عما قبلها مما قلنا وكتبنا، فيكون لها الأثر المأمول.

كان من الأولى أن نكون في هذا اليوم الذي يصادف الذكرى السبعين لإعلان تقرير المصير للسودان من داخل البرلمان السوداني، يوم التاسع عشر من ديسمبر من عام 1953م. كان ينبغي أن نكون سعداء، لأنها ذكرى عزيزة لإعلان موعد خروج الاستعمار وبداية استعادة سيادتنا على أنفسنا ووطننا، ولأنها أيضاً ذكرى آخر محاولات ثورة التغيير نحو الحكم المدني المتمثّلة في ثورة ديسمبر 2018م. ولكن بربكم، ما الذي يبعث لمجرّد الابتسامة الآن في ظلّ المستنقعات المأساوية الآسنة التي يخوضها السودانيون والسودانيات مع استمرار الحرب؟ لو أن ثمة شيء يدعو للابتسام، فهو الأمل، لكنه حتماً سيبقى يتيماً مقعداً بدون العمل.

أيها السودانيون والسودانيات
نُقر جميعاً أن السودان الوطن بشعبه، يعيشان اليوم مأساةً كبيرة بفعل الحرب التي لم تبدأ فيه في الخامس عشر من أبريل 2023م فحسب، ولكنها امتداد لسلسلة الحروب في تاريخه المعاصر، وعلى وجه التحديد منذ العام 1955م، عندما بدأت أولى الشرارات هناك في توريت في جنوب السودان، وهي معلومات أعيدها فقط للتذكير من باب العبرة.

صحيح أن كل الحروب التي نشبت سابقاً في السودان، جميعها مؤلمة بنتائجها وحجم تداعياتها، وكم ساهمت في هدر الأرواح والموارد وتراكم الغبن، وفي قمة كل ذلك، كانت أسوأ النتائج، هي انقسام الوطن الواحد، الذي كان تاسع أكبر الأقطار مساحة في العالم، وأكبرها في أفريقيا والعالم العربي وبكل موارده البشرية والطبيعية، إلى وطنين.

أما الذي يجعل حرب الخامس عشر من أبريل، والمستمرة الآن لأكثر من ثمانية أشهر، ما يجعلها أكثر وضوحاً وإيلاماً في تداعياتها على كل الوطن، هي أنها أكملت الدائرة بانتشار نار الحرب والتداعيات المباشرة، على مجتمعات لم تمسّها الحروب السابقة بشكل مباشر، ولأنها أيضاً حرباً بين طرفين يملكان عتاداً عسكرياً وإمكانات مالية ومقاتلين. طرفان يملكان هذه العناصر الثلاث بشكل شبه متكافئ. بيد أن قمة الأسى والحزن، والأكثر إيلاماً في ذلك، هو أن كل هذه الحروب بيننا كسودانيين، وهذا يجب ما يدعو الغريب للحسرة قبل القريب.

إن أطول الحروب الداخلية التي تكون حكومة الدولة طرف أساسي فيها، في كل أقطار العالم هي في قطرين، السودان أحدهما، 68 عاماً، والثانية هي في بورما أو ما تُعرف حالياً باسم ماينمار، 70 عاماً، وما أشبه ماينمار بالسودان في اختلال الهوية ومبادلات الحكم بين مدني وانقلاب عسكري.

خلال هذه العقود الطويلة التي ظللنا نتقاتل فيها، استقلّت عشرات الدول التي كانت مُستَعمَرَة وتطورت، وانشقت دول كثيرة كانت متّحدة بالتراضي وأيضاً تطورت، واتحدت دول كانت منشقّة وتطورت، وتكاملت دول اقتصادياً وتتقدم، ولا زلنا نحارب بَعضَنا. الجميع فهموا قواعد اللعبة، إلا نحن. هذه الخلاصة يجب أن ترن بقوة في مسامعك ووجدانك وعقلك لتغير طريقة تفكيرك، أيها السوداني وأيتها السودانية.

