زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للشرق الأوسط وأزمة الضمير الانساني والرأسمالية

 


 

 

سجل الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة الى الشرق الأوسط في الفترة من 12 إلى 16 يوليو الحالي. القضايا الأساسية المعلنة في جدول الرحلة هي أمن المنطقة، قضية الدولتين (إسرائيل وفلسطين)، تمدد النفوذ الصيني والروسي في المنطقة وإعادة العلاقات الامريكية السعودية الى مسارها الطبيعي بعد ان اعتراها الفتور بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي. لكن الشعب الأمريكي يدرك جيداً أن الرحلة تدور في المقام الأول حول ضخ المزيد من النفط والغاز لمواجهة أسعار الطاقة المتصاعدة. لقد تعهد بايدن أثناء حملته الرئاسية معاملة القادة السعوديين على أنهم "منبوذون" على خلفية جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي. وتتهم أجهزة المخابرات الامريكية صراحة ضلوع ولي العهد السعودي "مبس" في مقتل خاشقجي. الا ان الرئيس الأمريكي من اجل الحصول علي مزيد من النفط والغاز بأسعار منخفضة، وكبح جماح التضخم المتصاعد بوتيرة متسارعة لم يشهد مثله امريكا منذ اكثر من ثلاثة عقود، قرر زيارة المملكة ومقابلة ولي العهد السعودي. تجاهل بايدن كديمقراطي ليبرالي يروج لقيم الديمقراطية وحقوق الانسان، تجاهلاً تاماً ان زيارته تلك ستكون بمثابة الضؤ الأخضر لكل الطغاة حول العالم في مواصلة انتهاكات حقوق الانسان وقيم الديمقراطية. انها ازمة وغياب الضمير الإنساني الذي يدافع عن المظلومين والضعفاء أينما كانوا بغض النظر عن المصالح الخاصة والجنس والنوع واللون والدين الخ.

هل حل معضلة ارتفاع أسعار الطاقة وبالتالي محاربة الغلاء الذي ضرب جميع انواع السلع في ضخ المزيد من النفط والغاز؟ لماذا أصبح كل شيء فجأة أكثر تكلفة؟ ولماذا سيستمر أسعار السلع في التصاعد حتى لو تراجع آنياً؟ مؤخراً حاولت شراء سيارة، ولاحظت أنه حتى أسعار السيارات المستخدمة قد ارتفعت إلى مستويات فلكية نسبياً. بدأ الأمر نفسه ينطبق على السلع الأخرى. كل يوم سلعة وراء سلعة من الإلكترونيات الي المواد الغذائية الي مواد البناء وصولاً إلى الطاقة جميعها أسعارها ترتفع. ما الذي يحدث؟ هل السبب أسعار الطاقة المرتفعة؟ وهل الحل في ضخ دول الخليج مزيداً من النفط والغاز؟ هل السبب في أستمرار النظام الرأسمالي في استهلاكه المفرط للسلع الرخيصة التكلفة؟

اننا نشهد الآن بداية حقبة من التاريخ الاقتصادي ستكون معروفة ب التضخم المفرط. سترتفع الأسعار ربما بشكل كبير على مدار العقود القليلة المقبلة. ستتراجع قليلاً هنا وهناك بسبب السياسات النقدية التقليدية للنظام الرأسمالي ولكنه سيعود اكثر قوة واطول مدة. سبب ذلك بسيط؛ كل شيء حتى الآن إلى حد ما رخيص بشكل مصطنع. لم يتم على الاطلاق أخذ كل تكاليف الانتاج في الاعتبار مثل تكاليف الكربون المنبعث من استهلاك الطاقة الاحفورية وتعدين وتصنيع المواد الأولية، والفاشية، والانهيار البيئي وصولاً إلى الانقسام الاجتماعي، منذ بداية النهضة الصناعية. لكن هذا العصر يقترب الآن من نهايته المفاجئة الداوية الانفجار. الازمة تكمن في النظام الرأسمالي الذي يقوم على تشجيع الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية وشركاتهم العابرة للحدود بحثاً عن العمالة الرخيصة للتصنيع ثم الاستهلاك في مناطق جغرافية بعيدة، دخولها عالية نسبياً، وبالتالي أرباحها خيالية.

المتابعين للأخبار الاقتصادية والعاملين في جمع الاحصائيات والمعلومات، كل صبح جديد يطلعون علي اخبار شركات تاريخية، متوسطة وصغيرة الحجم تغلق أبوابها فقط لانهم لا يمكنهم الحصول على المواد الخام او لا يمكنهم تحمل تكاليف المواد الخام التي يمكنهم الحصول عليها. في كلتا الحالتين انتهت اللعبة في المستقبل المنظور. صرنا نقرأ ونسمع في الاخبار قصص لشركات في صناعات تتراوح من الأجهزة الطبية الي قطع السيارات الي التكنولوجيات تتوقف عن التصنيع. هذه مجرد اخبار سمعية الآن لان البيانات الإحصائية الكمية ستستغرق عامآً او عامين لتعكسها. لكن يمكننا تحليل البيانات التي ترد الينا سواءً كانت مقرؤه او مسموعة. والخلاصة ان الاقتصاد العالمي الحر يمر بصدمة عميقة. لسوء حظنا ستكون واحدة من أكبر الصدمات في التاريخ الاقتصادي. إنها "صدمة العرض" ( supply side effect) كما يسميها الاقتصاديون رسميًا. صدمة "العرض" تعنى "صدمة الإمداد" ويعنى ان خطوط الامداد والامدادات نفسها تنهار لعدة أسباب.

دعونا نأخذ مثالاً الرقائق الإلكترونية الدقيقة (micro chips) . فجأةً في العام الماضي انهارت امدادات تلك الرقائق في العالم. لماذا؟ هناك ثلاثة مصانع تصنع فيها غالبية رقائق العالم. ثلاثة مصانع توقف او انخفض الإنتاج في كل منها لاسباب مختلفة. اشتعلت النيران في المصنع الموجود في اليابان وتسبب في عطل المعدات. يبدو أن الحريق استغرق عدة ساعات لإخماده بسبب درجات الحرارة العالية. تعرض المصنع الموجود في تكساس لعاصفة ثلجية تاريخية أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي لعدة أسابيع. تأثر المصنع التايواني بأسوأ جفاف منذ نصف قرن تضرب تايوان. تتطلب الرقائق الدقيقة كميات هائلة من المياه لتصنيعها. انه من الواضح اثر التغير المناخي على الاقتصاد. حتى لو كنت تعتقد أن حريق اليابان لا علاقة له بالاحتباس الحراري فإن الحقيقة هو أنه بدون تغير المناخ سيظل اثنان من أكبر مصانع الرقائق في العالم يعملان بكامل طاقتهما الإنتاجية لتحقيق اكبر قدر من الارباح. نقص الرقائق شيء لم يفهمه العالم حقًا حتى الآن بأهميته وحجمه الحقيقي. إنه أول نقص مرتبط بكارثة مناخية يضرب العالم منذ النهضة الصناعية. في عالم تنتقل من درجات الحرارة المستقرة الى درجات تتغير كل عام الى الأسوأ من سابقتها. اذا لم يكن هناك التأثير المناخي ربما لا يزال لدينا رقائق الكترونية دقيقة لتشغيل سياراتنا وأدواتنا واجهزتنا المختلفة، لأن المصانع لن تفقد الطاقة أو تكون جافة لدرجة أنها لا تملك ما يكفي من المياه. لكن هذا هو الواقع، لدينا نقص في الرقائق الدقيقة نتج عن تغير المناخ، المعروف أيضًا باسم الاحتباس الحراري.