لا بد لنا أن نقف للحظة تأمل، نسأل فيها أنفسنا، لماذا يحدث معنا هذا؟ بل، لماذا نحن كذلك، نقاتل بعضنا؟، رُبَّ قائل يقول، القتال فطرة بشرية وكثير من الشعوب قاتلت فيما بينها، ولن يتوقف ذلك، أقول هذا صحيح، لكن جميع هذه الشعوب، قادرة أن تقتلع أزِماتُها من جذوعها، فلماذا نعجز نحن عن ذلك؟ بل لماذا نمتلك القدرة على إنتاج واستخدام الطاقات السالبة في الهدر والتدمير؟ ولا نمتلك القدرة على إنتاج واستخدام الطاقات الموجبة في البناء والتعمير. هل تعلمون ما هو الفرق، أي بيننا وبين شعوب الأمم الأخرى؟

إنهم يمتلكون الإكسير الذي يغذّي قدرتهم على الالتقاء عندما تدلهم أمورهم وتستبد بهم المِحن، ذات الإكسير، نتوجس نحن من التعاطي به، فنتباعد عن بعضنا عند الخطوب التي تهددنا وتهدد وحدة واستقرار السودان. تقولون لي ما هو هذا الإكسير؟

هذا الإكسير هو أنهم يؤمنون بهويتهم، ليس إيمان كل واحدٍ بالهوية في نفسه فقط، ولكن إيمان كل واحدٍ للآخر بنفس الهوية. إنهم يعتزّون جميعاً بأن هويتهم واحدة. إنهم أيضاً يُجسِّدون روح الانتماء للوطن الواحد، بالقول والفعل، من كلٍ في نفسه تجاه الوطن، وأيضاً في نظرته وقناعته للآخر بأنه يحمل روح الانتماء للوطن على السواء، يعني كل واحد يرى الآخر مواطن مثله تنطبق عليه كل معايير المواطنة ومُشبّع بروح الانتماء لوطنه. لا يهم أين ولِد أو من أين أتى أو ما هي خلفية أصوله، لطالما استوفى شروط الجنسية ومعايير المواطنة، المتمثّلة مضموناً في الواجبات والحقوق.

هذا هو الفرق بيننا وبينهم، إن لم تكن تصدّق ما أقول، عليك بمراجعة آلاف الرسائل النصّية والصوتية والمصوّرة التي يبثُّها السودانيون والسودانيات، من كل الشرائح الاجتماعية من العامة في تعليمهم إلى حملة الدرجات العلمية والوظيفية، الديوانية والدستورية، في وسائط التواصل الاجتماعي، يشككون فيها في هويات بعضهم البعض وروح انتماءاتهم للسودان. أقول هذا ولا أعني بذلك حرمان أحد من طرح ومناقشة قضية أو أزمة، لكنهم لا يطرحون القضايا، بل يؤججون الأزمات ويزيدوا اشتعالها، حتى أن مواطن أحد الدول قال لي متحسّراً “كُنت أحترمكم لأني لم أكن أعرف أنكم بهذه الحقيقة المشينة تجاه بعضكم البعض وتجاه وطنكم"، هذا انطباع فرد، لكنه بلا شك الآن يتشكّل بسرعة في مخيلة الكثيرين مثله.

جذور أزمتنا تكمن في هذا الفرق وتتمدد في تربته. أزمة الدولة في السودان لم تكن يوماً معقّدة ومستعصية في الحل، ولكن انعكاس عُقدِنا النفسية، هي التي نراها مجسّدة في هيئة أزمة معقّدة، فيتبعها توصيفنا الخاطئ للأزمة، فنقول أنها معقّدة، في محاولة يائسة للهروب من مواجهة المُضغة النفسية المعُتلّة التي ما برِحنا يوماً بعد آخر نربّيها في دواخلنا، ومن فشلنا في التصدّي للتحديات التي نصنعها بأيدينا.