هذه أول كارثة من نوعها، لكنها لن تكون الأخيرة. النقص في الرقائق هو مجرد طرف موجة الصدمة الهائلة التي تتدحرج أسفل البركان. إنها فقط أول صخرة مشتعلة تحلق في الاجواء المليئة بالغازات السامة. اليوم إنها رقائق. غداً ماذا؟ خذ امثلة أخرى لبعض الأشياء التي أصبح إنتاجها أكثر تكلفة بالفعل، الفولاذ, مواد البناء، المواد الغذائية، الرحلات الجوية بل حتي الماء. ذلك لأن كل هذه الأشياء تعتمد على الطاقة، والطاقة تزداد تكلفة. لماذا تزداد تكلفة الطاقة ؟ الجواب قصير المدى هو: كوفيد-21 والتضخم والحرب الروسية الأوكرانية لحد ما. يتردد منتجو النفط والغاز في انتاجه لأنهم يخشون من ان ظهور الكوفيد مرة أخرى والتضخم المتصاعد سوف يؤديان إلى الركود الاقتصادي. لكن هذه ليست الإجابة الحقيقية. الاجابة الحقيقية هي أنه حتى لو بدأوا في إنتاج المزيد من النفط والغاز فإن أسعار الطاقة ستستمر في الارتفاع على المدى الطويل. لماذا ؟ لأنه في الوقت الحالي الثمن الذي ندفعه للطاقة رخيص إلى حد كبير كما كان منذ اكتشاف النفط والغاز. عندما تشتري جالونًا من البنزين او الغاز، من يدفع ثمن التلوث الناتج من الكربون الذي ينبعث منه، والذي يسخن الكوكب؟ في الوقت الحالي لا أحد يفعل ذلك. لكن خلال العقود القليلة المقبلة سيتعين على شخص ما دفع ذلك الثمن. لأننا سنحتاج إلى استخدام هذه الأموال لإعادة بناء جميع المدن والبلدات وشبكات الطرق والقطارات والغابات والمصانع التي دمرتها الفيضانات والحرائق والجفاف والطاعون والفيروسات المختلفة التي بدأت في الظهور لأول مرة كل عام. ومن المؤسف بينما تشتعل النيران في غابات اوروبا وامريكا وكندا وأستراليا وتحول أشجار عمرها ألاف السنين (نعم ألاف وليست مئات) الي رماد بسبب الاحتباس الحراري يحث بايدن دول الخليج على ضخ المزيد من النفط والغاز، احدى الأسباب الرئيسية للاحتباس الحراري.

لماذا التركيز على أسعار الطاقة؟ مع ارتفاع سعر الطاقة يرتفع سعر كل شيء أيضًا. لأن الحقيقة المجردة هي أن النهضة الصناعية لا تزال تعتمد على الوقود الأحفوري بنسبة 80٪. المشكلة ليست شبكة الكهرباء كما يتبادر الى الذهن اول مرة. أن صنع أشياء مثل الحديد الصلب (صناعة الصلب هي واحدة من أكثر الصناعات كثافة لانبعاثات الكربون في العالم)، والأسمنت والزجاج لا يزال يستخدم الغاز. العالم لديه مصنع واحد فقط للصلب الخالي من الوقود الأحفوري حتى الآن (في السويد). لكن الصناعة عامة تعتمد بشكل أساسي على كل هذه الأشياء. بدونهم نعود إلى عيش حياة العصور الوسطى. كل ناطحات السحاب المصنوعة من الفولاذ والزجاج والخرسانة والمصانع والجامعات والمدن والبلدات كلها تعتمد علي الحديد الصلب والزجاج والاسمنت. وما الذي يصنع في كل تلك المصانع التي لا تزال مصنوعة في النهاية من الفولاذ والأسمنت والزجاج وبدوره تستهلك كميات ضخمة من الوقود الأحفوري؟ يصنع فيها كل شيء. كل ما تعتمد عليه ويعتمد عليه، سيارات، طائرات، شاحنات، سفن سياحية وناقلات ضخمة، غسالات الملابس، طعام الأطفال والكلاب والقطط وعلف الحيوانات (الملوثة للبيئة ايضاً) الخ. هل ترى مدى عمق هذه الحفرة؟ كل هذا يضيف إلى أسعار تلك السلع التي ترتفع كل يوم. إلى متى؟ في المستقبل المنظور على الأقل لجيل أو جيلين.

منذ بداية النهضة الصناعية اختار أصحاب رؤوس الأموال عدم ادراج المؤثرات الخارجية (Externalities) كما يطلق عليه الاقتصاديون في التكلفة النهائية للمنتج. هذه العوامل الخارجية (تكلفة أو منفعة) لها تأثير على الطرف (المجتمع) الذي لم يختار تحمل هذه التكلفة أو المنفعة. على سبيل المثال تكاليف ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري ويلحق الضرر بالبيئة وطبقة الأوزون، البلاستيك والنفايات التي تلوث الانهار والمحيطات، التكاليف الناتجة من البؤس واليأس اللذين يولدهما الفقر، التكاليف السياسية للفاشية والادعاء بالتميز والتفوق العرقي، اللذان يرفعان رؤوسهما في أوقات الركود الاقتصادي، الانهيار البيئي ، كل هذه التكاليف لا تحسب في السعر النهائي للسلع والخدمات التي نستهلكها.