إذا أردنا أن نوقف عنفوان التنامي لهذه الأزمات التي تعصف بحياتنا وباستقرار الوطن وبمستقبل الأجيال، نحن في حاجة إلى انتزاع هذا القناع النفسي، الذي يَحُول دون انفلاق شفافية وجدانياتنا ويخرج منها ما تُعبَّر عنه أقوالنا فتتبعها أفعالنا المشينة، لتحيل حياتنا إلى جحيم نظل جميعاً بأسبابها نلعن. هذا هو يا للأسف، الغذاء الدائم الذي ننتجه في حقول دواخلنا ونغذّي به إنتاج واستمرار الحروب بيننا.

علينا أن نزن بعضنا البعض بمعيار واحد لهويتنا، وأن ننتج في وجدانياتنا مشاعر واحدة من كلٍ منّا تجاه الآخر، حول روح الانتماء للوطن. ثم بشكل منهجي وتطبيقي، نحن أيضاً في حاجة ماسة إلى أن نتصالح في تعاملنا مع شؤون الحياة ومنهج معالجة القضايا، مع ثلاث كلمات، لكنها بمضمون واحد متكامل، وهي: (المنطق، الحكمة، الواقعية). أكرر، (المنطق، الحكمة، الواقعية)

إذا نظرنا إلى شعوب الأمم في الغرب أو الشرق الأقصى، نجد أنها جميعهاً انتجت، أفكاراً وفلسفات وأيديولوجيات نابعة من واقع أعرافها وتراثها، ومنها انتجت مناهج حياتها، لذلك، فهي قادرة أن تتعامل وفي كل عصر مع مقتضيات التحضر والتمدّن، وفي داخلها تنمّي باستمرار قُدراتِها على مواجهة التحديات وتطويعها، بل وتدجينها.

أما نحن فقد ظللنا مرآةً وصدى دائمين لتلك الأفكار والفلسفات والأيديولوجيات التي نستوردها، وجعلنا الوطن السودان هو المعترك، بل وحوّلنا مجتمعاتنا أدواتٍ للاعتراك، أي أننا أحِلنا عُقُولَنا إلى مزارع تجارب للآخرين، بدلاً من جعلها حقولاً لإنتاج فكر وفلسفة وأيديولوجيا نابعة من أعرافنا وتراثنا وتقاليدنا وقيمنا، أو حتى في أضعف الإيمان تطويع الأفكار والفلسفات والأيديولوجيات المستوردة لتوائم مجتمعاتنا في التطبيق والممارسة.

نحن أيها السودانيون والسودانيات، عجزنا عن أن نقدّم أي نموذجٍ إيجابي للبشرية هو من بنات أفكارنا، حتى الإشراقات العلمية القليلة لبعض العلماء، قتلناها من باب الحسد، فقُبِرت في مِهَادِها، أما المبدعين من الشباب، فحدّث ولا حرج، فقد قتلنا إبداعاتهم وهي يافعة. نحن لما نزل بإصرارنا على المضي في حروبنا التي نصفها بالعبثية، نريد أن نؤكّد للعالم بأننا عالة على البشرية، وبأننا على عهد وعقد طويل مع العبثية.

لست أدري، لماذا لا توقِظُنا النعوت السيئة التي ينعتنا بها الآخرون، وفي مقدّمتها أننا شعب فاشل، بيد أننا حتى لم نجسّد بَعد، مسمّى شعب واحد. بل أننا في تأكيد ذلك الفشل، ننبري لتلك النعوت ونجتر ماضينا بأننا كنّا وفعلنا، وأننا بنينا بلاد الآخرين، أي أن ردودنا نفسها هي الشاهد الدامغ لمكابرتنا وعجزنا عن أن نبني بلادنا بأنفسنا، أو حتى المحافظة على القليل المشرق الذي نجترّه. أعلم أن الحديث في الفكر والفلسفة والأيديولوجيات في السياق السياسي، يقتضي نقاشاً أكثر عمقاً ليس هذا مكانه، ولكن بالمجمل، حالنا اليوم أصدق مشهد.

لا بد أن نزيل الغشاوة التي تُغبّش نظرنا وتُعتّم بصيرتنا فلا نرى أن حروبنا بيننا قد أزهقت أكثر من ثلاث ملايين روح سودانية على مدار أكثر من نصف قرن، ويتّمت ورمّلت ملايين مثلها وعوّقت وأقعدت مئات الآلاف وشرّدت الملايين، وأن التكاليف الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة بالتقديرات الأقل تشاؤماً، قد بلغت مئات المليارات من الدولارات، وهي مرشّحة للزيادة باستمرار الحرب.

أنظروا إلى واقعكم أيتها السودانيات وأيها السودانيون وعلى مدى عقود، بل وعلى وجه الخصوص بعد اندلاع هذه الحرب وخِلالها، كيف أنتم نازحون داخل بلادكم وتائهون في بلاد الآخرين. طلاب وطالبات جامعات ومعاهد عليا وتلاميذ وتلميذات التعليم العام، وأطفال في مراحل الرياض، لا يعلمون ما هو مصيرهم، أسئلة يعجز أولياء أمورهم عن أن يجيبوا عليها. الموت يفتك بالمرضى وكبار السن لانعدام الوقاية والدواء والرعاية والخدمات الطبية، الأصحاء يمرضون لفقدان الغذاء.

ملايين الشباب تائه بلا عمل، ولن يكتسبوا أي خبرات أو تجارب عندما يبلغ أي واحد منهم سن المراتب الوظيفية المتقدّمة في مهن مجالات دراساتهم، ناهيك عن خبرة رجال الدولة عندما يبلغوا سِنّها. نحن نقتل بأيدينا الوطن، بقتلنا مستقبل شبابه. شعب كامل اليوم، في ميزان الابتزاز في البلاد التي فرّوا إليها. أليس هذا كافياً في أن يهز وَعْيَنا هزة نفيق فيها من هذا النوم؟ أي أولوية عندكم بربكم تعلو على أولوية الخروج من هذا المأزق؟

إن تك هذه هي الأولوية ويجب أن تكون، وإذا كانت الإجابة بنعم، فليقم كلٌ منّا بدوره لوقف ذلك، وفي مقدّمتها أحاديث الفتن والتنميط والتخوين والشحن السالب التي تملأ وسائط التواصل الاجتماعي.

الحرب وسيلة شريرة لتحقيق الأهداف، وقد تُفرض عليك لخوضِها، لكن ليس مِنْ عاقل يروّج لها أو يدعم استمرارها إذا أُجْبِرَ على خوضها، وإنما يجب أن يعمل لوقفها. الذين ينادون باستمرار الحرب هم واحد من أربعة، إما أنهم يجهلون ما معنى الحرب وويلاتها وهؤلاء يحتاجون لتوعيتهم، وإما أنهم ذاقوا ويلاتها ولكنهم لم يكتفوا منها ويبحثون عن المزيد، فيا لخيبتهم، وإما أنهم بعيدون هناك في مأمن من ويلاتها المباشرة فيا لجبنهم، أو أنهم ليس هناك ما يربطهم بالشعب الذي يكتوي بنارها ويتعذب بويلاتها ولا بالوطن الذي يتدمر، وهؤلاء أولى ألا يبقوا فيها وبينهم.

الذين يروّجون لاستمرار الحرب إنما يتحرّون نتائج مبنية على معايير متهوّرة وقراءة خاطئة للمعطيات الفاعلة وتعامي عن التجارب الإنسانية المشابهة، وهم في كل ذلك يجانبون المنطق والحكمة والواقعية، بعد كل هذا، هل يمكن أن يكون هؤلاء قدوتك التي تقتدي بها؟ لماذا لا ينظر كلٌ منّا للنصف المليء من الكوب. لن تنجو ولن تحقق أي نجاحٍ ما استمرت الحرب ودمت تائهاً في بلاد هي ليست وطنك. نجاحنا فقط يتحقق عندما نعمل سوياً كسودانيين لانتشال وطننا مما هو فيه وما يتدحرج إليه من هاوية، هذه هي الأولوية الملحّة.