كيف قمنا بتصنيف هذه التكاليف كمؤثرات خارجية وبالتالي لم نحسبها ضمن تكلفة المنتج النهائي؟ قمنا بتأجيل دفعها؟ ومن الذي سيدفع ومتى؟ انه "الأجيال القادمة" كما يقول الاقتصاديون حتى يومنا هذا. حولنا الى أجيال المستقبل واجب تنظيف المحيطات والاجواء التي لوثناها وإعادة زراعة الغابات واعادة الحيوانات الذي في طريقها الى الانقراض إلى الحياة واكتشاف طرق جديدة لصنع أشياء مثل الفولاذ والخرسانة والطعام والزجاج دون تدمير الكوكب الذي عشنا عليه، دفع مجتمعاتنا إلى الفاشية عن طريق عدم المساواة. انها مهمة شاقة بسبب تأجيلنا لها لكل هذه السنوات؟ أكبر مهمة في التاريخ. للأسف الجيل الحالي هو تلك "الأجيال القادمة" أولئك الذين اعتاد الاقتصاديون التحدث عنهم كأنهم اجيال المستقبل البعيد. لم يعد الحال كذلك. ليس لدينا الكثير من الخيارات المتبقية. بدءاً من الآن يجب ان نقوم بتنظيف المحيطات والأنهار أو ندمرها لآلاف السنين. هذا يعني قتل الأسماك التي نأكلها والماء الذي نشربه أيضًا. يجب علينا البدء سريعاً في نظافة اجوائنا من كل السموم العالقة أو لا نتنفس، نزيل الكربون عن كيفية صنع الأشياء أو نستمر في حرق غابتنا وعقاراتنا وحيواناتنا.

هذا هو التضخم المفرط الذي اشرت اليه. خذ مثالاً اكتشاف تكنولوجيا جديدة لكيفية صنع كل السلع التي نقوم باستهلاكها. علينا معرفة كيفية إزالة الكربون من الأساسيات، بدءاً من كيفية تصنيع الفولاذ والأسمنت والطعام والماء دون تدمير الكوكب. تلك المعرفة الضرورية ليست متاحة لنا الآن. حتى نكتشف ذلك سترتفع الأسعار، أسعار كل شيء مصنوع في المصانع المصنوعة من الفولاذ والاسمنت، والتي لا تزال تعمل إلى حد كبير بالوقود الأحفوري. سترتفع أسعار المواد الخام الناضبة مثل المعادن التي تستخدم في جميع الصناعات كالنحاس والحديد والبلاتينيوم والفضة والذهب والفوسفات الي آخر القائمة. حتي ذلك الحين سترتفع اسعار السيارات، الملابس، الطعام، الالكترونيات (تلفون الأيفون فقط تستخدم مواد خام مستخرجة من اكثر من 43 دولة حول العالم وستة قارات). علينا معرفة كيفية إجراء عملية تنظيف هائلة أيضاً - تنظيف المحيطات والفضاء والأنهار والجبال والغابات المطيرة. ثم علينا إعادة زراعة الغابات ورعاية الحيوانات لإعادة الطبيعة إلى الحياة. ليس لدينا أي فكرة عن كيفية القيام بذلك. حتي نفعل ذلك، سترتفع الأسعار، لأن الطبيعة تتعرض لانقراض جماعي، أول انقراض من صنع الإنسان في التاريخ. بالتأكيد سيكون هنالك بعض النجاحات هنا وهناك، ولكن يبقى المبدأ الأساسي: الاستمرار في نمط الاستهلاك المفرط السائد اليوم سوف يلوث الكوكب بمعدل متسارع. سيكون تكلفة إنتاج وتصنيع وتوزيع وتسويق كل السلع في ارتفاع مستمر. زيادة الأسعار ليس فقط بسبب ضرائب الكربون ولكن لسبب أعمق. صنع وإنتاج وتوزيع وشراء وبيع أساسيات المدنية الحديثة بالطريقة الحالية التي تتسبب في تغير المناخ الذي ينعكس في غضب الطبيعة، في الحرائق والفيضانات والأعاصير والطاعون وما الى ذلك هو السبب الرئيسي الذي يؤدي الى زيادة الاسعار.