لا تنطلقوا ولا تتفاعلوا مع أي شعار آخر، كل الشعارات الأخرى التي تملأ الفضاء التواصلي والإعلامي، هي شعارات قاصرة وقائمة على الجهوية والإثنية والقبائلية والانتهازية والمصلحة الذاتية، فهي إذاً ضد المنطق والحِكمة. أو شعارات حقيقية لكنها برّاقة تدغدغ المشاعر، أما نتائجها فهي صفرية، لأنها تجانب الحِكمة والواقعية، وإذ جميعها كذلك، سَتُحَقِقْ نتيجة واحدة فقط، هي الدمار. فهل ذلك ما تريدون؟ من يريد ذلك سواء بالمكايدة السياسية أو الحردان أو حتى جاهلاً بالمآل، فليقل نعم ولكن في سرّه وذلك من باب من أن يستتر من البلوة التي هو فيها.

لماذا ينسى الناس أنهم وإن عاشوا عُمْرَاً طَوِيلاً ُيُنْقَلُوا يوماً عَلَى الحَدْبَاء، ولن تبقى إلا الذكرى التي يجب أن يعمل كل واحد بأن تكون طيّبة، خاصة إذا تعلّقت بدوره نحو الوطن. سنندم أبد الدهر إذا لم نُدْرِك أَنَ الوطن يتَهَاوَى إذا ما أسأنا فهم ما علينا من واجبات. يجب ألا تتحول الطموحات بمشروعيتها البنائية، إلى أَطمَاع بقدراتها التدميرية، لتحبسنا في قماقم الذاتية والأنانية، ثم تجرفنا وتجرف الوطن.

هذه الحرب، وهي حتماً ستنتهي أن عاجلاً أو آجلاً، لكنها ستترك بصماتِ تغييرٍ واضحة، شئنا أم أبينا، لن يصبح الغد مثل اليوم، فكما يتغير التاريخ ويمضي بالأيام والشهور والأعوام إلى الأمام، لا بد أن نتغير نحن أيضاً بالمضي إلى الأمام مثله، ولن يتحقق ذلك باجترار الماضي وتعظيم المرارات والتمترس خلفهما، إنما باستشراف المستقبل المشرق والعمل له، لأنه أطول وأبقى، فهو إذاً أولى.

لكل هذا، أدعو نفسي وأنتم معي للطلاق البائن مع كل إخفاقاتنا في الهوية وروح الانتماء لهذا الوطن. ولنشحذ الهمم لبناء إرادة جمعية نجعلها مصداً للفشل. هذا الوطن هو في حقيقته عملاق متمددٌ ومكبّل بسلاسل ليست سوى العجز الذي نجسّده على رقعة أرض غنيّة في قلب أفريقيا، فقط لأن ساكنيه يصرّوا أن تراهم الأمم أقزاماً.

دعوتي أيضاً أوجهها فصيحةً إلى طرفي الحرب، فأقول لهم كفى، أوقفوا هذه الحرب لأن التاريخ لن يرحم، إلا إذا كان التاريخ ليس من قواميسكم في شيء، وأعلم أنها مجرّد دعوة سلاحها الكلمات، قد يزدريها من يحمل السلاح لأن معايير القوة عنده مغترّة وهي إذاً معتلّة ولا يدري. مثل دعوتي هذه، وجهها إليكم غالب الشعب، هي كلمات بقيمة الماس لو تعلمون. أعود في ختام رسالتي وأكرر، يجب أن نتعامل في معالجة قضايانا بالمنطق والحكمة والواقعية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الجبار دوسة
19 ديسمبر 2024م

jabdosa@yahoo.com

 

آراء