حظًا سعيدًا في توزيع كل تلك السلع المصنعة في دول رخيصة العمالة الي دول الاستهلاك العالية عندما يكون هناك فيضان ضخم أو حريق هائل في الطريق. حظًا سعيدًا في الحصول على تلك الناقلة العملاقة المليئة بالملابس والأدوات لنقله إلى الجهة الأخرى من العالم عندما يضرب الاعاصير الهوجاء الضخم لمدة شهر ويدمر السواحل طوال فصل الشتاء. وحظاً سعيد عندما يتكرر ظهور كوفيد-٢١ كل عدة شهور، لأننا لم نقم بتطعيم كل سكان الكوكب. هنا يبدأ عجلة الاقتصاد من جديد. ببساطة شديدة: يجب الآن استيعاب تكاليف الفيضانات والحرائق الضخمة والأعاصير وحالات الجفاف والأوبئة، لأن تكاليف الكربون، والانقراض الطبيعي، والفقر، واعتلال الصحة، وعدم المساواة، كانت كلها تكاليف خارجية لم تحسب لعدة قرون ضمن التكاليف الكلية. الفارق الزمني كبير. اهملنا ادراج تلك التكاليف منذ بداية النهضة الصناعية والآن نحاول استيعابها في فترة زمنية وجيزة. هذه هي الازمة الحقيقية، ازمة النظام الرأسمالي القائم علي الاستهلاك المفرط.

لم تواجه الحضارة الإنسانية أبدًا مثل موجة الضغوط التضخمية التي تواجهها الآن. لم يضطر أبدًا إلى استيعاب قرون من المؤثرات الخارجية على مدى عقود في فترة زمنية وجيزة. إذا لم يدفع شخص ما هذه التكاليف وواصلنا نفس النهج سوف لا يكون هناك مزيد من الفولاذ، والأسمنت، والزجاج، والأدوية، والمصانع، والملابس، والإلكترونيات. لا مزيد من الهواء النظيف والماء والطعام. لا مأوى من الحرائق الضخمة أو الفيضانات والسيول العارمة... وحظ سعيداً في الحصول على الديمقراطية وحقوق الانسان بعد ذلك.

من الذي سيدفع الثمن؟ هنالك ثلاثة أطراف. اولاً أنت وأنا، الأشخاص العاديون الذين يعيشون حياة متوسطة. ثانيًا تلك الشركات الضخمة العابرة للقارات. ثالثاً المليارديرات الذين يمتلكون تلك الشركات. حظًا سعيدًا لو كنت تأمل في مساهمتهم. إنه جهد نبيل، لكن إذا سألتني بشكل واقعي؟ حتى الآن هناك جهد لجعل معدلات الضرائب العالمية يعادل 15٪ لكل تلك الشركات وملاكها بدون أي جدوى. حتى الآن يدفعون صفراً. يعني هذا أنه سيتعين علينا أنا وأنت دفع ثمن كل ذلك ، ربما أثناء سفرهم إلى المريخ الذي يسعي الملياردير الامريكي إيلون ماسك الذي يملك شركة تسلا العملاقة بكل جدية الوصول اليه والعيش فيه، بغض النظر عن التلوث البيئي الذي يخلفه من خلال رحلته المرتقبة.

أخيراً مازال منكرو تغير المناخ والنقاد يطالبون بإخراج الوقود الاحفوري من قائمة المواد الملوثة للبيئة، ويعتقدون جازماً ان يد الله يشوينا على قيد الحياة على فترات زمنية متباعدة، لكثرة ذنوبنا. على النقيض منهم كان كارل ماركس اكثر صدقاً عندما تنبأ قبل اكثر من 130 عاماً بأن النظام الرأسمالي يحتوي في ذاته بذور فنائه.

20 يوليو 2022.

a_bdulelah@hotmail.com

 

آراء